“خلال الجولات، قد نركب الخيل أحيانًا، لكنني أنوي استخدام العربة معكِ قدر الإمكان.”
ابتلعت تاليا ريقها بصعوبة.
“إذن، مكان الإقامة…”
“سنتشارك مكان الإقامة أيضًا.”
شعرت بقلبها يهوي فجأة.
لم تكن تعلم إن كان ذلك بسبب الخوف، أم بسبب المشاعر التي عذّبتها طوال سنوات طويلة.
كانت تاليا تلوي الزخرفة اليشميّة الملفوفة حول معصمها، وسألت بنبرة قلقة:
“وهل يجب علينا فعل ذلك؟”
لم يجب باركاس بشيء.
فبدأت تاليا تهاجمه بنبرة عدائيّة:
“ألم تكن تعلم ماذا سيقول الناس إذا تزوّجت بي؟ العالم كلّه يعرف تفاصيل زواجنا، فإذا تظاهرنا بأنّنا زوجان سعيدان، ألن يبدو ذلك أكثر سخرية؟”
“ليس من الضروري أن نبدو على وفاق.”
تنفّس باركاس بعمق.
“يكفي أن نبدو كزوجين يمكن أن يكونا معًا.”
نظرت تاليا إليه بذهول، ثم فتحت عينيها على وسعهما مصدومة.
هل العلاقة الزوجيّة التي يتحدّث عنها هي ما تظنّه؟
كانت تحدّق ببلاهة في وجهه الزاهد الذي لا يُظهر ذرّة من الرغبات البشريّة، عندما تابع كلامه بهدوء:
“مهما كانت التفاصيل، فقد أصبحنا زوجين، وأنتِ تعلمين جيّدًا الواجبات التي تلي الزواج بالنسبة لنبيل متزوّج. إذا بدونا كزوجين عاديين، فهذا سيساعدكِ، وكذلك سيُعزّز مكانتي.”
احمرّ وجه تاليا خجلاً. يبدو أنّ “العلاقة الزوجيّة” التي يتحدّث عنها هي بالفعل ما ظنّته.
خرجت كلمات غبيّة من بين شفتيها المرتجفتين:
“إذن، تقصد أنّه يجب أن نبدو كمن يتشاركان الفراش؟”
ظهرت تجعيدة خفيفة عند زاوية عينيه.
كانت تعبيرًا غريبًا، يشبه الضحك والعبوس في آن واحد.
“إذا أردتِ قولها بصراحة.”
عضّت تاليا شفتيها بقوّة وهي تتفحّصه بنظراتها.
كان جسده القويّ المشدود يظهر بوضوح تحت طبقة الحرير الرقيقة اللامعة.
رأت ساقيها النحيفتين تظهران باهتتين تحت حافة تنّورتها الرقيقة.
شعرت بوخز في معدتها.
كانت هذه الندوب التي عبست والدتها عند رؤيتها وكأنّها مقزز.
حتّى المربية التي ربّتها منذ الطفولة لم تستطع إخفاء انزعاجها كلّما غسلت جسدها.
مجرد التفكير في كشف هذا الجسد المشوّه أمامه جعل العرق البارد يتصبّب منها.
مزّقت طرف ثوبها وهي تصيح بنبرة حادّة:
“أنا لا أريد! دع الجميع يتكلّمون كما يحلو لهم. الناس دائمًا يثرثرون حسب أهوائهم. لذلك لديهم أفواه! لماذا يجب أن أهتم بآراء الآخرين وأمثّل هذا المسرح الهزلي…؟”
“تاليا.”
غطّت يد كبيرة ظهر يدها المتيبّس.
انتفضت تاليا ورفعت عينيها إليه.
أمسك باركاس يدها الباردة بقوّة وقال بحزم:
“لستُ أطلب منكِ تمثيل أيّ مسرحيّة.”
“…”
“يكفي أن نظهر للعامّة أنّنا نقضي وقتًا معًا.”
كلمات باركاس بدت أقرب إلى الرجاء منها إلى الأمر.
هذا الشعور أغلق فمها عن الكلمات الرافضة التي تجمّعت في حلقها.
نظرت تاليا بعينين مرتعشتين إلى وجهه الذي يعكس إرهاقًا خفيفًا.
من تصرّفات دوق شييركان، بدا أنّ مكانة باركاس ليست مستقرّة تمامًا.
بينما كانت تاليا محتجزة في غرفة نومها، كان هو يدفع نفسه بلا توقّف لتثبيت مكانته.
فجأة، شعرت بجفاف في فمها.
لو كانت آيلا هنا، لكانت قد شمّرت عن ذراعيها من أجل باركاس.
بقيادتها الفطريّة وهيبتها، كانت ستقدّم له الدعم لتعزيز مكانته.
ولما كان عليه أن يطلب مثل هذا الطلب.
كانا سيقضيان ليلتهما الأولى بشكل طبيعي، ويواصلان علاقتهما الزوجيّة بسلاسة.
عضّت تاليا شفتها السفلى.
بدأت الأفكار المؤذية تتسارع في ذهنها.
كيف كان باركاس ليعامل آيلا؟ إذا كان يعاملها، هي التي كانت تتعامل معه كعدوّ، بلطف، فبالتأكيد كان سيمنح آيلا معاملة أفضل أو على الأقل لا تقلّ عن ذلك.
مثلما كان يحاول لمسها عند كلّ فرصة، ربّما لامس جسد آيلا دون تردّد.
تخيّلت بوضوح باركاس وهو يداعب خدّ آيلا أو أذنيها ويضع ذراعه حول خصرها.
في خيالها، لم يتردّد الاثنان في فعل أكثر من ذلك.
شعرت بقلبها وكأنّه احترق بنار.
سحبت تاليا يدها بعنف من قبضته، ثم أخفت مشاعرها المضطربة وأدارت عينيها نحو النافذة.
“افعل ما تريد.”
ساد صمت ثقيل.
أرادت رؤية تعبيره، لكنّها شعرت بالخوف لسبب ما.
وضعت تاليا مرفقيها على حافة النافذة، متظاهرة بمشاهدة الفرسان.
ثم، مع صوت البوق العالي، بدأت العربة تتحرّك ببطء.
أخرجت تاليا رأسها قليلاً من النافذة.
عندما مرّت العربة عبر بوّابة القلعة، انفتح أمامها سهل شاسع.
هبّت ريح قويّة عبر السهل الذي يلامس السماء.
نظرت تاليا إلى المروج التي تتحوّل إلى اللون الأصفر الترابي، وألقت نظرة جانبيّة عليه.
كان باركاس ينظر إلى الحقول أيضًا.
ألقت أشعة الشمس البيضاء ضوءًا ساطعًا على وجهه.
شعرت بضيق في صدرها بسبب إحساس غريب.
في هذه الأرض الغريبة والجميلة، عليها قضاء الوقت معه.
هل سأتمكّن من حماية الجدار الذي بنيته بعناء؟
*****************
كان لوكاس يلوّح باللجام بجرأة.
كان هذا أوّل ركوب خيل له منذ ما يقرب الأسبوع.
كان تورغان، الذي تُرك مهملًا لأيام، ينفث بقوّة وهو يعبر المروج بنشاط. (تورغان حصان لوكاس)
شعر لوكاس بعضلات الحصان المشدودة تتحرّك تحت فخذيه.
وقف فجأة.
مرّت ريح جافّة تخدش جسده بعنف.
كانت منعشة بشكل مذهل.
“لا تبتعد عن الصف!”
صرخ تايرون وهو يلحق به.
نظر لوكاس إليه بعبوس.
“ما المشكلة في هذا؟”
“لقد حصلت على إذن بالمرافقة بصعوبة بحجّة تعليمك آداب الفرسان! إذا تصرّفت بتهوّر، ماذا سأصبح أنا؟”
ضرب لوكاس لسانه بضيق وهو يشدّ اللجام.
هدّأ الحصان المثار بصعوبة، فخفّف تايرون من سرعته واقترب منه.
“كما قلتُ من قبل، ستخدم كفارس تابع للدوق لفترة. لا تبتعد عن العربة.”
“لا تفهم شيئًا. أفعل هذا كلّه من أجل أخي.”
قال لوكاس بسخرية.
“أخي سيكره وجودي حوله، وتلك المرأة كذلك.”
بعد أن قالها بنبرة حادّة، نظر إلى العربة التي تعبر التلّ ببطء من بعيد.
شعر بوجهه، الذي ضربته تلك المرأة، يحكّه.
خدّه الذي ظلّ منتفخًا أحمرًا لمدّة يومين هدأ أخيرًا.
شخر لوكاس بشفتيه.
“لقد رأيتَ كيف عاملتني تلك المرأة يومها.”
“ورأيتُ أيضًا كيف وضعتَ أنفك على عنقها.”
احمرّ وجه لوكاس وهو يتراجع.
“تقولها وكأنّني منحرف حقًا! كنتُ فقط أشمّ رائحة غريبة!”
“مهما قلتَ، يبدو الأمر منحرفًا.”
هزّ تايرون رأسه.
“كما قال الدوق، كلاكما بحاجة إلى تعلّم آداب النبلاء. بذريعة أنّ الدوق السابق مريض، عشتما بحريّة مفرطة حتّى الآن.”
نظر لوكاس إليه بنظرة غاضبة. شعر بالغيظ من كلامه الذي يميل إلى جانب باركاس.
“لقد وقعتَ تمامًا تحت تأثير أخي.”
لم ينكر تايرون ذلك.
بدا أنّه قبل باركاس كقائد له بالكامل.
لم يكن هذا ينطبق على تايرون فقط.
عبّر الشيوخ المحافظون عن قلقهم من تصرّفات باركاس الجريئة، لكنّ المحاربين الشباب أظهروا تأييدًا حماسيًا.
كان الجميع متعطّشين لقيادة قويّة.
لنكن صرحاء، حتّى لوكاس كان مفتونًا إلى حدّ ما بالقوّة الساحقة التي أظهرها باركاس، لكنّه لم يكن يريد الاعتراف بذلك بسهولة.
“حسنًا، أعترف أنّني كنت وقحًا بعض الشيء. لكن تلك المرأة لم تكن أقلّ منّي! لماذا يجب أن نُعاقب نحن فقط؟”
“إنّها من العائلة الملكيّة.”
قال تايرون بنبرة جافّة.
“والآن أصبحت دوقة أيضًا. لذا، من الأفضل أن تكون حذرًا في كلامك. ألم تسمع ما قاله السير دارين؟”
أشار بأصابعه وكأنّه يقطع رقبته.
“إنّها شخصيّة لا تتردّد في إلقاء الشتائم حتّى أمام دوق شييركان. شخص مثلك قد يُمزّق بالكامل بلسانها الحاد. لذا، من أجل سلام المنطقة الشرقيّة، لا تثر غضبها عبثًا.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 90"