“لمَ لا تجعلين الدوق هو من يرفضكِ؟”
“يـ-يرفضَني؟ كيفَ؟”
“لقد وصلتَ هذه بالمناسبة.”
أخرجت إيميلي من جيبها بطاقة مزيّنةً بزهرةٍ صغيرة. كانت دعوة من عائلة البارون فيوريل.
“أرسلت الآنسة كيت دعوة لتناول الشاي. أليستَ كيت خبيرةً في الحب؟ ولديهَا خبرة واسعة.”
“صحيحٌ! لقد رُفضت هي كثيرًا أيضًا!”
“جيد. ماذا لو ذهبتِ غدًا وسألتِها عن طرق الرفض؟”
كانتَ فكرةً رائعةً.
* * *
في تلك الليلة، على الرغم من انشغالي، كتبتُ رسالة لوالديّ على عجل.
كتبتُ أنني رأيتُ إدوين يخوَنني، وفسختُ الخطوبَة في الحالِ، وأنني لا أستطيعُ الزواجَ منهُ.
بعد إرسال الرسالة، شعرتُ كأنّ ثقلًا قديمًا زالَ عن صدري.
تمدّدتُ براحة.
“آه، لقد أنهيتُ أمرًا واحدًا! ما رأيكِ، نذهبَ في نزهة ليليةٍ بعد وقت طويل؟ ماذا تقوَلين، إيميلي؟”
“فكرةٌ جيدةٌ.”
بينما كان والداي غائبين، كنتُ أتمتّع بحريةٍ نسبيةٍ.
هكذا، يمكنني الذهاب في نزهةٍ ليلية متأخرةً عن وقت النوم المعتاد.
كان ضوء القمر ساطعًا، والهواء الليلي منعشًا.
“يستمرّ في توبيخي قائلًا إنني أضع تعبَير راكون! مذهولٍ. كنتُ حقًا مصدومةً! أنيَ أول امرأة له، هذا لا يُعقل. يبدو وكأنّه يغيّر النساء يوميًا.”
ابتسمت إيميلي بتكاسل لكلامي.
“أنا جادّةٌ!
وكذلك، يوبّخني لأنني لا أناديه باسمه. يا للهول، ليس شخصًا يمكن مناداته بسهولة…”
واصلنا الحديث عن أمورٍ تافهةٍ ونحن نم!شي.
بينما كنا نمرّ بفناء القصر ونتجاوز الزاوية، سمعتُ شيئًا.
‘ما هذا؟’
صوتُ أوراقِ الشجَر؟
سمعتُ صوت احتكاكٍ غريبٍ من الخلفِ…
كان الأمر غريبًا. على الرغم من أنّ الطقس لم يكن باردًا، انتشرت القشعريرة على رقبتي.
أمسكتُ ذراع إيميلي بغريزة.
“إيميلي، انتظري لحظة.”
“آنسة، ما الأمرُ؟”
التفتُ بسرعةٍ لأنظر خلفي.
توقّف الصوَت الخافت فجأةً.
لم يكن هناكَ سَوى ظلّ القصر تحتَ ضوءِ.
‘شيء مقلقٌ…’
“آنسة؟”
نادتني إيميلي بهدوء بسبب تصرّفي الغريب.
“إيميلي، منذ قليل، شعرتُ كأنّ أحدًا…”
مياو!
“يا إلهي!”
قفزتُ مذعورةً، وكدتُ أفقد توازني.
لحسن الحظ، أمسكت إيميلي معصمي بسرعة.
“آنستيَ، إنّها قطة.”
كانت قطةً صغيرةً لطيفةً تتسلّقُ الحديقةَ بحماسٍ.
أمسكت إيميلي طرَف تنّورتها الرسميةَ بكلتا يدَيها وتوجّهت بخطوات سريعة نحو الحديقةٌ تحتَ الكرمةِ.
بينما كنتُ أراقب إيميلي تبتعدُ، لاحظتُ أنّ خدّها منتفخ قليلاً.
تبتسمُ إيميلي كثيرًا أمام الحيواناتِ الصغيرةِ.
فركتُ ذراعي بسبب القشعريرةِ المفاجئةِ، ربما بسبب نسيم الليل.
‘أشعر كأنّ أحدًا يراقبني… ربما هذاَ من خيَالي.’
اقتربت إيميلي من القطةِ وأخذت تُداعبها وهي تفركَ ذقنها.
مياو، مياو!
فجأة، كأنني مفتونةٌ، اتّجهتُ بنَظراتي نحو الفراغ الليلي البعيد.
“إيميلي! احذري!”
هرعتُ إلى إيميلي وعانقتهَا.
بام! رنّ صوت تحطّم أصيص خلف ظهري.
“آنسة! هل أنتِ بخير؟”
“نعم، بخير. ربما سقطَ أصيصٌ من الشرفةِ الخارجَية. ربما دفعتهُ القطةُ دون قصد.”
اقتربتُ من الأصيص المكسور وجلستُ القرفصاء.
“ماذا نفعلُ؟ تحطّمَ الأصيصُ تمامًا.”
“اتركيه آنستـيَ. الظلام قد يسبّب جرحًا. سأزرعه غدًا صباحًا.”
* * *
“الحمد لله! يمكننا إنقاذه!”
استيقظنَا مبكرًا وذهبنا إلى الفناء الخلفي.
جلستُ أنا وإيميلي القرفصاءَ معًا، وأمسَكنا بمجرفة صغيرة وحفرنا في الحديقة.
لحسن الحظ، بقيت زهرة الليلكَ في مَكانها. قرّرنا نقلها إلى الحديقة لإنقاذها.
“لحسن الحظ، لم تتضرّر الجذَورُ.”
“صحيحٌ! هذا رائع!”
زرعنا زهرة الليلك مع جذورها، وغطّيَناها بالتراب، ثم ضغطَنا عليها بالمجرفةُ.
“قلتُ إنني أستطيع التعامل بمفردَي. جسدكِ ليس بحالة جيدة.”
“لكن معًا، سننَتهي أسرع.”
عندما أجبتُ وأنا أدير عينيّ، هزّت إيميلي رأسها وضحكتَ.
“حقًا، هل هناك من يستطيع التغلّب عليكِ؟”
ابتسمتُ لإيميلي بمرح.
فجأة، رنّ صوت صراخ مزعج من بعيد.
“إيفلين!”
من خلف كتف إيميلي، رأيتُ خطيبي، لا، خطيبي السابق.
“إدوين؟ ما الذي تفعله هنا؟”
“أين كنتِ مختبئةً تلك الليلة؟ بحثتُ عنكِ طويلًا.”
“تحدّث بصدقٍ. لم أختبئ، بل هربتُ منك.”
“حسنًا، لا يهم. لنتحدّث أولاً.”
“لا؟ ليس لديّ ما أقوله لك. ارجع من حيث أتيت.”
تنهّد إدوين ومرّر يده على جبهته.
“ما حدث تلك الليلة كان خطأ. صدقًا.”
“كفى. لا يهمني. عش حياتكَ مرتكبًا الأخطاءَ.”
“استمعي إليّ، من فضلكِ. كانت مجرّد ليلةٍ عابرةٍ. هي من أغرتني…”
توقّف إدوين عن تبريراته فجأة، وعبس كأنّه منزعج.
“لحظة. ما هذا؟”
أمسك إدوين معصمي بقوة.
نظرَ إلى المجرفِة في يَدي وعبَس.
“ما هذا؟ لمَ تفعلين شيئًا وضيعًا كهذا؟”
نفضتُ يدهُ.
“أفلت يدي وتحدّثَ! لم يعد لديّ ما أقولهُ لكَ، ارجعَ من حيثُ أتيتَ.”
“لمَ تفعلين هذا؟ هل هي من أمرتكِ؟”
أشار إدوين إلى إيميلي بعصبيةٍ.
“ما يهمّك إذا حفرتُ الأرض أو استخدمتُ المجرفة؟ آه! هذا مؤلم!”
لم يردّ إدوين، وأمسك معصمي وسحبني نحو إيميلي.
“مرحبًا، سيد إدوين.”
انحنت إيميلي وهي تجمعَ يديها.
“مرحبًا؟ تحدّثي بوضوح. هل أنتِ من أمرها؟”
“آسفة، سيدي.”
“إذا تأذّت يدها، هل ستتحمّلَين المسؤولية؟”
“آسفة، سيدي. سأكون أكثر حذرًا.”
أمسك إدوين معصمي وهزّه وهو يوبّخ إيميلي.
اخترقت أظافره غير المرتبةِ جلد معصمي.
“إدوين، هذا مؤلم! أفلت يدي وتحدّث!”
“هل ظننتِ أنّها صديقتكِ لأنّها لطيفة معكِ؟
ألا تعرفين مكانتكِ؟ ماذا لو أصيبت هذهَ اليد الجميلةُ بخدش؟”
“آسفةٌ.”
على الرغم من الإهانات الموجّهة إليها، كرَّرت إيميلي اعتذارها وهي مطأطئةٌ رأسَها.
توقّف ألم معصمي للحظة، وصرفتُ على أسناني.
“إدوين، احترس من كلامكَ. لن أتحمّل أكثر.”
أمسكتُ المجرفةَ بقوةٌ.
ضحكَ إدوين بسخريةٍ على تحذيري وواصل إهانةَ إيميلي.
“آه، هل ستبيعين جسدكِ لدفع تكاليفِ العلاَج؟ بهذا الجسد الوضيع، يمكنكِ…”
بام!
“أيّها الأحمق! قلتُ لك توقّف! قلتُ إنني لن أتحمّل!”
ضربتُ مؤخرة رأس إدوين بالمجرفةِ.
ترنّح إدوين للحظة، ثم استعاد وعيه ونظر إليّ بدهشة.
“هل جننتِ؟ كيف تجرؤين على رفع يدكِ على من سيكون زوجكِ؟”
“زوج؟ قلتُ إنني فسختُ خطوبتنا. أرسلتُ رسالة لوالديّ بالفعل!”
“لا، لن أسمح بذلكَ. أيّ فسخ؟”
“لا أريد الزواج منكَ، فماذا ستفعَل؟ أنتَ من تلوّى مع امرأة أخرى في الحفل الذي رافقتكَ إليه.”
“هذا! كا… تلكَ الفتاةُ هي من بدأتَ!”
“كا، ماذا؟”
ليس كايل، أليس كذلك؟
من الشتائم التي تبعتَ حديثهُ يبدو يريدُ أنّ يشتم ذلك الشخص.
حسنًا، لا يجرؤ على شتم الدوق هارديون إلا إذا كان لديه حياتان.
“آه! لمَ تحدّقين هكذا ؟ هل هذا مشهد ممتع؟”
“لمَ تصبّ غضبك على إيميلي التي تقفُ ساكنةً؟”
انتزع إدوين المجرفةَ من يدي.
تقدّم نحو إيميلي ورفع المجرفة! فوَق رأِسها.
أغمضت إيميلي عينيها بقوةٍ وهي مطأطئةٌ رأسها.
‘لا!’
هرعتُ لأقف أمام إيميلي وأغمضتُ عينيّ.
“ظننتُ أنني سمعتُ نباح كلب.”
فجأة، سمعتُ صوتًا عميقًا مألوفًا.
كأنّ ذلك الصوت الحاد كان إشارةً، سادَ الصمتُ.
اقتربت خطوات ثقيلةٌ، وفتحتُ عينيّ على الصوت المألوفَ.
“يبدو أنّ كلبًا حقيقيًا موجودٌ هـنَا.”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 6"