أفلت إدريك يده من المفاجأة، فسقطت ساقها المحطمة على الأرض، وتدفق دم داكن. بينما كان يتردد مذهولًا، اقترب باركاس، الذي كان يراقب من بعيد، وأمسك بجذع الأميرة بقوة بذراعيه.
“أوقف النزيف!”
استعاد إدريك رباطة جأشه، وأمسك ساقها بسرعة.
في تلك الأثناء، مزق الساحر عباءته وضغط على الجرح الطويل من فخذها إلى ركبتها. دفنت الأميرة وجهها في صدر السير شييركان، وهي تئن كالوحش، تخدش رقبته بأظافرها الملطخة بالدم.
عندما انتهت الإسعافات الأولية، رفع السير شييركان الأميرة بذراعيه.
مد إدريك يده بسرعة:
“سأحملها. أنت مصاب…”
لكن قبل أن يلمسها، جذب باركاس جسدها نحوه بحركة دفاعية. توقف إدريك متفاجئًا.
عبس باركاس وأشار بذقنه:
“لا داعي. تقدم. لا وقت للتأخير.”
“آسف…”
تمتم إدريك بالاعتذار ورفع المشعل ليضيء الطريق. في هذه الحالة، لن يتمكنوا من صعود المنحدر، لذا كان
عليهم الالتفاف حول الجرف للوصول إلى المخيم.
تحرك في الغابة المظلمة، وألقى نظرة خاطفة على باركاس.
أضاءت الشعلات نصف وجهه، الذي بدا باردًا بل ومللًا. حدّق إدريك فيه، ثم أعاد رأسه إلى الأمام. لم يكن هذا وقت التفكير في نوايا هذا الرجل.
طرد الأفكار من رأسه، وسارع خطواته ليخرج من الغابة الكثيفة.
* * *
شعرت تاليا وكأن ساقها تحترق.
أنّت من الألم الحارق، ورفعت جفونها الثقيلة بصعوبة.
رأت سقفًا مضاءً بنور متذبذب. للحظة، ارتبكت، ثم صرخت بشدة من الألم الذي يخترق عظامها.
“امسكوها، لا تدعوها تتحرك!”
جذبها صوت غريب، فنظرت إلى أسفل لترى رجلاً ممتلئ الجسم في منتصف العمر ينحني فوق ساقها.
كان يضغط على فخذها بيد، ويفتش ركبتها الملطخة بالدم بملقط صغير.
نظرت إليه برعب وحاولت الهرب، لكن شخصًا عند رأسها ضغط على كتفيها بقوة.
“صاحبة السمو! اهدئي!”
هلّت أنفاس تاليا، ونظرت إلى الظل الأسود فوقها. بدا وجهها المرهك مألوفًا. بعد ثوانٍ، أدركت أنها إحدى الخادمات التي عينتها سينيفيير. لكنها لم تشعر بأي راحة.
حدّقت في وجه الخادمة المتجهم وفي الرجل الذي
يعبث بركبتها، ثم مدت يدها وخدشت وجه الخادمة.
صرخت الخادمة وأفلتها. حاولت تاليا الزحف بعيدًا، لكن يدًا قوية أمسكت بمعصمها وثبتته على السرير.
تلوّت تاليا كوحش محاصر:
“أفلت يدي! أفلتها!”
“اهدئي! نحن نعالج جرحك. لا يجب أن تتحركي!”
ضغط الرجل على صدرها بجسده المدرع.
زادت تاليا من تلويها، والألم يمزق جسدها. لكن الخوف من الهرب طغى على كل شيء.
“لا! لا تلمسني!”
“أحضروا مهدئًا!”
صرخ الرجل.
نظرت تاليا إلى وجهه القاسي برعب. كان الفارس الذي بدا دائمًا مرتبكًا يقمعها الآن.
اجتاحها شعور مألوف بالخوف والعجز.
مدت يدها لتخدش وجهه:
“ابتعد! اتركني!”
خرجت شتيمة من فمه عند صراخها.
زادت تاليا من تلويها، لكنه أمسك معصميها بيد واحدة ووضع زجاجة باردة على فمها.
“اشربي. سينتهي كل شيء عندما تستيقظين.”
أغلقت تاليا فمها بإحكام.
لكنه لم يستسلم. ضغط على شفتها السفلى بالزجاجة وتوسل:
“ليس سمًا! إنه دواء لتخفيف الألم أثناء العلاج. من فضلك…”
رغم توسله، ظلت تاليا مصرة.
لا يمكنها الثقة بأحد.
كلهم ينتظرون ضعفها لفعل شيء فظيع.
دفعت الزجاجة بكوعها وحاولت النهوض، لكن ظلًا نحيفًا دخل المخيم فجأة.
عندما رأت وجهه، تصلبت تاليا.
أمسكها باركاس، الذي جلب رائحة المطر معه، بذراعيه كالفخ.
لم تجد وقتًا للهرب. ثبتها من ظهرها وأشار للفارس:
“أحضر الدواء.”
امتثل الفارس فورًا.
تناول باركاس زجاجة جديدة، وفتحها بأسنانه، ووضعها على فمها.
حدّقت تاليا في الزجاجة بعيون مرتجفة، ثم نظرت إلى وجهه الخالي من التعبير.
التعليقات لهذا الفصل " 47"