التنفّس تحت الماء، هي تعويذة تُستخدم عادة لتمكين الشخص من التنفس في الماء، لكنني قمت بتعديل بسيط عليها:
بدلاً من أن تُمكن من التنفس، منعتُه.
نفس التعويذة، لكن بوجهٍ معاكس.
إنه الجانب الآخر من العملة، ويمكن تحقيقه فقط بالتحكم في الماء،
لذا كانت تستهلك كمية أقل بكثير من المانا.
كان ليو يعبث بعنف بكتلة الماء التي أحاطت وجهه محاولًا إزاحتها بأي طريقة.
لكن الماء لم يكن ليسقط هكذا، وكل ما ناله من حركاته العشوائية هو المزيد من الاختناق.
عليّ أن أُجدّد شكري لفرقة مرتزقة شافيل الذين ساهموا كثيرًا في تطوير هذه التقنية…
رغم أنهم أنفسهم أقسموا ألّا يقتربوا منها مرة أخرى.
“أواه…”
“م-ما هذا بحق الجحيم؟”
“يا له من أسلوب خسيس!”
نعم، كانت تقنية تُشعر المتفرجين بالإحباط لدرجة أنهم بدأوا بإطلاق الانتقادات.
أحد سلبيات هذا السحر الروحي أنه يتطلب منك الاستمرار في التحكم بالماء لمنع الشخص من الخروج،
لذا يصعب استخدامه ضد عدة خصوم في آنٍ واحد، بالإضافة إلى أنه يبدو… خسيسًا قليلًا.
وأنا أعترف، هذه التقنية ليست رائعة ولا مذهلة في شيء، بل وتبدو جبانة إلى حد ما.
لكن، كان من الحقائق الواضحة أن هذه التقنية كانت من أبسط الطرق لإنهاء القتال بسرعة.
فالإنسان، في نهاية المطاف، كائن هش للغاية؛
وبمجرد أن يُمنع من التنفس، يصبح عاجزًا تمامًا. يمكن إخضاعه بسهولة شديدة.
“حسنًا، هكذا تجري الأمور.”
وبينما ليو يرفرف كالمختنق وعلى رأسه فقاعة ماء كبيرة،
مررتُ يدي في شعري باستعراض متعمد.
طالما أن الخصم مخلوق يتنفس، فلا سبيل له للهروب من هذه التقنية.
فهي نفسها التقنية التي مكنتني من هزيمة أقوى أعدائي — تشابيل — وكانت، ولا تزال، أقوى ما أملكه.
… رغم أنني، وقتها، أضفت إليها تقنية أخرى.
– كووااانغ!
ليو، الذي عجز عن فعل شيء حيال الماء المحيط بوجهه، بدأ يضرب رأسه بالأرض في محاولة يائسة.
لكن الأمر لم يُجدِ نفعًا.
فالماء لم يتأثر أبدًا، ولم يتلقَّ أي ضرر.
لإيقاف ماء تتحكم به أوندين، كان لا بد من استخدام تقنية عالية المستوى
كـضربة السيف الممزوجة بالطاقة مثلاً.
وليو، الذي كان في نفس سني، لم يكن بمقدوره استخدام مهارة من هذا المستوى.
طبعًا، هناك طريقة أخرى: أن يهزمني شخصيًا، فيمنعني من التحكم بالروح.
لكن حتى معظم أفراد فرقة المرتزقة لم يتمكنوا من استيعاب ذلك، فهل يعقل أن يكتشفه ليو؟ لا أظن…
“…هاه؟ ليس سيئًا.”
[قبل قليل، قائد الفرسان ذاك لمّح له بإشارة خفية، يا سيّدتي]
رأيت ليو يتجاهل الماء تمامًا ويندفع ناحيتي بسرعة.
هكذا إذًا… أن يتدخل الحكم؟ أليس ذلك خرقًا واضحًا للقوانين؟
وفي تلك اللحظة التي غفلتُ فيها، كادت لكمة ليو أن تلامس وجهي.
لكن لم يكن لأني تفاديتها بسرعة، بل لأنه كان بطيئًا.
فمع انعدام التنفس بسبب الماء، وتشوش الرؤية، وابتلاع كمية كبيرة من الماء عن طريق أنفه، فلا شك أنه كان يشعر بالدوار.
“كمبرِشن.”
كانت تلك الكلمة تعني الضغط، وهي تقنية طوّرتها لاحقًا بفضل قائد تشابيل القوي.
وبحسب ما اختبرته… فهي تقنية مؤلمة للغاية.
فـالتنفس تحت الماء يكتفي بملء محيط الوجه بالماء، أما الضغط (كمبرشن) فيجعل ذلك الماء يندفع بعنف نحو الأنف والفم والأذنين.
