استيقظت فجأة في منتصف الليل ، وداهمني عطش شديد لم أستطع تجاهله . نهضت من سريري بهدوء ، وخرجت من الغرفة أبحث عن صاحبة النزل . وجدتها جالسة على كرسيها ، نائمة بعمق ، فخفت أن أوقظها . لكن سرعان ما فتحت عينيها عندما اقتربت ، فاعتذرت منها بصوت منخفض :
” أعتذر لإزعاجك في هذا الوقت . ”
ابتسمت لي بلطف وقالت :
” لا بأس ، ليس خطأك . ”
طلبت منها ماءاً ، فأشارت إلى المطبخ الكائن في زاوية النزل . توجهت إليه ، وكان مظلماً إلا من وهج شمعة ضعيفة تلقي بظلالها على الأركان . وجدت كوباً على رفٍ مهترئ ، ملأته بالماء وشربت بارتواء ، وكأن كل قطرة تروي ظمأ ليس فقط جسدي ، بل روحي أيضاً .
بينما كنت هناك ، بدأ فضولي يتملكني ، تساءلت في نفسي : ” هل كان النزل هكذا دائماً ؟ هل شهد أياماً أجمل من هذه ؟ وهل كان يزوره الكثير من الناس في الماضي ؟ وهل تغير كثيراً مع مرور الزمن ؟ ”
عدت إلى صاحبة النزل ، وسألتها بنبرة هادئة :
” هل ظل النزل كما هو ؟ وهل يزور الكثيرون هذا المكان عادة ؟ ”
” كان النزل يعج بالحياة أياماً خلت ، لكن الزمن لم يكن رحيماً ، والناس أصبحوا نادرين هنا . أبذل جهدي للحفاظ عليه رغم قلة الزوار . ”
أضافت بحسرة في صوتها :
” الحال ظل على هذا المنوال منذ سنوات طويلة ، وكأن الزمن توقف عند هذه اللحظة . ”
قلت في نفسي ، وأنا أشعر بثقل الحزن يغلف قلبي :
” يا ليتني أستطيع المساعدة ، ولكن حالي ليس أفضل من حالها . ”
بعد أن ارتويت من الماء ، عدت إلى غرفتي ، واستلقيت على السرير . أغلقت عيني ، وغمرتني الأفكار عن الغد والمستقبل في هذا العالم الغريب الذي أعيش فيه . بين أملٍ خافت وحزنٍ عميق .
وعندما أغمضت عيني ، وجدت نفسي فجأة في بيتي ، بين أحضان عائلتي وإخوتي ، في غرفتي القديمة حيث سريري وقلمي وهاتفي والعشرة دولارات التي لا تفارق يدي . كان صوت ضحكات عائلتي يملأ المكان ، يدور حول مائدة الطعام التي غطت أرجاء البيت فرحاً وحناناً .
كنت مصدوماً ، لا أصدق ما أراه . هل كان كل ذلك مجرد حلم ؟ فجأة ، قاطع تفكيري صوت أمي ، بنبرة قلقة :
” ما خطبك ؟ لماذا وجهك شاحبٌ هكذا ؟ ”
أضاف أبي وهو ينظر إلي بقلق :
” هل أنت مريض ؟ ”
قالت أختي مازحة :
” دعووه ، لابد أنه يتظاهر بالمرض . ”
ضحك أخي قائلاً :
” حتى لو كنت مريضاً ، عليك أن تلعب معي ألعاب الفيديو . ”
كانت كلماتهم تدور حولي ، وأنا غرقٌ في حالةٍ من عدم التصديق ، فكل ما مررت به حتى الآن بدا لي واقعياً أكثر من أي شيء آخر .
قالت أمي كعادتها بعد أن أنهينا الطعام :
” بعد أن تنهي غذاءك ، اذهب وارمِ القمامة . ”
لكنني كنت مصدوماً لدرجة أن وجهي بدا فعلاً مريضاً ، فالتفتت إلي أمي وقالت بقلق :
” يبدو أنك حقاً مريض ، إذاً لا خيار أمامنا ، اذهب وارتح . أخوك الصغير سيرمي القمامة هذه المرة . ”
قبلتني على خدي ، فقَبْلَ أن أدرك الواقع وأشعر بالسعادة . فتحتُ عيني ، وإذا بالدمعة تكاد تنهمر كالشلال السريع ، لأدرك أن كل ذلك كان حلماً ، وأني مازلت في هذا العالم الغريب ، وحيداً .
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 10"