تقوّست حدقتاه الحمراوان فجأة بانحناءةٍ خفيفة.
وفي اللحظة نفسِها، ارتفعَ جسدي في الهواء.
جسدي المرتبكَ تمايل بعشوائيّةٍ إثرَ اختلالِ التوازن المفاجئ.
“أُه، لَـ-لَـحظة! لَـحظة فقط! سَـأقع الآن!”
“لَن تَقعي.”
لم يُمهلني كايل حتى تنهار توازني، بل رفعني دفعةً واحدة بقوةِ ذراعيه.
وكأنّه يحمل طفلًا صغيرًا، رفعني بسهولةٍ تامة ثمّ دفعني نحو الجدار.
‘إنْ سقطتُ الآن، سَـأموت أو أُصابُ بارتجاجٍ في الدّماغ على الأقل.’
بدافع غريزة البقاء، تمسّكتُ به بقوّة.
لففتُ ساقَيّ حول خصره، واحتضنتُ عنقه بشدّة.
“أحسَنتِ.”
“أيّ أحسَنتِ؟! أَنزِلْني حالًا!”
‘ما الذي يأكله هذا الرّجل ليمتلك هذه القوّة؟!’
ذراعاه القويّتان كانتا تلتفّان حول خصري كأفعى.
بدأتُ أُحرِّك خصري يَمنةً ويَسرة محاوِلةً الإفلات من قبضته.
لكنّ قوّته كانت خارقة، فَـلا جدوى.
حركاتي الضّعيفة بدت كَـتخبّطِ حيوانٍ صغيرٍ أمام وحشٍ كاسر.
توتّرت لا إراديًّا من شدّة قبضته.
“أُف! قُلتُ أَنزِلْني!”
وأنا معلّقة كَـحشرةٍ على جسده، بدأتُ أضرب ظهره بقوّة.
ظننتُ أنّي استخدمتُ كلّ ما أملك من قوّة، لكن يبدو أنّه لم يشعر بأيّ ألم.
“سَـتُصيبين يديكِ إن استمريتِ هكذا.”
قالها بلهجةٍ محايدة، كأنّه يُسدي نصيحة.
سألته بنبرةٍ مذهولة:
“جدّيًّا؟ لمجرّد أنّ الضّيفة زارت غرفةَ النّوم للحظة، تَـفعل هذا كلّه؟!”
“لأنّكِ لستِ مجرّد ضيفة.”
‘يا ألهي! لا يتركُ أي كلمةٍ تمرّ!’
“وكذلك ظهري اصطدم بالحائط ويُؤلمني!”
تحدّثتُ بوجهٍ شبه باكٍ، مُظهرةً أقصى درجات الشّفقة.
‘ألا يقولون إنّ الوجوه الباكية لا يُمكن ردّها؟’
“آه، آسف.”
كنتُ أظنّ أنّه سيستفيق ويُنزلني فورًا.
لكن يبدو أنّي ندمتُ على قولي.
كايل، الذي كنتُ لا أزال معلّقةً عليه، حملني وسار بخطًى واسعة نحو وسط الغرفة.
لقد فات الأوان على التّراجع عمّا قلتُه.
“لَـ- لَـحظة. إلى أين تذهب؟”
“إلى الأريكة.”
ارتعشتْ نبرتي من الذّعر، بينما ظلّ صوته ثابتًا بلا تردّد.
‘هذا الرّجل… هل يريدُ أن يجلعني مجنونةً؟!’
“لَـستُ أسأل إلى أين نذهب! قُلتُ أَنزِلْني حالًا!”
“لا.”
رفضُه جاء قاطعًا، ونبرته الغليظة المتشقّقة كانت جرسَ إنذارٍ واضح.
بذلتُ أقصى جهدي لأُفلت من جسده، لكن لم أنجح.
حتّى حين وجّهتُ له ضرباتٍ بقبضتي، بدا الأمر كأنّي أُلامس تمثالًا صخريًّا.
المشكلة كانت فيَّ.
يبدو أنّ مقاومة رجلٍ بالغ بهذا الحجم في وقتٍ قصير أرهقَني تمامًا.