ظهرت فقاعات هواء تتفجر من وجه ليو.
“كوَرررغ!”
“تقنية استلهمتها من تجربة كدت أختنق فيها! لم أجرّبها على نفسي قط… تبدو مؤلمة جدًا.”
قلت ذلك بهدوء وأنا أمسك يد أوندينه الطيبة، وندور معًا كما لو كنّا نرقص،
مبتعدين بخفة إلى مساحة خالية حيث لا وجود لليو.
أما ليو، فقد انهار في مكانه عاجزًا عن الحركة بسبب المياه التي كانت تندفع داخله بعكس الاتجاه.
ثم مشيتُ بخطى واثقة حتى وقفتُ بجانب قائد الفرسان، الذي كان يؤدي دور الحكم، وهمست له:
“إن لم تُعلن استسلامه بسرعة، فابن أختك سيغرق. هل أنت موافق على ذلك؟”
“…كيف عرفتِ أنه ابن أختي؟!”
“عندما يشرب الإنسان كمية كبيرة من الماء، قد يتلف دماغه… ويصبح أحمقًا.”
أجل، عندما همستُ له بذلك بلطف، رمقني قائد الفرسان بنظرة قاتلة وكأنه يريد أن يفتك بي.
بطبيعة الحال، لم أضغط الماء إلى درجة قد تقتله فعلًا.
“كروورروك!”
ظل ليو يصدر أصواتًا مؤلمة وهو يتلوّى من الألم.
وبما أنه بات عاجزًا عن القتال، فقد حُسمت النتيجة.
إن أعلن ليو استسلامه، فستنتهي المعركة.
“المقاتلون الجسديون مذهلون حقًا. أن تنتهي المعركة دون أن يُوجّهوا لكمة واحدة…”
“توقفي! أوقفي القتال فورًا! إن استمر الأمر على هذا النحو، سيموت ليو!”
تنهدت بازدراء من كلمات قائد الفرسان.
“هذه معركة بيني وبين ليو، أليس كذلك؟ لن تنتهي ما لم يُعلن هو استسلامه.”
“مع ذلك… هذا غير عادل! الهجوم من طرف واحد! أوقفه الآن!”
“لا أريد! ولا تُصدر إليّ الأوامر! ما لم يعترف هو بالخسارة… فلن أتوقف.”
“وكيف له أن يعترف بالخسارة وهو في تلك الحالة؟!”
…آه، هذا صحيح.
لم أدرك ذلك إلا حين صرخ قائد الفرسان. وبما أنني لم أختبر هذه التقنية على نفسي، لم يخطر ببالي هذا العيب.
لكن، لا ضرورة للاعتراف بالكلام تحديدًا، فهناك طرق أخرى للإقرار بالهزيمة.
تقدّمتُ بخفة نحو ليو، وانحنيتُ بجانبه، حيث كان ممددًا على الأرض ممسكًا بعنقه.
ثم همست:
“ألا تعتقد… أنني قد فزت؟”
“كوورررغغغ!”
“إن اعترفتَ بالهزيمة، فانزع ذلك القِنْدَر بنفسك. أليس التخلص من السلاح دليلًا على الاستسلام؟ سيكون الأمر سهلاً تمامًا، كأن تنزع قفازًا من يدك، أليس كذلك؟”
كان القِنْدَر (الـ Gauntlet) قفازًا معدنيًا يستخدمه المقاتلون في القتال كأداة هجوم.
فركلتُ سلاح ليو بقدمي بخفة، وأشرت له بأن ينزعه.
“ألن تستسلم؟”
صرخ ليو بصوت مخنوق بالغضب، لكن لم ينتج عن ذلك سوى أن الفقاعة المحيطة بوجهه ازدادت تعتيمًا واضطرابًا.
“قلت لكِ أن تتوقفي! هل تنوين قتله؟!”
اقترب مني قائد الفرسان من الخلف، وأمسك بكتفي وراح يهزني بعنف.
يا لها من عائلة جاهلة، حقًا… ما إن يستشيطوا غضبًا حتى يبدؤوا بالإمساك بالناس وتحريكهم كما يشاؤون.
بل وحتى يتدخل الحكم في المعركة بشكل اعتباطي… هذا غير معقول.
عندما أكون في مزاجٍ سيئ جدًا… أضحك.
“أليس هذا من أجل شرف ليو أيضًا؟ أليس ذلك رائعًا؟ أن يموت من أجل الشرف. أن يختار الموت على أن يعلن استسلامه.”
“ليو لا يزال طفلًا! قلت لكِ أن تتوقفي!”
