كان سيد القصر يتفحّص الغرفة بنظرات فاحصة عندما توجه إليه بَاركاس الذي كان واقفًا عند الباب،
خلع بَاركاس معطفه وعلقه قرب المدفأة ثم قال بنبرة رسمية
“سأكون ممتنًا لو جلبتم لي ماءً للاستحمام ونبيذًا ساخنًا”
أجاب الرجل بانحناءة خفيفة
“سأحضره فورًا يا سيدي”
وما إن خرج الرجل حتى جلست تاليا منهكة على كرسي تغطيه وسائد من المخمل ،كانت قد أمضت صباحها في التجول بين مدن وقرى وقد بلغ منها التعب مبلغه وأخذت تتظاهر بإصلاح أطراف تنورتها المبتلة بينما كانت تفرك ركبتيها المؤلمتين
رأى بَاركاس ذلك بطرف عينه وتنهد قائلًا
“سأستدعي لك معالجًا يجب أن تأخذي قسطًا من الراحة اليوم”
قطبت تاليا حاجبيها وقالت
“وأنت؟ ماذا عنك؟”
“سأعقد اجتماعًا مع سيد القصر قد أتأخر فلا تنتظريني”
قالت بنبرة حادة
“وكأنها المرة الأولى”
لم تره ينام في السرير ولو لمرة واحدة رغم أنهما كانا يشتركان بالغرفة منذ أيام ،
كان بَاركاس يعمل حتى الفجر أو يقضي الليل في التفاوض مع زعماء محليين،
أصبحت تاليا تشعر بأن توترها منه لم يكن له داعٍ وحدقت فيه وهي تعض شفتها ثم ألقت بجسدها على السرير
“سأرتاح بطريقتي فافعل ما تشاء”
نظر إليها بصمت ثم غادر الغرفة بهدوء، بعد قليل دخل الخدم يحملون حوضًا خشبيًا مملوءًا بالماء الساخن وصينية من الفاكهة والنبيذ
استدعت تاليا مربيتها لتساعدها في الاستحمام ،ثم أكلت بعض الفاكهة المغموسة بالعسل وشربت قليلًا من النبيذ، وقبل أن تطلب من المعالج إشعال أعشاب النوم سمعت ضحكات صاخبة من الخارج بدا أن الفرسان يقيمون سهرة ثم قطبت تاليا حاجبيها لكن ما أثار قلقها كان ضحكة أنثوية عالية وسط الصخب
أسرعت إلى إيقاظ مربيتها النائمة أمام المدفأة
“هل لسيد القلعه بنات؟”
أجابت المربية بدهشة
“كيف لي أن أعلم؟”
صاحت تاليا بنفاد صبر
“أما سمعتِ شيئًا من الخدم؟”
“لم أسمع شيئًا لقد أُحضرت إليكِ مباشرة”
تنهدت المربية بعمق
“هل يمكنني الآن أن أعود لغرفتي؟ أنا متعبة”
كانت تاليا على وشك طردها لكنها ترددت عندما رأت علامات التعب الشديد على وجهها شعرت بوخز من الضمير وأومأت برأسها ببطء
“حسنًا يمكنكِ الذهاب”
ما إن خرجت حتى خرجت تاليا إلى الردهة ،
وازداد الضجيج وضوحًا كلما اقتربت على الرغم من يقينها بأن بَاركاس لا يمكن أن يرتكب حماقة إلا أن القلق كان ينهش أحشاءها
عبرت الممر ونزلت الدرج لتصل إلى قاعة تكتظ بالرجال والنساء في جلسات ضاحكة وتأملت وجوه الرجال بحدة فوجدتهم فرسان عائله شيركان رأت أحدهم يهمس في أذن خادمة ممشوقة فضحكت هذه واحمر وجهها
عبرت القاعة بخطى سريعة والاشمئزاز بادٍ على وجهها في الداخل ، كان معاونو بَاركاس يجلسون حول مائدة مليئة بالطعام والشراب يتلقون الضيافة من نساء شبه عاريات
ولم يمنحها فرصة للاعتراض بل أمسك بمرفقها وانتزعت يدها بعنف
“قلت لا تلمسني!”
ارتسمت على وجهه علامات الدهشة لكنها مضت في طريقها دون أن تلتفت إليه بينما كانت تصعد الدرج من جديد ،بدأت ساقاها بالارتعاش من شدة التعب لا بد من استدعاء المعالج فورًا
ثم عبرت الممر وهي تربت على عضلاتها المرتجفة لكنها توقفت عندما سمعت أنينًا غريبًا ونظرت نحو مصدر الصوت فـ رأت ظل شخصين يتعانقان في نهاية الرواق
بعد ثوانٍ أدركت أنهما رجل وامرأة في وضع مخل وشعرت بالغثيان وبينما كانت تنسحب التقت عيناها بعيني الشاب الذي كان يقبّل الخادمة شهقت بدهشة كان لوكاس شقيق بَاركاس الأصغر!
تراجعت بسرعة لكنها تعثرت وسقطت أرضًا
وشعرت بألم حاد في جسدها
“سيدتي!”
ركض لوكاس نحوها لكن تاليا صرخت
“لا تلمسني!”
تراجع بخوف وقفت تاليا بمساعدة الحائط تتألم مع كل خطوة فتمتم لوكاس بشيئ أثار غضبها
“هل أنتي منزعجة من الذي رأيته؟ أقسم أنني لم أبدأ هي من بادرت!”
صرخت عليه
“ومن سألك؟ لماذا تدنس أذني بكلماتك المقززة؟”
احمر وجهه غضبًا وقال
“كل هذا من أجل قبلة ؟ أنتِ تفعلين ما هو أكثر مع أخي كل ليلة أليس كذلك؟”
مدت يدها لتصفعه لكنه أمسك بيدها سريعًا وصرخ
“كفى! لن أبقى صامتًا للأبد! إذا ضربتيني مجددًا فـ سأرد!”
لكن ظهرت على وجهه علامات الارتباك وتمتم بدهشة
“لا يعقل… لم تفعلا شيئًا حتى الآن؟”
وقبل أن يكمل ركلته تاليا في ساقه ثم جلست فوقه وبدأت تضربه بلا رحمة ثم أمسكت لسانه بإصبعها وكأنها تحاول اقتلاعه واحمر وجهه وصرخ فـ دفعها بقوة وصرخ
“لهذا أخي لا يقترب منكِ! ربما لا يزال يحنّ لخطيبته السابقة لا يريدكِ لأنكِ…”
لم ترغب بسماع المزيد وغرزت ظفرها الطويل في شفتيه النجستين ثم أمسكت لسانه بأصابعها لتمنعه من التفوه بأي كلمة أخرى ووجهه أصبح أحمر من الغضب والخزي
التعليقات لهذا الفصل " 96"