كانت رائحة الخبز الطازج تعبق في الهواء، تمتزج مع عبير الزبدة الساخنة والعسل الذائب. جلست ليتي على الطاولة الطويلة في قاعة الطعام، يداها متشابكتان في حجرها، بينما عيناها تتنقلان بخجل بين الأطباق المرتبة بعناية أمامها.
على الجانب الآخر جلس كلود، يسكب لنفسه القهوة بهدوء وكأنه اعتاد هذه اللحظات منذ زمنٍ بعيد. لم يكن في وجهه تلك المهابة المعتادة، بل شيءٌ من الهدوء الدافئ، كما لو أن وجودها يبدّد عنفه ويجعله أكثر إنسانية.
قالت ليتي بصوت خافت وهي تنظر إلى فنجانه:
> “ألم يخِب أملك…؟ أعني، بعد كل ما حدث أمس، كنت… اعتقد انك غاضبً جدًا، لكن فجأة رأيتك تبتسم.”
رفع كلود نظره نحوها، وعلى شفتيه تلك الابتسامة المائلة التي تعرفها جيدًا.
> “أمل؟”
أخذ رشفة بطيئة من قهوته ثم أضاف بهدوء:
”حين يكون الأمل مرتبطًا بشخصٍ واحد… لا يمكن أن يُدفن بسهولة، أليس كذلك؟”
احمرّ وجهها، وارتبكت أصابعها وهي تلهو بحافة المنديل أمامها.
> “أنا لم أقصد… فقط كنت أظن أنك ستغضب، أو ربما… تكرهني بعد الآن.”
ضحك كلود بخفة، نبرة صوته عميقة لكنها لطيفة:
> “أكرهك؟ لو كنتِ تعرفين منذ متى أنتِ جزء من يومي لما قلتِ هذا.”
توقفت ليتي عن التنفس للحظة، رفعت رأسها نحوه بسرعة:
> “ماذا تعني بـ منذ متى؟ هل… هل كنت تعرفني من قبل؟”
لم يُجب فورًا، بل أمال رأسه قليلًا وكأنه يستمتع بحيرتها.
> “ربما رأيتك… في زمن ما …… مكان ما .”
قالها وهو يبتسم بطريقة غامضة، وكأن الكلمات تحمل بين طيّاتها سرًّا يعرفه وحده.
تجمدت ليتي في مكانها، كلماتها عالقة بين الحلق والهواء.
> “أنت… تعرف شيئًا، أليس كذلك؟ عني؟”
لكنه لم يرد. اكتفى بأن ينظر إليها نظرة طويلة، فيها شيء يشبه الحنين. كان على وشك قول شيءٍ آخر، انفتح باب القاعة فجأة ودخل ثيو بخطوات سريعة، وجهه متوتر.
> “سيدي كلود! هناك أمر عاجل… يجب أن تراه بنفسك.”
تبدّل وجه كلود في لحظة، وعاد ذلك الهدوء الصارم إلى ملامحه. نهض من مكانه، وقبل أن يخطو نحو الباب التفت إلى ليتي وقال بنبرة دافئة:
> “اعذريني يا ليتي، يبدو أن عليّ تركك قليلاً… لا تقلقي، سنكمل حديثنا لاحقا اعدك.”
حاولت أن ترد، لكن صوتها لم يخرج. اكتفت بالإيماء وهي تتابعه بعينيها حتى اختفى من القاعة مع ثيو.
بقيت وحدها، تحدق في الكرسي الفارغ أمامها، في فنجانه الذي ما يزال بخار القهوة يتصاعد منه. وضعت يدها على صدرها، تشعر بنبض قلبها المتسارع وهي تهمس لنفسها:
> “ربما رأيتك… في زمنٍ ما …. مكان ما…؟ هل كان يعرفني حين كنتُ ثعلبة؟ أم قبل ذلك…؟”
غامت نظرتها قليلاً وهي تنظر إلى النافذة، حيث انعكاس الشمس على الزجاج بدا وكأنه يخفي في طياته ذكريات لا تعرفها بعد. شيء ما في ابتسامته، في كلماته، جعلها تشعر أن الحكاية بينهما أقدم بكثير مما كانت تظن…
—
في قاعة المجالس، تحت قبوٍ مرتفع السقف تزينه لوحات أسلاف الدوقية، اجتمع قادة الدوقية: رؤساء الحرس، أمين الخزائن، بعض النبلاء الموثوقين، وقلة من المستشارين. الهواء كان ثقيلاً، والوجوه متحفظة كما لو أن كل واحدٍ منهم يقيس بالعيون ثمن كلمةٍ قد يقولها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 30"