نظر إليها بنظرة باردة، فيها شيء من التهديد، ثم أشار بيده بلامبالاة.
> “افعلي ما تشائين، ولكن لا تنسي… دعوتكِ إلى هنا كانت شرفًا لا يمنحه أحد.”
خرجت بخطوات ثابتة رغم أنفاسها المرتجفة.
وما إن أُغلق الباب الحجري خلفها، حتى شعرت أنها أخيرًا تنفست هواءً حقيقيًا.
مرّت في الممر الطويل المظلم، حذاؤها يطرق على الأرضية الرخامية بإيقاعٍ ثقيل، وصدى أصوات القاعة لا يزال يلاحقها من الخلف — ضحكات، صرخات، تصفيق.
كأن الجدران نفسها تتغذى على الألم.
عادت الى القصر
وصلت إلى جناحها، فتحت الباب ببطء ودخلت.
الضوء الهادئ من المدفأة ألقى وهجًا دافئًا على وجهها، لكنها كانت شاحبة، كأن كل دفء العالم لا يستطيع إذابة ما رأت.
لم تمضِ لحظات حتى دخلت خادمتها بخطوات سريعة، وانحنت باحترام:
– “مولاتي، هل حدث شيء؟ عدتِ باكرًا اليوم.”
جلست إيفلين على الكرسي قرب النافذة، نظراتها شاردة، وصوتها بالكاد يسمع:
> “اصنعي لي بعض الشاي، من فضلكِ… أحتاج شيئًا دافئًا.”
انحنت الخادمة وقالت:
– “حالًا يا سيدتي.”
وحين خرجت، أسندت إيفلين رأسها إلى المقعد وأغمضت عينيها.
كل مشهد مرّ أمامها من جديد: الدماء، الصرخات، نظرة ولي العهد الباردة…
شعرت أن روحها ترتجف، وأنها لم تعد تنتمي لهذا المكان.
تمتمت لنفسها بصوت خافت، بالكاد تسمعه أنفاسها:
> “يجب أن أخرج من هنا… قبل أن أتحول إلى واحدةٍ منهم.”
رفعت نظرها نحو النافذة، حيث تساقط الثلج بهدوء خارج القلعة.
الثلج… رمز النقاء الذي لم يعد له مكان في هذا القصر الملوث.
وفجأة، لم يمرّ في ذهنها سوى اسمٍ واحد — الاسم الوحيد الذي ربطته بالكرامة، بالقوة، بالحماية.
همست
> “كلود…”
وفي تلك اللحظة، كان كل ما في داخلها يقول إن خلاصها لن يأتي إلا من ذلك الرجل…
الرجل الذي لطالما وقف ضد الظلام، حتى لو كان الظلام يرتدي تاجًا.
نهظت من مكانها عندما دخلت خادمتها التي قد احظرت الشاي
وعندها قالت ايفلين
” حضري العربة “
” هاااا … سيدتي الى اين الوقت متأخر ”
” ان سأل احدهم عني اخبريه انني متعبة وقد نمت ”
” سيدتي !!!!!”
وهكذا غادرت ايفلين الغرفة لتترك توسلات خادمتها تتلوى في فضاء الغرفة
…….
كان المساء قد أسدل ستاره على القصر الملكي، والثلج يتساقط بهدوء كثيف حتى صار العالم خارج النوافذ رماديًّا صامتًا.
في الداخل، كان كلود يجلس أمام مكتبه، يراجع مجموعة من الوثائق العسكرية تحت ضوء شمعدان خافت، حين طرق أحد الحراس الباب وقال بنبرة مترددة:
سموّ الأمير… الليدي إيفلين تطلب مقابلتكم مجددًا.
لم يرفع كلود عينيه، أجاب بصوت بارد معتاد:
أخبِرها أنني مشغول.
لكن الحارس تردّد لحظة، ثم أضاف:
الحارس:
لقد قالت… إنها هذه المرة الأخيرة. وأن الأمر “لن يحتمل التأجيل”.
توقّف كلود عن تقليب الأوراق، رفع بصره نحو اللهب المتراقص في المدفأة، وبقي صامتًا بضع ثوانٍ.
ثم قال بهدوء حذر:
أدخلها.
—
دخلت إيفلين بخطوات مترددة، كان فستانها الداكن ينساب بصمت على أرض القاعة، وقطرات الثلج الذائبة ما تزال تلمع على شعرها الأشقر.
وقفت أمامه بانحناءة خفيفة، نظرتها ثابتة لكن في أعماقها شيء من القلق.
قال كلود من دون أن يرفع رأسه
يبدو أنك لا تملّين من طرق بابي، يا ليدي.
أخبريني… ما الذي جعلك تقتحمين وقتي الثمين للمرة العاشرة هذا الشهر؟
قالت إيفلين بهدوء
شيء لا يمكن قوله عبر الرسائل، ولا يحتمل التأجيل كما قلتُ للحارس.
رفع كلود نظره نحوها أخيرًا، نظرة باردة كحدّ السيف، عيناه الزرقاوان تعكسان ضوء النار فيبدو فيهما وهج خافت.
أشار بيده إلى الكرسي المقابل له.
اجلسي إذًا، وليكن الأمر كما أردتِ.
لكن تذكّري، إن لم يكن ما تقولينه ذا قيمة، فستخسرين أكثر من وقتي.
جلست إيفلين بهدوء، شبكت يديها في حجرها، ثم تنفست بعمق وقالت:
أنا أعلم أنك لا تثق بي، سموّ الأمير.
وأعلم أنك تظنني جاسوسة من “أليريا”، أو ربما دمية أرسلها وليّ العهد لمراقبتك.
لكن ما سأقوله الآن قد يغيّر نظرتك… أو يغيّر مصير الإمبراطورية كلها.
تنهد بضجر
كلام كبير… تفضّلي أدهشيني.
أخرجت من حقيبتها الحريرية ظرفًا صغيرًا مختومًا بختم قديم، وضعته أمامه على الطاولة بهدوء.
هذه نسخة من رسالة كتبت بخط الإمبراطور نفسه… إلى أحد جنرالات مملكتي.
يأمره فيها بتسليم مواقع دفاعنا مقابل الذهب.
الإمبراطور كان يبيع شرف جيشه مقابل بقاء الحرب مشتعلة.
ساد الصمت القاعة لثوانٍ ثقيلة.
بقي كلود يحدّق في الظرف دون أن يلمسه، كأنّه قطعة نار.
ثم رفع بصره نحوها مجددًا وسأل بنبرة منخفضة:
ولماذا تأتين بهذا إليّ تحديدًا؟
أتعلمين ما يعني أن تقتربي منّي بهذه الورقة؟ إنها تهمة خيانة عظمى… لكِ قبلي.
إيفلين بابتسامة خفيفة، باهتة
ربما.
لكن الخطر لا يخيف من يعيش سجينًا أصلاً.
أنا أبحث عن طريق للحرية، وأنت تبحث عن وسيلة لإسقاط العرش.
ربما يمكن لكلٍّ منا أن يمنح الآخر ما يريد.
انحنى كلود للأمام قليلًا، صوته صار أكثر جدية:
وكيف أضمن أنك لا تلعبين لعبة أوسع؟
أنك لا تعملين لصالح وليّ العهد، أو لبلادك القديمة؟
نظرت إليه بثبات، وقالت ببطء وهي تميل قليلاً إلى الأمام:
ألم تسمع بالمقولة القديمة، سموّ الأمير؟
“عدوّ عدوي… هو صديقي”.
صمت كلود، ينظر إليها طويلاً، بينما ينعكس ضوء النار على ملامحه فيغدو وجهه نصفه في الظل ونصفه في الضوء.
ثم ابتسم ابتسامة صغيرة غامضة وقال:
كلمات جميلة…
لكن تذكري ان انتفاقنا معا لن يمنعني من قتلك ان شكلت خطرا لي .
وقف من مكانه، استدار نحو النافذة حيث كان الثلج يتساقط بصمت، ثم قال من دون أن يلتفت:
حسنًا، يا ليدي إيفلين… سنعتبر أنني صدّقتك مؤقتًا.
لكن تذكّري، في هذا القصر لا يُقدَّم شيء مجانًا.
منحك ثقتي سيكون أغلى صفقة تبرمينها في حياتك.
نهضت إيفلين أيضًا، وانحنت بخفة، نبرتها ثابتة رغم خفقان قلبها:
أدرك ذلك، سموّ الأمير… وأنا مستعدة لدفع الثمن.
تبادل كلاهما نظرة طويلة — خليط من الحذر — قبل أن يدير كلود وجهه نحو المدفأة مجددًا ويقول بصوت منخفض:
إذن… لنرَ إن كان عدوّ عدوي يستحق أن يكون صديقي.
خارج القاعة، كان الثلج يذوب ببطء على النوافذ… وكأن السماء نفسها تحبس أنفاسها بانتظار ما سيحدث بعد هذا اللقاء.
~~~~~~
اتمنى حبيتم الفصول
هل تعرف ن ماهو اليوم ؟؟؟
اليوم هو عيد ميلادي 🥳
وبهل مناسبة غدا راح تكون اكو فصول هم
وسلام للفصول الجاية
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 39"