[الأمر واضح، سيدتي. فأنتِ تملكين أوندين، وحتى ذلك الأحمق آدور في خدمتكِ. بالنسبة لروح الجليد، يبدو أنكِ قد بلغتِ حدًّا لا يُحتمل من الازدحام الروحي. لا تملكين الطاقة الكافية لعقد المزيد من العقود يا سيدتي.في الواقع، حتى آدور لم يكن يجب أن يكون ممكنًا… لكنه ببساطة التصق بكِ من تلقاء نفسه.]
“…لقد قالت… إنني تافهة.”
كان راي يقول شيئًا ليواسيني،لكن كلماته لم تصل إلى قلبي.
كل ما تردّد في أذني مرارًا هو كلمات روح الجليد الباردة التي لفظتها بازدراء ثم رحلت،
تترك خلفها شعورًا بالخزي والمهانة لا يزول.
دفعتني تلك الكلمات للتفكر في مدى غطرستي وغروري،
صفعتني ببرود لتوقظني على قسوة الواقع.
“قالت… إنني تافهة.”
أطبقتُ على أسناني غيظًا. لم أستطع تقبّل ما حدث بهذه السهولة.
كان الغيظ يعتصر صدري حتى طفرت الدموع من عيني رغماً عني.
يبدو أن كبريائي… أكثر عنادًا مما كنت أظن.
[سيدتي… هل… تبكين؟]
“سنرى مَن ستكون التافهة في النهاية، أيتها الوغدة!”
[رجاءً، لا تقولي شيئًا يجعلكِ تبدين وكأنكِ شريرة في رواية هزلية…]
“آرغ! سأُجبركِ على توقيع العقد بيومٍ من الأيام،وسأجعلكِ تندمين وتخدمينني كالكلبة!”
[ها أنتِ تعودين لتبدين كشريرة مجددًا…]
كنت أرتجف غضبًا، بينما راي لا يكف عن هزّ رأسه يأسًا.
وفي الزاوية الباردة من الغرفة،ظلّت تلك الجوهرة الزرقاء التي تسكنها روح الجليد
تتلألأ بتعالٍ ووقاحة.
“سأجعلك تدفعين الثمن… غاليًا!”
***
كما هو حال جميع الابتلاءات في هذا العالم…
لكن هذا بالذات، لم يكن ابتلاءً طلبته أو رغبت به يومًا.
كانت الدنيا تدور من حولي كدوامة لا تنتهي،
حتى إنني لم أعد أقوى على الوقوف بثبات.
“ههنيـييـاااه…”
“مـا، ما بها هذه؟”
“ووآاهغـه…”
حاولت أن أتكلم بوضوح،لكن فمي لم يُطعني،
ولفظت أصواتًا غريبة مشوّهة لا معنى لها،
وجسدي لم يكن يثبت في مكانه، وكأن الجاذبية تخلّت عني.
لم يكن هذا تصرفًا متعمدًا، ولم أكن أحاول أن أبدو غبيّة عمدًا.
اللعنة… المشكلة كلها في ذلك الانتقال الفوري.
لا يمكن تجنبه، لكن في كل مرة أركبه،
يُلازمني دوار جهنمي يفتك بي.
“هل أنتِ بخير، جيني؟ تبدين أسوأ من المرة التي كنا فيها في رِمالّي.”
كلام إيروجي جاء دقيقًا، كما هو متوقع من طالبة في صف الكيمياء التحويلية.
حقًا، كنتُ أشد دوارًا وقرفًا من تلك المرة حين انتقلنا من فالين إلى رِمالّي…
هذه المرة شعرت وكأنني على حافة الموت.
يبدو أن شدة دوار الانتقال اللحظي (الوُرب) تتناسب طرديا مع مسافة التنقّل.
رأسي الثقيل ترنّح يمنة ويسرة، ولم أعد أحتمل،
فاضطررت إلى الاتكاء على إيروجي طلبًا للثبات.
كنت واقفة بلا حركة،
ومع ذلك، شعرت بالأرض ترتفع، والسماء تموج فوقي،
وكأنني سأتقيأ في أي لحظة.
“أستاذة إيريتو! أن جيني تحتضر!”
“يا إلهي، لا تقوليها بهذا الشكل إيروجي!”
“لكن عيناها تدوران في محجريهما!”
كنت قد جرّبت مسبقًا تناول دواءٍ للدوار قبل الانتقال إلى إيلان
لكن لم يجدِ نفعًا على الإطلاق.
ربما لأن هذا الدوار ليس نتيجة محفّز جسدي مباشر؟
يقولون إن الذين يعانون من دوار الوُرب نادرون للغاية…
فلماذا كنتُ أنا تحديدًا من بين هؤلاء القلّة؟!
كنت أشعر بظلم كبير،
لكن ما دام الأمر فطريًّا يولد به الإنسان، فلا حلّ له.
لن أتخلّص من هذا العذاب ما لم أُبعث من جديد بجسدٍ آخر.
وسيظل ملازمًا لي… طوال حياتي!
