لحسن الحظ، استطاعت كاليوبي، بعد عودتها بالزمن، أن تحل بسهولة المسائل التي لم يستطع كابير حلها. وبالنسبة لطفل، بدا ذلك مذهلًا، ولهذا فقد تغيّر موقفه تجاهها وأصبح أكثر ودًا بشكل ملحوظ.
“إذًا، إلى اللقاء.”
تلقت كاليوبي تحية جاك وهي تغادر الغرفة برفقة سوزان. كان عليها أن تقضي وقتًا آخر مع ديتـرون الممل. من حسن الحظ أن حالته الصحية لا تسمح له بالجلوس طويلًا. وبينما كانت تمشي نحو الجناح الجانبي، أطلقت تنهيدة عميقة.
ولكن لحسن حظها، وبسبب سوء حالة ديتـرون الصحية بشكل خاص اليوم، انتهى لقاؤهما بسرعة نسبية. في كل مرة يلتقيان فيها، يقضي نصف الحديث في سبّ زوجة الماركيز، والنصف الآخر في محاولة إجبارها على قبول أن يكون معلمها.
وكانت كاليوبي تبتسم دائمًا وتقول: “بالطبع.”، لكن تكرار الحديث ذاته جعل من الصعب تجاهله كليًا.
والآن، كانت تسير بجانبه وترافقه إلى غرفته لأنه بالكاد يستطيع المشي.
“جدي الأكبر، أليست حالتك الصحية تسوء شيئًا فشيئًا؟”
“كل هذا لأنني أعيش في الجناح الجانبي… الغبار يطير في كل مكان، وصحتي لا تتحسن أبدًا.”
الحوار بينهما كان دائمًا يسير على هذا النحو. كان يسير مترنحًا متكئًا على خادم، بينما كانت كاليوبي تدعمه من الجانب الآخر، بوجه يبدو عليه القلق. لم تكن تحب لمسه، ولكن من أجل هدفها، يمكنها تحمّل أي شيء.
“هل استدعيت معالجًا؟”
“لقد أنفقت كل مخصصاتي لهذا الشهر، لذا لن أستطيع استدعاء واحد إلا في الأسبوع القادم.”
كان يتظاهر بأنه عجوز مظلوم، لكن الحقيقة أنه يتلقى مبلغًا ضخمًا لا يمكن لمن يجهل الأمر أن يتخيله. صحيح أن المبلغ أقل من باقي ورثة الماركيز، لكنه بالتأكيد كافٍ لاستدعاء معالج.
‘وهذه الملابس التي يرتديها… لم أرَها من قبل’.
كادت كاليوبي أن تضحك لكنها تماسكت وقالت:
“سأستدعي معالجًا لك هذا الأسبوع. فأنا لا أنفق الكثير، لذا لا يزال لدي فائض من المال.”
“حقًا ستفعلين؟ كنت أعلم أن لا أحد يهتم بي سواك.”
رافقت كاليوبي ذلك الرجل المترنح حتى غرفته في الجناح الجانبي، وساعده الخادم على تناول مسكّن وأطفأ الأضواء وغادر.
كانت تعرف أنه في مثل هذه الأيام السيئة، من الأفضل تركه ينام دون إزعاج. فمن يدري ماذا قد يرمي بها إن بقيت إلى جانبه؟
“لقد عانيت كثيرًا.”
قالت ذلك للخادم الذي مسح عرقه من جبينه بعد أن ساعده على الاستلقاء.
رمش الخادم بخفة وابتسم بشكل محرج، إذ لا يمكنه أن يقول إنه يكره العمل تحت إمرة نبلاء.
“هذه وظيفتي على كل حال.”
“حقًا؟ وماذا ستفعل الآن؟”
“عندما ينام هكذا، لا يستيقظ قبل ثلاث ساعات، لذا كنت أنوي أخذ قسط من الراحة.”
“اتبعني.”
سارت كاليوبي أمامه، وتبعها الخادم بنظرات حائرة، بينما سوزان مشت إلى جانبه بصمت، فهي هنا لتنفيذ أوامر آنستها.
شعر وكأنه محاصر من الجهتين بينما كان يسير في ممرات الجناح. وبعد أكثر من عشرة خطوات، تكلمت كاليوبي أخيرًا:
“أليست وظيفتك متعبة؟”
“هـه؟ لا، إطلاقًا!”
“لا بأس. يمكنك التحدث بصراحة.”
تردد الخادم، واسمه فيليب، قليلاً. من غير اللائق أن يشتكي خادم إلى آنسة من العائلة النبيلة، لكن أسلوبها اللطيف والهادئ جعله يتردد.
وكان قد سمع أنها عاشت حياة شبيهة بحياة العامة قبل دخولها القصر، فربما تتفهمه. لذلك قال بحذر:
“بصراحة، السيد المسن متطلب جدًا، لذا العمل معه مرهق. لكنني أتقاضى راتبًا جيدًا مقابل ذلك…”
لاحظت كاليوبي تردده، فهزّت رأسها لتُشجّعه على الحديث أكثر.
“صحيح. حتى أنا، رغم أنني أعتمد عليه كثيرًا، أعلم أنه عصبي وصعب المراس.”
أومأ فيليب برأسه وقد شعر ببعض الراحة.
“بالضبط. لو لم أكن بحاجة لتوفير مال الزواج، لما بقيت هنا حتى الآن.”
سوزان عقدت حاجبيها دون أن يراها، فمن غير اللائق مشاركة آنسة نبيلة بهذه التفاصيل الخاصة. لكنها التزمت الصمت لأنها كانت تعلم أن هذا ما كانت آنستها تريده بالضبط.
توقفت كاليوبي عن السير واستدارت نحوه بابتسامة، مما جعله يرتبك.
“لقد عانيت كثيرًا حتى الآن، وأود مساعدتك بعض الشيء.”
“عذرًا؟”
كان يرمش بعينين متسائلتين، بينما ازدادت ابتسامتها عمقًا.
من الواضح أنه لا يملك ولاءً كبيرًا للعائلة، ويبدو أنه قد سئم من ديتـرون، لذا فإن استمالته لن يكون أمرًا صعبًا.
“لم أتوقع أن يوافق بهذه السرعة.”
قالت سوزان عندما دخلتا معًا إلى المبنى الرئيسي.
“من يرغب أصلًا بالبقاء إلى جانب ذلك الرجل لفترة أطول؟”
كانت كاليوبي تتظاهر باللطف، ووعدته بتعويض نهاية خدمة يعادل مهر الزواج، إضافة إلى رسالة توصية.
ورغم أنه كان يشك في البداية، إلا أن كاليوبي بررت الأمر بأنها قلقة على صحة ديتـرون وتريد تعيين خادم لديه بعض المعرفة الطبية، فاقتنع.
فـديترون لم يعد قادرًا على توظيف أكثر من خادم واحد.
_ “لا يمكنني أن أطردك مباشرة وأنت من خدم جدي الأكبر، أليس كذلك؟ سأحرص على ألا تشعر بالخذلان، فهل يمكنك قبول ذلك؟”
_ “بالطبع!”
ورغم أن مبرراتها كانت هشة، إلا أنها كانت كافية ليطمئن لها.
كما وافق على إبقاء الأمر سرًا حتى لا يُسبب حزنًا للجد.
‘كم هو محزن أنه لم يُعامَل باحترام كافٍ حتى يثق بكلامي بهذه السرعة رغم أنني بالكاد رأيت وجهه من قبل’.
عندما وصلت كاليوبي إلى غرفتها، التقت بجاك، الذي بدا وكأنه عاد للتو.
دخل معها وأبلغها مباشرة:
“دايلورين وافقت.”
“وما الذي طلبته؟”
“دعمًا طبيًا لأختها المريضة.”
“هذا سهل. بمجرد أن يغادر الخادم الحالي، اجعلها تتولى خدمة ديتـرون فورًا.”
حين وصلت إلى مكتب إيلان، كان أحدهم يخرج منه في تلك اللحظة.
رفعت رأسها قليلًا، فرأت وجهًا مألوفًا… إحدى وصيفات زوجة الماركيز.
بملامحها العادية، لم تتجاهل كاليوبي وتمرّ بها، بل توقفت وانحنت لها بتحية خفيفة تليق بنبيلة. ثم، وكأنها كانت تنتظر هذه الفرصة، طلبت إذنًا بالكلام وتحدثت.
“السيدة زوجة الماركيز تطلب منكِ مشاركتها العشاء غدًا.”
“زوجة الماركيز؟”
أمالت كاليوبي رأسها قليلاً.
كانت تظن أن الحديث الأخير بينهما سيكون آخر لقاء يجمعهما، ولم تكن تتوقع أن تطلب لقاءها مجددًا.
لكنها أومأت برأسها موافقة. على أية حال، كانت تخطط لطلب خدمة منها.
“أخبريها أنني موافقة.”
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 24"