كان قد خطط للأمر، لكنه انتهى به اندفاعيًا. إعترف بذلك.
تأمل إدوين كورديليا، التي كانت لا تزال نائمة بعمق بينما ينكشف كتفها الأملس بين ذراعيه، حتى وقد علت الشمس كبد السماء في الصباح.
في البداية، كان ينوي إقناع كورديليا بأن مرة واحدة تكفي، لكنه في لحظة ما فقد السيطرة أكثر منها. في مرحلة ما، بدأ إدوين يتحرك بمعزل عن أي خطة وضعها.
“… ها.”
غطّى إدوين وجهه بيده الحرة وزفر ببطء.
ربما كان السبب أنه قضى وقتًا طويلاً وحيدًا.
لكن ما حدث قد حدث فعلاً، ولا يمكن التراجع عنه. سحب يده من على وجهه ونظر دون مبالاة إلى كورديليا النائمة بعمق، ثم سحب ذراعه بحذر من تحت رأسها الصغير.
“… أُوُه.”
يبدو أن الحركة المفاجئة أزعجتها قليلاً، فتكشّر جبينها وأنّت بضعف، لكنها لم تستيقظ.
وقف إدوين يدير كتفه المتصلّب في الهواء، ثم ارتدى ثيابه التي تساقطت على الأرض كجلدٍ منزوع، وفتح باب الجناح بمظهره المرتّب والمنظّم.
“لا حاجة للتحيات.”
قفز الحارسان الواقفون عند الباب بارتباك، مصدومين من ظهوره المفاجئ. كانوا يعرفون عقليًا أن الأميرة متزوجة، لكن رؤية زوجها، إدوين، كان أمرًا لم يعتادوا عليه بعد.
“نحيّي زوج الأميرة.”
“السيدة ليمونت.”
“ما الذي يجعلك تتحرك باكرًا هكذا؟ ماذا عن صاحبة السمو؟”
لم يستطع أن يغادر القصر دون زوجته كورديليا. كان يريد فقط التجول قليلاً ليفكر، لكن بدا أن البشر يملؤون مجال رؤيته واحدًا تلو الآخر.
“أردت القيام بجولة قصيرة فقط. الأميرة ما تزال نائمة، فلا حاجة لإيقاظها.”
وعندما ذكر حال كورديليا، غيّم وجه السيدة ليمونت. يبدو أن حقيقة أن كورديليا التي كانت تربيها كابنتها قد تزوجت وقضت ليلة مع زوجها، لم تتقبّلها بعد.
“سآمر الخدم بتجهيز حمّام بسيط.”
أمسكت كلمات السيدة ليمونت بخطى إدوين. كان من الواضح أنها لن تتحمّل رؤية شخص من الأسرة المالكة يتجول في القصر دون أن يكون مرتّبًا بالكامل. كانت امرأة صارمة، لا تتحمل ما يخالف ذوق طبقة النبلاء. ومن النوع الذي يصبح وجوده مرهقًا إذا بقي بالقرب.
“… حسنًا.”
لا بدّ من إبعادها عن الأميرة.
رسم إدوين ابتسامة لطيفة وهو يتحدث إلى السيدة ليمونت.
***
استيقظت كورديليا بعد خروج إدوين من غرفة النوم بوقت قصير.
لم تكن نشيطة عادة، لكن نادرًا ما نامت حتى هذا الوقت. كونها قضت ليلتها الأولى مع زوجها، حتى السيدة ليمونت، وصيّتها ومربيتها، لم تكن لتجرؤ على فتح الباب.
“كم نمتُ يا تُرى…”
رفعت كورديليا نصف جسدها وهي تنوي مناداة من يساعدها. أرادت من يحضّر لها شيئًا تتناوله أثناء إغتسالها وارتداء ثيابها. كان ذلك فكرة لطيفة وبسيطة.
“…”
لكن ما إن انزلق الغطاء عنها حتى رأت جسدها المليء بالبقع الحمراء تحتها، فصرخت صرخة صامتة. بسرعة مرتجفة، جذبت الغطاء وغطّت جسدها، ثم غيّرت رأيها. مهما كانت معتادة على خدمة الآخرين لها، ومهما رأوا جسدها مرات كثيرة، لا يمكن لأحد أن يراها بهذا الشكل.
لقد توسّلت إليه أن يتوقف، لكنه لم يُصغِ، ويبدو أنه استخدم جسدها وكأنه لوحة رسم. تسللت أنفاس حنق مكتومة منها وهي تفكّر فيه بغضب.
“هل يعقل أنه خرج وحده؟”
تحركت عيناها تلقائيًا تبحثان عن الشخص الذي تريد توجيه اللوم إليه. لكن حين أدركت أن الغرفة خالية، توقفت. وسرعان ما تحوّلت مشاعر الإحراج إلى اتجاه آخر.
صحيح أنها استيقظت متأخرة، لكن كيف يجرؤ على مغادرة غرفة نوم زوجته التي قضت ليلتها الأولى دون أن يكون بجانبها؟ يعامل جسدها بتلك الوحشية، ثم يرحل دون أن ينتظر استيقاظها؟
“هل استيقظتِ؟”
وبينما كانت تغلي بالغضب – متجاهلة تمامًا السبب المنطقي لكونها من استيقظت متأخرة – ظهر إدوين من خلف الباب المفتوح.
كانت ثيابه مرتّبة ومنسّقة كما لو أنه استيقظ منذ ساعات طويلة، على عكس كورديليا العارية تحت الغطاء. فاشتدّ إحراجها ورفعت الغطاء حتى صدرها واحمرّ وجهها.
كان ذلك بلا فائدة. فالجلد الأبيض الناعم المزدان بآثار حمراء صغيرة كشف بوضوح ما فعلاه تلك الليلة.
“وقت مناسب للاستيقاظ. أظن أن عيني السيدة ليمونت بدأت تتحول إلى مثلث من الغضب.”
قال إدوين ذلك ببرود وهو ينظر إليها. لم يبقَ عليه أي أثر من آثار الليلة الماضية.
“أين ذهبت؟ البارحة لم تتركني ألتقط أنفاسي، ثم…!”
وكان ذلك ما ضايقها. شعرت وكأنها وحدها من خاضت معركة طوال الليل.
“لأنني سببتُ لك تلك المعاناة ليلاً، تركتُكِ ترتاحين صباحًا.”
‘يعرف كيفية الكلام… إذًا يعلم أنه عذّبني؟’
“كنتُ في جولة قصيرة، لكن السيدة ليمونت أمسكت بي، وأصرت أن أغتسل وأتجهز.”
حين ذُكرت السيدة ليمونت، أطلقت كورديليا تنهيدة صغيرة. فهي تعرف جيدًا طباع تلك المرأة.
وإذا كان قد أُجبر على الاستحمام بدل التجول، فلا يمكنها توبيخه أكثر. هدأت وضمّت شفتيها وهي تبحث بعينيها عن شيء ترتديه.
“أكنتِ تبحثين عن ثيابك؟”
اقترب إدوين بخطوات ثابتة، وكان عند قدميه ثوب نومها. نفضه برفق، ثم مدّه إليها.
“شكرًا.”
تناولت كورديليا الثوب بخجل.
“…؟”
انعكست الحيرة على وجهيهما لأسباب مختلفة. رمشت كورديليا بعينَيها ثم بادرت بقطع الصمت.
“هل… يمكنك أن تنظر في اتجاه آخر قليلاً؟” تلعثمت
تمنت لو تستطيع عضّ لسانها. أصبح وجهها أحمر كالشمندر. لماذا يرتكب عقلها كل الحماقات أمام هذا الرجل؟ شعرت بالحرارة تمتد حتى أطراف أذنيها وأصابعها وأغمضت عينيها بقوة.
“آه.”
أطلق إدوين صوتًا قصيرًا. وكان فيه معنى خفي: لقد رأى كل شيء مسبقًا، فما فائدة الخجل الآن؟ لكنه أيضًا بدا وكأنه لم يخطر بباله هذا الأمر أصلاً، فكان في نبرته شيء من الدهشة غير المقصودة.
“لم يخطر في بالي.”
ابتسم وهو يدير ظهره لها. وبمجرد أن استدار، لبست كورديليا ثوبها بسرعة مربكة. كانت غير معتادة على ارتداء ثيابها بنفسها، فأخذ الأمر وقتًا أطول مما ينبغي.
في تلك الأثناء، أمسك إدوين الستائر عند النافذة وسحبها. اندفع الضوء الدافئ من فوق كتفيه.
“انتهيت.”
قالت ذلك وهي تتسلل بنظراتها إلى ظهره، قبل أن تخبره أخيرًا أنه يمكنه الالتفات.
أدار جسده بسهولة، ثم تجمّد في مكانه كمن تعطّل عقله للحظة.
“ما بك؟”
تساءلت كورديليا، فدهشت من خروج صوتها قبل تفكيرها.
“… لا شيء.”
أغمض عينيه قليلاً، وأطلق نفسًا عميقًا قبل أن يجيب بلا مبالاة. ثم خلع سترته ووضعها على كتفيها.
“سأستدعي الخادمات.”
وسرعان ما حرّك جرس السرير قبل أن تطرح كورديليا أي سؤال آخر. فاندفعت السيدة ليمونت والخادمات إلى الغرفة.
***
هل حقًا… لا تعرف شيئًا؟
كان إدوين يُحدّق بريبة في المكان الذي كانت كورديليا تقف فيه.
“ما بك؟”
كانت ثياب النوم التي ترتديها كورديليا بالكاد تُعدّ لباسًا، فهي شديدة الهشاشة أمام ضوء الشمس، حتى إن جسدها النحيل بدا من خلالها واضحًا، تمامًا كما رأى منحنياته في الليلة الماضية.
لكن إدوين، بدلاً من الإشارة إلى أن جسدها كان ينكشف بوضوح بسبب ثوب النوم شبه المعدوم، وضع سترته على كتفيها والتزم الصمت. فقد خشي أنه لو أشار إلى الأمر، لثارت كورديليا محرجَة وقفزت في ضوضاء لا تنتهي.
“…….”
لا بأس. من المستحيل أن تظل بهذه العفوية والخلو من الحذر دائمًا.
وتناثرت مخاوفه بشأن المستقبل في الهواء، مثل غبار يتلاشى تحت أشعة الشمس.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 14"