لم تستطع تاليا مواجهة عينيه، فثبّتت نظرها على طرف ذقنه.
ثم اقترب وجه باركاس منها.
شعرت بشفتيه الدافئتين الناعمتين تلمسان زاوية فمها بلطف قبل أن تبتعدا.
كانت قبلة خفيفة كنسمة ريح، مجرد تلامس طفيف يتم بموجب الطقوس.
ذلك التلامس اللحظي، الذي يصعب تسميته قبلة، جعل قلبها يرتجف وكأنه يُقطّع إلى أجزاء صغيرة.
“بهذا تنتهي جميع الطقوس.”
مع إعلان الكاهن الأخير، دوّى صوت تصفيق رسمي.
نظرت تاليا إليه بعيون مرتجفة.
كان وجهه الخالي من التعبير يتفحّصها بهدوء.
ما الذي ينظر إليه بهذه الطريقة؟
باركاس، الذي كان يحدّق بها بنظراته الحادة، استدار فجأة نحو الضيوف.
أخيرًا، أطلقت تاليا نفسًا كانت تكتمه.
احتضن خصرها وسار بين الضيوف.
بين خطواته البطيئة، مرّت وجوه شبحية أمام عينيها.
غاريس الذي يلمع عيناه بنظرات مخيفة، والإمبراطور الذي يبدو مضطربًا، وسينيفيير التي ترتسم على وجهها ابتسامة راضية… ظلال لا حصر لها تتدفق كالنهر، ثم ظهرت سماء مظلمة تمطر أمام عينيها.
“أحضر معطفي.”
توقف باركاس عند مدخل الكنيسة وخاطب أحد الفرسان المنتظرين.
قدّم الفارس على الفور المعطف الذي كان يحمله على ذراعه.
وضع باركاس المعطف على كتفيها، ثم انحنى قليلًا وحملها بذراع واحدة بسهولة.
تشبثت تاليا بعنقه بسرعة لتجنب السقوط.
شعرت برائحة الصابون العطرة تنبعث من شعره الناعم الذي لامس أنفها.
احتضن ظهرها برفق بيده ومشى ببطء تحت المطر.
راقبت تاليا قطرات المطر الفضية اللامعة وهي تغطي وجهه بالبياض، ثم حولت نظرها إلى الحديقة التي تسودها ظلال قاتمة.
“إلى أين نذهب؟”
“لقد أعددتُ مسكنًا مؤقتًا خارج القصر الإمبراطوري.”
ردّ وهو يسير بهدوء.
“سنبقى هناك حتى نغادر إلى الشرق.”
ارتسمت على وجه تاليا نظرة مرتبكة.
هل كان حفل الزفاف ينتهي بهذه الطريقة؟
بالتأكيد، أعدّت سينيفيير مأدبة زفاف باذخة.
ألم يكن القصر بأكمله يضج بالاستعدادات لتزيين قاعة المأدبة وتجهيز الطعام على مدى أيام؟
ربما جاء ضيوف للقاء باركاس.
هل يجوز له التخلّي عن كل ذلك والرحيل هكذا؟
“لقد أدّينا ما علينا. لا داعي للبقاء كعرض للتسلية أكثر من هذا.”
أعادها صوته البارد إلى الواقع.
كان محقًا.
هذا الزواج ليس سوى مادة للنميمة السخيفة.
الأميرة غير الشرعية المعاقة، والعروس المستبدلة، والعريس المسكين الذي تحول في لحظة من شخص يُحسد إلى شخص يُرثى له…
كانت تعرف جيدًا ما سيقال عنهما دون الحاجة إلى سماعه.
لم يكن هناك أي سبب يدفع باركاس لتحمل هذا الإذلال.
حتى الإمبراطور نفسه لا يمكنه إجبار رجل سيصبح سيد الشرق على تقديم مثل هذه التضحية.
توقف باركاس أمام عربة تحمل شعار عائلة شييركان، مرورًا بطريق موحلة.
اقترب الخادم الجالس في مقعد السائق بسرعة وفتح الباب.
صعد باركاس إلى العربة ووضعها على مقعد مبطن بقماش سميك.
نظرت تاليا إلى باركاس، الذي أصبح مبللًا تمامًا في لحظات، بعيون مندهشة.
جلس باركاس مقابلها، وسحب ملابس الزفاف التي كانت تضغط على عنقه، ثم أطلق تنهيدة تعبيرة عن الإرهاق.
تساقطت قطرات الماء من شعره، تنزلق على جبينه المستقيم وتتجمع عند زاوية عينيه.
نظرة جافة، حتى وهي مبللة، امتدت نحوها مباشرة.
“كيف حال ساقيك؟”
ارتجفت شفتا تاليا.
كان اهتمامه الزائد بساقيها يزعجها.
تردد صوت غاريس الساخر في أذنيها، وهو يقول إنها احتلت مكانها بجانبه بساق واحدة.
عضّت الجلد الرقيق داخل فمها.
*أعرف ذلك. أعرف جيدًا. فلماذا تستمر في التذكير؟*
“إنها ملتصقة جيدًا، لذا توقف عن الاهتمام.”
عندما ردّت بنبرة عصبية، ضاقت عيناه قليلًا.
أدارت تاليا رأسها نحو النافذة لتجنب نظرته الحادة.
لكن أصابعه المبللة أجبرت رأسها على الالتفاف نحوه.
“سألت إن كنتِ تشعرين بألم.”
تصلّبت كتفاها للحظة عند سماع نبرته القاسية، ثم دفعت يده بعنف.
“إذا قلتُ إنني بخير، هل سيُشعر ذلك قلبك بالراحة؟”
“…”
“لكن ماذا أفعل؟ منذ ذلك اليوم، لم يمر يوم واحد دون ألم.”
حدّقت في وجهه الذي يشبه القناع، وكأنها ترميه بلسعات النحل.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 68"