كانت العربة متوقفة وسط الغابة، أشعة الشمس تتسلل من بين أغصان الأشجار العالية، ترسم ظلالاً متكسّرة على الأرض المكسوّة بالعشب. الفرسان يتهيأون للتخييم؛ بعضهم يثبّت الأوتاد، وآخرون يفرغون المؤن من ظهور الخيل. أصواتهم الخافتة تختلط مع همس الريح، بينما كان الخدم ينحنون فوق القدور الصغيرة يحضّرون الطعام للغداء. كان الوقت ظهراً، والجو يحمل رائحة تراب رطب وأعشاب برّية.
في الداخل، كان كلود يجلس على المقعد المخملي العريض، ظهره مستند إلى حافة النافذة الصغيرة، وذراعاه تحيطان بثعلبته الصغيرة – ليتي
كانت ليتي تفكر في نفسها، شفتيها مطبقتين وعيناها نصف مغمضتين: لم أفعل شيئًا خاطئًا… لماذا يجب ان اعاقب
مدّت يدها الصغيرة، تلمس كمّ معطفه الداكن، مخالبها تتعلق به كما لو كانت تخشى الانزلاق بعيدًا. نظرت إليه بعينين غارقتين بالحزن، عيناها تلمعان بوميض من الرجاء.
‘ ارجوك لاتعاقبني ، لم ارد ان ننفصل هكذا ‘
كلود، رغم قسوته الظاهرة، شعر بانقباض خفيف في قلبه. حاول أن يبقى متماسكًا، أن يُبقي صوته باردًا.
قال بصوت منخفض:
– ما الأمر يا ليتي؟ ما الذي يدور في بالكِ؟
رفعت رأسها قليلاً، أذناها تتحركان بخجل، ذيلها يرتجف حركة صغيرة. لم تتكلم، بل حركت كفها ببطء، كما لو كانت ترسم كلمات في الهواء، ثم التصقت به أكثر، أنفها يلامس صدره، تهمس بحركاتها أن كل ما تريده هو ألا تنفصل عنه.
ابتسم كلود بزاوية شفتيه من غير أن يشعر، يراقب حركاتها الدقيقة؛ كم بدت لطيفة، طفولية، ومع ذلك صادقة.
ثم كمن استوعب امرا
– هل… هل لم ترغبي بان اتركك ؟ – سأل وهو يميل نحوها، عينيه تبحثان عن الإجابة.
هزّت رأسها ببطء،و لمعة صغيرة في عينيها. شعور خفي بالخجل اجتاحه، فمدد جسده على المقعد الخلفي للعربة، وسحبها إلى صدره دفعة واحدة.
تسارعت أنفاس ليتي للحظة، أحست بحرارته وملمس قماشه، حاولت رفع رأسها لترى وجهه، لكنه أحاطها بذراعيه أكثر، يقبض عليها وكأنما يريد أن يحفظها في مكانها، بعيدًا عن العالم الخارجي
أغمض عينيه وألصق ذقنه بفروها الناعم، وترك لنفسه لحظة استسلام نادرة. الغابة في الخارج، ضجيج الفرسان، كل شيء ابتعد. لم يبقَ سوى دفء صغير في حضنه، ورغبة غامرة في ألّا يتركها أبدًا.
~~~~~~
كانت الفتاة ذات الشعر الأبيض تجلس على حافة النافذة، شعرها الطويل ينسدل مثل خيوط ضوء القمر فوق كتفيها. عيناها الخضراوان تعكسان الضوء الصباحي بلون زمردي عميق، بشرتها الفاتحة تكاد تتوهج تحت وهج الشمس الناعمة، وأنفها الصغير وخدّاها المحمرّان يضيفان ملامح طفولية لطيفة لوجهٍ يخطف الأنفاس. النسيم الصباحي يمرّ بين ستائر الحرير الثقيلة، يحرك أطرافها برفق، بينما العصافير تنشد ألحانًا قصيرة خارج النافذة. الجو دافئ، لكنه يملك برودة خفيفة تشبه يقظة حلم.
الغرفة التي جلست فيها كانت فاخرة إلى حد الإبهار؛ جدران عالية مكسوة بأقمشة مخملية بلون الكريستال الأزرق، أعمدة رخامية دقيقة النقش، سجادة فارسية تتماوج بألوان داكنة تحت قدميها، وأثاث من خشب داكن محفور بحرفية عالية. مرآة ذهبية ضخمة تملأ الجدار المقابل، تحبس انعكاسها كلوحة ساكنة. كل شيء في الغرفة كان يوحي بترف متوارث، وبقليل من البرودة الرسمية التي تخفي ما هو أعمق من المظاهر.
وفجأة انفتح الباب بهدوء، ودخلت الخادمة تنحني بانضباط:
– سيدتي… جلالته يستدعيكِ.
أغمضت الفتاة عينيها للحظة، ثم نهضت بهدوء، ثوب نومها الحريري ينزلق عن كتفيها كهمسة، لتقف أمام المرآة. بمساعدة الخادمة ارتدت فستانًا رسميًا بلون عاجي تتخلله خيوط ذهبية رفيعة، كأنه جلد ثانٍ يليق بمقام من يستدعيها. حين انتهت، خرجت من الغرفة بخطوات صامتة، كل حركة محسوبة كما لو كانت تسير على خيط مشدود.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 18"