“أوه؟ دكتورة تشاي، هل ستخرجين اليوم أيضًا؟”
كانت جونها تحاول التملص من وابل التوبيخ الذي ينهال عليها من إن هو، فاغتنمت الفرصة لترمي السؤال على دان آه. وما لبث أن قفز تشانغ هون على الخط بدوره، غير راغب في تفويت اللحظة:
“دان آه… لا بد أنكِ وقعتِ في الحب. أليس كذلك؟”
“ماذا؟”
توقفت دان آه، وهي تهمّ بفتح باب غرفة الأطباء، وقد ارتسمت على وجهها ملامح الدهشة. حتى إن هو وجونها رمقا تشانغ هون بنفس النظرة المتفاجئة. وبينما كانوا يحدقون به، حكّ تشانغ هون مؤخرة رأسه بحرج، ثم تلعثم مضيفًا:
“أعني… الأمر واضح! في كل إجازة تخرجين سرًّا. وسوك وونغ ذاك يبدو وكأنه يعرف شيئًا، لكنه لا ينطق بكلمة. ما هذا؟! لماذا أنا وحدي المستبعد؟! ألم نكن نحن الأربعة دائمًا معًا—أنا وأنتِ وسوك وونغ ورا كيونغ… عصابة الأربعة…”
لكن سرعان ما سكت حين فاجأه وقع كلماته. تبادل إنهو وجونها نظرات صامتة، ثم تنحنحا بتوتر. فما زال الوقت مبكرًا على جرحٍ لم يندمل بعد، على ذكرى صديقهم الراحل.
غير أن دان آه أدهشتهم بابتسامة هادئة وتعليق لا يحمل ثقل الحزن:
“إن أردنا الدقة، فالقصة كانت أقرب إلى دارتانيان والفرسان الثلاثة. أنا كنتُ دارتانيان… وأنتم الثلاثة كنتم الفرسان.”
هي = دارتانيان:
يعني شايفة نفسها زي دارتانيان في رواية الفرسان الثلاثة → شابة وسط ثلاث شخصيات أقوى أو أقدم منها، لكنها المحرّك الأساسي للأحداث. دارتانيان في الرواية كان طموح، جريء، اندفع لعالم الكبار والتحق بالفرسان، وصار له دور مهم معاهم.
فده بيعكس إن البطلة شايفة نفسها “العضو الجديد” أو “المختلف” اللي دخل حياتهم، لكنه مع ذلك جزء أساسي في القصة.
الثلاثة الآخرون = الفرسان الثلاثة:
يعني هي شايفاهم زي الفرسان الثلاثة الأصليين: كل واحد فيهم له قوة خاصة أو شخصية متمايزة، ومع بعض بيكوّنوا فريق متماسك.
“آه… هكذا كان الأمر؟”
تلعثم تشانغ هون، وقد غمره الارتياح لرؤية ردّها البارد. ابتسمت دان آه بخفة، ثم أضافت بنبرة مازحة:
“وبالمناسبة، الإجازة خُلقت لتُستغل بالخروج، لا للبقاء في غرفة الأطباء والتصارع على أجنحة الدجاج.”
“آه…”
تأوهت جونها متصنعة الألم وهي تمسك بصدرها وكأن كلماتها اخترقتها سهمًا. مشهدها المبالغ فيه أضحك دان آه مجددًا، ثم غادرت الغرفة بعد أن ألقت عليهم تحية قصيرة.
وما إن أوصد الباب خلفها حتى تمتمت جونها بصوت خافت:
“لا بد أن وراء هذا سرًّا…”
ثم استدارت نحو إن هو عاقدة حاجبيها:
“دكتور تشاي… ألا تجدها مريبة فعلًا؟”
تنهد إن هو وقال بحزم:
“كفّوا عن الثرثرة. إن لم يكن لديكما ما تفعلانه، تعاليا معي إلى الطوارئ. الهدوء الذي يخيّم على القسم ينذر بما هو قادم.”
“آه! لا تقل ذلك!”
ولم تكد كلمات جونها تفلت من فمها حتى دوّى صوت صفارات الإسعاف يقترب من بعيد. صدقت نبوءة الطبيب المخضرم.
* * *
طق… طق.
كان مين جون يتفحّص أوراقًا على مكتبه حين سمع طرق الباب، فأذن بالدخول. دخل مساعده الشخصي، جونغ سو-سوب، وانحنى قليلًا.
“ما الأمر… آه، يا إلهي. لم أدرك أن الوقت مضى إلى هذا الحد.”
رفع عينيه نحو الساعة الموضوعة على المكتب وضغط على مفرق حاجبيه بتعب. لقد غرق في العمل حتى نسي تمامًا موعد انصرافه.
“أعتذر… كنت أنوي إنهاء هذا الملف ثم أرحل. لا بأس، سأدع الأمر لوقت لاحق.”
رمق مساعده بنظرة جانبية فيها شيء من العتاب، إذ أجبره على البقاء معه حتى ساعة متأخرة، ثم تنحّى عن الأوراق ليستعد للمغادرة. لكن سو-سوب تقدّم بخطوة سريعة ملوّحًا بيده:
“لا يا سيدي، ليس الأمر كذلك. جئت لأبلغك بنتيجة التحقيق حول مالكة السيارة الذي طلبته.”
“أحسنت. أعطني الملف، وسأطالعه في الطريق.”
ارتدى مين جون معطفه وتناول التقرير من يد مساعده، ثم اتجها معًا نحو المصعد. وبينما كانا يسيران، فتح الملف وألقى نظرة على الصفحة الأولى. سرعان ما تجهم وجهه:
“…… JR هولدينغز؟ تقول إنها الابنة الكبرى لرئيس مجلس الإدارة؟”
“نعم، سيدي. لا شك أنك تتذكرها. لقد كانت بطلة الشائعات الأخيرة، حين دارت المفاوضات على خطبة تجمعها بنجل مجموعة جين سونغ.”
“المالكة التي طلبتُ التحري عنها… هي ذاتها؟”
ارتسمت على فمه ابتسامة ساخرة قبل أن يدخل المصعد. طوال النزول إلى الموقف تحت الأرض ظلّ صامتًا، فيما بدت على مساعده علامات الاختناق من ثقل الصمت.
ولم يقطع مين جون ذلك السكون إلا لحظة وصولهم:
“ألم يتم فسخ الخطبة؟”
“آه… نعم. حسب ما بلغني، فإن حادثة مشينة وقعت يوم الخطبة، ما دفع مجموعة جين سونغ إلى المطالبة بفسخها.”
أجاب المساعد على عجل بينما كانا يقتربان من السيارة. أومأ مين جون ببطء، وقد ضاق نظره، وغاص في أفكاره. لقد كان على دراية بتلك المفاوضات، بل وحضر اجتماعات لمناقشة تبعات اتحاد المجموعتين. لكنه لم يحضر حفل الخطبة، إذ لم يكن هناك ما يدعوه لملاقاة بارك هو-كيون، ذاك الرجل الذي لا يترك مناسبة إلا ويختلق له عداوة.
لكن ما جرى يومها بلغ مسامعه رغمًا عنه. لم يكن بالإمكان تجاهل قصة العروس التي هربت مع رجل غريب وسط المدعوين.
جلس في المقعد الخلفي للسيارة وفتح الملف مجددًا. الاسم المكتوب في الأعلى خطف أنفاسه: تشاي دان آه.
ومع الاسم، تدفقت إلى ذهنه صورتها. لا صورة الهوية التي شاهدها من قبل… بل وجهها الحقيقي، ذاك الذي واجهه بنفسه.
ـ “ثمّة متبرّع ينتظرك… على الأقل فكر به!”
تذكّر كلماتها في المستشفى، حين وقفت وراء الطبيب المعالج لتطلق عبارتها القاطعة. كان يومها قد صدّقها. بل شعر بالذنب وتأمل أن يكون أكثر حرصًا على صحته لأجل ذاك المتبرّع المجهول.
لكن الآن… تسلل الشك إلى صدره:
“وماذا لو كان كل ذلك مجرّد ادعاء؟”
وكأنما يرد على خواطره، قال المساعد وهو يدير عجلة القيادة:
“حتى الآن، لم نعثر على أي دليل يفيد بأن آنسة تشاي دان آه ارتبطت يومًا برجل. أي أن ذلك الشخص الذي ظهر في حفل الخطبة قد لا يكون حبيبها الحقيقي.”
