“لماذا كلّفني صاحب العمل بالحراسة الليليّة؟ وليست ساعة أو اثنتين… بل اثنتا عشرة ساعة؟!”
نظرت إلى الممر الطويل من جديد وكأنني أنتظر منه جواباً، لكن الجدران صمتت.
“هل هناك خلل في تفكيره؟ كيف لي أن أحرس الطابق الثاني وحدي؟”
وجهت بصري إلى الغرفة ، حيث يقع جناح النبيل فاليس.
الطابق الأهم… حيث ينام أكثر شخص محاط بالأسرار في هذا المكان.
مسؤولية حراسته؟ وحدي؟ كنت أرتجف من الفكرة نفسها، لا من البرد.
“على الأقل… لو جعل أحداً يشاركني الحراسة… شخصاً واحداً فقط. حتى لو لم يتحدث معي.”
لكن لا أحد هنا سواي.
لا ظل، لا صوت، لا رفيق.
كانت تلك الأفكار تتوالى في رأسي بسرعة، كأنها تطرق باب عقلي بقبضات من نار.
ومع كل فكرة، يزداد شعوري بالوحدة والتعب.
كل ما أريده الآن… كل ما أتمناه… هو النوم.
لكن النوم ممنوع، في هذه الليلة الطويلة، على الحارس الوحيد للطابق الثاني.
…
ومع مرور الوقت، أخذ النعاس يتسلّل إليّ ببطء كقطرة ماء تتسلل عبر شقّ في جدار قديم.
أغمضت عيني قليلاً… فقط قليلاً، كما يفعل المرء حين يحاول أن يمنح نفسه ثانية من الراحة لا أكثر.
لكن تلك اللحظة، تلك الثانية العابرة، انكسرت فجأة بصوت غريب…
صوت قادم من جهة المستودع.
تجمّدت في مكاني.
صوت… طقطقة؟ خشخشة؟ لم أتمكن من تمييزه بوضوح، لكنه بالتأكيد لم يكن من صنع خيالي.
اتسعت عيناي فوراً، وشعرت بجسدي يتصلّب كما لو أن أحدهم قد سكب عليه دلوًا من الجليد.
ضرب قلبي بقوة، ثم بقوة أكبر، وكأن صدرِي أصبح طبلاً حربياً يُقرع في ظلام الليل.
لم أدرِ أيهما سيصيبني أولًا… جلطة دماغية أم نوبة قلبية.
تعثرت أفكاري، وقلت لنفسي بصوت خافت متوتر، “ا… اهدأ… لا داعي للذعر… لا بد أنها الرياح… نعم، مجرد رياح عابثة.”
لكن… الصوت تكرر مرة أخرى.
أكثر وضوحًا هذه المرة. نفس الطقطقة الخافتة، لكنها أقرب.
توقف عقلي عن التفكير للحظة، والعرق بدأ يتصبّب من جبيني بغزارة، وكأن جسدي يحاول أن يطفئ النار التي اشتعلت بداخلي فجأة.
أدركت أن من واجبي أن أتحرّى الأمر.
المستودع قد يحتوي على شيء… أو شخص.
ربما مغتال، لص، مخلوق مجهول… أو مجرد فأر ضخم يعزف على صناديق الخشب.
نظرت إلى الممر المؤدي إلى باب المستودع، وكان يبدو أطول مما هو عليه في النهار، كأن الظلال قد تمدّدت، أو كأنها تراقبني وتنتظر أن أقترب أكثر.
تمتمت لنفسي، “ربما أكون أجبن شخص في العالم… لا، بلا شك أنا هو الأجبن. لكن…”
ثم نظرت أمامي بثبات مفتعل وتابعت، “عندما يكون لدي واجب عليّ فعله… فأنا أفعله. هذا جزء مني. هذه طبيعتي.”
تنفّست بعمق، ثم مرة أخرى، محاولًا حشد بقايا شجاعتي.
خطوت خطوات ثقيلة نحو المستودع، كل صوت يصدر من الأرضية تحت قدمي بدا كصفعة على طبلة أذني.
وعندما وصلت إلى الباب، وقفت قليلًا.
بصوت هامس، قلت:
“عند ثلاثة سأدخل… واحد… اثنان… ثلاثة.”
بهدوء، مددت يدي وفتحت الباب.
صرير خفيف، وكأن الباب ذاته يصرخ احتجاجاً على فعلي.
نظرت إلى الداخل… الظلام حالك.
لا مصباح، ولا شعاع قمر.
مجرد سواد كثيف لا يُظهر شيئاً.
لكني كنت قد وصلت إلى هذه النقطة، ولا مجال للعودة.
دخلت المستودع ببطء، كمن يخطو داخل حلم مزعج.
وضعت يدي على الجدار وتقدّمت قليلاً.
نظرت حولي، علّني أرى شيئاً، أي شيء… لكن لا أثر لأحد.
لا صوت، لا ظل، لا تنفّس غريب.
فقط رائحة الخشب القديم، والغبار، والصمت.
تنهدت براحة خفيفة، وقلت لنفسي بابتسامة مرتعشة:
“كما توقعت… إنها الرياح.”
لكن تلك الراحة لم تدم.
فجأة، وبصوتٍ حادٍ ومفاجئ.
” طخ ! ”
دويّ خافت ، ثم صمت …
ارتجف جسدي، والتفتت عيناي فورًا نحو مصدر الصوت.
نظرت إلى الباب المغلق، والهواء بدا أثقل من قبل.
وقفت في مكاني لا أتحرك، لا أتنفس حتى.
هنا، تذكّرت بوضوح تلك اللحظات من ألعاب الرعب في عالمي السابق… تلك اللحظات الكلاسيكية التي تُغلق فيها الأبواب فجأة، فتدير الشخصية رأسها… ويظهر شيء مرعب خلفها.
شهقت داخلياً، وترددت.
أدركت حينها… أنني لو نظرت خلفي الآن، فقد تكون تلك نهايتي.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات