من بين الحاضرين، كان على وجه قائد الفرسان ابتسامة مريبة تُوحي بأن في نفسه مكرًا ما.
حقًا… رجل يثير النفور، كما كنت أظن دائمًا.
“كنت أبحث عنك.”
“ولماذا؟”
“أنتِ لا تُرين إلا وأنتِ تأكلين أو نائمة. آه، أو حين تثيرين المتاعب أيضًا.”
هذا غير صحيح! أتمرن أحيانًا، بالمناسبة!
“لم أكن أعلم أنك تهتم بي إلى هذا الحد.”
“أنتِ مزعجة بطريقة سيئة للغاية، أيتها الفتاة.”
يتشاجر معي علنًا!
حسنًا، بما أنك أظهرت حسن نيتك…
سأعتبرك عدوي الأبدي من الآن فصاعدًا.
“جيني.”
أوه… أتى الآخر. الأستاذ دينيل من فرقة القتال…
ليس أنه من المفضلين لدي أصلًا.
والآن، الثلاثة هنا… جميعهم ممن لا أحبهم.
“حين يتحدث الكبار، لا تكتفي بتحريك عينيكِ فقط. أجيبي.”
“ما الأمر؟”
“أولًا، تخلّصي من الأفعى التي التصقت بليو. أي أفعى هذه التي تمتلك كل تلك القوة؟ كدنا نكسر ذراعه ونحن نحاول إزاحتها!”
[يبدو أنهم غاضبون لأن الاثنين منهم لم يتمكنا من إبعادي.]
[لا عجب، هذا متوقع.]
الرجال الذين لا يبرعون الا في تقشّير الفجل غالبًا ما يجرحهم كبرياؤهم لأسباب تافهة.
هل هذه هي قوة المتوسطين؟ مجرد وهم بين الضعف والغطرسة؟
كان قائد الفرسان، ومعلم قِسم القتال، وحتى ليو ذاته، جميعهم في ناظري لا يختلفون كثيرًا… مجرد حمقى!
ثلاثة رجال يتجمهرون حول فتاة صغيرة…
منظرٌ يثير السخرية أكثر مما يثير الرهبة.
“راي.”
بإشارة خفيفة من ذقني، انسحب راي من يد ليو وعاد إليّ بسرعة، كعادته المطيعة.
أما أولئك الثلاثة، فقد رمقوا المشهد بنظرات امتلأت بالغيظ…
أغاظهم – على ما يبدو – أنّ أمرًا بهذه البساطة لم يستطيعوا إنجازه بأنفسهم.
“كيف تضعين أفعى على يد صديقكِ؟ هل فقدتِ صوابك؟!”
“لم يسألك أحد.”
“أتعلمين مدى خطورة الأفاعي؟!”
“راي لا يهاجم أحدًا دون إذن مني. ما لم يشهر أحدهم سيفًا في وجهي أو يلوّح بقبضته نحوي…
لن يؤذي أحدًا. وللتوضيح، من بدأ بالتهديد هو ليو، هو مَن يستمر في طلب القتال مني رغم رفضي.”
“لا تفوّتين فرصة للرد، أليس كذلك؟”
لا أحب أن أُهزم في جدال.
“إن كان لا بدّ من توبيخ أحد، فليكن ليو، لا أنا. فأنا لم أرد القتال أبدًا، وهو مَن يصرّ على فرضه عليّ. هل هذه هي الفروسية التي تتحدثون عنها؟”
“بالطبع لا! لكن هذا لا يبرر أن تتركي له الأفعى!”
“أجل، تمامًا!”
“أنتم تعشقون كلمة فروسية، أليس كذلك؟”
تمتمتُ بها بسخرية، ثم نقرتُ لساني بضيق، لأستمتع بعدها بمنظر الرجلين الفوضويين وهما يتململان كمن أصابتهما صفعة غير متوقعة.
ثم، لنسأل بوضوح: هل تجمّع ثلاثة رجال حول فتاة صغيرة وتوبيخها أمام الجميع…
تصرّف شريف وفروسي أيضًا؟ لا أظن.
لماذا لا يفكرون بما يفعلونه هم أولًا، بدلًا من الاعتراض عليّ؟
“راي جزء منّي، لا يؤذي أحدًا ما لم أكن في خطر. العالم من حولنا هو القاسي، لا أنا.”
