خطى كلود خارج الغرفة المبعثرة، الباب مفتوح خلفه كأن الفوضى بداخلها تُسرّب سرًّا لا يريد الإفصاح عنه. كان يسير في الممرات المذهبة للقصر بخطوات ثابتة، والابتسامة المائلة على شفتيه لا تفارقه، ابتسامة تحمل في داخلها شيئًا بين اللعب والخطر.
وصل إلى مكتبه، حيث انعكست أشعة الشمس على زجاج النوافذ العريضة، وراقصت الظلالُ الرفوفَ المليئة بالكتب والأوراق. وقف ثيو هناك، يحمل بضع ملفات، وجهه شاحب من الذهول حين رأى سيده يدخل بهذه الملامح.
قال كلود بصوت مرح لكنه لا يخلو من الهيبة:
> “أغلقوا جميع أبواب القصر… لا تدعوا أحدًا يغادر منه أبداً.”
ارتجف قلب ثيو للحظة، ظانًا أن كارثة وقعت، لكن حين لمح تلك الابتسامة المرحة على ملامح كلود، تجمّد توتره وتحول إلى استغراب ممزوج بالريبة.
تقدّم كلود إلى مكتبه بخطوات واثقة، يمرر أصابعه على سطحه الخشبي الملمع. انحنى نحو أحد الأدراج وبدأ يفتحه ببطء. قال هذه المرة بصوت حاد يخترق صمت الغرفة:
> “ألم تسمع ما قلت؟”
انتفض ثيو من مكانه، وكأن الصرخة أيقظته من حلم طويل. انحنى بسرعة وأجاب:
> “حالاً يا سيدي!”
ثم اندفع يركض خارج المكتب لينفذ الأوامر، يختفي صدى خطواته بين ممرات القصر.
أخرج كلود من الدرج صندوقًا خشبيًا صغيرًا، ملمسه قديم لكن زخارفه الدقيقة تلمع كأنها تحكي حكايات قديمة. حمله بيده، حدّق فيه للحظة قبل أن يضعه في جيبه الداخلي بعناية.
ارتسمت على شفتيه ابتسامة أوسع، نبرة صوته تتلوّن بمرحٍ غامض، وكأنه يتحدث مع نفسه:
> “إذن… أين علي أن أبحث أولاً؟”
ثم نهض ببطء، عيناه تتلألأان كالذئب حين يشمّ أثر فريسته، وانطلقت خطواته خارج المكتب بثقة رجل يعرف تمامًا إلى أين يذهب.
~~~~~~~
كانت ليتي تتسلّل في الممرات الخافتة للقصر، ظهرها منحني قليلًا، شعرها الطويل الفوضوي يتدلّى مثل ستار ورديّ على وجهها، وقدمَاها العاريتان تخطّان خطوات صغيرة على البلاط البارد. كانت ترتدي قميصًا واسعًا يصل إلى ركبتيها، أكبر من حجمها، يلتصق بجسدها فيبدو أكثر إحراجًا من أي وقت مضى.
> «ماذا أفعل الآن…؟» تمتمت في نفسها وهي تلتصق بالجدار الحجري.
كان القصر ما يزال في سكون الصباح الباكر. أغلب الخدم في المطبخ أو في الخارج لإنجاز مهامهم، ولم يبقَ في الممرات إلا صدى الريح البارد المتسلل من النوافذ العالية. ومع ذلك، كانت ليتي تتحرّك بحذر بالغ، تنتقل من حائط إلى آخر، كأنها ظلّ يبحث عن مخرج.
كان هدفها واضحًا: غرفة الغسيل.
هناك، كانت تأمل أن تجد شيئًا من ملابس الخدم لتغطي جسدها.
> «أريد فقط شيئًا أدفأ وأقل إحراجًا من هذا…» همست في داخلها وهي تمشي على أطراف أصابعها.
«لو كنت أعرف… لكنت ارتديت جاكيتًا بدل هذا القميص… سأبدو كمهرّجة لكن على الأقل سأكون دافئة!»
زفرت بهدوء، ثم واصلت طريقها. أخيرًا وصلت إلى باب خشبي قديم في آخر الممر. مدّت يدها ببطء، أصابعها ترتجف قليلًا، ثم فتحت الباب بحذر، تدعو في سرّها ألا يكون أحد في الداخل.
تنفّست بارتياح حين رأت الغرفة فارغة. أغلقت الباب خلفها سريعًا، وانطلقت إلى الخزائن، قلبها يدقّ كطبول صغيرة. فتحت أحد الأبواب ووجدت كما توقعت: ملابس خادمات مرتبة على الرفوف. سحبت أوّل زيّ وقبّلته بنظرة امتنان، ثم بدأت بارتدائه بسرعة، أناملها ترتعش من البرد والارتباك.
وفي أثناء ارتدائها الملابس، اجتاحت ذهنها ذكريات الصباح الباكر:
كانت نائمة، والدفء يلفّها، حتى أزعجتها أشعة الشمس. رفعت رأسها بكسل، وهمست بلا وعي:
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات