«ماذا…؟!» تمتمت لنفسها حين استوعبت الكارثة الصغيرة.
جلست بسرعة على السرير حينها. قدَمان ويدان. شعر طويل يتدفق على كتفيها. لمسة على وجهها فلم تجد الفرو الناعم المعتاد بل جلدًا بشريًا دافئًا.
> «أنا… بشرية؟!»
هذه المرة كان الأمر مختلفًا عن الحلم. لا صداع. لا دوار. عقلها صافٍ وجسدها خفيف كريشة. وبعد لحظات من الذهول، جاءت الصدمة الأكبر:
كانت عارية تمامًا.
احمرّ وجهها بحرارة مفاجئة، قلبها يقفز في صدرها. أمسكت لحاف السرير ولفّته حول جسدها، تحاول أن تخفي نفسها حتى عن نفسها.
اقتربت من المرآة بارتباك. حدقت في انعكاسها بدهشة. كانت الملامح مألوفة بشكل مؤلم؛ تشبه حياتها السابقة، لكن الآن بشرتها أنقى، وشعرها وعيناها بلونين مختلفين، وكأنها خرجت لتوّها من جلسة تجميل خارقة. مدّت أصابعها لتلمس وجهها، تفاصيله، انحناء كتفيها، ملامحها التي كانت تحلم بها دائمًا.
تنفست بعمق لتسيطر على نفسها. كان عليها أن تجد شيئًا ترتديه، أن تهرب من الغرفة قبل أن يراها أحد بهذا الشكل. والآن… ها هي تقف في غرفة الغسيل، تحاول ارتداء أول زيّ وجدته، قلبها ما يزال يدقّ بقوة، والبرودة التي تسري في أطرافها لا تأتي من الجو وحده، بل من فكرة واحدة لا تفارق عقلها:
«أنا بشرية… الآن حقًا…»
~~~~~~~~
حملت ليتي نفسها على أطراف أصابعها، تخطو بحذر بين الممرات الطويلة للقصر، كل خطوة تخطوها كانت محاولة لتجنب أي صوت قد يُفاجئ أحد الخدم. قلبها ينبض بسرعة، لكنها كانت مرنة وسريعة، عينيها تتفحّصان كل زاوية، كل ظل، كل انعكاس على الأرضية الباردة.
حين مرت بجانب مجموعة من الخادمات، توقفت فجأة، وحنيت جسدها خلف عمود طويل. ابتسمت لنفسها داخليًا: براعة صغيرة، يا ليتي…
تجنّبت ابتساماتهن ورفعت حاجبها بخفة، وكأنها مجرد ظِلّ يمرّ دون أن يلاحظه أحد.
لكن الممر الآخر لم يكن فارغًا لفترة طويلة. فجأة، ظهر كلود في نهاية الرواق، خطواته ثابتة، عيناه تبحثان بعناية. أول نظرة، وكأن عقله عرف على الفور من هو الظل الوردي الذي يتسلّل بين الأعمدة.
كان الرواق الطويل يطل على الحديقة الغنّاء، الضوء الذهبي للشمس المتسللة من بين النوافذ العالية يصنع ظلالًا طويلة على الأرضية الرخامية. على الطرف الآخر، ظهرت ليتي بخطوات مترددة، شعرها الطويل يتماوج حول وجهها، وعيناها المتسعتان تبحثان عن طريق للهروب.
وقعت عين كلود عليها للحظة، وبدت تلك اللحظة وكأنها توقفت فيها أنفاس المكان. اتسعت ابتسامته فجأة وصرخ بصوت عالٍ مليء بالمرح:
> «لقد وجتك!»
ارتجفت ليتي، قلبها يخفق بعنف، وهربت تختبئ بين الأعمدة الحجرية الضخمة، وضعت يدها على فمها محاوِلةً حبس أنفاسها. صوت خطواته يقترب منها شيئًا فشيئًا، وداخلها يتردد سؤال مرعب:
> «هل هذه نهايتي؟ هل سيتخلى عني كلود؟ هل انتهى كل شيء…؟»
لكن فجأة توقفت خطواته عند الطرف الآخر من العمود. وقف كلود بهدوء أمام العمود الحجري العريض، مدّ يده ولمس الحجر برفق وكأنه يلمس وجهها من خلاله، صوته انخفض فجأة إلى نبرة دافئة حنونة:
> «ليتي…»
خفق قلبها بقوة، تلك النبرة التي ظنت أنها لن تسمعها منه مجددًا أعادتها إلى كل لحظاتها معه. أكمل كلود بنبرة أكثر نعومة:
> «ليتي، هل أنتِ خائفة مني؟»
ارتجفت ليتي، لم تكن خائفة منه بل من ردّة فعله، من كره محتمل، من نظرة قد تُحطم قلبها. ابتلعت ريقها بصعوبة، وخرج صوتها مبحوحًا دون وعي:
> «إذاً… أنت لا تكرهني… أنا لستُ ثعلبًا بل إنسان…»
وقفت الدموع على حافة عينيها، تنتظر أي كلمة قد تنهيها. لكن كلود ابتسم ابتسامة صغيرة، وقال بصوت ناعم، كنسيم يمر على قلبها:
> «هذا سخيف… مهما كان شكلك، لا يهم. ليتي هي ليتي.»
تهاوت دموعها دفعة واحدة، دموع فرح وحزن وندم في آنٍ واحد؛ فرح لأنها لم تعد مضطرة للابتعاد عنه، وندم لأنها فكرت يومًا أنه قد يكرهها. ساد صمت رقيق للحظة، ثم قطع كلود هذا الصمت بصوت مرح:
> «إذن… هل ستبقين مختبئة؟ هل عليَّ الانتظار أكثر حتى أراكِ؟»
أخذت ليتي نفسًا عميقًا تحاول كبح دموعها، ثم أخرجت رأسها بحذر من خلف العمود. وعندما رآها كلود… تجمد لوهلة.
كانت تقف هناك، شعرها الطويل ينساب كالشلال على كتفيها، بشرتها الصافية تلمع بضوء الشمس، عيناها الواسعتان كحلم قديم عاد للحياة… كانت جميلة لدرجة قطعت أنفاسه، وكأنها لوحة خرجت من إطارها. شعر لوهلة أنه سيفقد صوابه.
لكن فجأة قرقع صوت صغير من مكان قريب — ربما سقوط شيء أو انزلاقها عن موقفها — فاحمرّ وجه ليتي بسرعة، وتلعثمت تقول:
> «ل… ل… لست أنا! صدقني!»
انفجر كلود ضاحكًا بصوت عالٍ، ضحكة حقيقية خرجت منه دون تكلّف:
> «هههههههه… أجل، أجل… هههههه!»
لم يستطع كبح نفسه مما جعل ليتي تزداد احمرارًا، والدموع التي حاولت حبسها سقطت من عينيها كالمطر وهي تردد بصوت خافت يرتجف:
> «لا… تضحك…»
توقف كلود عن الضحك تدريجيًا، وعندما رأى وجهها الباكي — ذلك الوجه البريء الذي جعله يشعر برغبة عارمة في حمايتها من العالم كله — خفف من ضحكته وحنى رأسه قليلًا، محاولًا كتم ابتسامة:
> «حسنًا، حسنًا… إذاً، هل نذهب لتناول الطعام؟»
مدّ يده نحوها برفق، أمسك بيدها الصغيرة وسحبها معه نحو قاعة الطعام، بينما كانت ليتي تتمنى في داخلها أن تختفي من شدة الإحراج، لكن في مكان ما في قلبها، شعرت بدفء تلك اليد التي أمسكت بها… دفء أعاد إليها الطمأنينة.
~~~~~~
اسفة جدا جدا وعدت ان انزل هذه الفصول البارحة
بس بصراحة كنت مشغولة مرة
راح انقطع عن التنزيل لفترة بسبب ظروف ما ادري اشقد راح اطول بس انشاء الله ارجع بأسرع وقت
وطبعا هاي الفصلين اقصر من عادتا بس والله هذا الي قدرت عليه
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات