وقفت تاليا تحدق في المرآة. كان وجه المرأة الذي اعتادت رؤيته منذ مولدها يحدق بها من خلف الزجاج.
لكن، على خلاف ذلك الوجه المألوف، كانت عينا الفتاة في المرآة يغشاهما القلق، وشفاهها يابسة بلا ابتسامة. لا أثر لنظرات الغموض ولا لوميض الإغواء المعتاد.
سألت تاليا، وهي لا تُخفي امتعاضها بينما تستدير نحو مربيتها:
“كيف أبدو؟”
أجابت المربية بابتسامة واسعة:
“كالملاك تماماً، يا مولاتي.”
ثم أردفت وهي تواصل تمشيط خصلات شعرها الحريرية:
“تشبهين السيدة سينيفيير كثيراً، وبهذا الزين، أكاد أرى صورتها حين كانت في الثامنة عشرة.”
تاليا صفعت يد المربية الممتلئة بنفاد صبر. كانت تكره تلك المقارنات الساذجة.
“كفى تمشيطاً، هاتِ لي الفستان.”
تحركت المربية بخطى ثقيلة نحو الصندوق، كما لو كانت جروًا داس على ذيله. رمقتها تاليا بنظرة باردة؛ لم تفهم قط كيف تكون بليدة إلى هذا الحد.
وبينما كانت المربية تبحث داخل الصندوق، أخرجت فستاناً أحمر من الساتان، ونظرت إلى تاليا بحذر:
“انظري! إنه نفس الفستان الذي ارتدته السيدة سينيفيير عندما دخلت القصر لأول مرة. يبدو أنها أرادتك أن ترتديه.”
تاليا تنهدت بملل:
“أتذكرين حتى ما كانت ترتديه أمي منذ قرون؟”
قالت المربية بحماسة طفولية:
“بالطبع! لا يمكن نسيان ذلك اليوم. كانت السيدة سينيفيير تبدو وكأنها لا تنتمي إلى هذا العالم. لقد بكيتُ من فرط جمالها… حتى جلالة الإمبراطور لم يستطع أن يرفع نظره عنها.”
زفرت تاليا بسخرية خافتة. تُرى، هل تتخيل هذه المرأة أن ما حدث بين والدتها والإمبراطور كان قصة حب أسطورية؟
في الواقع، كانت الإمبراطورة الشرعية وقتها حبلى، وزواجها بالإمبراطور مضى عليه ست سنوات. ما حدث لم يكن سوى خيانة فاضحة.
حتى بعد موت الإمبراطورة السابقة، بيرناديت، وزواج سينيفيير الرسمي من الإمبراطور، لم ينسَ أحد ما جرى. ومادامت تاليا موجودة، فلن يُمحى ذلك العار.
انتزعت الفستان من يد مربيتها بنفور:
“كفي ثرثرة وساعديني في ارتدائه.”
“بالطبع، مولاتي.”
وألبستها المربية بلوزة مخملية فاخرة.
نظرت تاليا مرة أخرى في المرآة، ورأت انعكاس أمها.
هل بدأت هي أيضًا تبث تلك الهالة الحسية الغريبة؟ نظرت إلى فتحة الفستان العميقة، حيث بدأت منحنيات جسدها تبرز.
لم تكن هيئة محتشمة، لكنها بلا شك آسرة، لا يمكن لأحد أن ينكر ذلك.
رفعت يدها إلى شفتيها بعفوية، ثم تراجعت في اللحظة الأخيرة خوفًا على زينتها. اليوم، كانت تريد أن تبدو الأجمل. وإن أمكن، أجمل حتى من أمها.
“ليت الجميع ينظر إليّ فقط… وليت ألا أحد يلتفت إلى آيلا…”
في انعكاس عينيها الزرقاوين في المرآة، ارتسمت جوعٌ لا يليق بأميرة. كان بريقًا أشبه ببريق المتسولين في الشوارع.
فجأة، أمسكت تاليا شمعدانًا على الطاولة وضربت به المرآة بكل قوتها. انكسرت الزجاجة إلى شظايا، وتراجعت المربية فزعًا وسقطت على الأرض.
قالت تاليا ببرود وهي ترمي الشمعدان:
“لقد سئمتُ من تلك المرآة. أحضري غيرها.”
نظرت إليها المربية بوجه شاحب، ثم وقفت بتماسك مزيف، ووضعت فوق كتفيها معطفًا فخمًا مبطناً بالفرو، وكأن شيئًا لم يكن.
حدقت تاليا في شظايا المرآة المتناثرة، ثم استدارت فجأة.
في الردهة، كان أحد الحراس، أرسلته أمها، يقف منتصبًا. تجاهلته ونزلت الدرج.
عند بوابة القصر، كان هناك عربة فاخرة يجرها أربعة خيول، وثمانية حراس في انتظارها. يبدو أن سينيفيير لم تكن ترغب في أن تظهر ابنتها بمظهر باهت.
أرادتني أن أزعج خصومها، لا أكثر.
ابتسمت تاليا بسخرية وهي تصعد العربة. اقترب منها حارس شاب جديد، وأغلق الباب قائلاً، وقد خانته مشاعره:
“جلالتك… أنتِ رائعة هذا المساء.”
شعرت تاليا بقشعريرة تسري في جسدها، ليس إعجابًا، بل اشمئزازًا.
نظرت إليه بحدة:
“لا داعي للكلام الفارغ. انطلقوا.”
تراجع الشاب مرتبكًا، وأغلق الباب.
بدأت العربة تسير، فاستندت إلى المقعد، ونظرت من خلف الستائر إلى السماء الحمراء.
ليت الاحتفال الليلة يتلون بهذا اللون. ليت كل شيء يفلت من السيطرة.
لامست شفتيها دون وعي، وعندما لاحظت آثار الصبغة على أظافرها، أنزلت يدها بسرعة.
كانت متوترة، عكس ما يوحي به القصر الرئيسي، الذي تسللت منه أنغام الموسيقى وأضواء الاحتفال.
عندما وصلت، تجهمت ملامحها وهي تتأمل الحديقة المزينة والمسار الممتد إلى قاعة الاحتفال. كان مئات النبلاء في ملابسهم المزخرفة يتوافدون.
تجاهلت الحارس المرافق، وتقدمت بثقة. الناس ابتعدوا عنها تلقائيًا.
كان هذا طبيعيًا؛ القصر موطنها. لم يكن لديها نية للوقوف في طابور كأي ضيف عادي.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"
تسلم ايدك على الترجمة 😘
البطلة واضح مليانة عقد وتحاول تحمي نفسها بشخصيتها هاذي