1
الحلقة الأولى
في وسط غرفة نوم فاخرة مزيّنة بالمخمل الأحمر والحرير الذهبي، كان السرير العالي يشبه مذبحًا.
هناك، كان ذلك الرجل المذهل بجماله المرعب. بمظهر نقيّ ومثاليّ ككاهن يؤدّي طقس التضحية.
شعره الفضيّ الطويل يتدلّى تحت ضوء القمر، عيناه الحمراوان تلوحان من بين رموشه الكثيفة، وعضلاته القوية المشدودة تتلألأ تحت ظلال الشموع المتأرجحة.
كلّ شيء فيه كان يخطف الأنفاس بجماله.
كان من السهل فهم سبب وقوع “دورثيا سيث”، التي لم تعرف الحماسة يومًا، في حبّه من النظرة الأولى.
وأنا، واقفة ببلاهة عند طرف السرير، كنت ألهث بصعوبة كغزالة ستُقدَّم قربانًا على ذلك المذبح.
“تيا، تعالي إلى هنا.”
رمش الرجل بعينيه بنعاس ومدّ يده.
كان يقصد أن أقترب، لكنّني بقيتُ مكاني، عاجزة عن تحريك خطوة واحدة.
بل إنّني شعرتُ وكأنّني سأفقد الوعي في الحال.
ساقاي ترتجفان بسبب ثقل الفستان المزيّن بشكل مبالغ فيه، والمشدّ الضيّق يضغط على أضلاعي ويخنق رئتيّ.
والأهم، أنّني لم أرد الاقتراب من ذلك الرجل أبدًا. لأنّه، رغم مظهره الملائكيّ، كان في الحقيقة مجنونًا.
عندما استيقظتُ في جسد دورثيا سيث في هذا العالم الغريب، كنتُ مقيّدة.
على ذلك السرير الشبيه بالمذبح، المزيّن بستائر المخمل الأحمر الجميلة.
معصماي، المقيّدان إلى أعمدة السرير الخشبيّة القديمة، لم يتحرّرا مهما حاولتُ هزّهما.
فجأة، ظهر ذلك الرجل وهو يرفع الستارة.
“لا!”
صرختُ وصِحتُ بغضب.
كان الرجل يرتدي رداءً أبيض رقيقًا يكشف جسده، وعلى الرغم من جماله، شعرتُ بتهديد غريزيّ فبدأتُ أركل بقدميّ الحرّتين بقوة.
“تيا، لا تخافي.”
اقترب الرجل المرعب بجماله وأمسك خدّي بيده الكبيرة.
“سيدي كريستوفر، عانقني.”
تردّد صوت غريب في رأسي.
الآن، عندما أفكّر في الأمر، ربما كان صوت دورثيا، صاحبة هذا الجسد الأصليّة.
و بينما كان الصوت يتردّد، أصبح ذهني مشوشًا، وساقاي، اللتان كانتا تقاومان، استقرّتا بهدوء على السرير.
ابتسم الرجل برضا، ثمّ أمسك بريشة وبدأ يداعب بها أنحاء جسدي.
وأنا، بعمر الثلاثين غير الساذجة، كنتُ أعلم جيدًا إلى أين ستقود هذه اللعبة. فاستعدتُ وعيي فجأة.
للحفاظ على نفسي، فعلتُ ما استطعتُ في تلك اللحظة: ركلتُ بقوة!
قبل أن يدرك الرجل، الذي صعد فوقي، ما يحدث، ضربت ساقي بين فخذيه بقوة.
“أنقذوني! أرجوكم، أنقذوني!”
كان الرجل يتلوّى من الألم، لكن معصميّ ما زالا مقيَّدين.
كلّ ما استطعتُ فعله هو الصراخ بأعلى صوتي، آملة أن يأتي أحدهم لإنقاذي.
لكن لم يأتِ أحد، وظلّ الرجل يتلوّى على الأرض لوقت طويل.
كان ذلك متوقّعًا، فقد كنتُ سبّاحة محترفة سابقًا، وكانت ركلاتي قوية بشكل استثنائيّ.
