في غرفة نومٍ مضاءة بشكل خافت بأضواء مريحة. 

“إنه أمر غريب.” 

همست أريانا عندما شعرت بيد دانتي تداعب شعرها بلطف. 

“ماذا؟” 

“تمرين اليوم.” 

توقفت يده التي كانت تداعبها. تابعت أريانا، غارقة في أفكارها. 

“لم يرتكب الأعضاء أي خطأ. كان هذا أول يوم لهم في تجربة جزء جديد… كان مثاليًا بشكل مدهش. كم تدربوا جميعًا؟” 

“مهمة الأعضاء هي العزف، لذا بالطبع ينبغي عليهم القيام بذلك.” 

بدأت أصابع دانتي التي توقفت للحظة تداعب شعرها الأشقر البلاتيني مجددًا. أمالت أريانا رأسها عند سماع صوت دانتي الحنون. 

“ومع ذلك، يبدو أن الهالات السوداء تحت عينيهم تشير إلى أنهم لم يناموا جيدًا… لا يجب أن يتدربوا وهم يضرّون بصحتهم. أنا قلقة من أنني وضعتُ جدولًا زمنيًا ضيقًا للغاية.” 

“ما الذي يجب أن تقلقي بشأنه؟” 

رفع دانتي زوايا شفتيه. 

“أعتقد أنهم جميعًا كرسوا أنفسهم للتدرب طواعيةً لأنهم يُحبون أغنيتكِ كثيرًا.” 

همس دانتي، وشفتيه تضغطان مباشرة على أذن أريانا. 

“كانت هذه الأغنية جيدة حقًا أيضًا.” 

“هل فعلتُ ذلك؟” 

احمرّ وجه أريانا، وهزّت كتفيها قليلًا. أول أداء للجنة، الذي تلقته كهدية زفاف. بالطبع، أرادت أن تُتقنه. لو كانت لديها الجرأة لتكرّس نفسها للتأليف الموسيقي، حتى لو تطلب ذلك تكريس نفسها له ليلًا ونهارًا.

[نعم ، بما أنه أمر يسعدكِ يا سيدتي، فإن التأليف بمستوى مناسب سيساعدكِ بالتأكيد في تثقيفكِ قبل الولادة. مع ذلك، يجب أن تضعي في اعتباركِ ما ذكرته عن المستوى المناسب.]

تذكرت أريانا نصيحة الطبيب، فكانت تتوقف عندما تشعر أنها تعمل لفترة طويلة جدًا، ولكن ربما بسبب ضيق الوقت، بدت أكثر كفاءة. بفضل ذلك، كانت مؤلفاتها الموسيقية الأخيرة وتدريبات الأعضاء تسير بسلاسة تامة. واليوم أيضًا، إذا فكرت في التقدّم، كان رائعًا. 

رمشت أريانا عندما تذكرت تمرين اليوم. 

“وكذلك، بدا الأمر كما لو أن الجميع يتجنبون الاتصال البصري معي بشكل غريب.” 

“من الطبيعي ألَا ينظروا إليكِ بتهور. أنتِ مثل الجنة.”

“نعم؟ ماذا تقصد بكلمة مثل الجنة؟” 

أطلقت أريانا ضحكة صغيرة وأبدت تعبيرًا جادًا بعض الشيء. 

“حتى السير روبن كان لديه موقفٌ متصلبٌ غريبٌ جعلني أشعر بالغرابة. إنه أكثر عضوٍ يُعاملني معاملةً طيبة. أوه، ما كنتَ لتعرف لو أناديه روبن فحسب، أليس كذلك؟ إنه أصغر عضوٍ في فرقتنا، لكنه يعزف الكمان ببراعة.”

“أرى.” 

“سأُقدّمكما في المرة القادمة. ليس روبن فقط، بل عليّ تقديم جميع الأعضاء رسميًا.”

عندما فكرت في الأمر، شعرت أريانا بالأسف لأنهم لم يحصلوا على تقديم مناسب حتى الآن. 

“إنهم جميعًا موهوبون حقًا ومخلصون.”

“نعم.” 

همس دانتي وهو يُقبّل شعرها الأشقر البلاتيني. 

“أنا أتطلّع إلى ذلك.” 

احمرّ وجه أريانا مرة أخرى عندما التقت بوجهه الوسيم المبتسم. 

فكرت أريانا: “مهما اختبرتُ من حنان دانتي، إلّا أنني لم أستطع الاعتياد عليه. من لم يعرف عنه سوى سمعته السيئة في ساحة المعركة لن يتخيل هذا النوع من السلوك، لكن في الحقيقة، كان دانتي أكثر حنانًا وتأملًا مما يبدو. أدركتُ هذه الحقيقة جيدًا الآن. ليس لي فحسب، بل أيضًا لكبير الخدم والطبيب والخدم الآخرين. قد يكون قاسيًا في تعبيره وباردًا في انطباعه، لكنه ليس كذلك في الداخل. فمن المؤكد أنه سيكون قادرًا على التعايش بشكل جيد مع الأعضاء.” 

“على أي حال، اليوم، كان الأمر مخيبًا للآمال بعض الشيء لأنه بدا وكأنه ينأى بنفسه ليس فقط أي شخص آخر ولكن أيضًا السير روبن…..”

عبس دانتي عند سماع صوتها الصغير المتذمر. 

“هل يعجبكِ عندما يتصرف هذا الصبي الشرير بوقاحة كما لو كان ودودًا؟”

“نعم؟”

نظرت أريانا حولها بدهشة من الكلمات المفاجئة. رأت دانتي بوجه متجهم غريب. رمشت أريانا عدة مرات ثم أجابت بطاعة. 

“نعم.” 

تصلّبت شفتا دانتي.

“ربما لأنه يعاملني بصراحة، أشعر وكأنه أخي الصغير؟ مثل ابني؟”

“آه. ابن.” 

خفض دانتي عينيه وضحك. 

“ولكنكَ تعلم يا صاحب السمو.” 

لمعت عينا أريانا عندما خطر ببالها شيء ما ونظرت إلى دانتي. 

“هل سيكون طفلنا فتاة أم ولد؟” 

رفع دانتي زوايا فمه عند سؤالها الذي همس به بحذر. 

“هل تريدين أن تعرفي؟” 

“بالطبع.” 

“فتاة.” 

اتسعت عينا أريانا عند سماع صوت دانتي الحنون والحازم. 

“هاه؟ كيف يمكنكَ أن تكون متأكدًا؟” 

“أستطيع أن أقول ذلك. ستكون فتاة. إنها تشبهكِ تمامًا.”

لم يكن هناك أدنى شك في صوت دانتي الهادئ. 

أطلقت أريانا ضحكة خفيفة. 

“حسنًا، اعتقد أنه سيكون من الجميل أن يكون لدينا ابن يشبه سموكَ.” 

تردد دانتي عندما اعترفت بابتسامة صغيرة. 

“ابن يشبهني؟” 

“نعم.” 

أومأت أريانا برأسها بحماس. 

“ابنٌ يُشبه سموكَ في صغركَ. مجرد التفكير فيه يُضفي عليّ سحرًا. وسيكون كريمًا جدًا، أليس كذلك؟ كنتَ كذلك في صغركَ أيضًا. أتذكر أنكَ كنتَ قويًا كالرجل عندما أنقذتني. ابن سموكَ، لذا لا بد أن الأمر كان تمامًا مثل ذلك الوقت.”

“همم.” 

غطى دانتي فمه لإخفاء تعبيره المرتجف.

[من الصعب قليلاً تربية هذا الرجل.]

[آآآآه! هذا الوغد اللعين مرة أخرى!]

[آه، أيها الشيطان! إنه الشيطان! أوه، لا تقترب مني! آه!]

[أرجوك أنقذني! كاكااااه!]

كتم دانتي صراخ إخوته غير الأشقاء من طفولته الذي كان يتردد في أذنيه.

“لا بد أن تكون فتاة. لا بد أن تكون كذلك.” 

“هاه؟ ماذا قلتَ؟”

“لا شئ.”

“في الواقع، كان هناك اسم جاء في ذهني هذا الصباح.” 

اعترفت أريانا بصوت صغير وهي تبتسم بخجل. 

“ماذا عن لويس إذا كان ولد ولويز إذا كانت فتاة؟” 

“جيد. من السهل قول ذلك.” 

أضاف دانتي مبتسمًا. 

“إنها فتاة، لذلك يمكنكِ أن تناديها لويز.” 

“لماذا أنتَ متأكد هكذا؟” 

انفجرت أريانا ضاحكةً. 

“قد يكون ولدًا. صحيح يا لويس؟” 

“والدتكِ ليس لديها أي حس، لويز.” 

همس دانتي بلطف، وهو يلامس بطن أريانا. نظرت إليه أريانا وضحكت ضحكة خفيفة. كانت يده التي تداعب بطنها المسطح برفق، الذي لم يُبدِ أي نداء، حنونة للغاية. كانت ليلة هادئة ولطيفة. هادئة كبحر الليل بلا موجة، ومع ذلك ممتلئة. 

“هل سيكون هناك المزيد من الأيام مثل هذا في المستقبل؟”

ليدوم هذا الزمن العجيب إلى الأبد…

صلّت أريانا إلى الله طويلاً. 

تمّ صفّ المجرمين وتوجههم إلى ساحة الإعدام وأطرافهم مقيدة. 

“وااااه!” 

“أيها الأوغاد الذين تستحقون العقاب! أيها الخونة!” 

سخر الناس من أعضاء طائفة الفجر البائسين والمتمردين. 

أريانا، التي كانت تراقب المشهد من مكان مرتفع، استدارت بعد أن رأت زعيم طائفة الفجر يقف أمام المشنقة أولًا. أرادت أن تشهد نهايتهم، لكنها لم ترغب إلّا في الاستمتاع بالمناظر الجميلة الآن وقد حملت بطفلٍ في بطنها. 

بعد قليل، اقتربت صوفي من أريانا، التي كانت تقلب صفحات الموسيقى في غرفتها بهدوء. 

“هل انتهى؟” 

“نعم سيدتي.” 

أومأت صوفي، التي تابعت مراسم الإعدام حتى النهاية، برأسها. 

كان مشهدًا أسعد أريانا بالتأكيد لأنها اختارت عدم رؤيته. قبل إعدامهم بقليل، لعن عدد من الخونة دانتي. بدا أنهم اعتبروا دانتي، الذي تولى القيادة العليا للجيش الإمبراطوري وهزمهم، عدوهم اللدود. 

“ومع ذلك، في النهاية، اختفى مثل الندى على أرض الإعدام.”

بعد إعدام السجناء واحدًا تلو الآخر، كان آخر من أُعدم هو الأمير المخلوع. أنهى الأمير المخلوع حياته تحت أنظار الغاضبين من أفعاله الشريرة، التي ألحق بها الأذى حتى بأقاربه من أجل العرش. 

لكن ما كان لا يُنسى من اللحظات الأخيرة هو لحظة إعدام إدوارد. وبينما كان معلقًا على المشنقة، أطلق إدوارد لعنات.

[أريانا! اللعنة عليكِ! هل تعتقدين أنكِ ستكونين سعيدة بمفردكِ بعد أن جعلتيني هكذا؟]

يُقال أن إدوارد أُصيب بالجنون من الغيرة والحسد بعد أن سمع أن أريانا قد استولت على دار لوبيز، واستحوذت على دار أوبرا ضخمة تسمى الجنة.

[سأصبح شبحًا منتقمًا وأعود لألعنكِ! سأجعلكِ حزينةً بالتأكيد! أريانا! لقد أخطأتُ. أرجوكِ أنقذي هذا الأخ!]

كان منظر إدوارد وهو يلعن ويتوسل بالتناوب كما لو أنه فقد عقله تمامًا، مخيفًا بشكل لا يصدق. 

“آه… ذلك الشخص المجنون.”

ارتجفت صوفي وهي تتذكر عيني إدوارد المجنون اللتين كانتا ترتعشان.

فكرت صوفي: “لم يكن هناك داعٍ لإخبار سيدتي بتلك اللعنات الحقيرة والمقززة. ففي النهاية، دفع ذلك الوغد ثمن جرائمه ورحل عن هذا العالم، والآن لن يبقى أحدٌ ليعذبها. نعم، لقد انتهى الأمر حقًا الآن.”

أومأت صوفي برأسها ونفضت فكرة إدوارد من ذهنها. 

عوقب الشرير، ووجدت أريانا الحب أخيرًا. كانت نهاية سعيدة كنهاية قصة خيالية. كان كل شيء مثاليًا. 

“الجميع دفعوا ثمن جرائمهم.” 

ابتسمت صوفي ابتسامةً مشرقةً وهي تقول ذلك. تمنت بصدق أن يكون المستقبل سعيدًا لسيدتها.