—

**الفصل الأول: الصقيع**

كانت السماء ملبدة بغيوم رمادية داكنة، تتسلل أشعة الشمس من بينها بخجل، ترسم على الأرض لوحات متقطعة من الضوء والظل.

على ذلك التل الأخضر، جلست **آريا** وحدها، ترتل بصوت رقيق:

**”نم يا صغير… نم، كي تعيش غدًا…”**

كلمات خرجت منها وكأنها صدى لذكرى بعيدة، ترتعد في قلبها كما ترتعد أوراق الشجر مع أولى نسائم الشتاء.

شعرها الأبيض الطويل انساب على ظهرها كخيوط ثلجية، يتحرك برفق تحت أنامل الريح، وعيناها الزرقاوان كانتا معلّقتين بالسماء، تبحثان عن شيء… أو شخص.

كل شيء كان هادئًا.

أشجار الصنوبر تهمس بلطف.

العشب يتمايل.

العصافير تغني ألحان المساء البارد.

ثم…

**قطرة.**

بلّلت طرف خدها.

**قطرة ثانية.**

سقطت على كفها المفتوحة.

نظرت آريا للأعلى. السحب بدأت تتكاثف.

**”أه… المطر؟”** همست، كأنها تخشى كسر سكون الطبيعة بكلماتها.

لكن لم يكن المطر وحده من اقترب.

فجأة…

**ظلٌ مرّ بجانبها بسرعة مريبة.**

كأن الريح نفسها انقسمت نصفين.

استدارت بسرعة، قلبها ينبض بشيء يشبه الخوف.

**”كاناي؟!”**

ظهرت أختها الأصغر، تركض، تتنفس بصعوبة، شعرها الطويل متناثر عيناها متسعتان 

**”آريا! إنه قادم! القمر العلوي الثاني!”**

جمُدت الكلمات في الهواء.

.

**”من؟!”**

**”أكازا…! كاناو تقاتله وحدها لن تصمد طويلا “**

قالتها وهي تتعثر، تحاول التقاط أنفاسها.

كان هناك شيء في صوتها جعل آريا تشعر بقشعريرة تسري في عمودها الفقري.

ثم…

صوت عميق، قاتم، يُشبه حفيف الثلج عندما يُسحق تحت الأقدام:

> **”كم هذا مؤسف…”**

برز الصوت من بين الأشجار، كأن الغابة نفسها لفظته.

خرج منها كيان طويل، قوي، جسد مغطى بعلامات حمراء داكنة، وعينان لا تحملان شيئًا من الرحمة.

**أكازا.**

وقف هناك، غير مبالٍ بالمطر، أو بالخطر.

ابتسامته تنزف دمًا.

عينيه تتأملان آريا كما لو كانت وجبة أخرى في مائدة طويلة من الموتى.

**”أوه… أظنني بالغت قليلًا مع تلك الصغيرة… كانت ممتعة.”**

اتسعت عينا آريا.

شيء في صدرها انكسر.

**”كاناو؟! لا…!”**

دون أن تتردد، أخرجت سيفها.

المعدن البارد لمع تحت وميض البرق.

**”سأجعلك تدفع الثمن.”**

لكن أكازا لم يترك لها وقتًا.

اندفع كالرعد، قبضته موجهة نحو وجهها.

آريا رفعت سيفها.

**صوت التصادم كان كفلق صخر.**

الهواء اهتز.

الأشجار ارتجّت.

الطيور هربت.

تراجعت آريا، تثبت قدميها على الأرض الموحلة، شعرها المبلل يلتصق بوجهها، وعيناها تشتعلان.

هو كان قويًا… لكن ليست وحدها التي خاضت الحروب.

**”لن تكون هذه معركة سريعة.”** قالت.

أكازا ضحك، ثم بدأ الدوران حولها كصياد ماهر.

**”لديّ وقت. أريد أن أرى إلى أي مدى يمكنك الصمود.”**

المطر اشتد.

كان يُغرق أوراق الأشجار، ويسيل على وجوههم، لكنه لم يطفئ نار الغضب التي كانت تتصاعد في صدر آريا.

أكازا دار حولها بخفة لا تناسب جسده القوي، كل خطوة منه تُحدث تموّجًا في الهواء.

آريا ثبتت قدميها، ركّزت سمعها وبصرها، تراقب… تنتظر.

**ثم… هجم.**

قبضة موجهة نحو صدرها —

قفزت للخلف.

ركلة نحو جانبها —

انزلقت تحتها كريشة في مهب الريح.

لكنّه لم يكن شيطانًا عاديًا.

**سرعته لا تُصدّق.**

كل ضربة كانت تهدف للقتل.

كل حركة كانت مميتة.

آريا اعتمدت على خفتها.

خطوة هنا، قفزة هناك.

تتفادى بصعوبة، وتصد بصعوبة أكبر.

تشقلبت في الهواء، سيفها يلمع ببريق أزرق، وصرخت:

> **”الهيئة الثانية: نسمات الجليد!”**

من حولها، بدأ الثلج يتكثف رغم حرارة المعركة.

هالة باردة نشأت من قدميها، وانتشرت في الدائرة المحيطة بها.

كل خطوة منها كانت تترك أثرًا من الجليد على الأرض.

انقضّت نحو أكازا.

ضربة سريعة من فوق!

ثم حركة دائرية خاطفة.

أصابته في كتفه، جرحٌ رفيع، بارد.

لكنه فقط… نظر إليها، وابتسم.

> **”جميلة… و آيضا بلا فائدة.”**

ضربها بمرفقه 

ارتطم جسدها بجذع شجرة.

أصدرت شهقة، لكن لم تسقط.

تدحرجت على العشب المبتل، ووقفت، تتنفس بصعوبة، تمسك جنبها المتألم.

**”إنه… أقوى مما توقعت.”** فكّرت، وهي تنظر إلى الدم الذي بدأ يتسرب من طرف فمها.

أكازا اقترب.

> **”تنهارين سريعًا… توقعت أكثر من ذلك.”**

لكن آريا لم ترد.

بل أغمضت عينيها، وبدأت تتنفس ببطء، بعمق…

نفس بارد يخرج منها كضباب.

> **”تنفس الجليد… الهيئة الرابعة: السبع الحركات رقصه الثلج المتاكمله !”**

انفجر الهواء حولها.

ثلوج دائرية تهاجم من كل اتجاه، تتراقص كأنها شفرات زجاجية.

أكازا تراجع قليلًا، يداه بدأت تتجمدان في الأطراف، لكن…

> **”هذا أفضل… أبدأ بالشعور بالإثارة!”**

> صرخ، وبدأ يتحرك رغم الجليد، كأن الجسد الشيطاني داخله يرفض أن يُقيد.

انقض مجددًا.

لكماته كانت أسرع، أثقل، أشرس.

آريا حاولت التراجع، لكن واحدة من ضرباته أصابت جانبها —

شهقت.

ركبة على الأرض.

الدم يمتزج بالمطر.

من خلف صخرة قريبة، ارتجف صوت مألوف:

> **”آريا!”**

التفتت آريا، رأت **كاناي** تخرج من مخبئها، تمسك بيدها وهي مصابة.

عينا آريا امتلأتا بالدموع.

> **”أنت بخير…”**

> همست.

لكن تلك اللحظة، تلك النظرة…

كلفتها أغلى شيء.

في غفلة منها، اندفع أكازا، و—

**اخترق قبضته صدرها.**

العالم توقف.

قطرات المطر تجمّدت في الهواء.

الوقت انحنى.

نبضات الحياة تراجعت.

لكن آريا… لم تسقط.

بقيت واقفة، جسدها يرتعش، والدم يتدفق منها، عيناها تحدقان في عينيه مباشرة.

ثم، ببطء، ابتسمت.

> **”هذا… ما كنت أحتاجه.”**

في اللحظة التالية،

خلف أكازا، كانت **كاناي** قد اقتربت، بصمت قاتل، وطعنت رقبته بإبرة مغطاة بسمّ قاتل للشياطين.

صرخ.

عيناه اتسعتا. 

 **”ما… هذا؟!”**

بدأ جسده يتشنج.

علاماته الحمراء تخفت.

قوته تتراجع.

لكن آريا كانت تنهار.

سقطت على ركبتيها، ثم بين ذراعي كاناي.

**”أختي  لا أرجوك لا تذهبي!”**

مسحت آريا على وجه أختها الصغير، ابتسامة مؤلمة على شفتيها.

 **”لا تبكي…”**

 **”لن يؤثر هذا كثيرًا على أكازا، لكن… سيؤخره حتى رحيل المطر، وظهور الشمس… اهربي يا كاناي… وأخبري الجميع.”**

عيناها بدأت تخفت.

 **” كنت أعلم… أن هذا اليوم سيأتي…”**

ثم همست آخر كلماتها:

**” لا تنسي  سأكون .. دائمًا… بجانبك…”**

وسقطت يدها.

وتجمّدت ابتسامتها الأخيرة في ملامحها… كأنها نُقشت على وجه ملاك نائم.

كان كل شيء… ساكنًا.

لا ريح.

لا صوت.

لا ألم حتى.

فقط… ظلام.

سقط جسد آريا في فراغٍ لا نهايه له.

الثلج لم يعد بارداً…

بل صار جزءًا منها.

حاولت فتح عينيها  لا شيء.

الصمت كان خانقًا، يضغط على صدرها مثل صخرة.

“هل… انتهى كل شيء؟”

سؤال همست به، دون أن تتأكد إن كانت شفتاها قد تحركتا.

“استيقظي… لم يحن الوقت بعد.”

شهقة.

انفتح جفنها ببطء، فغطّى الضوء عينيها 

ضوء صغير، خافت، لكنه يشع في هذا الظلام كنجمة وحيدة.

نظرت حولها… .

فقط هي لا أحد هنا .

ركضت.

رغم التعب. رغم ثقل خطواتها.

ركضت كمن يركض نحو الحياة.

أقدامها لا تلامس الأرض، أو كأنها تطفو فوق ظلِ ظلّها.

أنفاسها تتسارع، قلبها يخفق…

لكن النور لا يقترب.

بل هي التي كانت تقترب منه، ببطء.

أخيرًا، بعد ما بدا وكأنه ساعات، أو ربما لحظة واحدة طويلة… وصلت 

نورٌ دافئ…

ريحٌ خفيفة…

صوت عصافير…

شعرت بشيء ما و كأنها لم ترى الشمس منذ أعوام !! 

سقطت حينها لقد تعبت حقا .

” فل نأخذ قسطا من الراحه ” 

 بعد مده شعرت بحركه حولها و صوت يقول 

**” إنقلوها إلى قصر الفراشات و عالجوها “**

نهايه الفصل 

____________

الكاتبه : المحققه كونانه وتحريتها الجلطه  

مساعده : أسطوره ناروتوا