*الفصل 65*
“أوه، إن لم تكوني واثقة، فلا خيار إذًا. ما رأيك أن أتنازل قليلًا… ونُطلق سراح الرهينتين في الوقت نفسه؟”
“لا. صديقتي أولًا.”
لم تكن هناك أي ضمانة بأن تلك المرأة ستُطلق سراحنا بسلاسة.
بل كان من الواضح أنها ستنقلب فورًا حالما يُحرّر شقيقها.
وبالطبع، أنا أيضًا لم أكن مختلفة عنها.
حتى لو سلّمت إيروز، لم أكن لأن أطلق سراح ذلك الأخ الحقير.
طالما أن تجّار العبيد، الذين يُقدّر عددهم بعشرة إلى عشرين شخصًا، متجمّعين أمام الباب ويُهددوننا، فلا مجال لذلك.
كان هذا وضعًا لا مجال فيه لأي طرف أن يتراجع.
لقد كانت مواجهة رهائن… ومَن في الموقف الأضعف ظاهريًا هو أنا.
فلم أكن مسؤولة فقط عن حماية إيروز، بل آش أيضًا.
والمكان بكامله أرض للعدو، وفرص النجاة أو الهرب ضئيلة للغاية…
هذا على افتراض أن الفرسان يبحثون عنا الآن بالفعل.
“يبدو أنكِ لا تدركين الوضع جيدًا… قلتُ لكِ، إن سلّمتِ أخي، سأدعكِ تعيشين، أليس كذلك؟”
لكن كلماتها لم تصلني إلا كتهديدٍ مباشرٍ بالقتل.
“لا يبدو عرضًا مغريًا بالدرجة التي تتخيّلينها.”
“وأنتِ لا تملكين خيارًا آخر.”
“هذا ما لا يمكنكِ الجزم به.”
في مثل هذا التوتر المحتدم، الطرف الذي يُظهر نفاد صبره أولًا هو الخاسر.
ويبدو أن تلك المرأة لا تعرف بأن الفرسان في طريقهم إلينا، ولهذا لم تفهم سبب مماطلتي.
تعمّدت أن أبتسم لها بسخرية.
كنت أتظاهر بالتماسك، لكن داخلي كان في فوضى تامة.
رغم أن مخزوني من المانا قد نفد، كنت أواصل استدعاء الروح قسرًا، ما جعل معدتي تنقلب بسرعة، وعرقٌ بارد بدأ يبلّل ظهري بالكامل.
وصلتُ إلى حدي.
تشوّشت الرؤية أمام عيني، وركبتاي أصبحتا واهنتين، كأن جسدي سينهار في أي لحظة.
الإصابات الداخلية من هذا النوع لا تنذر… بل تسقطك فجأة.
كان عليّ أن أتحمّل.
[سيدتي، هل أنتِ بخير؟]
يبدو أن راي أدرك حالتي.
وليس الأمر غريبًا، فأرواحنا مرتبطة ببعضها.
على سبيل المثال، إن وقع راي في خطر، كنتُ سأشعر بذلك على الفور، بشكل غريزي.
[لا أظنني سأصمد أكثر من بضع دقائق.]
[ولِمَ ننتظر؟ دعينا نقتلهم جميعًا وننتهي.]
[لا. إيروز ما زالت محتجزة.]
[ولهذا السبب بالذات، إن تخلّينا عنها فقط…]
[ستموت أنت.]
[تشه… كانت فكرة جيدة، للأسف.]
أراد التخلّص من إيروز وكأنه يقولها عرَضًا. يا له من كائن مكشوف النوايا!
[أشعر بأن أوندينه أصبحت قريبة. والفرسان سيصلون قريبًا. إن تمكّنا من الصمود حتى ذلك الحين… فسنخرج من هنا بسلام.]
…رغم أنني لست واثقة إن كنت سأصمد حتى ذلك الحين.
[بالمناسبة، أعتقد أن الفرسان بالفعل يفتّشون المكان من الأعلى.]
[ماذا؟!]
[أسمع ضجة خطوات كثيرة. أصواتهم توحي بأنهم فوقنا مباشرة.]
[تسمعهم؟]
[نعم، إنهم في الأعلى تمامًا.]
يا للراحة!
إنهم قريبون جدًا!
ما عليّ سوى الصبر قليلًا بعد…!
أومأت برأسي بخفة، ثم مسحت فمي بكمّي بعشوائية، بعد أن بدأ اللعاب يتساقط من فمي بسبب اضطراب معدتي.
“لا أعلم ما الذي تحاولين فعله، لكن كفي عن هذا العناد، أيتها الصغيرة.”
“لا تناديني بـ صغيرة!”
“على كل حال، لن تستطيعي الخروج من هنا. استسلمي.”
كان ذلك في أثناء صراعي النفسي مع المرأة، حين بدأ أولئك الضخام المتمركزون قرب الباب يبدون توترًا مفاجئًا.
ثم اندفع أحدهم إلى داخل الغرفة بسرعة.
“يا زعيمة!”
“ما الأمر؟ ألم أقل لكم أن تبقوا في الخارج؟”
“الأمر هو…”
“قلتُ لا تدخلوا!”
رغم ردّة فعل المرأة العصبية، اقترب تاجر العبيد ذو البنية الضخمة منها وهمس في أذنها بشيء على عجل.
[يبدو أن الفرسان يحاولون فتح مدخل الباب السري بالقوة.]
[لقد فات الأوان!]
[ويقولون إن انكشاف موقعنا مسألة وقت فقط، ويقترح الهروب.]
[الطفل اختفى بالفعل، فماذا يفيد وصولهم الآن؟!]
[الخطأ من الطفل المختفي… أعني، لا، لا شيء. لم أقل شيئًا.]
أن ينقل لي ما سمعه قبل أن أطلب منه ذلك…
يبدو أن راي كان يحاول استرضائي، ربما لأنه ارتكب الكثير من الحماقات اليوم.
صحيح أن المسافة بينه وبين المرأة كانت نحو خمس خطوات، لكن سمع راي لم يكن عاديًا على الإطلاق.
كنت أستخدمه غالبًا كجهاز اتصال داخلي.
“أيتها اللعينة! كنت أعلم أن هدوءكِ يخفي شيئًا!”
يبدو أن راي كان محقًا، فقد اشتعل الشرر في عيني المرأة.
“أنتم اختطفتم الشخص الخطأ! لا، بل الخطأ هو في الاختطاف أصلًا!”
“تبًّا لكِ أيتها الحقيرة الصغيرة!”
بدا لي أن وصف الحقيرة أسوأ من الفتاة الصغيرة.
يبدو أن صراحتي لم تعجبها. كانت قبل قليل هادئة، أما الآن فقد بدأت تصرخ بانفعال شديد.
“أطلقي سراح أخي حالًا قبل أن أقتلكم جميعًا! بسرعة!”
كان من الواضح أنها لم تعد قادرة على إخفاء توترها بسبب اقتراب الفرسان.
اقتربت مني بخطوات واسعة، وهي تضم إيروز إلى خاصرتها.
أما أنا، فاحتضنت آش وتراجعت إلى الوراء، ثم ناديت روحي الأخرى.
“أوندين”
عادت أوندين إليّ مباشرة.
واتخذت فورًا وضعية القتال، لكن أقصى ما فعلته هو أن ضخّمت جسدها الصغير قليلًا، فتشكل مجرى مائي يهتز كموجة.
تهديدها بدا كهرير قطة صغيرة تلهث — تهديد لطيف أكثر من كونه خطيرًا.
[سيدتي، هل أنتِ بخير؟]
بالرغم من أنني استدعيت أوندين، إلا أنني لم أعد أملك ما يكفي من المانا للهجوم.
حتى مجرد الحفاظ على الاستدعاء كان يرهقني.
[ماذا عن الناس؟]
[إنهم في الأعلى. أرشدتهم إلى الباب.]
[أحسنتِ.]
لكن هذا كان أقصى ما يمكنني التظاهر به من قوة وثقة.
وقفت أوندين بيني وبين المرأة بوجه غاضب، تحاول حمايتي.
“أوه، إذن أنتِ مستدعية أرواح، هاه؟”
“لا تقتربي!”
“لكن ماذا أفعل؟ سبق أن تعاملتُ مع الأرواح من قبل ولم تكن قوية جدًّا. كانت ضعيفة جدًا.”
تبًّا… اللعنة.
صحيح أن المستدعين في الغالب ضعفاء، لكن الناس عادة لا يعرفون عنهم الكثير، لذا لم أكن أتوقع أن يتم فضحي بسهولة.
“هل تظنين أنني سأخاف من هذا النوع من الأشياء؟!”
قامت المرأة بتدوير الخنجر بسرعة على أطراف أصابعها، ثم أمسكته بالمقلوب ودفعته بعمق تحت رقبة إيروز.
رأيت خيطًا رقيقًا من الدم يسيل.
التهديد يُقابل بالتهديد!
“تقولين إن الأرواح ضعيفة؟”
“نعم! قبل أن أقتلكم جميعًا، أسرعي و…”
“راي!”
لكن ذاك الأحمق لا يزال روحًا في النهاية، نادرة نعم، لكنها روح.
“آااه! كـ… كيااااه! أاااااه!”
“غراااك!”
راي، على ما يبدو، فسّر إشارتي لرفع مستوى التهديد بطريقته الخاصة… فقطع أذن الرجل بكل بساطة.
نعم، قطعها.
تطاير…
“أووووع…”
رؤية جزء من جسد إنسان ينفصل عنه كانت كفيلة بإثارة الغثيان، وقد تقيّأت قليلًا بالفعل.
كنت أريد أن أبرر ذلك بأنه بسبب إصابتي الداخلية، لا شيء آخر.
راي أخذ أذن الرجل التي بين أنيابه وراح يلوّح بها أمامنا متفاخرًا، وكأنها غنيمة.
وقد أثمر ذلك — المرأة التي كانت تقترب منا توقّفت مذعورة.
[سيدتي! هل رأيتِ؟ أليس هذا رائعًا؟ هاه؟]
[كيف خطرت لك فكرة قطع الأذن؟!]
[في العصور القديمة، قطع الأذن كان رمزًا للهزيمة.]
[ما كنت أعرف هذا الرمز أصلاً!]
[في العصور الغابرة، كانوا يقطعون آذان أو أصابع الخاسرين.]
لم أعد أعرف…
هل أوبّخه لأنه تصرّف من تلقاء نفسه دون أوامر؟
أم أمدحه لأنه أوقف المرأة ومنعها من الاقتراب؟
بينما كنت أعبس بوجهٍ متجهم، تراجعت المرأة خطوة إلى الوراء وقالت:
“حسنًا، خسرتُ. فهمت. سأعيد لكِ صديقتك.”
هل بسبب أن الكفة مالت إليّ؟
يبدو أن المرأة بدّلت موقفها بسرعة.
“ضعيها هناك.”
“ها هي. هل هذا كافٍ؟”
وضعت المرأة — إيروز— التي ما تزال فاقدة للوعي، بلطف أمام أونديني.
كانت حركة حذرة للغاية.
“أرجوكِ… أطلقي سراح أخي.”
من طريقتها هذه، بدا واضحًا أن لديهم على الأرجح ممرًا للهروب.
أما بقية تُجار العبيد الذين كانوا عند الباب، فقد اختفوا واحدًا تلو الآخر.
على ما يبدو، لم تكن علاقتهم مبنية على الولاء.
لم يتبقَّ سوى المرأة وأخيها فقط.
“أُخ… أُختي… ككخه…”
الرجل، وعلى عنقه راي مُلتفًّا كالعقدة، راح ينظر إليّ مترقبًا، ثم بدأ يقترب من أخته.
يا لها من علاقة أخوية مؤثرة.
حتى تُجّار العبيد لديهم روابط أسرية…
يا له من خبر عديم الفائدة.
“ما الذي تنتظرينه؟! أزيحي هذا الأفعى عنه بسرعة!”
“…همم.”
“لقد وعدتِ!”
“صحيح… لكن.”
هل أنا ملزمة بالوفاء بوعد قطعته مع أناسٍ أشرار؟
لو أطلقت سراح أخيها الآن، فغالبًا سيفران فورًا.
الفرسان يقتربون، وإذا بقي الأخ هنا قليلاً فقط، سيتم اعتقاله. وربما يُعدَم.
“لقد أعدتُ لكِ صديقتك، أليس كذلك؟!”
صرخت المرأة بصوت مرتجف من الغضب، وهي ترتعد.
كان الاثنان يحاولان جاهدين أن ينزعوا راي من مكانه، لكن راي لم يتحرك قيد أنملة.
جسم راي الملتفّ حول عنق الرجل كان محكمًا لدرجة لا يمكن إدخال حتى إصبع بينه وبين جلده.
“ما هذا؟! هذا ليس ما اتفقنا عليه! أطلقي سراحه فورًا!”
“مممم… سأفكر بالأمر.”
التعليقات لهذا الفصل " 65"