“أعرفُ أنكِ مستيقظةٌ. لا حاجة لكِ للتمثيل عليّ. أنتِ لا تجيدين التمثيَل أصلًا.”
“آسفةٌ. لكنني عدتُ باكرًا. في الصباح الباكر…”
“آنسة. هل تعلمين كم كنتُ قلقةٌ؟ لو اكتشفكِ السيد، لم يكن الأمر سينتهي بمجرد منعكِ من الخروجِ.”
“لكنهُ غير موجود الآن…”
“لكن مع ذلكَ.”
كان كلام إيميلي صحيحًا.
والديَّ صارمان للغايةِ ومُحافظاِن.
والدي رجلٌ مُتسلط، وذو طبعٍ حادٍ.
أما والدتي، فهي نموذجٌ مثالي لربة البيتِ الحكيمةِ.
في وقتٍ من الأوقات، كان أبي يتخذُ خليلةً وكأن الأمر طبيعي.
وبالطبع، لم تُبدِ أمي أيَّ اعتراضٍ على ذلكَ.
وكان لديهما اعتقادٌ غريبٌ.
وهو أنّه “لا ينبغي للمرأة أن تتعوّد على يدِ رجالٍ مختلفينَ كثيرًا”.
لذلكَ، خطبانيَ مبكرًا.
ومنعا ذهابي إلى المناسبات الاجتماعية من دون وجودِ خطيبي.
أما السبب الذي جعلني أستطيعُ الذهابَ إلى الأكاديمية، فكان اعتقاد والديَّ أنّ المرأة الذكيةَ تُدير منزلها بذكاءٍ.
لذلك، لو رأياني اليوم عند عودتي فجراً بهذا الشِكل…
لكنتُ تلقيتُ محاضرةً طويلة عن “هيبة السيدة الرصينة”، ولتمّ منعي من الخروجِ تمامًا.
‘وجود حظر تجوال بحد ذاته يَخنقني، فكيفَ بمنعِ كامل من الخروجِ؟! هذا مُروعٌ.’
لحُسن الحظ، والداي غادرا القصر إلى الجنوبُ ليُحضرا أختي جاكلين، لذا كان المنزل خاليًا.
فاغتنمتُ الفرصة وذهبتُ إلى الحفل المقام ليلًا، دون علمهما.
على أي حال، كان خطيبي إدوينَ سيذهبُ أيضًا، ففكرتُ أن أغتنَم الفرصة وأستمتعَ دون حظر تجوال.
لكن، لم أتخيّل أنني سأرى مؤخّرته المتحركةَ هناكَ.
بل كان مع امرأةٍ أخرى !
‘لماذا كان عليّ أن أرى ذلكَ مشهد؟!’
في الليلة الماضية، وبينما كنتُ ألهو مع صديقاتي في الحفل، اختفى إدوين فجأةً.
بحثتُ عنه في كل مكان، حتى صعدتُ إلى شرفةِ الطابق الثاني.
ومن هناك، كنتُ أرى بوضوح إلى الزاوية الخفيّة من الحديقة.
فرأيتُ رجلًا وامرأة يتعانقان في عُشبٍ قذر، كالحيوانات.
لم أتمكن حتى من وصف المشهد بالبشاعةِ، قبل أن أُدرك أنّ تلك المؤخرة تعود إلى خطيبي، إدوين.
‘أيّها المجنون.’
كأنّه حيوانّ…
ما الذي كان يفعله في عُشبٍ قذر كهذا؟ لم أفهمَ.
عدتُ مسرعة إلى القاعة، لكن إدوين لاحَقني.
كان واضحًا من منظره المُبعثر أنه قضَى وقتًا حميمًا.
وفي تلك اللحظة، أنهيتُ الخطوبَة.
“لننفصل. لنُنهِ خطوبتنا.”
“ماذا؟! هل جننتِ؟ حتى لو كنتِ غاضبةً، هذا كثير!”
“المجنون هو أنتَ.”
“إيفلين، فقط اسَمعيني. ما حدث للتوّ كان خطأً. هي من بادرتَ أولًا…”
“ارتدِ ملابسك أولًا. قراري لا رجعةَ فيه. سأُبلغُ والديّ برسالةٍ.”
تفاجأ إدوين، ثم استدار مُسرعًا ليُرتّب سرواله، بينما غادرتُ المكانَ دون ترددٍ.
‘ثمّ، في لحظة غضب، شربتُ كأس ويسكي دفعة واحدة.’
أتذكّر بوضوحٍ كلّ ما حصلَ حتى تلكَ اللحظةِ.
بعدها… الصورةُ انقطعت تمامًا.
لم أتوقع أن كأس ويسكي واحد سيُسقطني بهذا الشكل.
لكن، لم يسبق لي أن شربتُ الكحول، لذا لم أكن أعرف قدرتي على التحمل.
فوق ذلك، كنتُ أعاني من ضغَط نفسي شديد ٍبسبب اقتراب موعد الزواج.
كنتُ أعلم أنني سأُرغم على العيش كربِة منزلٍ فاضلة مثل باقي سيدات النبلاء.
بينما إدوين، بصفتهِ رجلًا، كان يلهو بجسده مع امرأة أخرى.
وهذا رغم أن زواجنا ليس عن حبٍ.
دائمًا، الطرف الذي يُطالَب بالتنازل والصبر، هو أنَا.
‘على أيّ حال، لم أكن أريدُ الزواج منهُ أصلًا. رُبما هذا لصالحِي.’
نعم، دعيني أُفكرُ بإيجابيةٍ.
“آنسة، هل أنتِ بخير؟”
صوت إيميلي القلقَ أعادَني إلى الواقعِ.
“بـ-بـالطبع! أنا بخيرٍ تمامًا! لم أفعل شيئًا سوى الشربِ اللطيفِ، قضيتُ وقتًا بريئًا جدًا!”
لكن عندما التقت عيني بعينيها، نظرت إليّ بريبةٍ.
“حقًا؟”
“نـ-نعم.”
“لكن… منذ قليلٍ وأنتِ تمسكين أسفل ظهرك وكأنكِ تعانين ألمً.”
“……”
“وتبدين وكأنكِ تعانين من ألم عضليٍّ في كلّ جسدك، وكأن أحدًا ضربكِ.”
“……”
“لقد قلقتُ عليكِ.”
“أه… هكذا إذاً.”
إيميلي ذكيّة للغاية.
لكنني تظاهرتُ بالثبات وأجبتُ بأكبر قدرٍ ممكن من الهدوء.
“همم. غريبٌ.”
ثمّ اقتربت من السرير، وقد بدا على وجهها تعبير جديّ.
“آنسة، ما هذا؟”
“مـ-ماذا؟”
رفعتْ إيميلي حاجبها وهي تُحدّق أسفل عنقي.
وفجأة، أشارت إلى موضعٍ تحت الترقوة.
“هنا. هناك علامةً حمراء وكأن أحدهم عضّك.”
مدّت يدها ولمست برفق مكان العلامةَ.
من بين حواف بيجامتي الحريرية، ظهرت بوضوح تلكَ العلامةُ الحمراء.
كانت العلامة التي تَركها هو.
“……!”
“لا تبدو كعضّة حشرة، لأنها ليست منتفخةً.”
“هـ-هكذا؟…”
شعرتُ بقشعريرةٍ تسري في عنقي.
وتصبّب العرقَ من ظهري.
رغم أنّني استحممت، لكن جسدي كان مرهقًا ولم أتفقدهُ جيدًا.
“ممم… تبدو مثل أثر أسنان.”
“أ-أثر أسنان؟!”
“نعم. أسنان بشرية.”
قالتها بصوتٍ حاسم، بنظرةٍ مليئةٍ بالثقةِ.
أعدتُ ترتيب قبة بيجامتي وقلتُ:
“أوه… أحقًا؟ مَن سيفكرُ بعضّي؟ أنا لستُ حيوانًا.”
“كنتُ أعلم ذلك. ولكن، آنسة… هل تشعرين بالحرّ؟”
“ها؟ لماذا؟”
“وجهكِ مُحمر، وكأنكِ بذلتِ مجهودًا كبيرًا.”
“آه، ربما بسبب أنّي قضيت وقتًا ممتعًا بالأمس!”
قالت إيميلي: “هممم، رُبما”، ثم وضعت صينية فضية فيها شاي البابونج وبعض الحلوى على الطاولة الصغيرة.
تنهدتُ سرًا. كم أنا ممتنّة لموهبتي في التمثيل.
قالت وهي تضع الصينية:
“بالمناسبةُ، سمعتُ أن دوق هارديون قد وصل إلى العاصمة.
الجميع في القصر مشغولٌ بهذه الأخبارِ، وهذا ما جعل قضية مبيتكِ خارجًا تمرّ دون أن يلاحظها أحد.”
“ماذا؟! هو في العاصمة؟! بالفعلُ؟ لماذا؟!”
“رُبما لديهِ عملٌ هنا.”
“لكنه يكرهُ الأماكنَ المزدحمةَ، أليس كذلك؟”
“ربما شعر فجأة برغبةٍ في الحضورِ.”
‘لكن… ألم يكن من المفترضِ أن يظل مختفيًا في مقاطعته كالشخصيةِ الغامضة؟ لماذا جاءَ باكرًا؟’
شعرتُ بتوترٍ حادّ.
“يقولون إنه وسيم للغاية. كتمثالٍ حيّ.”
“كم يبلغ من الوسامة؟”
“كثيـــرًا.”
“هل لديه حبيبةٌ؟”
“لا. أعزب.”
‘لم يتم توقيع العقد بعد. توقعتُ أن حضوره المبكر يعني تسريع الأحداث، لكن يبدو لا.’
في الرواية، يختار دوق هارديون امرأةً كـ”عشيقة مزيفة” ليمنع الآخرين من التقرّب منه.
لكن لم يُذكر في القصة من هي تلكَ المرأة.
“أووووه…”
قشعريرة سرت في جلدي، ومسحتُ على ذراعي.
“هل يزعجكِ أن رجلاً وسيمًا أعزب؟”
“إيميلي، سأقول هذا بدافع الحذر. عليكِ أن تحذري من هذا الرجل. ربما هي مجرد إشاعات، لكنهُ خطيرٌ جدًا.”
“لكن، ربما يختلفُ الواقعَ عن الكلامِ. الجميعُ قال إن مظهره مُرعب، لكن من رآه قال إنه من الجمالِ النادرِ.”
“أنا جادّةٌ. حتى لو صادفتهِ صدفةً، لا تنظري في عينيه، ولا تُحادثيه. فهمتِ؟”
“أنا مجرد خادمةٌ. هل سألتقيهِ أصلًا؟”
فتحتُ كيس الشوكولا وأنا أواصلُ تحذيرها.
أتمنّى أن تستمعَ لكلامي.
“أوه، صحيح! لقد حضر دوق هارديون الحفل البارحة…”
طَرقٌ على الباب..
دخل كبير الخدم، جيمس.
“آنسة. لديكِ زائر.”
“زائر؟ مَن؟”
“إنه دوق هارديون.”
سقطتَ قطعةُ الشوكولا من يَدي.
* * *
‘يا للجنون، ماذا أفعلُ الآن؟ لماذا جاءَ كايلَ إلى هُنا؟’
وقفتُ أمام باب غرفة الاستقبال، وأشعر برجفةٍ داخليّة.
ذلك الرجل الغامض… ينتظرني خلفَ هذا الباب.
أنا أُمعِنُ في قضم أظافري، كما لو كنتُ مدينًا يواجه مُرابيًا قاسيًا.
لم أستطع أن أُخمِّن ولو لوهلةٍ، لماذا جاء ذلك الرجل يبحثُ عني.
مسحتُ راحتي المُبللتين بالعرق على طرف ثوبيَ مرارًا وتكرارًا، لكن العرقَ كان يتدفّق ِوكأنّه ينبع من نبعٍ لا يجفُّ.
“توقّفي وادخلي.”
كان يبدو وكأنه يُراقبني منذ البدايةِ.
صوته الرجولي العميق، الذي بدا وكأنه يتصاعد من باطن الأرض، حَمل ثقلًا وغموضًا.
هل هو فقط إحساسي، أم أن نبرتهُ المأمورةَ كانت ممزوجةً بنفادِ صبرٍ؟
“فووو…”
حسنًا، لأدخلَ فحسبَ.
أنا لم أرتكب خطأً يَستحق التوترَ. لا داعي للخوفِ أولًا.
نعم، رُبما لا يكونَ الأمر خطيرًا أصلًا.
فتحتُ الباب، فرأيتُ رجلًا يرتدي زيًّا رسميًا جالسًا على الأريكةِ.
‘…لا أرى ملامحهُ بوضوحٍ، لكنه يَبدو وسيمًا بحق؟’
عليّ أن أبدأ بتحيةٍ مهذبةٍ أولًا. أظنّهِ لا يحبُّ الأشخاصَ عَديمي التهذيبَ.
“مرحبًا، يا سموّ الدوق. يُسعدني لقاؤكَ للمرةِ الأولى. هل كنتَ تبحثَ عـ… كيااااا!”
❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً في واتباد وقناة الملفات،
حسابي واتباد : _1Mariana1_
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"