كانت ليتي تمشي بخطوات سريعة على رصيف النادي الموسيقي، تحمل حقيبتها وتضغط شوشو بين يديها الصغيرة. كانت السماء غائمة قليلاً، لكن المطر توقف، والهواء مليء برائحة المطر القديم والخرير الهادئ للنوافير القريبة.
– “لا تقلقي يا شوشو… لن أخذلكِ اليوم”، همست وهي تلمس فراءه برفق.
كانت اليوم هو يوم المسابقة الوطنية وان فازت بها ستتأهل الى النهائي حيث يقبع حلمها
القطة، أو بالأحرى كلود في جسدها، كانت تحدق بها بصمت. لم يفهم بعد كل ما يحدث، لكنه كان يشعر بشيء غريب، دفء لم يعرفه منذ زمن طويل. شيء ما في هذا الفتاة الصغيرة جعل قلبه… أو ما يعادل قلبه الآن، يخفق بسرعة لا يستطيع تفسيرها.
—
وصلوا إلى القاعة الكبيرة، حيث وقفت ليتي على خشبة المسرح، تجلس على الكرسي المخصص لعازفي الكمان، والأضواء تتلألأ حولها. وضعت حقيبتها على الأرض وضعت شوشو في احدى الكراسي المقابلة لها للجمهور، وكان يراقب كل شيء بصمت.
كان كلود يلاحظ تفاصيلها بدقة: كيف تحرك أصابعها، كيف يترك الحماس في كل نغمة، كيف يتلألأ الضوء في عينيها حين تعزف بمزيج من القوة والحنان.
– “هذا ما يجعلها رائعة…” همس في داخله، شعور غريب يتسلل إلى قلبه الصغير. لم يعد مجرد قائد أو محارب… أصبح شاهدًا على شيء أبسط، أجمل، عميق أكثر.
وأثناء العزف، شعرت ليتي بشيء يملأ قلبها. كان شعوراً لا يفسر بالكلمات، شعوراً بالاكتمال، وكأن جزءاً ضائعاً منها عاد إلى مكانه. رفعت عينيها إلى شوشو، وإلى المفاجأة بدا أن القطة تحدق فيها وكأنها تفهم كل نغمة وكل إحساس.
ابتسمت بحذر، همست بصوت منخفض:
– “ربما… ربما لم أكن وحدي اليوم.”
—
كانت ليلة المسابقة الكبرى قد انتهت، والجو لا يزال ممتلئًا بالتصفيق الباهت والضجيج البعيد. جلست ليتي في ركن هادئ خلف المسرح، كأن العالم كله توقف عند هذه اللحظة.
أصابعها كانت ترتجف قليلاً، ليس من النجاح، بل من الشعور الغريب الذي يسكن قلبها منذ عدة أيام… شعور بأن شيئًا سيختفي، وأن جزءًا من عالمها لن يبقى معها.
رفعت عينيها إلى الصندوق الصغير الذي كانت تحتفظ فيه بجوائزها. من بين الأوراق والشهادات، كانت هناك قلادة صغيرة، تتدلى منها خاتم فضي براق، اشتريته من جائزة المسابقة، قبل لحظات فقط، كرمز للوعد الذي تريده له… لو كان بوسعه فهم معنى هذه اللحظة.
أمسكت القلادة بيدها، ووضعت الخاتم بعناية داخلها، ثم تحدثت بصوتٍ خافت، لا يسمعها أحد سوى قلبها:
> “شوشو… هذا وعدنا الصغير… سنعيش جميع اللحظات الجديدة معًا، مهما حدث.”
كانت القطة السوداء تنظر إليها من على الكرسي المقابل، عيناها تتلألأ في الظلام كما لو كانت تفهم كل كلمة، أو ربما تشعر بما لا تستطيع التعبير عنه.
اقتربت ليتي منها، وألقت القلادة على جسدها الصغير. اهتزت القطة قليلاً، ثم ارتكزت بين يديها، مسترخية، وكأنها تشعر بالدفء لأول مرة منذ زمن طويل.
ابتسمت ليتي رغم دموعها الصغيرة، ثم همست:
> “تعالي معي… لن ندع شيئًا يفرق بيننا.”
وبينما كانت تمشي خارج القاعة تحت سماء ممطرة خفيفة، رفعت القطة برفق نحو وجهها. نظرت إليها، وتذكرت ذلك اليوم الممطر الذي التقت فيه القطة لأول مرة، همست ببطء:
– “تذكرين؟ يوم ممطر مثل هذا… كنتِ معي.اتعلم أتمنى لو ارى الثلج يوماً ما… وسنعمل معاً لنذهب ونراه.”
نظر إليها كلود من خلال عيني القطة، قلبه يرتجف بطريقة لم يعرفها. لم يفهم كيف يمكنه أن يشعر بالحنين لشخص لم يكن يعرفه إلا منذ أيام قليلة… لكنه أراد أن يكون معها، أراد أن يبقى بجانبها مهما كانت الظروف.
كان كل واحد منهما يجد عند الآخر ما لم يكن يجرؤ على طلبه: ليتي وجدت الحنان والدفء الذي لم تستطع أن تجده في أي شخص آخر، وكلود، رغم غرابة جسده الجديد، وجد شيئاً لم يختبره منذ زمن بعيد… حباً صادقاً، شعوراً بالانتماء، فرصة لبدء حياة جديدة من الداخل.
ولكن متى كانت هذه الحياة تعطي دون مقابل
~~~~~
كان المساء هادئاً على غير العادة، لكنه حمل في أعماقه شيئاً مريباً. شعرت ليتي بذلك منذ لحظة استيقاظها ، كأن شيئاً ما يسحب روحها بعيداً دون أن تدري. بحثت عن شوشو في غرفتها كعادتها، تحت السرير، قرب النافذة، فوق الأريكة… لكنها لم تجده.
– “شوشو؟ أين أنت؟” نادت بصوت حاولت أن تجعله مطمئناً، لكنها فشلت في إخفاء القلق الذي بدأ يخنق صدرها.
خرجت إلى الشرفة، تناديه، تفتش في كل زاوية من الشقة الصغيرة، وفي قلبها يقين يزداد رعباً: هذه ليست مجرد لعبة اختباء كما يفعل دائماً. شيئٌ ما… كأنه رحل.
في تلك الليلة، بحثت عنه في الشوارع القريبة، تحت المطر، على الأرصفة، قرب الأشجار… حتى أنهكتها قدماها وسقطت على الرصيف المبلل تبكي، لأول مرة منذ سنوات تبكي بهذا الألم.
– “لا تتركني… ليس أنت أيضاً…” همست بصوت متهالك.
وهكذا انهارت تلك الحكاية الوردية الممزوجة بخيوط السحر
مرّت الأيام… ثم الأسابيع. ولم يعد شوشو.
تحول البيت إلى صمت ثقيل، والوقت صار بارداً كالشتاء. كان وجوده أكثر من مجرد حيوان أليف… كان أول من منحها معنى للحياة بعد سنوات من الوحدة. ومع اختفائه، شعرت وكأن شيئاً في روحها قد انتزع بعنف.
جاء يوم المسابقة الكبرى – أكبر حلم موسيقي كانت تحارب لأجله منذ الطفولة. وقفت على المسرح الكبير، الأضواء ساطعة، الجمهور صامت ينتظر معجزة موسيقية جديدة. أمسكت بالكمان… لكن أصابعها كانت باردة. قلبها كان بلا نبض.
رفعت القوس فوق الأوتار… ولم تستطع الحركة.
انزلقت الدموع على وجهها وهي تهمس أمام الآلاف بصوت لا يكاد يُسمع:
– “لقد… فقدت شيئاً كان يجعلني أعيش.”
وتركته يسقط.
سقط الكمان على الأرض، ومعه سقطت كل أحلامها… تحت أنظار الجميع.
وهكذا فشلت ليتي في المسابقة الوطنية لعدم تمكنها من العزف
لتعتزل عالم الموسيقة الى الابد
~~~~~~~
في ظلمة غرفة غريبة، تحيط بها رموز سحرية قديمة تشتعل بالنيران السوداء، كان كلود يقف في الدائرة السحرية وهو يضغط على صدره من الألم. في وقت ما كان يريد العودة ولكنه لم يعد يسعى له الان
حياته اليومية مع ليتي كانت كافية لدرجة انه لم يرد العودة الى عالم لم تكن هي به
كان عليه أن يعود. كان عليه أن يحارب. لكنه لم يكن يتوقع شيئاً واحداً… أنه لن يكون مستعداً لثمن العودة.
ليتي…
كانت صورتها أمام عينيه. كانت لمستها آخر ما شعر به قبل أن يبدأ هذا الطقس الساحر المرعب. ارتجف قلبه وهو يتذكر ابتسامتها حين كانت تقول له: “لن تكون وحيداً بعد الآن… أنا هنا.”
ضغط على أسنانه وهو يصرخ:
” كيف عدت من اعادني ”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 36"