ظلّ مين جون صامتًا، وعيناه معلقتان بأفق الليل خلف زجاج السيارة.
مع غروب الشمس وهبوط الظلام، كانت الطرقات في قلب سيول مكتظّة حدّ الاختناق. ورغم أنّ المسافة من الشركة إلى المنزل لم تكن بعيدة، بدا أنّ الوصول سيستغرق وقتًا طويلًا.
“أيّ نوايا دفعتها لارتكاب فعل كهذا؟ كان يمكن تسوية الأمر بهدوء، باتفاق العائلتين، قبل حفل الخطوبة.”
قال السكرتير وهو يميل رأسه مستغربًا، وكأنّه يعجز عن استيعاب ما جرى. لم يكن ينتظر جوابًا من “مين-جون”، ولذا ظلّ الأخير صامتًا، يحدّق عبر نافذة السيارة إلى الخارج.
… أكان منصب الابن الثاني لمجموعة جين-سونغ لا يكفيها؟
لم يكن تصرّف تلك المرأة مفهومًا للوهلة الأولى، غير أنّ تفكيره في ما أعقب ذلك من تحركاتها من حوله جعله يدرك السبب على نحو يسير.
إنّها ببساطة…
تستهدف تاي-يونغ، لا غير.
كتم مين-جون ضحكةً ساخرة، فمكرها الساذج كاد يستدرّ قهقهته. لقد أدركت بلا شك أنّه كان نزيلًا في مستشفى “كوريا داي” يخضع لعملية زراعة، فهي تعمل هناك، وما أسهل أن تستقصي الأمر إن أرادت.
ومنذ تلك اللحظة بدأت نسج خططها، متذرّعةً بكونها طبيبةً تهتمّ بصحته، متسلّحةً بذريعةٍ لا غبار عليها. فمهما كانت دوافعها الحقيقية، فالمظهر العام سيبدو في أعين الجميع كأنه “نية طاهرة وبريئة”.
كم من نساءٍ اقتربن منه متستّرات وراء مصادفاتٍ مفتعلة! ورغم علم بعضهن بعلّته القلبية الخَلقية، لم يُثنهنّ ذلك عن محاولاتهن. فقد كان يعتني بجسده منذ صغره، فلا يبدو مريضًا للعيان.
ثم إنّ ما كنّ يبحثن عنه لم يكن “صحة مين-جون”، بل “وريث مجموعة تاي-يونغ”.
لقد سئم من طرد النساء اللواتي يقتربن طمعًا في تلك المكانة، وسئم أكثر من محاولات والده الذي كان يزجّ بهنّ في طريقه قسرًا.
والآن، أدرك أن “تشاى دان-آه” لم تكن سوى واحدة من أولئك النسوة… فغمره شعورٌ بالخذلان وإرهاقٌ عميق.
“هاه… أيُّ خيبة.”
“عذرًا؟ ماذا قلت، سيدي؟”
التقط السكرتير كلماته المتمتمة عبر المرآة الداخلية وسأله بفضول. فأجابه مين-جون بجفاف: “لا شيء”، ثم أغمض عينيه.
كان مزاجه عكرًا، وكأنّ أيّ لمسةٍ عابرة قد تفجّر غضبه.
✦ ✦ ✦
“أهلاً! طبيبة، حضرتِ؟”
“آه… نعم، مرحبًا، كيف حالك؟”
حين ولجت دان-آه بسيارتها إلى الموقف، سارع إليها الحارس العجوز بابتسامةٍ ودودة، فأسرعت بإنزال النافذة. بادَرها الرجل بمزيدٍ من الحفاوة:
“بالتأكيد بخير، بالطبع. لكن… هل جئتِ اليوم أيضًا لرؤية المريض؟ أتعالجين في المستشفى نهارًا، وتزورين مرضاكِ على حدة مساءً… إنّ جسدكِ لن يحتمل لو كان لديك عشرة مثله!”
“هاها… أجل، صحيح…”
أجابته بضحكةٍ مترددة وهي تلوّح بيدها كمن يحاول تبديد الحرج. لطالما احمرّ وجهها كلما اضطرت لمجاراة أوهامه الصغيرة بكذباتٍ بيضاء، فقد كان التمثيل أمرًا مرهقًا، وإن كانت تجيده على مضض.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 12"