كلود رأى بعينيه ليتي تنهار فجأة بين يديه، جسدها الصغير يتمايل من الألم ثم يسقط بلا أي حركة أخرى، باردًا كأن الحياة نفسها انسحبت منها للحظة. رغم قربه الشديد، لم يستطع مساعدتها، شعوره بالعجز ثقل على قلبه حتى كاد ينفجر.
حملها على الفور بين ذراعيه، قلبه يخفق بسرعة البرق، وعقله يزحف بأسئلة متتالية: هل هناك من وضع لها سمًا؟ من يجرؤ على إيذائها… أم أن شيئًا قد أصابها اليوم؟
ركض بها نحو غرفتها، كل خطوة تقربه من الحقيقة المجهولة، ووضعها على السرير بعناية فائقة، ينظر إلى وجهها المتألم، فروها الناعم متناثرًا حول رأسها، وكأن كل شعرة تحمل جزءًا من روحه. كان ينظر إليها بنظرة مملوءة بالحسرة والندم، قلبه يثقل بالخوف والقلق.
دخل الطبيب مسرعًا، فأمره كلود بصوت صارم:
> “افحصها فورًا!”
أجرى الطبيب فحصه بعناية، ثم رفع نظره وأخبره:
> “سيدي… ربما يكون سبب الإغماء إرهاقًا شديدًا… لكن الأنسة بخير، وليلة واحدة من النوم تكفي لتصبح على ما يرام.”
لم يهدأ كلود، صوته صار حادًا، عيونه تتسع بالغضب:
> “هل تمازحني؟ كانت تقفز أمامي بكل حيويتها قبل قليل… هل أنت واثق أن الأمر ليس سمًا؟”
ارتجف الطبيب ، لكنه أجاب بخوف وهو يقسم بشرفه
> “سيدي… أقسم بشرفي، الأنسة بخير. ليلة واحدة من النوم وستصبح على ما يرام.”
أجاب كلود بصوت بارد، حاد ومرتبط بالتهديد الخفي:
> “أنت تعرف ما سيحدث إن لم تستيقظ ليتي غدًا.”
ارتجف الطبيب والخدم جميعًا تحت نظراته، ثم أمر كلود الجميع بالمغادرة، تاركًا الغرفة له وحده مع ليتي.
ابتسم كلود ابتسامة مريرة، لكنه غاص في صمت الغرفة، حيث بقي شخصان وحيدان، كل منهما من عالم مختلف، إلا أن القدر جمعهما معًا.
جلس على حافة السرير، وبدأ ينظر إلى جسدها الصغير الذي يبدو ضعيفًا لكنه كان مليئًا بالحياة دائمًا. انحنى إلى الأمام، وجعل وجهه قريبًا من رأسها، هامسًا بحزن مكتوم:
> “ليتي… عليك أن تستيقظي. لنثبت أن اختلاف العوالم ليس عائقًا أمام حبنا. لنري الجميع أننا ملك لبعضنا، وأننا لا نستطيع العيش بدون بعضنا… لذا، أرجوكِ، استيقظي.”
توقف قليلاً، عينيه تلمعان بالحزن والحنين، وابتسم ابتسامة مريرة:
> “ما كان حاجزًا بيننا ليس المسافة… ولا قوانين العوالم المختلفة… جسدي ليس من عالمك… لكن قلبي كان منذ البداية ملكًا لكِ، لعالمك… لعالمك فقط.”
سقطت دمعة حارة من عينه على فروها الناعم، ذيله المتهدل بدا وكأنه يلامس روحه، ثم قال بصوت مخنوق، ممزوج بالحب والغيرة:
> “ليس من حقك أن تذوقي معي حلاوة الحياة… ثم تمنعيني منك.”
جلس بجانبها، ذراعيه تحيطان بها بحذر، كأنها كل العالم بالنسبة له، وكل الخوف والقلق الذي شعر به يذوب في تلك اللحظة.
غفى كلود بجانب ليتي في ليلة صامتة، ضوء القمر يتسلل من النافذة، يلامس جسدها الصغير، يغمر الغرفة بسحر هادئ، بينما قلبه يهمس لحب لا يعرف حدودًا، رابطًا بين عالمين مختلفين بروح واحدة، ، ومع ذلك، قلبه كان ينتمي لها فقط، منذ البداية.
~~~~~~
شرقت الشمس في السماء، وكان الوقت مبكرًا بالفعل، لذا كان القصر لا يزال يغفو في هدوئه العميق.
استيقظ كلود بعد أن غفى، وعيناه تبحثان عن ليتي فورًا، يريد الاطمئنان عليها، لكن ما رآه جعله يصطدم بالدهشة.
مكان تلك الثعلبة الصغيرة، بفروها الزهري الفاتح وأذنيها الكبيرتين، كان هناك امرأة جميلة، شعرها وردي، ووجهها مسترخي على وسادة بيضاء فاتحة. كانت جميلة بشكل يقطع الأنفاس، وكأن كل تفاصيلها صنعت لتأسر قلب كل من ينظر إليها.
تراجع كلود من الصدمة وتنفس بعنف. لم يكن يصدق عينيه، كانت هناك امرأة تنام مكان ليتي، وفجأة، في لحظة استيعاب، اقترب بحذر وهدوء، كأن وحشًا يقترب من فخ نصبه صياد محترف.
تأملها للحظة، ولم يستطع إنكار الحقيقة: كانت ليتي فعلاً. كانت ملامح وجهها ورائحتها هي نفسها
قفز قلبه من شدّة الحماس، وظهرت الخطوط الحمراء على أذنيه، خجلًا . مد يده فمسك شعرها وبدأ بتدويره برفق حول أصابعه كان شعرها ناعما جدا، ثم انتقلت يده إلى وجهها النائم.
كان يبدو لطيفًا بشكل قاسٍ، في لحظة بين الحنان والسيطرة. خدها الورديان كانا كحلوى القطن، رموشها الطويلة تزين عينيها، جبهتها الصغيرة المستديرة، وشفتاها بلون الكرز. كل هذه التفاصيل جعلته يشعر بجوع غريب، جوع لرؤية ليتي، لجمالها ولطفها الذي لا يصدق.
وعندما استوعب كلود أن شعوره قد بدأ يزداد خطورة، ابتعد عن ليتي وذهب لغسل وجهه.
وقف أمام المرآة، وبدأ يحذر نفسه:
> “أيها الأحمق… عليك أن تصبر. تصرفاتك الحمقاء لن تسبب إلا الخوف لليتي… عليك أن تنتظر قليلًا. قليلا فقط “
وقف كلود يهدئ نفسه لحوالي خمسة عشر دقيقة تقريبًا، ثم عاد أخيرًا إلى الغرفة. لم يستطع الانتظار أكثر لرؤية وجهها الجميل النائم.
لكن ما رآه جعله يتوقف عن التنفس لوهلة: كان السرير فارغًا، خاليًا من ثعلبته الصغيرة. خزانة ملابسه كانت مبعثرة بشكل وحشي، أُغراضه متناثرة على الأرض، وكأن عاصفة عابرة مرت من هنا.
فكر كلود، عيناه تضيقان: من يجرؤ على فعل هذا؟
ثم ارتسمت ابتسامة خبيثة على وجهه، صغيرة، مرحة ومليئة بالمكر:
> “يبدو أن ثعلبتي تريد لعب الغميضة…”
ازدادت ابتسامته، وتسلل شعور بالمرح إلى قلبه، قبل أن يخرج من الغرفة، تاركًا الفوضى كما هي، وكأن كل شيء جزء من اللعبة الصغيرة التي يحب أن يشاركها معها.
~~~~~~
ان شاء الله الفصول نالت اعجابكم 💕
غدا راح تكون اكو فصول ايضا 😊
اكيد تتسائلون عن السبب 🤭
ببساطة اليوم استلمت احلى خبر بحياتي 🥹
نجحت من السادس الاعدادي او مثل ماتسميه بعض الدول ثالث ثانوي 😭😎
افصل غدا راح تكون حلاوت نجاحي 😁
كاتبتكم الرائعة صارت مهندسة 😻
ان شاء الله فرحت النجاح هذه ربي يرزقها لكل من يتمناها ويسعالها
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات