“هل تعلمين كم احترق قلبي؟ لماذا تحدث هذه الأمور دائمًا…”
بدت تاليا مرتبكة. لم تستطع فهم ما حدث.
أمسكت جبينها الذي ينبض ألمًا، فنهضت المربيّة فجأة وهي تمسح دموعها:
“يا لي من غبيّة! ليس هذا وقت الوقوف هكذا. انتظري لحظة، سأستدعي المعالجة فورًا.”
هرعت خارج الغرفة وهي تدقّ الأرض بقدميها.
عندما ساد الهدوء، بدأ عقل تاليا يعمل مجدّدًا. نظرت حولها ببطء.
بعد ثوانٍ، تذكّرت أنّهم وصلوا إلى مدينة في الشرق والغرب.
لكن ذكرياتها بعدها كانت ضبابيّة، كأنّها كانت تحلم بعيون مفتوحة.
“أخيرًا استعدتِ وعيكِ.”
بينما كانت تحاول تجميع شظايا ذكرياتها، اندفعت المعالجة إلى الغرفة مذعورة.
اقتربت من السرير وهي تتنفّس بصعوبة:
“كيف حال جسمكِ؟”
نظرت تاليا إليها بذهول، وفتحت شفتيها الجافتين. خرج صوت أجشّ من حلقها المتصدّع.
رأت المعالجة ذلك، فملأت كوبًا بالماء وقدّمته إليها.
رفعت تاليا جسدها بصعوبة، واتّكأت على ظهر السرير، وارتشفت الماء الفاتر. أثار السائل الذي تدفّق عبر مريئها إحساسًا مزعجًا في معدتها.
سعلت تاليا بخفّة بسبب الشعور الغريب، فأزالت المعالجة الكوب على الفور.
“لا تشربي كثيرًا دفعة واحدة. معدتكِ متضرّرة، لذا يجب أن تكوني حذرة حتّى عند شرب الماء لبعض الوقت.”
عبست تاليا:
“متضرّرة؟”
“ألا تتذكّرين؟”
نظرت المعالجة إليها بعيون مظلمة وتنهّدت بثقل:
“فقدتِ وعيكِ بعد وقت قصير من وصولكِ إلى هذه القلعة. ثم مرضتِ لمدّة يومين تقريبًا.”
اتّسعت عينا تاليا بدهشة، ثم تصلّب وجهها عندما تذكّرت شيئًا فجأة.
كانت تتقلب على السرير عندما هاجمها ألم شديد فجأة.
كان الألم يمزّق بطنها، فلم تستطع طلب المساعدة وهي تتأوّه.
ثم ارتدّ سائل ساخن إلى حلقها، وفقدت وعيها في تلك اللحظة.
ضغطت على صدرها الذي لا يزال ينبض ألمًا، ونظرت إلى المعالجة بعيون باردة:
“هل سَمَمني أحدهم؟”
“لا، يا جلالة. لا يبدو أنّه تمّ استخدام سمّ.”
نفت المعالجة بسرعة.
“يبدو أنّ النزيف الداخليّ ناتج عن آثار جانبيّة للدواء الذي تناولتِه خلال الأسابيع الماضية.”
“آثار جانبيّة؟”
نظرت تاليا إلى المعالجة بعيون مليئة بالشكّ.
تابعت المرأة بشرح هادئ:
“الدواء الذي كنتِ تتناولينه يحتوي على مكوّنات قد تُلحق الضرر بالمعدة. عادةً، هي مكوّنات مفيدة لتعزيز الطاقة والحيويّة، لكن إذا تناولها مريض بمعدة ضعيفة لفترة طويلة، فقد يسبّب نزيفًا داخليًا.”
أطلقت تاليا ضحكة ساخرة:
“إذن، تقولين إنّه تمّ إعطائي هذا الدواء عن طريق الخطأ؟”
تصلّب وجه المعالجة قليلاً.
تنهّدت بثقل:
“هذا ما خلصت إليه.”
“…”
“فحصتُ الدواء الذي تناولتِه بعناية، وكان يتكوّن فقط من مكوّنات تساعد على استعادة الطاقة. لكن يبدو أنّ المعالجة التي أعدّته لم تكن تعلم أنّ معدتكِ ضعيفة كمعدة طفل.”
نظرت تاليا إليها بشكّ:
“تبدين وكأنّك تدافعين عنها.”
“أنا فقط أخبركِ بالحقائق التي توصلت إليها. لا أريدكِ أن تهدري طاقتكِ في شكوك غير ضروريّة.”
نهضت المرأة بهدوء وأجابت بنبرة هادئة، ثم التقطت إبريقًا صغيرًا من الرفّ.
“على أيّ حال، ستُعاقب تلك المعالجة بشكل مناسب. ومن الآن فصاعدًا، سأتولّى علاجكِ بنفسي.”
صبّت كميّة مناسبة من سائل صافٍ في كوب صغير.
نظرت تاليا إليه بحذر. ابتسمت المعالجة بمرارة وشرحت:
“إنّه شاي بالعسل ممزوج بكميّة صغيرة من الأعشاب التي تساعد على شفاء المعدة. تناوليه ببطء وسيشعركِ بالراحة.”
أمسكت تاليا الكوب على مضض، لكنّها لم تكن راغبة في شربه.
حدّقت في الشاي الفاتر لفترة، ثم فتحت فمها فجأة:
“الدواء الذي تناولته حتّى الآن، هل أنتِ متأكّدة أنّه ليس مسمومًا؟”
“لا يمكنني استبعاد إمكانيّة خلط مكوّنات أخرى تمامًا، لكن لو كان الأمر كذلك، لكانت هناك آثار سموم في جسمكِ. لكن لم تظهري أيّ أعراض تسمّم.”
“إذن…”
‘هل باركاس بخير؟’
كادت تسأل، لكنّها أغلقت فمها. لم تملك تبريرًا مقنعًا لكيفيّة تناوله الدواء الموصوف لها.
بللت تاليا شفتيها الجافتين.
كان باركاس يتناول كميّات صغيرة من ذلك الدواء أيضًا.
هل هو حقًا لم يتأثّر بأيّ آثار جانبيّة؟
لم تستطع تاليا التخلّص من قلقها، فقالت بنبرة متوتّرة:
“هذا الدواء، هل هو آمن تمامًا لشخص سليم؟”
نظرت المعالجة إليها بدهشة للحظة، ثم أومأت:
“نعم. في الحالات العاديّة، سيساعد على استعادة الطاقة.”
أرخى كتفا تاليا بانفراج.
ثم شعرت فجأة باشمئزاز من نفسها وأطلقت ضحكة جوفاء.
كان من المدهش أنّها شعرت براحة أكبر لأنّ باركاس لم يتعرّض للتسمّم، أكثر من ارتياحها لأنّها لم تكن هدفًا لمحاولة قتل.
تحرّكت شفتاها بشكل شارد:
“باركاس…”
‘أين هو الآن؟’
‘كيف كان ردّ فعله عندما رآني أسقط؟’
كبحت الأسئلة التي تدفّقت إلى حلقها، وألقت الكوب جانبًا كأنّها ترميه، ثم استلقت على السرير مجدّدًا.
التعليقات لهذا الفصل " 108"