حتى تنفّسي يبدو غريبًا، والهواء نفسهُ أصبح خانقًا.
كنتُ أعبث بكوب الشاي كدميةٍ مكسورة تُصدر صريرًا.
‘آه… بقينا وحدنا مجددًا… ماذا يجب أن أقولُ؟!’
ولم تكن إيميلي هي الغريبة الوحيدة في الموقف.
بل حتى خدم القصر لم يبدوا مختلفين.
ما إن أعدّوا غرفة الضيوف، حتى اختَفوا واحدًا تلو الآخر بسرعةٍ عجيبةٍ.
وكأنّهم تلقّوا أمرًا صريحًا بالانسَحاب.
“ألم تؤكّدي لي بالأمس؟”
“……”
“أنّكِ قادرة على حلّ الأمر وحدكِ.”
“……أنا آسفةٌ…”
وهل هذا أمر أستحقّ أن أُلام عليه؟
بصراحة، كم مرّ يوم على قولَي لذلك؟
يا له من شخص قاسٍ. بالكاد مرّ يومٌ واحد.
وفوق هذا كله، لماذا يجب أن يظَهر إدوين فجأةً اليوم من بين كل الأيام؟
‘هل كان السبب أنّي تحدّثتُ عن فسخٌ الخطوبة؟’
بهذا الشكل، يبدو أن الكون بأسره تواطأ لإيقاعي في ورطةٍ.
‘تبًّا… بسبب ذلك الأحمق إدوين، أنا من يتلقىَ التوبيخ الآن.’
لكن، أمام هذا الرجل، دائمًا ما أشعر بأنّي أصغُر حجمًا.
لو لم أعتذر في الوقت المناسب، لشعرتُ أنني سأُوبَّخ أكثر.
“من الأفضل أن تُنهي مثل هذه الأمور سريعًا، أليس كذلك؟”
“نـ-نعم. قـ-قد تواصلتُ مع والديّ أولًا، وأخبرتهم بأنّي فسختُ الخطوبة.”
فسخ الخطوبة مع إدوين أمرٌ مفروغٌ منهُ.
لكن خوفِي من كايل شيءٌ آخر تمامًا.
ماذا لو غيّر رأيه؟ هل سيتعامل معي كما فعلَ مع إدوين؟
هل سيقول لي: أأقتلكِ؟ أم أُعذّبكِ حتى حافةِ الموت فقط؟ هل سأكون أنا التالية؟
لا، مهلًا. عندما أفكر بهذا الشكل… يبدو سخيفًا.
“إيفلين.”
“نعم؟”
“إن كنتِ تُفكّرين بأمرٍ آخر، من الأفضل أن تتخلّيَ عنهُ.”
“هاها… تفكير آخر؟ لا، بالطبع لا. مـ-مثل ماذا؟”
سألتُه وأنا أفرك يديّ الباردتين.
‘درجة حرارتي ترتفع وتنخفض كثيرًا مؤخرًا… هل يجب أن أذهب للطبيب؟’
في تلك اللحظة، انصبّت عيناه الحمراوان عليّ فجأة.
كنتُ أسألُ فقطَ بدافعِ الفضول.
لكن نظرته كانت قاسية، كوحشٍ يحدّق بفريسته الضعيفة.
“أعني، فقط خشيتُ أن تكوني تبحثين عن وسيلةٍ للتملّص من المسؤولية.”
“آه… إن كان الأمر هكذا، فلا داعي للقلقَ أبدًا. التهرّب؟ مستحيل.”
تلك النظرة… لا تنمّ عن أيّ رحمة.
‘هل هذه الهالة المخيفة شرط أساسي لأيّ شخصية شريرة في الروايات +١٩؟’
في الروايات، يكون خطيرًا لكنّه جذّاب.
لكن إن أصبح الأمر واقعيًّا… فهو مرعبٌ فقط!
ماذا أفعل؟
“……ـفلين.”
والأسوأ، إن فكّرتُ بالجدول الزمني… فالبطلةُ ستظهرّ قريبًا.
‘صحيح، عليّ فقط أن أُمسك نفسي إلى أن تصل البطلة.’
“إيفلين.”
ناداني بصوتِه المنخفضَ والباردَ.
“نـ-نعم؟!”
“اقتَربي قليلاً.”
أشار برأسه إلى المقعد بجانبه.
“هكذا فجأةً؟”
“نعم.”
أجاب بثقةٍ. فتقدّمتُ نحوه بتردّد.
لكنّي لم أجلس، بل وقفتُ في حذر وسألته:
“لِـ-لماذا؟ أواه!”
فجأة، دارت رؤيتي بالكامل.
“مـ، ما الذي… فجأةً؟!”
وجدتُ نفسي جالسة على ركبتيه!
يا إلهي! ما هذه الوضعية المخجلةُ!
حتى وإن كنّا وحدنا، فنحن في غرفةِ الضيوف التابعة لقصر والديّ!
ليست حتى غرفةً خاصة!
وقد اتفقنا بوضوح على المضيّ خطوةً بخطوةٍ.
ومع ذلك، هو يخرق الاتفَاق بكلّ بساطةٍ؟
‘لا بدّ أن أوبّخه بشدّة.’
“هل تشعرين بعدم الراحةِ؟”
“لـ، لا! حضنك واسعٌ ومريح، لكن… الأمر لا يزال مبكرًا…”
“لكنّكِ كنتِ تحبين هذا.”
“هاه؟”
“أن تكوني معي. ألم تحبّي ذلك؟”
استغرق الأمر ثانية فقط لأفهم المعنى.
‘…أيّها المنحرف!’
توقّف عن هذا فورًا!
“وجهكِ صار كالتفّاح الأحمر.”
“…….”
