الفصل الثامن: الأرق
قضيت ما يقارب ثمانية أشهر في هيئة شبح، أي ما يعادل حوالي ٢٤٠ يومًا.
خلال تلك الفترة، جربت كل شيء تقريبًا للتواصل مع عالم الأحياء.
أردت إيجاد طريقة لأودع والدي على الأقل في حال حدوث أسوأ النتائج.
وفي النهاية، وجدت بعض الأشياء التي أستطيع القيام بها كشبح.
إذا ركزت كل طاقتي، يمكنني القيام بمهام صغيرة تتطلب الحد الأدنى من الطاقة.
مثل تشغيل مفتاح الإضاءة، أو طرق الباب، أو رمي كوب زجاجي من على الطاولة. ولكن إذا فعلت ذلك، فسيتم استدعاء روحي تلقائيًا إلى غرفتي في المستشفى بجانب جسدي.
لكن الأمر المخيف هو أن روحي ستضعف لدرجة أنني لا استطيع الحركة لمدة طويلة.
عندما حاولت تشغيل الضوء في غرفتي ذات مرة، تجمد جسدي لمدة خمسة أيام كتمثال.
بدت تلك الأيام الخمسة وكأنها استمرت الى الأبد، كل ما استطعت فعله هو المشاهدة…
شاهدتُ كيف يُطعمونني عبر أنبوب.
شاهدتُ كيف تُنظّفني الممرضة.
شاهدتُ الطبيب يُخبر والدي بالأخبار السيئة واحدة تلو الأخرى.
لم أُرِد أن أُمرّ بهذه التجربة مُجددًا، فجربتُ طريقةً أخرى للتواصل وهي الأحلام.
استخدام هذه الطريقة مُعقّد للغاية، وقد نجحتُ في تنفيذها مرةً واحدة.
يرى الشخص العادي من ثلاثة إلى خمسة أحلام كل ليلة، ومعظم الناس ينسونها جميعًا.
لا تنسَ أنه عند زيارة شخصٍ ما في أحلامه، عليكَ إيجاده أولًا.
يُنشئ بعض الناس عوالم كاملة في أحلامهم، والتي عادةً ما تستمر من ٥ إلى ٢٠ دقيقة.
هذا يعني أنه عليّ إيجاد ذلك الشخص بأسرع ما يُمكن، وبعد كل هذا الجهد، قد لا يتذكّر الحلم.
لكنني أدركتُ أنه كلما كان الحلم حزينًا، كلما تذكره الشخص على الأرجح.
أشعر بالذنب لقولي هذا، لكنني آمل أن يكون لدى الرئيس التنفيذي كابوسٌ الليلة.
الآن وقد وضعتُ خطةً في ذهني، كل ما عليّ فعله هو انتظاره حتى ينام، لكن الأمر لم يكن سهلًا كما توقعتُ.
11:00 مساءً
12:00 مساءً
1:00 صباحًا
متى سينام؟!
ظللتُ أنظر إلى الساعة باستمرار، لكن لم يحدث شيء.
يتقلب في سريره منذ ثلاث ساعات.
ليس الأمر كما لو أنه يبقى مستيقظًا عمدًا، بل يبدو الأمر أشبه بحالة أرق شديدة.
ولا يبدو الأمر جديدًا عليه.
كان يحمل علبة الدواء التي وضعها بجانب سريره عدة مرات.
ظل يحدق فيها دون أن يفتحها.
كان المصباح بجانب سريره مضاءً طوال الوقت.
مع أن هذا الرجل غريبٌ عني تمامًا، إلا أنني ما زلت أشفق عليه. كان يعاني وحيدًا في غرفته المظلمة.
أنا متأكدة أنني لم أره يتفقد هاتفه ولو لمرة واحدة في الساعات الماضية، وهذا يعني أنه لا يملك احداً ليساعده.
(ما الذي أفعله؟ ليس هذا الوقت المناسب، لديّ مشاكلي الخاصة لأعتني بها) ذكّرت نفسي.
لكن أخيرًا، حوالي الساعة 2:45 صباحاً نام أخيرًاو ثم وضعت يدي على رأسه لأدخل في حلمه.
*****
Instagram: Cinna.mon2025
التعليقات لهذا الفصل "8"