“نعرف تمامًا أن مهارتكِ الأبرز هي التلاعب بالكلمات، وأنكِ لا تخسرين في جدال بسهولة.”
وبينما كان لا يزال يتمتم بكلمات التذمّر، قام قائد الفرسان بدفع ليو – الذي كان يمسك بمعصمه متألمًا – إلى أمامي.
“جيني كرويل، لديّ اقتراح أود عرضه عليك.”
“أنا أتناول طعامي حاليًا. ألا يمكن تأجيل حديثك إلى ما بعد؟ أحقًا تجهلون أبسط قواعد الذوق؟”
“أنتِ تنوين التملص كعادكِ، كالحرباء!”
“ولِمَ عليّ أن أسمح لنفسي بالوقوع في الشَرَك أساسًا؟”
“جيني كرويل!!”
وكما هو متوقّع، حين يعجزون عن مجاراتي بالكلام، يلجؤون إلى الصراخ.
كان قائد الفرسان يضغط على أسنانه بشدة، وكأنّه يوشك على أن يضربني.
من الواضح أنه يكرهني… لكن، الشعور متبادل.
“حسنًا. ولأنني أملك قدرًا أكبر من الذوق منكم، سأمنحكم فرصة للحديث. ما هو هذا الاقتراح؟”
وضعت السكين والشوكة جانبًا، علامةً على أنني مستعدة للاستماع،
فما كان من المعلم دينيل إلا أن بادر بالكلام كأنه كان ينتظر هذه اللحظة.
“لقد سمعنا من ليو أنكِ لا ترغبين في البقاء ضمن الفريق الممثل.”
[سيدتي! لقد سمعتهم بأذني… إنهم يدبّرون خطة ماكرة تمامًا!]
خطة؟
تسلّق راي إلى كتفي وهمس عمداً بجانب أذني، رغم كونه أفعى لا يستخدم فمه للكلام، بل يخاطبني مباشرةً في رأسي.
هؤلاء البشر لا يخطر ببالهم مطلقاً أن أفعى قد تفهم كل ما يدور من حولها، بل وتنقل لي كل التفاصيل أيضاً.
نقل لي راي كل ما سمعه بدقة:
[سمعتهم يقولون إنهم سيُلقون باللوم كله عليكِ في هذه المناسبة.]
[وعلى أي أساس؟ ماذا لديهم ليتهموني به؟]
[يبدو أن الاثنين سيواجهان عقوبة لكونهما أضاعاكِ. لكن، إن تمكنوا من إلصاق تهمة التمرّد أو السلوك المشاغب بكِ، فستقلّ مسؤوليتهم عن ذلك.]
[هممم، واصِل.]
[يريدون تصويركِ على أنكِ ترفضين تمثيل الوفد، وأن اختفاءكِ السابق كان بسبب تهوركِ، لا تقصيرهم. بتلك الطريقة، يتحمّلون هم أقل قدر من المسؤولية، بينما يُحمّلونكِ كل الخطأ.]
[يريدون النجاة بإغراقي في صورة الفتاة المشكلة.]
يالها من خطة حمقاء! كم هي بائسة طريقة تفكيرهم.
بدأت علامات الغضب ترتسم على وجهي شيئًا فشيئًا.
[وأيضًا، ذاك الطفل المسمّى ليو؟ اتضح أنه قريب قائد الفرسان. سمعته يناديه بوضوح: يا عمّاه.]
هاه، الآن توضّحت الأمور.
كان راي جاسوسًا ممتازًا.
لم يبخل بأي معلومة، فأبقاني على اطّلاع بكل ما يُحاك من خلف ظهري.
ميزة أن لا يسمع صوته سواي هي نعمة ونقمة في آنٍ معًا.
أحيانًا أنسى أنه ليس مجرد أفعى… بل روحي المرافقة، وروحي المخلصة.
“ما بالكِ لا تجيبين؟”
“أيّ إجابة تقصد؟”
“سمعنا أنك لا ترغبين في منصبك ضمن الوفد التمثيلي.”
“لا أرغب به، هذا صحيح… لكن بما أنه قرار صادر من الجهات العليا، فأنا سأقوم به. أليس ذلك من واجب المواطن تجاه بلاده؟”
“…………هذا لا يتوافق مع ما قيل لنا.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 47"