الفصل الثامن والعشرون: الوقت
لكل بداية نهاية.
شروق الشمس سيتبعه غروب.
نهاية الضحك هي صمت آخر.
حتى الألم له نهاية.
أعرف هذه الحقيقة جيدًا، لكن مشكلتي أنني لا أعرف ما الذي ينتظرني في النهاية.
هل انتهى وقتي وسأستيقظ أخيرًا من غيبوبتي؟
يبدو هذا جيدًا جدًا لدرجة يصعب تصديقها.
ولكن إن لم يكن هذا ما يحدث، فهذا يعني أنني بدأت أنسى.
يبدوا انني قضيت وقتًا طويلًا بين عالم الأحياء والأموات؟
(هل سأنسى نفسي في النهاية ايظاً؟) هذه الفكرة تخيفني كثيرًا.
صحيح أنه كانت هناك أوقات تمنيتُ فيها أن تنتهي معاناتي مهما كانت النتيجة.
لكن ليس بعد الآن…
و ليس في هذه اللحظة…
بالكاد بدأتُ أجرب الحب.
لماذا يضعني القدر في مأزق كلما تحسنت حياتي قليلاً؟
أليس كافياً أن جسدي يتعفن في المستشفى؟
أليس كافياً أني أتظاهر بأن كل شيء على ما يرام لكي اتمكن من الاستمرار رغم حالتي.
هل عليّ أن أتخلى عن حبي أيضاً؟
حتى لو كان من المفترض أن أنسى وأفقد ذاتي، ألا يجب أن يحدث هذا ببطء؟
لأُهيئ نفسي… وجي-هو أيضاً.
“ما رأيكِ بالفيلم؟” سألني جي هو عندما خرجنا من قاعة السينما.
يبدوا ان جي-هو لا يمانع أن يعتقد الناس أنه غريب و يتحدث لنفسه.
أنا متأكدة أنه لن يمانع علاقتنا حتى لو بقيتُ في غيبوبة لبقية حياتي.
سيظل يحبني ويعتز بي، لأنه هذة طبيعته.
لا أستطيع حتى تخيل رد فعله عندما يعلم أن علاقتنا يجب أن تنتهي قبل أن تزدهر.
“هل كرهتِ الفيلم لهذه الدرجة؟” سألني جي هو بتعبير قلق على وجهه لأنني لم أتحدث في الدقائق القليلة الماضية.
“لا، كان رائعًا” أجبرت نفسي على الابتسام.
في طريق العودة إلى المنزل، كان ذهني مشغولًا جدًا.
كنت خائفة ببساطة، لأنه في المرة الأخيرة لم تكن هناك أي علامات.
أي أنه قد يحدث في أي وقت وفي أي مكان.
“أعلم أن علاقتنا ليست طبيعية تمامًا” قال جي هو بعد أن أغلق باب الشقة ثم اكمل “لكنني أعدكِ أن أفعل كل ما بوسعي من أجلكِ، حتى لا تندمي على اختياري”.
“كيف لي أن أندم عليكِ؟” أجبتُ على الفور.
“إذن ما الأمر يا ناري؟ لماذا تبدين حزينة؟”
لأنني لم أستطع الإجابة، ساد الصمت لدرجة اني كنت اسمع دقات الساعة.
لم أستطع قول الحقيقة لأنني كنت انكرها.
تقدم جي هو ببساطة وعانقني.
“كل شيء سيكون على ما يرام.”
بعد ذلك، لم يُجبرني على الكلام، بل اقترح أن ننام مبكرًا.
مع أنه يعلم أن الأشباح لا تستطيع النوم، وضع يده على عيني.
ثم شغّل صوت أمواج البحر من هاتفه.
مع كل موجة، كان قلبي يشعر بثقل أكبر.
وحالما نام جي هو، كنتُ على حافة الانهيار.
تركت يده وبكيت طويلاً وبشدة.
وعندما توقفت عن البكاء، كانت الساعة السادسة صباحاً في يوم عطلة.
بلمسة خشنة، مسحت ما تبقى من دموع على وجهي واستلقيت بجانبه و تمنيت لو يتوقف الوقت هنا.
بينما لا ازال نفسي…
بينما لا ازال بجانبه…
“أنا آسفة على ما حدث ليلة أمس” كان هذا أول ما قلته عندما استيقظ جي هو.
“أرأيت، لقد أخبرتكي أن كل شيء سيكون على ما يرام.”
ابتسم ثم مد يده إلى هاتفه ليتأكد من الوقت.
“لا، لا شيء على ما يرام… وقتي ينفد.”
“ماذا تقصدين؟” اتسعت عيناه و وضع الهاتف بعيدا.
بدا عليه الارتباك والقلق.
أتمنى لو أستطيع أن أكذب عليه وأجنبه هذا العذاب، لكن الكذب لا يُحسّن شيئًا أبدًا.
“أعتقد أن وقتي ينفد… يصبح ذهني فارغًا في بعض الأحيان لساعات وأنسى ما حدث.”
“ماذا تعنين…؟”
“أرجوك دعني أكمل… احتجتُ إلى شجاعةٍ لأُجبر نفسي على إخباركِ بهذا. سأمنحكِ الخيار بين الاستمرار معي بعد معرفة هذا، أو التوقف…
ففي النهاية، لم يمضِ سوى يومٍ واحدٍ منذ —-“
“توقفي من فضلكِ.” خفض بصره وضغط على يدي.
“لا تجرؤي على قول ذلك، أريد أن أكون معكي مهما حدث…
حتى لو ليومٍ واحدٍ آخر، أريد —- “
أستطيع أن أرى عينيه بدأتا تدمعان قليلاً وبدأ صوته بالتكسر لذلك أوقفته.
الآن بعد أن أعطاني جوابه، سنستمر كما نحن الآن.
للأسف، معرفة وضعي لم تُحسّن الأمور، الأيام القادمة كانت صعبةً علينا حقًا.
*****
Instagram: Cinna.mon2025
التعليقات لهذا الفصل "28"