“لا تقولي لي… هل كنتِ تفكّرين بأمرٍ غير لائقٍ؟”
“مـ-ماذا تقولُ! لا تتّهمني هكذا!”
بدأتُ أتحرّك فوقه محاوِلة الإفلات.
لكن قوّته لم تسمح لي حتى بالحركةِ.
“قلتُ كلامًا عابرًا، ومع ذلك احمرّ وجهكِ.”
“كذب! قلتَه بنيّة خبيثة!”
“مستحيل. لم تكن لديّ أيّ نيّةٍ أخرى.”
“…حقًا؟”
“نعم.”
‘الآن أبدو أنا كأنّي المخطئةُ.’
أطبقتُ شفتيّ بصمت.
لكن كايل ظلّ يُمعن النظر في وجهي بهدوءٍ.
ذراعه تحتضنني، ويده الأخرى أمسكتْ بمعصمي برفقٍ. حيثُ لا تزال آثار أصابع إدوين باقيةٍ.
“هل معصمكِ بخير؟”
“نـ-نعم. بفضلِكَ. ولم يكن الضغط شديدًا أصلًا.”
صمت لثوانٍ، ثم قال بصوتٍ جدّي:
“حين نتزوّج، سأحبسكِ في غرفتنَـا.”
“ماذا؟!”
“سيكون ذلك أفضل من أن تتأذّي هنا وهناكَ.”
“…….”
“ولا أرتاح لفكرةِ أن يراكِ الآخرون.”
“و، ولكن… لِـ-لماذا غرفتناَ بالتحديدِ؟!”
ارتجفتُ وسألتُ فورًا.
لماذا غرفَتنا؟ لماذا ليسَ المكتبة؟ أو غرفة الجلوسَ؟
لكن سؤالي لم يُؤخذ على محمل الجد.
‘ما إن اختفى إدوين، حتى ظهر! الوحشَ الحقيقي.’
وإن التقى هذا الوحش بالبطلة… فأين سيكونَ مكانيَ أنا؟
‘يا ترى، هل هناك تعقيدٌ أكبر من هذا في الحياة؟’
كنتُ أغرق في التفكير حين قال فجأةً:
“لو ضغطتُ أكثر، لربّما كُسر معصمكِ.”
قالها بصوتٍ باردٍ خالٍ من أيّ انفعال.
“ماذا؟ ماذا كُسر ماذاَ؟!”
“معصمكِ، طبعًا.”
ألم يكن يكفيه أن يقول إنّه نحيفٌ فقط؟ لماذا يقول “ينكسر”؟
أخافتني كلماته، وتصبّب العرقُ من ظهرَي.
ابتلعتُ ريقي بصعوبة، فشدّ ذراعه حول خصري أكثر.
‘آه، لا أستطيع التنفّس!’
“هـ، هيه… كايل!”
“نعم.”
“هل يمكنكَ إنزالي الآن؟”
“لا. لا يمكن.”
“لـ، لكنّنا في غرفة الضيوف… ألا تعتقد أنّ هذا غير لائق؟”
“…….”
“ولسنا متزوّجين بعد… نحن بالكاد نتعارفُ!”
إنّه بيت والديّ! والخدم في الخارج!
وبهذه الوضعية، سيظنّون أنّنا زوجان حقيقيان!
“…….”
نظر إليّ كايل بصمتٍ.
ثم ضحك فجأة ضحكة خفيفة.
‘ما، ما هذه النظرة الساخرة؟’
تلاقت عينانا، ثم قال:
“يبدو أنّكِ لا تفهمين.”
“…هاه؟”
“المكان لا يُشكّل فارقًا.”
“…….”
اقترب منّي أكثر، دون أن أستوعب ما ينوي فعله.
‘ما الذي يحدث؟’
وجدتُ نفسي أُسند رأسي إلى صدره، أشعرُ بارتباكٍ شديد، وأنفاسي مضطربة بسبب خطفهِ لها، ليس بسبب إرهاق جسدي، بل بسبب ثقل المشاعر التي اجتاحتني فجأة.
نظرتُ إلى الساعة، وقد مرّ وقتٌ طويل.
‘يا للعجب.’
لم أعد أملك حتى طاقةً للدهشة.
كان يحتويني بهدوء، وكأنّه يريد تهدئتي.
رغم ملامحه القاسية، إلّا أنّ في تصرّفاته جانبًا حنونًا… أو هكذا خُيِّل إليّ للحظة.
“يا لكِ من ضعيفةِ البنية.”
“هـ، هه!”
سحبتُ نظرتي فورًا. لا، ليس حنونًا.
رفعتُ رأسي بامتعاض.
‘أنا مضطربة بسببه هو!’
هل يُعقَل أن تكون المشكلة فيّ؟! لا، بل في غرابة تصرّفاته.
حاولتُ أن أبتعد قليلًا. حاولتُ حقًّا.
“تـ-توقّف. فقط لحظةً، كايل!”
“همم؟ ماذا هناك؟”
“هل تعرف أين نحن؟! هذه غرفة الضيوف!”
“أعرف. لذا ابقي مكانكِ، لا حاجة لصرف طاقتكِ بالجدال.”
“لكننا لسنا متزوّجين!”
نظرتُ إليه مذهولة، لكنّه لم يُظهر أيّ تأثّر بكلامي.
“ألم تكوني أنتِ من طلب قضاء وقتٍ لنتعرّف أكثر؟”
قالها ببساطة، وكأنّ ما يجري طبيعيّ تمامًا.
“أنا… لا… لا أملك كلمات!”
“هكذا؟ مؤسف.”
قالها بصوتٍ خالٍ من أيّ ندم.
‘هذا يكفي.’
لقد حان الوقت لأضع له حدًّا… وربّما لألقّنه درسًا لا ينساهُ.
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 8"