أحيانًا، تكون الأمور هادئة تمامًا، لكن مع مرور الوقت لا بدّ أن يُظهر وجوده بطريقةٍ ما.
وهذا ما يحدث الآن أيضًا.
“أهُم!”
سعلتُ بخجلٍ شديد.
بصراحة، لا بدّ أن كايل يعرف حالته جيدًا، أليس كذلك؟
وفكرتي ما زالت كما هي دائمًا.
‘من الآن فصاعدًا، لا مزيد من العلاقات الحميمة أبدًا!’
“أوه؟ ما ذاك؟”
تظاهرتُ أنني أنظر بانتباه إلى الأرض بجانب الطاولة في غرفة الطعام، وكأنني لاحظتُ شيئًا مريبًا، ثم تظاهرتُ بأنني أريد التحقق منه لأتمكّن من إبعاد ذراعه عني بخفة.
ثم انزلقتُ بهدوء من على فخذه، محتفظةً بتعابيرٍ جادّةٍ على وجهي.
وعندما ظننتُ أنني ابتعدتُ بما فيه الكفاية عن نطاقه!
“هيّا!”
هربتُ نحو مقعدي في الجهة المقابلة.
تبدّت على وجه كايل ملامحُ غريبة.
بدت كأنها بين السخرية واللامبالاة، بل وكأنه ينظر إليّ بازدراءٍ لطيف.
“من الآن فصاعدًا وحتى يوم الزفاف، يُمنع أيّ تلامس بيننا! ومن يُبادر باللمس أولًا عليه تنفيذ أمنية الآخر! ولأكن واضحة، أنا سأطلب شيئًا غريبًا ومحرجًا جدًا!”
أعلنتُ ذلك بجرأة.
لابد أنه فهم المقصود الآن.
* * *
انتهى وقت العشاء الطويل أخيرًا.
نظرتُ إلى النافذة في ممرّ الطابق الأول، فرأيتُ الخارج وقد غرق تمامًا في الظلام، لا يتسرّب منه سوى ضوءٍ خافتٍ من القمر.
بما أنّ العشاء استغرق وقتًا طويلًا، فقد كانت الساعة تُقارب العاشرة ليلًا.
قال كايل إنه سيُرافقني حتى الجناح الفرعي.
وخلال الطريق، بدأ يفتّش في جيبه قائلًا إنه تذكّر شيئًا كان يريد إعطائي إياه.
لم يبدُ على وجهه أيّ تعبيرٍ كعادته، لكن بما أنه ظلّ يُفتّش طويلًا دون أن يجده، بدا واضحًا أن هناك مشكلة.
“ما الأمر؟ لم تجده؟”
“يبدو أني تركته في غرفة النوم.”
“ما هو؟ هل هو شيءٌ عاجل؟”
“نعم.”
“ما هو بالضبط؟”
“شيءٌ مهم.”
لم يُبدُ أيّ نية لشرح ما يعنيه، لذا تبعتُه إلى غرفة نومه.
* * *
“عقدٌ يُحدّد القواعد خلال فترة دروس الزواج.”
يبدو أنه يُحبّ العقود كثيرًا. لا بد أنه من النوع الذي يخطّط لكلّ شيء.
في الحقيقة، عندما قال إنه يُريد أخذ “دروس العريس”، كنت أتساءل ما الذي يقصده بذلك، لكن لم يكن في العقد شيءٌ مميز.
“الطرف الأول” يجب أن يدرس ذوق “الطرف الثاني” بعنايةٍ ويدرسه.
“الطرف الثاني” مُلزَم بالإجابة الصادقة على أسئلة “الطرف الأول”.
يحقّ لـ “الطرف الثاني” الخروج بحرية، بشرط أن يُرافقه حارسٌ شخصي أو خادمةٌ مرافقَة لأسبابٍ أمنية.
يُسمَح للطرف الثاني بزيارة بيت عائلته بحرية، لكن في عطلة نهاية الأسبوع فقط.
يتناول الطرفان وجبةً واحدة يوميًا معًا.
بما أنهما خطيبان، فلهما الحقوق والواجبات نفسها للزوجين القانونيين.
لذا، على “الطرف الأول” أداء واجبات الزوج، وعلى “الطرف الثاني” أداء واجبات الزوجة.
وعلى هذا الأساس، يدفع “الطرف الأول” للطرف الثاني بدلَ نفقةٍ شهرية للحفاظ على مكانتها.
انظري إليه، كتب نفسه “الطرف الأول” بكلّ طبيعية.
يعني أنا “الطرف الثاني”، أليس كذلك؟
‘دروس العريس والزواج؟ كلها حججٌ ليفعل ما يشاء. تِف.’
لحسن الحظ، لم يكن في العقد ما يُريب. بالنسبة لشخصٍ مثله، بدا بسيطًا للغاية.
‘في النهاية، كلّ ما في الأمر أنه يُريد دراسة ذوق من ستكون دوقة المستقبل، لا أكثر.’
احتوى العقد على تفاصيلٍ مثل تفضيل الطعام ومتوسط ساعات النوم اليومية.
“ليس بالأمر الكبير إذًا.”
“اقرئيه ووقّعي هنا.”
حسنًا، لا بأس.
فقد سبق وأن شرحوا لي بنودًا مشابهة حين تناولنا العشاء في قصر الكونت.
“هنا أوقّع؟”
“نعم.”
وقّعتُ بجانب اسمي في الفراغ.
“ألن تقرئيه كلّه قبل التوقيع؟”
“قرأته كلّه بالفعل.”
“حسنًا.”
بدأتُ أشعر بالنعاس. أُريد الذهاب للنوم بسرعة.