“بهذا الحال، لا يمكنكِ أن تنتقلي باستخدام الوُرب كل مرة، آنسة جيني. تعالي، اصعدي على ظهري.”
“ثـكـرًا جـزيـنـنـهـ…”
عقلي كان في كامل وعيه،لكن جسدي لا يستجيب لإرادتي،ولا عذاب أشدّ من ذلك.
الأستاذة إيريتو باتت تعاملني كمريضة بشكل اعتيادي الآن وبدون تردد.
في الأوقات العادية، كنت لأرفض هذا العرض خجلًا أو كبرياء
لكنني الآن لم أعد أملك رفاهية الاختيار.
تهاويتُ مستسلمة على ظهرها، كدمية مرتخية.
[سيدتي! تنفّسي! تنفّسي! لا تفقدي الوعي!]
[اللعنة… إن ركبتُ الوُرب مرة أخرى فلستُ بإنسانة…]
[عفواً؟ إن لم تكوني إنسانة، فماذا تكونين؟]
[……بما أنني سأضطر لاستخدامه في طريق العودة أيضًا،فلنؤجّل هذا القسم إلى إشعارٍ آخر!]
رغم أنّ دوار الانتقال أنهكني تمامًا
إلا أنّ عزائي الوحيد أنّنا وصلنا أخيرًا إلى وجهتنا الأخيرة: إيلان.
***
في وقتٍ متأخرٍ من المساء…
حين غمرتُ جسدي المنهك في الماء الدافئ،
شعرت لأول مرة أنني على قيد الحياة فعلًا.
“آه… لا شيء يزيل عناء السفر كحمّامٍ دافئ.”
في هذا العالم، كان الاستحمام بنقع الجسد في حوض ماء ترفًا نادرًا
ولذلك، مجرد حبّي لهذه العادة كان يُعدّ من علامات الحياة الأرستقراطية.
كان معظم العامة لا يستحمّون سوى مرة واحدة في الشهر، هذا إن فعلوا.
وحتى حين يغتسلون، فالأمر لا يعدو مسح أجسادهم بمنشفة مبلولة، أو غسل الوجه فقط.
أما الاستحمام كما أعرفه أنا، فكان عندهم يعني مجرد الغطس في بحيرة أو نهر.
في الأصل، لم تكن الأحواض من لوازم الحياة اليومية، بل كانت تُعد من مظاهر الترف والرفاهية.
قلة الاستحمام لم تكن بسبب الكسل فقط،بل أيضًا لشحّ المياه النظيفة.
“أوندين؟ هل يمكنكِ ملء الحوض بالمزيد من الماء؟”
[نعم، سيدتي.]
لكنني كنت أذكر عالمًا كانت فيه الحمّامات عادة يومية،ولحسن حظي، أنا الآن احد أصحاب روح الماء.
الماء بالنسبة لي لم يكن شيئًا أشفق عليه أو أبخل به، بل كان متاحًا كما لو أنه ينبع من الأرض كلّما احتجت إليه.
كوّنت رغوة كثيفة فوق رأسي،ثم جمعت شعري وغطست بجسدي في المياه حتى الرقبة
فانطلق منّي تلقائيًا صوت رجلٍ منهك:
“آآآه، الآن بدأت أشعر أنني حيّة فعلًا…”
اللعب مع أوندين داخل الماء كان من أسعد اللحظات في حياتي.
لكن راي لم يكن من النوع الذي يهاب التهديد أو القوة الجسدية.
الأشياء الوحيدة التي يخافها حقًا… هي المرحاض القذر وإيروجي.
[آآاه! سيدتي، أظن أن طباعكِ ازدادت سوءًا بالفترة الأخيرة!]
حين أنهكني التعب، رميت به داخل الحوض دفعةً واحدة،
لكن لم يظهر عليه أي أثر للضيق.
فالتعذيب بالماء لا يجدي مع هذا الكائن أصلًا،
لأنه لم يكن أبدًا… أفعى حيّة بكل ما للكلمة من معنى.
تحت سطح الماء، كانت الأفعى البيضاء تلمع بعينيها الحمراوين كأن شيئًا لم يحدث.
[أنتِ تعرفين ذلك جيدًا، أليس كذلك؟ لا يهم ما تفعلينه، لن أتأثر على الإطلاق. فأنا لست مخلوقًا حيًّا يتنفّس.]
“تبًّا لك!”
ورغم كل ذلك، فهو بارع كأفعى في استفزازي إلى أقصى الحدود.
لم أحتمل أكثر، فرفعتُه بحدّة ورميته بكل قوتي خارج الحوض.
اصطدم بأقرب جدار، لكنّه لم يُبدُ أي إشارة على التأثّر.
الذي تصدّع… كان الحائط فقط.
وما لبث أن زحف عائدًا إليّ بوجهه البارد المعتاد.
ما هذا الجسد؟ مما صُنع؟ من فولاذ؟!
[فهمت الآن… أنتِ غاضبة بسبب تلك الروح، أليس كذلك؟]
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 55"