الفصل 29: النسيان
“سأعمل من المنزل لفترة.” اخبر جي-هو سكرتيرته عبر مكالمة هاتفية حتى يتمكن من قضاء المزيد من الوقت معي.
السبب هو أن الأمور تجري أسرع مما كنا نعتقد، وأنني أنسى الأشياء باستمرار.
بالأمس، وفي خضم محادثة، توقف عقلي فجأة لبضع ساعات.
عندما استعدت وعيي، كان جي-هو ينظر الي بتعبير مرعب.
كانت زوايا عينيه حمراء.
ربما أراد البكاء مرات عديدة لكنه توقف.
كانت يده ترتجف، وبشرته لم تكن تبدو جيدة.
وأيضًا هذا الصباح ظل يناديني بعد استيقاظه من النوم لأمسك بيده ويتمكن من رؤيتي.
لكنني لا أعرف لماذا لم أسرع إليه كما أفعل دائمًا. هذه المرة كنتُ في كامل وعيي، رأيتُه يناديني بيأس، لكنني وقفتُ هناك أراقبه كما لو كنتُ أشاهد مشهدًا من فيلم.
مع أن هذه الحالة لم تستمر سوى دقائق، إلا أنها كانت تجربةً مريعة…
لم أتعرف على جي هو للحظة…
كان الشخص الذي أحبه أمامي مباشرةً، ولم أشعر بأي شيء تجاهه.
لم أتخيل يومًا أن يحدث هذا فجأةً… بهذه السرعة… ودون أي إنذار.
خلال اليومين الماضيين، كان جي هو يحاول أن يكون إيجابيًا للغاية، لأنه كان يرى كم كنتُ محطمة.
” ربما تكونين على وشك الاستيقاظ من غيبوبتك ، وعندها يمكننا أن نكون معًا حقًا” قال لي مرةً محاولًا رفع معنوياتي.
لاكن كلانا نعلم أن هذا ليس ما يحدث.
ثم في أحد الأيام، خطرت لجي هو فكرة كتابة قائمة أشياء يمكن ان نفعلها خارج المنزل لنشغل أنفسنا.
جلسنا لكتابة القائمة ثم فأدركنا شيئًا عن أنفسنا… لم نعيش لأنفسنا أبدًا.
قضينا كل حياتنا في العمل لدرجة أننا لا نعرف شيئًا عن الاستمتاع.
ولم تكن لدى جي-هو فكرة ايضا، فكل ما أرادته حبيبته السابقة في مواعيدها هو التسوق والذهاب إلى المطاعم الفاخرة.
لذالك جلسنا ننظر إلى الصفحة الفارغة على الطاولة.
“ربما علينا البحث في الإنترنت” قال جي هو، لأن أحدًا منا لم يكن لديه فكرة.
ساعدنا البحث في الإنترنت قليلًا، ولكن ليس كثيرًا, لم نفهم كيف يجد الناس المشي في الغابات والرحلات و الذهاب الى المكتبة او مشاهدة مباراة بيسبول رومانسيًا.
ولكن كانت هناك خيارات كثيرة، فاخترنا بعضها، واتفقنا على إضافة المزيد شيئًا فشيئًا:
– حوض أسماك كويكس (كلاسيكي)
– نزهة على ضفاف نهر هان (لقضاء ظهيرة هادئة)
– حديقة سيول النباتية (لأن الزهور دائمًا فكرة رائعة)
– حديقة لوت وورلد (لموعد على طراز الدراما الكورية).
-الجلوس قرب جدول تشيونغ ييتشونغ (لقضاء امسية هادئة)
كانت القائمة معقولة، وانتهى بنا الأمر بقضاء وقت ممتع للغاية وتجربة العديد من الأشياء الجديدة معًا.
من حسن حظي نوبات النسيان التي كنت اعاني منها صارت اقصر.
كل هذا المرح جعلني متحمسة لكل يوم.
لهذا السبب لا أطيق الانتظار للذهاب إلى الحديقة النباتية اليوم.
لأن جي هو لم يستيقظ بعد، كنت أتجول في الشقة وأدندن بالألحان.
لكن سعادتي تلاشت بمجرد أن ألقيت نظرة على قائمتنا.
– حديقة سيول النباتية [تم]
إذا كنا قد ذهبنا إلى هناك بالفعل، فهذا يعني أني نسيت يومًا كاملاً.
“صباح الخير ناري، هل أنتي متحمسة للذهاب إلى لوت وورلد؟”
بالكاد استطعتُ تمالك نفسي من سماع كلماته.
“أجل، لا أطيق الانتظار” ردّت بابتسامة.
مع أنني دفعتُ نفسي وخرجتُ للتنزه، لم أستمتع بالأمر إطلاقًا، ويبدو أن جي-هو شعر بذلك.
“يمكننا التوقف والعودة إلى المنزل إن أردتِ” قال جي-هو محاولًا مواساتي.
“أجل، أريد العودة إلى المنزل، أنا آسفة —“
“لا تعتذري، فقط كوني صريحةً وأخبريني ماذا تريدين أن تفعلي”
“أريد الذهاب إلى مكان عملي و مكان الحادث و المستشفى وإلى منزلي، هذا ما كنت أفعله في الماضي لأذكر نفسي وأمنع نفسي من النسيان” توقفتُ للحظة ثم تابعتُ “لا أريد أن أنسى… لستُ مستعدة لتركك بعد”
“حسنًا”
في اليوم التالي، كما خططنا، ذهبنا إلى مكان عملي، ونظرتُ إلى مكتبي الذي لا يزال موجودًا رغم مرور كل هذا الوقت.
ثم مكان وقع الحادث، وأخيرًا وصلنا إلى باب المستشفى.
سمعنا ضجيجًا من الداخل و رأينا رجل بملابس سوداء وكمامة يركض أمامنا.
بعدها أدركتُ أن الضابط الذي وضعوه امام غرفتي في المستشفى كان يلاحقه.
هذا يعني أن الرجل ذو الملابس السوداء هو الرجل الذي كان يزورني سرًا و الذي قد يكون الجاني…
****
Instagram: Cinna.mon2025
التعليقات لهذا الفصل "29"