“وأنا أيضًا طفلو، ومع ذلك تركتموني أخوض معه قتالًا حقيقيًّا.”
“توقفي عن———”
“أوندين”
ناديت أوندين عندما أمسك بي من الياقة.
في الواقع، لم يكن هناك داعٍ لأن أنطق اسم التقنية بصوت عالٍ، فقد كانت أوندينه تفعل دومًا ما أريده بمجرد التفكير به.
ذلك لأن أرواحنا كانت متصلة.
كنا نعلم ما يريده كلٌّ منا حتى مع إغماض أعيننا.
وهكذا يجب أن تكون العلاقة الصحيحة بين الروح والمستدعي.
“جيني!”
عندما كنت على وشك أن أعلّق فقاعة ماء أخرى على وجه قائد الفرسان، عادت الأستاذة إيريتو.
“ما الذي يحدث هنا؟!”
“أوه، أستاذة”
غمزتُ لها بعينين بريئتين، مظهرًا وجهي البرئ، لكن ذلك لم يُخفِ الفوضى المائية التي عمّت المكان.
هل سيُعدّ هذا أيضًا من ضمن الحوادث التي تسببتُ بها؟
“الذي بدأ القتال أولًا هو ذلك الطرف…”
“القتال بين الطلاب مخالف للقوانين! أوقفوا كل شيء، حالًا!”
أجل، أعلم ذلك أنا أيضًا.
لكن بما أن أخيرًا ظهر شخص يتمتع بشيء من العقل، لم يكن أمامي سوى إيقاف السحر.
“كفى يا أوندين. ألغِ جميع التعاويذ.أعيدي الماء إلى الإبريق.”
ما إن اختفى الماء الذي كان يقيده، حتى تداعى ليو وسقط ممددًا على الأرض.
وقد استُعيد حتى الماء الذي كان قد دخل مجرى مريئه، لذا فإن تعافيه سيكون سريعًا على الأرجح.
عاد كل الماء إلى الإبريق دون أن يُفقد منه ولو قطرة واحدة.
ودليل ذلك أن رأس ليو لم يبقَ عليه أي أثر للماء… مظهره لا يوحي أبدًا بأنه كان مغمورًا فيه للتو.
تركت قائد الفرسان في ذهوله، مصدومًا من أني تمكّنت من إخضاعه
ثم تقدّمت حتى وقفت أمام رأس ليو الملقى أرضًا.
والنظر إليه من هذا العلو… لم يكن شعورًا سيئًا أبدًا.
“كن ممتنًا للأستاذة إيريتو، فلولاها لما كنت على قيد الحياة الآن.”
“…… انتظري فحسب! يا جيني كروويل! كيف تجرؤين على ارتكاب فعلٍ كهذا!”
“أيّ شيء؟ لقد خضت القتال بطريقة مشروعة تمامًا.”
“لقد كنتِ جبانة!”
“وما ذنبي إن كانت تقنيتي هكذا؟ أليس من الأغرب أن أُصارعك بقبضتي؟”
على الرغم مما لحق به، لا يزال ليو يحدّق بي بعينين مشتعلتين بالعزم.
ترى، لماذا لا يعترف بخسارته؟ هل كان ينبغي لي حقًّا أن أقتله حتى لا يتسبب لي بمشاكل في المستقبل؟
جلستُ القرفصاء أمامه. فالعدو، لا بد من اقتلاعه من الجذور.
“ليو، دعني أعلّمك شيئًا. لقد كنت أعمل مؤخرًا على تطوير تقنية جديدة.إنها تعتمد على استخدام الماء الموجود داخل جسم الإنسان. فكما تعلم، جسم الإنسان يتكون من الماء بنسبة تقارب السبعين بالمئة.”
“ما الذي تقولينه…؟!”
“وأنا، كما تعلم، مستدعِية لأرواح الماء. كنت أتساءل: هل يمكنني التحكم بالماء الموجود داخل أجسام البشر؟ لكنني لم أجد حتى الآن من أُجري عليه التجربة.”
“إذا تقاتلنا مرة أخرى… ستكون فرصة ممتازة لتجربة هذه التقنية عمليًّا.”
“………………”
“تخيّل فقط… كلّ الدماء داخل جسدك تُسحب إلى الخارج. ألا يبدو ذلك مؤلمًا للغاية؟”
“أ… أنتِ مجنونة…!”
“أنا جادة تمامًا. وآمل ألا تضطرني الظروف إلى استخدامك كعينة اختبار.”
ابتسمت، بينما شحب وجه ليو تمامًا وامتلأ بالرعب.
لِمَ تبدو على وجهك تلك النظرة وأنت تنظر إلى أوندين اللطيفة خاصّتي؟
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 49"