🔴🔴 تنويه مهم: الفصل هذا يتبع لآخر فصل وقفت عنده المانهوا ويفضل مراجعة المانهوا لتذكر الأحداث ومتابعة الرواية، قررت أكمل من هنا لأن المشوار مطول والفصول كثيرة.
*الفصل 232*
منذ متى كان هناك؟
قلةُ أثره جعلت وجوده في حدّ ذاته مزعجاً، وليس من الشائع أن يُوجد إنسان كهذا. إنّه روبينين.
مع أنّه كان واضحاً للعيان، إلّا أنّ هالته كانت شبه منعدمة، حتى إنّ آش لم يشعر به وهو يقترب إلى تلك المسافة، وكلّ ذلك بسبب روبينين.
[الآن أدركتُ حقاً! أأفتكّ به عضّاً؟]
لماذا يكون هذا الرجل هناك، وهو المفترض أن يكون في وسط ساحة المباريات؟
كان روبينين يتقدّم نحونا بخطى دقيقة لا لبس فيها، لا شكّ أنّه كان يتعقّبنا.
تأجّجت في داخلي من جديد نار القتال، وزمجر راي بدوره، فيما كان آش يزداد إصراراً على أن يحميني خلفه.
“روبينين!”
“الكونت بيدري……”
[ذاك ذو الشعر الأحمر!]
في تلك اللحظة نسيتُ أمر المبارزة بين مستحضر الأرواح والمبارز، ولم أرَ إلا فكرةً واحدة: أن أفتكّ به عضّاً وأمزّقه.
كلمات آش لم تعد تجد مكاناً في رأسي؛ فعدوّي اللدود هو الذي ظهر أمامي بخطواته هو، مثقلاً بجراحه، فيما كان راي على وشك الانقضاض عليه بكلّ عنفوانه.
فتح روبينين فمه وقال بتلك النبرة: “تساءلتُ مَن يكون…” “……!” “لقد كنتَ أنت.”
أيعرفني؟ كنتُ على يقينٍ أنّه لا يذكرني البتّة، ولذلك جاءني ذلك كصاعقة.
“ليس من المألوف أن يبثّ إنسانٌ هالةَ قتلٍ بهذه القوة.”
وإذ بنا قد صرنا على بُعد ثلاث أو أربع خطوات لا غير. إنّ النظر إليه عن قرب جعل شعر جسدي كلّه ينتصب، ووقعتُ في دوّامةٍ من التوتر والغيظ حتى كدتُ أطحن أسناني.
نعم، يا هذا، أنتَ بشر أيضاً، فلا بُدّ أن تدركني أخيراً!
“لم أظن أنّي سألقاك هنا.”
ولكن… لِمَ بدأ يتحدّث بلسان الاحترام فجأة؟ وحين أومأ برأسه إيماءةً، وإن تكن سطحية، لمستُ الغرابة في الموقف.
الذي تعرّف إليه لم أكن أنا.
“سموّ الأمير.”
“······يا كونت.”
لقد تجاهلني روبينين كما لو لم أكن موجودة، واقترب من آش ووقف قبالته، وتبادلا نظراتٍ غامضة لم أستطع أن أفهم مغزاها.
مهلاً… أأنا لستُ بطلة هذه القصة؟ أليس في هذا تجاهلٌ صارخ لي؟!
لكنّ غيظي لم يلبث أن تحوّل إلى حيرةٍ جارحة، إذ ارتدّ إلى رأسي السؤال: كيف تعرّف روبينين على آش؟
“……نعم، لقد مرّ زمن طويل.”
“أجل، هكذا هو.”
“يبدو أنّك لم تعش أياماً طيبة.”
“ليس بالضرورة، لم يحدث شيء يُذكر.”
“……ها، طبعاً، لا بدّ أنّ الأمر كذلك.”
لكنني أعلم أنّه عاش عاماً عجيباً لا يقلّ عن عامي غرابة.
أدار روبينين رأسه بلا مبالاة كأنّه لا يذكر شيئاً، فيما ارتسمت على وجه آش تلك الملامح المستسلمة ذاتها التي يُظهرها حين يكلّمني أنا.
أيمكن أن يكون سببُ هدوئه في التعامل معي… ذلك الرجل؟ أهو الاعتياد القديم؟
“لكن، قل لي… كيف عرفتني؟”
“……؟ يكفي أن أنظر فأعرف.”
“لكن ملامح الوجه تغيّرت، وكلّ شيء تغيّر.”
أما أنا فقد تعرّفتُ عليه بفضل أثر الجرح في يده، أو بسبب الاسم الذي عُرف به في طفولته، بل وبفعل المعلومات التي جمعتها عبر راي. وإن كان صحيحاً أيضاً أنّ لي حَدْساً يشبه حدس الوحوش.
“وجهك… نعم، صحيح، قد تغيّر بعض الشيء. أذكر أنّ شعرك كان أسود من قبل.”
مستحيل! يا عديم البصيرة! أهذا كلّ ما لاحظته؟
كدتُ أختنق برغبةٍ في الاعتراض؛ لقد تغيّرت ملامحه كما لو أنّ الرسام نفسه تبدّل، وهو لم يدرك!
“حتى لون العينين تغيّر، أليس كذلك؟ لقد كنا نتشابه في لون العين.”
“آه، ما دمتَ قد ذكرت ذلك… أدركتُ الآن.”
“الآن وجهي متغيّر بالسحر. أن تتعرّف عليّ فوراً… أنتَ الأوّل الذي يفعل ذلك، وهو في الحقيقة أمرٌ لا ينبغي أن يحدث.”
“يكفي أن أنظر إلى الجسد. ثم الهالة، فهي لا تتبدّل. أضف إلى ذلك شكل العضلات وخطوط الجسد… النظرات، الوقفة، الخطوات. تلك الصلابة التي تميّز البشر. أمّا الوجه فلا أهمية له في التعرّف إلى إنسان.”
لم أستغرب إحساسي الغريب إلّا حين أدركت أنني لم أعتد على رؤية آش وهو يخاطب روبينين بلهجة عفوية خالية من الاحترام.
وطبعاً، كون روبينين نفسه يستخدم ألفاظ الاحترام مع آش، كان ممّا يثير في نفسي شعوراً مبهماً مزعجاً.
“……أنت ما زلت كما أنت. على أي حال، ما دمتَ لا تحفظ وجوه الناس، فالأمر بلا معنى بالنسبة إليك.”
كان آش طوال الحديث يدفعني إلى الوراء ليُخفي جسدي خلفه.
مهلاً لحظة! فهمتُ أن بينكما معرفة قديمة، لكن دعني فقط ألكمه مرّة واحدة، مرّة واحدة فحسب!
“التمييز بين الناس على أساس القوة موهبة بحدّ ذاتها.”
“أتُعدّ ذلك مدحاً؟”
“نعم.”
“أشكرك. وأنا أيضاً أُعجب بسموّك، إذ أنت لست إنسان ضعيف.”
“……هيه! آش لي وحدي!”
ولِمَ تعترف له بحبّك فجأةً في حضوري؟!
اندفعتُ لأركله وقد غاظتني إجاباته الملتوية، غير أنّ جسدي مقارنةً بهما لم يكن سوى جسد طفل رضيع، فلم ألمسه حتى لمسة عابرة.
“وما هذا؟ كأنّك تحمل معك وحشاً صغيراً مسعوراً.”
“……وقاحتك، كما هي لم تتغيّر.”
“أيها اللعين!”
لم يلبث طبعي الحاد، الذي كان خامداً للحظة حتى أتبين الموقف، أن اندلع مجدداً.
لكن النتيجة لم تتجاوز كوني أتشبّث عبثاً وأتخبّط بين يدي آش وهو يمسكني.
“أهكذا هي ميولك إذن؟”
“……لا تتفوّه بكلمة.”
“كنتُ أظنّك من الذين لا يبدون أدنى اهتمام بالنساء.”
“قلتُ لك كُفّ…!”
باتت رائحة القرابة تَفوح من روبينين على نحوٍ مزعج، وأتمنّى أن يكون ذلك مجرّد وهم.
في القصر كان يُضرَب المثل في وجود “قطعتين من كعكٍ في صورة”، يقصدون بهما روبينين وإيبيروس؛ فكلاهما لم يكن يُبدي اهتماماً بالنساء، وإنْ كان ذلك لأسباب مختلفة تماماً.
“ما دام الأمر يخصّ سموّك، فلن أقتلها حتى لو بدت متغطرسة.”
“روبينين.”
“نعم.”
“انتقِ كلماتك. فهي لا تخصّ أحداً.”
حينها فقط أحسستُ بوضوحٍ بمدى ما بين روبينين وآش من صلة. فقد أطلق آش صوتاً غاضباً على غير عادته، يشوب صوته بريقُ قسوة، بينما قابل روبينين ذلك بابتسامةٍ مرتاحة.
[هاه؟ أهما مقرّبان يا سيدتي؟ إنّه الإنسان الذي تحبّينه أكثر من أي أحد، والإنسان الذي تكرهينه أكثر من أي أحد!]
[لا أريد الاعتراف، لكن… يبدو الأمر كذلك!]
وفوق ذلك، اكتشفتُ أن الإنسان الذي أكرهه يكنّ بدوره قدراً لا بأس به من الإعجاب بالإنسان الذي أحبّه.
كان ذلك أمراً بالغ الإزعاج.
كيف يجرؤ! أيَجرؤ أن يُلوِّث آش بروبينين!
انشغلتُ بهذا المثلّث المقيت حتى كدتُ أنسى مرور الوقت، وإذ بنا نسمع في عمق الرواق دويَّ خُطى كثيرة تتقاطر دفعةً واحدة.
يبدو أنّ الجمهور قد بدأ يغادر مقاعد المشاهدة. وبما أنّ الحدث لم ينتهِ بعد، فالأمر واضح السبب: بطل اليوم، بدلاً من أن يقدّم لجمهوره شيئاً من التقدير، يقف أمامي يرمي بشباكه على الرجل الذي هو ملكي أنا.
قبيح المنظر حقاً… لو كنتُ وحشاً لافترسته منذ اللحظة، لكن كوني إنسانة عاقلة ألجمني عن ذلك.
“سموّ الأمير، جسدي لم ينَلْ حظّه من الحركة بسبب ضعف الكونت. هلاّ بارزتَني؟ فالتفكير في الأمر يذكّرني أنّ أجمل أوقاتي كانت معك.”
“أخخ! كيف تجرؤ! ارحل من أمامي أيها الوغد!”
“جيني، تمهّلي. أيها الكونت، انتظر قليلاً…”
تنفّس آش تنهيدةً طويلة، ثم رفعني بخفةٍ على كتفه وسار بي نحو المخرج.
كان واضحاً أنّه يبقيني مقيدة هكذا لأنه متيقّن بأنني لو تُركتُ لحالي لاشتبكتُ مع روبينين على الفور.
“أيها الكونت، اتبعني أولاً. الأفضل أن نغادر المكان، فلا رغبة لي في لفت الأنظار.”
“وأنا كذلك.”
“قلتُ لك ارحل! أيجرؤ مثلك أن يطلب مبارزة علنيّة؟!”
“لا تزال تزعجني… أأقتلها وحسب؟”
“الموت لك أنت! ولا حتى تذكرني…!”
“……أيمكن أنّنا نحن…”
“لم يحدث شيء! أنا جيني كروويل، أيها البليد!”
لم أستطع السماح له بأن يُعيد أمام آش تلك الترهات التي قالها من قبل.
وما إن صرختُ حتى وجدت نفسي خارج ساحة القتال، وإذا بــروبينين بجانبي تماماً… أيُّ كابوس هذا؟! لا بدّ أنه حلم، بل أسوأ كوابيس الأحلام.
[آه! فهمتُ! المنتصر في القتال هو من يفوز بآش!]
[خطأ! ليس كذلك!]
عندها استسلمتُ، وتخلّيت عن المقاومة، واكتفيتُ بالتدلّي بهدوء على كتف آش.
كنتُ موافقة تماماً على ضرورة مغادرة هذا المكان في أسرع وقت، لاسيما أنّ روبينين بدأ يحدّق بي كأنني طريدة.
ولأنني قبل لحظات رأيتُه يهزم الكونت بسرعة تفوق البصر، فلو سُئلتُ عن قدرتي على الفوز عليه الآن، لكان الجواب صعباً. لكن على الأقل، في شراسة الطبع وعناده، لن أسمح لنفسي أن أُهزم.
فحدّقتُ فيه بعينين متقدّتين، وأطلقتُ زئيراً خافتاً:
“غغغغغغ…!”
[أيها الوغد!]
“كرررر!”
[ألا تبعد تلك النظرات النتنة عني!]
[قلتُ لك لا تُترجمها!]
وكأنّني أنا من تبدو وحشاً هنا!
في الأحوال المعتادة كان دور إظهار الأنياب الحيوانية يقع على راي، لكنّه هذه المرّة تحوّل إلى ثعبان واختبأ عميقاً داخل ثيابي. ولهذا كان العبء كلّه عليّ وحدي في إطلاق التهديد.
فواصلتُ الهسيس والزمجرة بوحشية.
صحيح أنّني الآن أتدلّى على كتف آش مثل حِملٍ منسي، لكنّ ذلك لا يعني أن يجرؤ أحد على الاستخفاف بي.
غير أنّ ابتسامة روبينين العريضة الماكرة أوضحت أنّ تهديدي لم يكن يُجدي نفعاً، بل بدا كأنّ الأمر يسعده.
“أنتِ، أتحبين أن نتقاتل؟”
“هيه! تعالَ جرّب!”
“كفى كلاكما!”
اندفعتُ بركلة نحو روبينين، فيما كان آش يربّت على ظهري بلا توقّف، إما ليهدّئني أو ليأمرني بالكفّ. وفي كلّ ذلك، لم يكن يستمتع بالموقف سوى روبينين وحده.
[عضّيه يا سيدتي! عضّيه!]
يبدو أنّ عليّ أن أضيف راي إلى القائمة أيضاً… هذا الوغد الذي يفرح ببؤس سيّدته!
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات