Chapters
Comments
- 2 - المناوبة ليلية -2- منذ يومين
- 1 - المناوبة ليلية -1- منذ يومين
كانت الساعة تشير إلى السابعة مساءً.
رغم أنه وقت متأخر، إلا أنّ المستشفى كان يعجّ بأصوات متداخلة؛ حركة الأطباء المسرعين لإسعاف مرضاهم، وصفير الأجهزة الطبية التي ترنّ بلا توقف.
وفي إحدى زواياه كان المشهد مختلفًا، إذ جلس أشخاص يترقبون مصير أحبّتهم أو فردًا منهم. وجوه متوترة، عيون قلقة، وأنفاس محبوسة نحو ذلك الباب المعدني. بالنسبة لآخرين هو مجرد باب عادي، لكنه بالنسبة إليهم كان أشبه بقرار مصيري.
بين أولئك الأشخاص، جلست امرأة مسنّة تقارب الستين من عمرها، على مقعد مغطى بجلد أزرق.
كانت غارقة في صمتها، كأنها معزولة عمّا حولها. لم تنتبه لأسئلة الممرضين عن حالتها، ولا لنظراتهم التي تكشف شحوب وجهها، ولا حتى لارتجاف يديها المجعدتين اللتين أنهكهما الزمن.
كل كيانها كان عالقًا خلف ذلك الباب، حيث يرقد ابنها على سرير بارد، يصارع بين الحياة والموت.
صدره مفتوح، ووضعه غير مستقر، جعل الأطباء في حالة توتر وخوف. الوضع كان خطيرًا، إلا عند شخص واحد: الطبيبة جوليا.
عرفها الجميع بمعجزاتها، ورغم قلقهم تابعت عملها بتركيز ودقة، متجاهلة العرق المنساب على جبينها.
كان كل همّها هدفًا واحدًا: إنقاذ ذلك القلب الذي بين يديها.
ترددت في داخلها كلمات تذكّرها بوعد قطعته، وعدٌ لا مجال للتخلي عنه.
راقبها الجميع بدهشة. دقتها في مثل هذه اللحظات بدت أقرب إلى حلم. ورغم وضوح التوتر في عينيها، ظلّت ثابتة.
أخرجت يديها بحذر، وأغمضت جفنيها لوهلة، ثم همست بصوت متردد:
“انزعوا القلب الاصطناعي.”
فعل الممرض المسؤول ما طلبت، وعمّ صمتٌ ثقيل لثانية واحدة شعر الجميع بطولها.
ثم تسلل إلى الغرفة صوتٌ ضعيف… دقات قلبه.
تنهدت جوليا بعمق، كأنها أفرغت خوفها دفعة واحدة، لتحل الراحة مكانه.
كانت نسبة نجاح العملية ضعيفة، لكنها أصرت على إجرائها. ابتسمت تحت كمامتها، وما إن سمع الجميع صوت نبض المريض حتى دوّى التصفيق في كل زاوية.
قالت بصوت دافئ ممزوج بالارتياح:
“بفضل جهودكم… نجحت العملية.”
طلبت منهم إكمال إغلاق الجرح، وغادرت الغرفة. نزعت قفازيها الملطخين بالدماء وألقتهما في السلة القريبة، ثم تخلت عن ملابس العمليات.
غسلت يديها وجففتهما، وسارت في الممر الطويل الذي بدا أطول من العادة. عند الباب دفعتْه ببطء.
رمقت المكان بعينيها حتى وقعتا على المرأة المسنّة، كانت تدعو بحرقة. اقتربت منها جوليا، فأحسّت العجوز بشيء دافئ بجانبها، ولما التفتت اجتاحها شعور بالخوف الممزوج بالترقب.
أمسكت جوليا بيديها الباردتين، وقالت بكلمات رقيقة واثقة:
“كما وعدتكِ… ابنك لن يتركك.”
تراكمت الدموع في عيني العجوز المرهقتين، فطمأنتها جوليا، ثم أوصت الممرضات بالاعتناء بها وإيصالها إلى غرفة ابنها بعد نقله.
ألقت عليها تحية وداع وانصرفت.
…
التعب كان يثقل كتفيها، والإرهاق يحتضنها. لم تشعر بخطواتها حتى وصلت إلى غرفة الاستراحة الخاصة بالأطباء. فتحت الباب ودخلت، ثم ارتمت على الأريكة لتغفو سريعًا.
لكنها لم تدخل عالم الأحلام بعد، إذ أيقظها شيء بارد يلمس وجهها. فتحت عينيها بإرهاق، لتجد أمامها صديقتها “إيما” تبتسم بمكر، وفي يدها أحمر شفاه.
قالت جوليا متأففة:
“إيما، متى ستصبحين عاقلة؟”
ضحكت إيما حتى كادت تبكي:
“جوليا… لقد أصبحتِ كمهرجة سيرك!”
أخرجت مرآة صغيرة من جيب مئزرها، ووجهتها لوجه جوليا. رأت الأخيرة انعكاسها كلوحة فنية بلون واحد.
تنهّدت وعدّلت جلستها، ثم التقطت منديلاً مبللاً ومسحت وجهها بغضب:
“أتعلمين يا جوليا؟ حين تكون غاضبة تصبحي مرعبة، لكن هذه المرة… أنتي مضحكة!”
رمت المنديل في السلة، بينما إيما لا تزال تضحك حتى دمعت عيناها.
قالت جوليا بحدة، وإن كانت ابتسامة صغيرة تشق وجهها:
“أنتِ لا تتغيرين إطلاقًا… كم أنتِ مشاغبة يا إيما.”
جلست إيما أمامها، وبعد أن التقطت أنفاسها قالت:
“جوليا، أنتِ بارعة ورشيقة، وحتى حظك فاتن.”
رفعت جوليا حاجبيها وقالت:
“أكره المقدمات. ادخلي في صلب الموضوع.”
تنحنحت إيما وضحكت:
“حسنًا… تم وضعكِ في مناوبة ليلية اليوم.”
تحول وجه جوليا من الإرهاق إلى الصدمة. أخرجت هاتفها، بحثت في جدول عملها، ثم قالت:
“لكن المناوبة بعد غد! من أين جئتِ بهذا؟”
أجابت إيما بثقة:
“لم تري القائمة المعلّقة اليوم. أتيتِ مباشرة إلى هنا، لذلك فاتك الأمر. لقد تم تغييرها بسبب جيمس لقد اخدة عطلة ليومين فهو مريض “
تنهدت جوليا وقد بدا الغضب على ملامحها:
“فهمت… إذًا دعيني أرتاح قبل أن يبدأ عمل شاق آخر.”
وقفت من مكانها بينما جمعت شعرها البني المموّج، واتجهت إلى خزانتها لتخرج حقيبتها، بينما جلست إيما على الأريكة المقابلة تضع بعض مساحيق التجميل.
سألتها جوليا بإرهاق:
“كم عملية أجريتِ اليوم؟ لِمَ لا يبدو عليكِ التعب؟”
ابتسمت إيما:
“أنا جراحة أمعاء، لا جراحة قلب مثلك. أجريت عملية واحدة فقط، وكانت سهلة.”
حاولت جوليا إغلاق عينيها، لكن صوت إيما ظل يلاحقها:
“اليوم يوم حظ سعيد! سمعت هذا في إذاعة الصباح. صدقًا، منذ سمعتها اتصل خطيبي ودعاني للعشاء. ربما ستحظين أنتِ أيضًا بحظ سعيد!”
تنهّدت جوليا وأدارت وجهها مبتسمة، محاولة إسكاتها، لكن إيما تابعت جتى جعلتها تسد ادنيها براحتي يدها
“جوليا… أنتِ مميزة و مثالية حقًا. شعرك الحريري و بلونه بني مصفر الفريد ، عيناك الرماديتان النادرتان، بشرتك الناعمة… وحتى قوامك المثالي. مع كل هذا الجمال لم تواعدي أحدًا، ولم تحبي أي رجل…”
قاطعتها جوليا بانزعاج:
“إيما، لكل فتاة جمالها الخاص، ولكل شخص ذوق مختلف. أما عن المواعدة، فأنا أكرهها، وليس لدي وقت لمثل هذه الترهات. لقد صدّعتِ رأسي!”
ضحكت إيما ثم نهضت، جمعت أشياءها وبدّلت ملابسها، قبل أن تودّعها بلباقة:
“لا تقلقي…
ستجدين نصيبك. فهو يوم حظ”
غادرت الغرفة، وأخيرًا استطاعت جوليا أن تستسلم لراحة صامتة.
_____
السلام عليكم
ما رئيكم بها فهذه اول رواية لي
عذرا عن اخطائي في كتابة و اتمنى ان تنال اعجابكم
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات