هل علاقة الأخوة ليست سيئة إلى هذا الحد؟  

في تلك اللحظة، التقت عيناها بعيني الأميرة سوها.

 

بعد أن تأكدت أن نظرة دان تايمو موجهة إلى مكان آخر، حدقت بها الأميرة فجأة بنظرة غاضبة.  

 

ردت جاي ان بنظرة مماثلة، كما لو كانت تتوقع ذلك، وشددت عينيها بقوة، مرفوعة الحاجبين إلى أقصى حد.  

 

“هذه…”  

 

عضت الأميرة سوها شفتها السفلى بتعبير غاضب.  

 

ألقى دان تايمو، الذي أدار عينيه قليلاً، نظرة على الموقف، ثم أخفى ابتسامته خلف فنجان الشاي الذي رفعه إلى شفتيه لإخفاء ضحكته. 

 

“حسنًا، هل تحسنت حالتك؟ كنت قلقة جدًا عندما سمعت أنك تعانين من عسر الهضم.”  

 

سألت الملكة بنبرة حنونة. استدارت جاي ان ببطء لتلتقي عينيها بعيني الملكة.  

 

شددت.  

 

وضعت قوة في نظرتها هذه المرة أيضًا، لتضمن ألا يستهين بها أحد.  

 

ارتعشت عينا الملكة للحظة، لكن جاي ان لم تلحظ ذلك.  

 

بدلاً من ذلك، لم يستطع دان تايمو إزالة فنجان الشاي من فمه وهو يكبح ضحكته.  

 

“نعم، أنا بخير الآن.”  

 

“هذا مطمئن حقًا.”  

 

نظرت الملكة إلى جاي ان بعينين ضيقتين. كلما نظرت إليها، زاد إحساسها بعدم فهمها.  

 

كانت تبدو واهنة، لكنها متمردة في الوقت ذاته. كانت تبدو وقحة، لكنها كانت تتألم حتى من نسمة هواء باردة. 

 

في حياة الملكة، التي اعتقدت أنها مرت بكل التجارب، لم ترَ شخصية محيرة مثل جاي ان من قبل.  

 

في تلك اللحظة، شعرت جاي ان بنظرة موجهة نحو خدها، فحركت عينيها بهدوء.  

 

“…”  

 

كان الأمير أنبوك ينظر إليها بنظرة استياء.  

لم تكن تعرف ما الذي يزعجه إلى هذا الحد.  

 

هل لأنها كانت تتألم كدجاجة مريضة، أم لأن دان تايمو بقي بجانبها ولم يعد إلى القصر الشرقي؟  

 

ربما، فكرت جاي ان، الأمر أقرب إلى السبب الثاني. ثم ألقت نظرة باردة كالجليد عليه.  

 

*لن أدع أحدًا يؤذي هذا الرجل. سأتأكد من ذلك.*  

 

عند رؤية هذا المشهد، رفع دان تايمو حاجبًا واحدًا برفق.

 

كانت نظرتها مختلفة تمامًا عن تلك التي كانت تحدق بهما قبل قليل.  

 

إذا كانت نظرتها السابقة تبدو كطفل يقلد الكبار، فالآن كانت تنبعث منها هالة باردة كالسكين الحاد.  

 

همم.  

 

نظر دان تايمو بدوره إلى وجه جاي ان المتيبس ووجه الأمير أنبوك المتجهم.  

 

هل حدث شيء بينهما؟  توقف تفكيره عند هذه النقطة، ثم هز رأسه بهدوء.  

 

بقدر ما يعلم، لم يلتقيا أبدًا منذ تبادلهما التحية يوم الزفاف.  

 

*أم أنها لا تزال مريضة؟*  

 

توصل دان تايمو إلى استنتاجه الخاص، ثم نظر إلى الملكة بابتسامة مثالية وقال بنبرة ودية، كأنه الابن الأكثر لطفًا في العالم:  

 

“لم تتعافَ زوجة ولي العهد بالكامل بعد.

بسبب عسر الهضم، لم تأكل طوال اليوم سوى حساء رقيق، لذا لا بد أنها تشعر بالضعف. إذا سمحتِ أمنا برحابة صدر، فسنستأذن الآن.” 

 

سخرت الملكة في داخلها. إذا لم تسمح، فسيبدو وكأنها حماة ضيقة الأفق، أليس كذلك؟  

 

*يا له من ثعلب ماكر.*  

 

أخفت استياءها الداخلي وألقت نظرة قلقة زائفة على جاي ان.  

 

إذا كان دان تايمو يهتم بجاي ان، فعليها أن تهتم بها أيضًا. فالأميرة زوجة ولي العهد لا تزال بيدقًا مفيدًا.  

 

“يا للأسف، كيف يمكن للمرء أن يجد القوة بتناول الحساء الرقيق فقط؟ هيا، استريحي. لكن، بما أن الأميرة زوجة ولي العهد ضعيفة إلى هذا الحد، لا أعرف إن كانت قادرة على إنجاب وريث قريبًا.”  

 

“لا تقلقي. نحن نعمل بجد كل ليلة، لذا سننقل إليكِ أخبارًا سارة قريبًا.”  

 

“!”  

 

اتسعت عينا جاي ان بدهشة عند سماع رد دانزتايمو المريح.  

 

*يعمل بجد؟ وريث؟*  

 

رمشت بعينيها الكبيرتين بتعبير مرتبك. ثم فجأة، التقت عيناها بعيني دان تايمو.  

 

نظر إليها بنظرة ضيقة، كأنه يقيمها.  عندما أدركت ذلك، سارعت جاي ان إلى شد عينيها بقوة.  

 

*هه، يبدو أنها تعتقد أن هذا التعبير سيحل كل شيء.*  

 

ضحك دان تايمو بصمت وهز رأسه، ثم همس بلطف:  

 

“سيدتي، بما أن أمنا أبدت كرمًا، فلنغادر الآن.”  

 

“نعم.”  

 

أخفت جاي ان ارتباكها بمهارة تحت وجه خالٍ من التعبير، ثم ودعت الملكة:  

 

“سأستأذن الآن.”  

 

رفعت الملكة عينيها فجأة، كما لو تذكرت شيئًا:  

 

“لم تنسي، أليس كذلك، أن هناك لقاء مع سيدات الطبقة العليا غدًا؟ يجب أن تظهري هيبتك كأميرة زوجة ولي العهد أمامهن. لذا، أتمنى أن تتعافي تمامًا قبل ذلك.”

  

“نعم، سأتذكر ذلك.”  

 

ردت جاي ان بهدوء، كأنها لم تنسَ أمر اللقاء مع زوجات كبار المسؤولين، رغم أنها نسيته تمامًا.  

 

شعرت بالإرهاق بالفعل، لكن هذا لم يكن مكانًا يمكنها الهروب منه حتى لو أرادت.  

 

كان عليها حماية دان تايمو هنا، ولهذا، كان عليها أداء دور الأميرة زوجة ولي العهد بمصداقية.  

 

“همف.” أصدرت الأميرة سوها زفرة خفيفة، وتمتمت بصوت خافت يكاد لا يُسمع:  

“هيبة؟ سيكون من حسن الحظ لو لم تُثار الشائعات عنها.”  

 

نظرت الملكة إلى ابنتها بنظرة خاطفة. أغلقت الأميرة سوها شفتيها بإحكام، كأنها لم تقل شيئًا، وأدارت رأسها بعيدًا.  

 

نقرت الملكة بلسانها بصوت منخفض، ثم عادت تنظر إلى جايين وقالت:  

 

“حسنًا، اعتني بنفسك جيدًا. أراكِ غدًا.”  

 

“نعم.”  

 

مد دان تايمو يده إلى جاي ان وهي تقف. توقفت جاي ان للحظة ونظرت إليه.  

 

كان دان تايمو ينظر إليها بعيون هي الألطف في العالم. 

 

كانت نظرة لطيفة إلى درجة جعلت قلبها يرتجف، رغم علمها بأنها زائفة.  

 

“لا تنسي أننا على نفس السفينة.”

 

اقترب دان تايمو بجذعه إلى الأمام، وهمس بصوت منخفض لا يسمعه سوى جاي ان:  

“على نفس السفينة.”  

 

عندها فقط، مدّت جاي ان ذراعها ببطء وأمسكت بيد دان تايمو.  

 

“ألم تتعثري في طريقكِ إلى هنا؟ يجب أن نسير ببطء أكثر في طريق العودة.”  

 

“شكرًا…”  

 

بدا وكأن جاي ان، التي أحنَت رأسها قليلاً، تشعر بالخجل لوهلة.  

 

أمام هذا المشهد الودي بين الاثنين، ابتلعت الجواري تنهدات الحسد.  

 

أمسكت الملكة بذراعي مقعدها بقوة، وكشّرت بصمت، بينما ظلت الأميرة سوها تعبّس شفتيها باستمرار، كأن شيئًا ما يزعجها. 

 

طق.  

 

لم يرتخِ كتفا جاي ان إلا بعد أن أغلق الباب. لكن دان تايمو لم يُفلت يدها.  

 

“اليد…”  

 

قبل أن تتمكن جاي ان من إكمال جملتها، قاطعها دان تايمو:  

 

“هناك أعين تراقب، فتحملي قليلاً.”  

 

“نعم…”  

 

“وحاولي أن تبتسمي إن أمكن. وإلا سيظن الناس أنني أجبرتكِ على إمساك يدي.”  

 

“نعم…”  

 

“أليس من المفترض أننا رفاق على نفس السفينة؟ سيكون من الأفضل لكلينا إذا تعاونتِ.”  

 

حاولت جاي ان رفع زاوية فمها بجهد. لكن بسبب توترها الشديد، كانت نهاية ابتسامتها مشوهة.  

 

بعد عدة محاولات، تنهدت أخيرًا بعمق.  كان دان تايمو، الذي يراقبها بنظرة جانبية، ينقر بلسانه في داخله.  

 

لكن في تلك اللحظة، توقفت جاي ان فجأة عن السير. 

 

كانت تنظر إلى قدميها بعيون غارقة في التفكير، ثم رفعت رأسها فجأة.  

 

التقت عيناها بعيني دان تايمو. رفع حاجبًا برفق. 

 

“ما الأمر؟”  

 

“أريد زيارة القصر الشرقي.”  

 

عبس دان تايمو قليلاً عند هذا الطلب المفاجئ.  

 

“القصر الشرقي، تقصدين القصر الذي أقيم فيه؟”

  

“نعم.”  

 

أومأت جاي ان برأسها بحزم. تذكرت فجأة كلمات الشاب الذي قال إنهم زرعوا جاسوسًا في القصر الشرقي.  

 

*قال إنها جارية، أليس كذلك؟*  

 

كان عليها أن تعرف من هي. وإلا، سيظل دان تايمو معرضًا لخطر الاغتيال.  

 

“القصر الشرقي…”  

 

نظر دان تايمو إليها بعيون مضيّقة. لا بد أن هناك سببًا وراء رغبتها المفاجئة في زيارة القصر الشرقي. 

 

السؤال هو: ما هو هذا السبب؟  

 

“حسنًا، فلنذهب.”  

 

أومأ دان تايمو برأسه بسهولة. لا يزال غير قادر على قراءة أفكارها.  

 

لكن، ربما تكون هذه فرصة جيدة. فرصة مثالية لمعرفة من هي، أو ما الذي تفكر فيه.  

لن يفوت دان تاي مو أي تلميح تتركه، ولن يتغاضى عن أي خطأ تقترفه.  

 

*سأعرف عندما نذهب. لماذا أصرت على الذهاب إلى القصر الشرقي.*  

 

سار الاثنان بسرعة، كل منهما غارق في أفكاره الخاصة. تبعتهما الجواري كالظلال.

 

………

 

نظرت جاي ان حولها بعيون غريبة. ثم أدركت أن المشهد داخل الغرفة يبدو مألوفًا رغم أنها تزور المكان لأول مرة.  

 

“آه.”  

 

كان هذا قاعة الاستقبال في القصر الشرقي. المكان نفسه الذي قدم فيه جوابوكيا الشاي المسموم لدان تايمو. 

 

*تمامًا كما رأيته في الحلم.*  

 

أدركت جاي ان قوة قدرتها من جديد، وخفضت عينيها بهدوء.  

 

إذا كانت قدرتها لا تزال سليمة، فإن وجود جاسوسة متخفية كجارية هنا يجب أن يكون صحيحًا أيضًا.  

 

نظرت جاي ان بارتياب إلى الجارية التي كانت تحمل الشاي في القصر الشرقي.  

 

تحت نظرتها الحادة، ابتسمت الجارية بإحراج وتراجعت إلى الخلف وهي تضع الدرج. 

 

راقب دان تايمو تصرفات جاي ان بهدوء. لقد جاء إلى القصر الشرقي بناءً على طلبها، وها هي الآن تحدق بجارية بريئة.  

 

*ما الذي تفكر فيه بحق السماء؟*  

 

فجأة، تحركت شفتا جاي ان. هزت رأسها ببطء وتمتمت بشيء ما.  

 

“هه.”  

 

تسرب ضحكة خافتة من بين أسنان دان تايمو.  

 

*إذن، الآن تفكر في شيء آخر وأنا أمامها مباشرة؟*  

 

وضع ذراعيه على صدره واتكأ على ظهر الكرسي. ثم حدّق بجاي ان الغارقة في أفكارها.  

 

في تلك الأثناء، استعدت جاي ان المستقبل الذي رأته في حلمها مرات ومرات.  

 

*لنسترجع الذاكرة مرة أخرى.*  

 

―”جارية ذات مظهر جذاب بما يكفي لتلفت انتباه ولي العهد. لن يشك فيها أبدًا.”  

 

مرّت كلمات الشاب الشاب في ذهنها كالبرق.  

*هذا يعني أن الجاسوسة جارية ذات جمال لافت للنظر.* 

 

لكن ذلك كان كل شيء. مهما حاولت التفكير بجد، لم تتوصل إلى فكرة جيدة. 

 

*هل أطلب استبدال جميع الجواري؟*  

 

هزت جاي ان رأسها عند هذه الفكرة المتطرفة نوعًا ما.  

 

*لا، إذا فعلت ذلك، قد يختلط المزيد من الجواسيس بين الجواري الجدد.*  

 

في موقف لا حل فيه سواء فعلت هذا أو ذاك، تنهدت جاي ان بعمق بتعبير متضايق.  

 

ثم فجأة، كشّرت. ربما كانت تفكر بشكل خاطئ.  

 

*طرد الجاسوسة الموجودة الآن في القصر الشرقي أهم من القلق بشأن ظهور المزيد من الجواسيس لاحقًا. من يدري ماذا قد تفعل هذه الجارية اليوم؟ يجب أن أطفئ النار العاجلة أولاً…*  

 

“!”  

 

توقفت جاي ان فجأة وهي ترفع رأسها دون وعي. التقت عيناها بعيني دان تايمو، الذي ابتسم بلطف.  

 

“هل انتهيتِ من التفكير؟”  

 

“آه…”  

 

أدركت فجأة أنها كانت في منتصف محادثة مع دان تايمو، فأطلقت أنينًا م

حرجًا.  

 

ثم حدقت بوجهه. عندما طال تحديقها، رفع حاجبًا واحدًا كأنه يسألها لمَ تنظر إليه هكذا.  

 

أخيرًا، وبعد أن اتخذت قرارها، فتحت جاي ان فمها بتعبير جاد:  

 

“سيدي ولي العهد.”  

 

“تكلمي، سيدتي.”  

 

أجاب دان تايمو بنبرة لطيفة، متسائلاً عما ستخرج به بعد هذا التفكير الطويل.