نظرت تاليا إلى الثوب الذي تحمله بين يديها بعينين باردتين.
“منذ متى تحوّلتِ إلى هذا؟”
[ملاحظات المترجمة مروة: مدري كيف أشرحلكم بس تاليا رمت كلمة قذرة حبتين بس كتوضيح هي قالت للمربية انه من متى صارت من جماعة اللي بجيبوا نسوان مش مناح و فهمكم كفاية🧍🏻♀️🌹]
تجهّم وجه المربية بقبح عند سماع تلك الكلمات الناقدة التي قالتها تاليا بسخرية.
لم تكترث تاليا، بل نزلت من عتبة النافذة وتوجّهت نحو السرير.
لكن المربية لم تتراجع.
“في الحقيقة، لم يُتمّ السيّدان ليلة زفافهما كما ينبغي. هل تعرفين ماذا يعني ذلك؟ يعني أنّه بإمكان سمو الدوق، إذا أراد، أن يطلب إبطال الزواج في أي وقت!”
نظرت تاليا إلى المربية التي تقف أمامها بحدّة، ثم رفعت طرف فستانها الواسع.
خلعت الثوب المبلل بالعرق بسرعة فوق رأسها، فكشفت عن ساق مشوّهة وجسد عارٍ هزيل بشكل بائس.
أطرقت المربية عينيها على الفور.
رأت تاليا ذلك، فضحكت ضحكة جافة.
“لا تستطيعين حتى النظر إليّ مباشرة، ومع ذلك تطلبين مني أن أرمي هذا الجسد المشوّه في أحضان رجل؟”
“……على الأقل، يجب أن نحاول.”
تمتمت المربية وهي تثبت نظرها على الأرض.
“حتى سمو الدوق لا يبدو أنّه خالٍ تمامًا من المشاعر تجاهكِ، يا سيّدتي. ألم يكن حريصًا جدًا عندما أُغمي عليكِ؟ حتى وسط انشغاله بجنازة الدوق السابق وتسلم اللقب، كان يتأكّد دائمًا من وجباتكِ ودوائكِ. أنا متأكدة أنّه لن يرفض إذا طلبتِ منه.”
أطلقت تاليا أصواتًا كأنها نفثات هواء متسربة، ثم محت فجأة الابتسامة من وجهها.
“إذًا، تقولين إن عليّ أن أتوسّل إليه ليحتضنني.”
“لا تسخري من الأمر. هذا في مصلحتكِ أيضًا. إذا أنجبتِ طفلًا، سيعزّز ذلك مكانتكِ كدوقة كبرى…”
انفد صبر تاليا بسرعة أمام هذا الكلام الشفاف النيّة.
اجتاحت يديها الطاولة بعنف، فتساقطت الأطباق والصحون والخزفيات على الأرض، مُطلقة صوت تكسّر حاد. رذاذ الزجاج المتناثر طعن ظهر قدميها، لكنها لم تكترث، بل انتزعت الشمعدان الموضوع بجانب المدفأة وألقته على الحائط.
“اخرجي!”
صرخت المربية متأخرة خطوة، ثم هرعت مذعورة نحو الباب.
أمسكت تاليا بالفستان الذي ألقته المربية، ومزّقته بشدّة إلى نصفين بصوت “تشيييك”.
رمته بعشوائية، ثم سارت نحو السرير وغطّت نفسها باللحاف.
كم مضى من الوقت وهي على تلك الحال؟ سمعت طرقًا خفيفًا على الباب، تبعه صوت ناعم يتردّد.
“صاحبة السمو، سمعت أنّ قدميكِ أُصيبتا، جئتُ لمعاينة الجرح.”
لم تجب تاليا.
اعتبرت الزائرة صمتها موافقة، فسمعت صوت فتح الباب، ثم خطوات خفيفة تقترب.
نظرت تاليا إلى وجه المرأة المتيبس، وحدّقت فيها مليًا. بعد تردّد طويل، أجابت المرأة بزفرة.
“……طلبت مني أن أعتني بصحة صاحبة السمو بعناية.”
“حتى أحمل بطفل بسهولة؟”
تصلب فم المرأة عند سماع السخرية في صوت تاليا.
نظرت إليها تاليا بنظرة ساخرة، ثم استدارت إلى الجانب الآخر.
“اخرجي الآن.”
“صاحبة السمو.”
شعرت تاليا بحركة المرأة وهي تركع بجانب السرير.
التفتت تاليا متفاجئة عندما شعرت بدفء غريب يغمر ظهر يدها.
كانت المعالجة تنظر إليها بعيون بنية جدية وقالت:
“لا يجب عليكِ، صاحبة السمو، أن تفعلي أي شيء لا ترغبين فيه.”
رمشت تاليا بعيون ذاهلة.
كان ينبغي أن تسخر من هذا التدخل الوقح.
ماذا تعرف معالجة حقيرة؟ كان يجب أن تصرخ بها لتتوقف عن هذا الهراء وتعتني بعملها، لكنها وجدت نفسها عاجزة عن الكلام بشكل غريب.
“أنا…”
تحرّك لسانها دون وعي داخل فمها المفتوح.
‘أنا لا أريد هذا.’
‘لا أريد أن أُظهر لبَركاس هذا الجسد البائس. سئمت لعب دور القطعة في لعبة أمي. لا أريد أن أعاني بسبب أشخاص لن يحبونني أبدًا.’
ابتلعت الكلمات التي وصلت إلى حلقها بيأس.
إظهار الضعف يعني الدوس عليها. لم تعد ترغب في أن تُجرح من أحد.
سحبت تاليا يدها بقسوة من قبضة المعالجة.
“توقفي عن الهراء واستدعي الخادمات.”
نظرت إليها المرأة بعيون غارقة في التفكير، ثم نهضت ببطء.
سألت تاليا بنبرة عفوية:
“بالمناسبة، ما اسمكِ؟”
اتسعت عينا المرأة، ثم أجابت بهدوء:
“اسمي ماريسِن.”
ردّدت تاليا اسمها بهدوء في ذهنها، ثم أشارت بيد خفيفة لتأمرها بالمغادرة.
بعد قليل، توافدت الخادمات لتنظيف الغرفة المبعثرة، وساعدنها في التزيّن حسب تعليماتها.
اختارت تاليا أفخم فستان من جهاز العرس المرسل من القصر الإمبراطوري، وجدلت شعرها بعناية وزيّنته بدبابيس اللؤلؤ.
دهنت شفتيها المتشققتين بصبغة حمراء بكثافة، ثم أخرجت صندوق المجوهرات.
في صندوق المخمل، كان هناك زر صغير منقوش عليه شعار فرسان رويَم، وحجر قمري أزرق فضي، ومنديل مطوي بعناية، ودبوس مزيّن بالياقوت.
حدّقت تاليا طويلًا في بقايا التعلق التي لم تستطع التخلي عنها رغم آلاف الوعود، ثم التقطت الدبوس وثبتته على صدرها الأيسر.
وقفت أمام المرآة، فرأت صورة امرأة شاحبة حاولت يائسة محو هزالها.
سألت تلك المرأة:
‘ماذا تحاولين أن تفعلي ؟’
‘لم أقرر بعد.’
نظرت إلى حدقتيها المرتجفتين قليلًا، ثم أمرت الخادمات بالمغادرة وخرجت من الغرفة. رأت من نافذة الرواق السماء التي بدأت تظلم تدريجيًا.
لم يكن بَاركاس قد عاد بعد.
منذ وفاة الدوق السابق، كان يقضي معظم وقته خارج القلعة. كان يشارك في كل المناسبات الدينية التي تنظمها الطائفة الشرقية تقريبًا، ويعمل على تهدئة القلوب المضطربة وإعادة تنظيم الجيش دون توقف.
‘وفي خضم ذلك، تحمّل مسؤولية الاعتناء بغارسيل، فحتى لو كان لديه عشرة أجساد، لن تكفي.’
التعليقات لهذا الفصل " 117"