بدأتُ أشعر ببعض الأسف تجاهه، لكنّه نهض وهو يلهث، ثمّ غادر الغرفة دون أن يفكّ قيودي.
بعد فترة، ساعدتني خادمة من القصر الإمبراطوريّ على العودة إلى قصر دورثيا سيث.
عندما وصلتُ إلى القصر، اكتشفتُ أنّ الرجل الذي ركلته هو خطيبي، أو بالأحرى خطيب دورثيا، كريستوفر فيريب، وليّ عهد الإمبراطوريّة.
تعلّمتُ أيضًا أنّ دورثيا هي الابنة الكبرى لعائلة سيث الدوقيّة، أقوى عائلة في الإمبراطوريّة، وأنّ خطيبها كريستوفر هو وليّ العهد.
وكانت دورثيا تعشق كريستوفر بعمق، كما كشفت يوميّاتها المكتوبة بتفصيل.
لكنّني علمتُ أيضًا من يوميّاتها أنّ مشاعر كريستوفر تجاه خطيبته كانت فاترة.
كانت دورثيا تؤمن أنّه سيحبّها يومًا ما، لكنّني، الواقعيّة بطبعي، كنتُ أرى أنّه يستغلّ حبّها الأعمى له فحسب.
بعد أسبوع بالضبط من تلك الحادثة، وصلتني دعوة سرّيّة باسم وليّ العهد.
كانت مليئة بالعبارات الفاخرة، لكنّ مضمونها أنّه “سامح” خطيبته دورثيا بعطف.
يبدو أنّه اعتقد أنّ دورثيا، الخائفة بطبعها، أصيبت بنوبة هلع مفاجئة كعادتها.
كان ذلك ميمونًا بالنسبة لي، فهذا البلد يعيش تحت نظام طبقيّ صارم، وعلى الرغم من نشأتي في بلد الحريّة والمساواة، كنتُ أدرك تقريبًا معنى النظام الطبقيّ.
طوال الأسبوع الماضي، كنتُ قلقة من أن يُعدمني لأنّني، مجرّد ابنة نبيل، ركلتُ جزءًا حسّاسًا من وليّ العهد.
كانت هذه هي المقابلة الثانية.
“تيا، ارفعي رأسك.”
تردّد صوت كريستوفر المهيب فوقي. لو كنتُ دورثيا الضعيفة، لرفعتُ رأسي بطاعة.
فبالنسبة لها المروّضة جيدًا، كانت كلمات خطيبها هي الحقيقة المطلقة وإرادة الإله.
لكنّني لم أكن هي. أغمضتُ عينيّ بقوة وهززتُ رأسي.
“دورثيا.”
ناداني كريستوفر بصرامة مرّة أخرى. لكنّني، بعنادي، رفضتُ، فاقترب منّي أحد مرافقيه وأجبرني على رفع ذقني.
“هه.”
حقًا، هذا كثير.
اضطررتُ أخيرًا لمواجهة المشهد البشع على السرير، فنظرتُ إلى كريستوفر بعيون مشوشة قدر الإمكان.
كان جالسًا متّكئًا على رأس السرير، عاري الصدر، يعانق امرأتين عاريتين بذراعيه.
كانتا تقبّلان بشرته الشفّافة بحماسة وكأنّني غير موجودة.
ابتسم كريستوفر برضا عندما التقت عيناي بعينيه.
‘أيّها الوغد.’
كتمتُ شتيمتي في داخلي، مردّدة في ذهني: ‘إنّه نجم الإمبراطوريّة، وليّ العهد كريستوفر فيريب.’
عزمتُ ألّا أدع هذا الرجل يسيطر عليّ اليوم، فتنفّستُ ببطء وشددتُ عينيّ لمنع وعي دورثيا من التدخّل.
ربما لم تدرك دورثيا، بعمر العشرين، لكنّ عينيّ، بعد ثلاثين عامًا من الحياة، كانتا تريان خداع الرجل بوضوح.
‘يريد رؤية دورثيا وهي تحترق بالغيرة، تتألّم وتيأس، ثمّ تتعلّق به أكثر.’
من خلال يوميّاتها، علمتُ بنوايا كريستوفر الملتوية.
كان قد أهمل دورثيا لعامين بعد بلوغه سنّ الرشد دون إتمام زواجهما الرسميّ، مختبرًا حبّها المشتعل بقسوة ليذكّرها دائمًا بأنّه المتحكّم في العلاقة.
‘لو كانت امرأة عاديّة، لكانت قد تخلّت عنه منذ زمن.’
لكن دورثيا كانت امرأة مثقلة بالجراح، فلم أستطع لومها تمامًا.
لم يكن لديها مكان تلجأ إليه سوى خطيبها كريستوفر، الذي يشاركها ذكريات بلا معنى.
كلّما زاد تجبّره، امتلأ عقلها به أكثر، تمامًا كما أراد بقسوته.
‘هل هذا حبّ؟ أم تعلّق؟’
ابتسمتُ بحسرة ونظرتُ إلى وجه وليّ العهد المشوّه.
ربما لأنّني لم أبدُ مرتبكة أو مشتعلة بالغيرة كما توقّع؟
فجأة، قبّل المرأة على يمينه بعنف أمامي.
اضطربت رأسي بأصوات فاضحة ومشاهد لم أرد رؤيتها.
غمّضتُ عينيّ مرّة أخرى وبدأتُ أغنّي في داخلي. وعندما انتهى ذلك الفعل البغيض أخيرًا، لم أضيّع الفرصة وسألتُ بسرعة:
“هل يمكنني أن أسأل لمَ دعوتني؟”
تردّدتُ خوفًا من خرق الأعراف بسؤالي أمام أحد الملوك، لكنّني لم أعد أحتمل.
فكرتُ: ‘حتّى لو خرقتُ الأدب قليلًا، هل سيقتل خطيبته؟’
لكن…
“ماذا؟”
ومضت عيناه الحمراوان بشراسة.
…أم أنّه قد يفعل؟
لم تنفصل نظراتنا المتلاقية في الهواء.
بذلتُ كلّ جهدي لئلّا أفقد الوعي تحت وطأة هيبته.
“لقد كنتُ متساهلًا كثيرًا.”
نهض الرجل، الذي كان يحدّق بي بقسوة، ونزل من السرير المشابه للمذبح واقترب منّي ببطء.
عندما وصل أخيرًا إلى قربي، همس شفتاه الحمراوان بكلمتين:
“اخلعي.”
جال بصره على جسدي المزيّن بفستان محتشم، فشعرتُ وكأنّني عارية تمامًا، فاحمرّ وجهي. فتلطّف وجه كريستوفر.
اللعنة.
شعرتُ بالاشمئزاز لأنّني أرضيته.
“لنلعب معًا، تيا.”
مدّ يده نحوي بعفو وكأنّه يسامحني، وقد تحسّن مزاجه بالفعل.
‘نلعب معًا؟’
استغرقتُ وقتًا لفهم معنى كلامه.
‘الآن، ليس اثنين، ولا ثلاثة، بل أربعة؟’
شعرتُ فتاة نبيلة بداخلي بالصدمة، وأحسستُ بالإهانة.
هذه المرّة، بالتأكيد شعر قلب دورثيا، صاحبة هذا الجسد، بالمثل.
كانت دورثيا تُهان وتُحبط وتستسلم، ثمّ تعود لتحبّه مرّة أخرى، خوفًا من الوحدة.
لكن…
‘إن لم تستطيعي، سأفعل.’
أمسكتُ قبضتي المرتجفة بغضب وكبحتُ غيظي.
“لديّ ما أقوله. جئتُ اليوم لهذا الغرض.”
“وما هو؟”
تنفس بملل من بين شفتيه الجميلتين.
هذا الموقف أعطاني الشجاعة بدلًا من ذلك.
نعم، إن كنتَ تشعر بالملل، فقد حان الوقت:
“أرجوك، افسخ الخطوبة، سموّك.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"