“اذهبي واغتسلي أولًا.”
“هاه؟ لماذا؟”
“لأنك ستستلقي بعد ذلك، أليس كذلك؟”
“……سأغتسل في الجناح الفرعي.”
ما الذي يُخطّط له هذه المرة؟ نواياه واضحة كالعادة.
“لن تتمكّني من الذهاب الليلة.”
“لماذا؟ هل ستبدأ بقول هراءٍ جديد الآن؟!”
“يجب على الطرفين قضاء وقتٍ معاً يوميًا، .”
“ألم نقل إننا سنأكل معًا فقط؟! وخمس مرات أسبوعيًا؟! هل تُريد قتلي؟!”
“راجعي العقد جيدًا.”
“ماذا؟”
أشار كايل بذقنه نحو العقد على الطاولة.
‘لقد قرأته كلّه… بعناية.’
مستحيل…
قلبتُ الورقة، وشعرتُ بقشعريرةٍ في ظهري.
يقضي الطرفان وقتًا مرةً واحدة في أيام الأسبوع، بمعدل خمس مرات تقريبًا أسبوعيًا.
بعد ذلك، يُنفَّذ ما يراه “الطرف الأول” مناسبًا.
في عطلة نهاية الأسبوع، لا يوجد حدٌّ لوقت قضاؤهم معاً ، لكن إن أراد “الطرف الثاني” الخروج، فعليه أولًا أداء واجبه الذي يُحدده “الطرف الأول”.
يا إلهي…
“لا أستطيع الاحتمال!”
ضربتُ الطاولة بقوّة.
لقد كان واضحًا جدًا ما يُخطّط له!
إذا ظلّ يُمسكني طوال عطلة نهاية الأسبوع في السرير، فلن أستطيع حتى الذهاب للمنزل!
“كنتُ أحاول فقط مراعاة ذوقك، بما أنكِ تفضلينني.”
“انظر ماذا تقول!”
في تلك اللحظة، عبس كايل قليلًا ولمس يده الملفوفة بالضماد.
“آه، ما زالت تؤلمك؟”
اقتربتُ منه بخطواتٍ سريعة.
لم أكن أعرف مدى عمق الجرح، لذا لم أجرؤ على لمسه.
أخذتُ أحرّك يدي في الهواء بقلق.
“آه…”
أصدر أنينًا خافتًا.
كان من المعروف أنه بالكاد يشعر بالألم، لذا بدا أنّ الإصابة خطيرة بالفعل.
“لا، هذا لا يُمكن. دعني أرى!”
مدّ يده نحوي بهدوء.
على الرغم من خداعه بالعقد الغريب، إلا أنني لم أستطع توبيخه وهو مصاب.
“دعني أرى. لا أعلم إن كنتُ سأُجيد تضميدها، لكن سأحاول…”
نظرتُ في عينيه كمن يطلب الإذن، فأومأ برأسه.
بدأتُ أفكّ الضماد بحذرٍ شديد.
أمسكتُ بيده وقلّبتها للأعلى والأسفل.
سليمةٌ تمامًا.
“كاذب!”
لقد خَدَعَني مجددًا!
يا للوقاحة!
ضربتُ ذراعه بخفّةٍ عدة مرات.
“تكذب دون أن يتغيّر لون وجهك حتى!”
“لقد خسرتِ.”
“ماذا؟ ماذا قلت؟!”
“لقد وعدتِ.”
“من الآن فصاعدًا وحتى يوم الزفاف، يُمنع أيّ تلامس! ومن يُبادر أولًا عليه تنفيذ أمنية الآخر! ولأكن واضحة، أنا سأطلب شيئًا غريبًا ومحرجًا جدًا!”
تبا!
“لكن أنتَ من بدأ بالخداع أولًا!”
“متى؟”
“لم تُخبرني أن هناك صفحةً ثانية في العقد! وتظاهرتَ أن يدك مصابة! كنتُ قلقة عليك حقًا!”
فُفف.
غطّى كايل فمه بيده وهو يكتم ضحكة.
هذا الرجل الذي لا يُظهر أيّ دمٍ في عروقه، يسخر منّي الآن!
“أنت حقًا فظيع! تستغلّ لطف الناس بهذه الطريقة! أُغغ!”
وقبل أن أُكمل كلامي، أغلق كايل فمي.
ولحسن الحظ، تركني.
“كُنتُ أتكلم! لماذا تُقبّلني؟!”
“أنتِ حقًا لطيفة.”
“أنا لستُ لطيفةً أبدًا! أُغغ!”
حملني كايل فجأة على كأنني كيسٌ من الريش.
تدلّت رجلاي وأنا أركله في محاولةٍ يائسةٍ للتخلّص منه.
“أنزلني! أنا متعبة جدًا اليوم!”
“العقد هو العقد.”
“لقد كنتُ مشغولةً منذ الصباح! وتعبتُ كثيرًا!”
“لهذا السبب بالذات، ساساعدكِ.”
“سـ… سيُغمى عليّ إن كنت معي!”
“سأستدعي الطبيب الشخصي.”
“اتركني!”
وماذا سيقول الطبيب لو أغمي عليّ فقط بسبب وجودي معه…؟
هل سيُعلنها في القصر؟!
لقد جُنّ تمامًا!
أخذتُ أضرب ظهره بكلتا قبضتيّ، أُرفرف بساقيّ في الهواء.
صفعة!
ضربني على رأسي.
ولم يكتفِ بواحدة… بل اثنتين!
“لا، لا تضربني! أيها القاسي!”
“ابقي هادئة.”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون الروابط، لحسابي واتباد، وقناة الملفات في أول تعليق~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 41"