تراخَت قواي فجأة، وعلِقتُ عليه كخرقةٍ مبلّلة.
“هااا…”
“قلتُ لكِ ابقي ساكنة. إن استنزفتِ طاقتكِ منذ الآن، فماذا سَـتفعلين لاحقًا؟”
فلوف!
ثمّ ألقى بي على الأريكة كأنّه يرمي شيئًا لا حاجة له به.
“ألَمْ تقتحمي غرفـتي لتكوني معي؟ لماذا تريدين الهربَ؟”
انحنى جفناه بشكلٍ جعل نظراته تبدو مغريةً بشكلٍ غريب.
“لا، هذا حَقًّا، سُوءُ تفاهمٍ تمامًا!”
“قلتِ إنّكِ أردتِ رؤيتي، أليس كذلك؟”
رغم محاولاتي اليائسة لإقناعه، بدا وكأنّ كلماتي لا تصله.
في الواقع، لقد اقتحمتُ غرفته بملء إرادتي.
وشاهدني أتجوّل..
من أين له أن يُصدّق أنّها مُجرّد زيارة؟
وأنا التي جئتُ برجليّ إلى غرفة نومه.
أغمضتُ عينَيّ بإحكام.
في تلك اللّحظة، عادت إليّ كلمات إيميلي ووجهها بوضوح.
“صحيح. لذلك لمَ لا تُجرّبين التسلّل إلى مكانٍ خاصّ بالدّوق؟”
‘إيميلي… قُلتِ إنّها فكرةٌ مضمونة. ما هذا الآن؟!’
في النّهاية، تسبّبتُ بمصيبة أكبر فحسب.
“ربّما مكتب الدّوق أو القصر سيكونان مناسبَين.”
…لم يكن هناك ذِكرٌ لغرفة النّوم بين اقتراحاتها.
‘تبًّا… لماذا اختار أن يكون في غرفة النّوم بالذّات؟!’
‘هل أُجرّب طريقة التّوسُّل مجدّدًا؟ لعلّها تنجح هذه المرّة.’
“كايل…”
نظرتُ إليه بنظرةٍ حزينة وناديتُ اسمه.
اهتزّت حدقتاه الحمراوان للحظة، ثمّ استعاد تركيزه الذي كان ضبابيًّا.
‘مرّةً واحدة فقط… ارأف بي، أرجوك!’
نظرتُ إليه بعينَين ترجوانه بشدّة.
لكن لا جدوى.
حين استعدتُ وعيي، كنتُ لا أزال على سريره.
وكانت الشّمس قد ارتفعت عاليًا في السّماء.
كان جسدي مُغطًى بفستانٍ حريريّ.
حين رآني أفيق، بدأ كايل يُطعمني الطعام الذي جلبته الخادمات، وكأنّه يُنقذني من هلاك.
كنتُ مستندةً على رأس السّرير، أُمضغ الطّعام بهدوء وهو يُطعمُني بيده.
ثمّ، انهمر عليّ النّعاس مُجددًا، وأغمضتُ عينَي.
وحين فتحتُها، كنتُ نائمةً على ركبته في عربة كايل.
وصلنا إلى قصر الكونت مع مغيب الشّمس.
لا أذكر تمامًا كيف مرّ يومي.
كلّ ما أذكره بوضوح هو…
ضربتُ صدره بغضب.
“أنتَ شخصٌ فظيع!”
“نامي جيّدًا. أراكِ غدًا.”
ردّ بلا أيّ تعبير، فوضَعَ يده فوق رأسي وعبثَ بشعري ثمّ غادر.
كان هذا انتقامًا.
رأيته بوضوح وهو يلتفت ويبتسم بازدراء.
“في الحقيقة، حين وصلتُ، التقيتُ بهوغيو. لكنّه لم يُمانع أبدًا، فظننتُ أنّ الأمر طبيعي.”
لو قال هوغيو، “عذرًا، لكن لا يمكنكِ دخول غرفة النّوم”، بصراحةٍ أكثر…
ربّما كان اصطحبني إلى مكتبه أو غرفة الضّيوف بدلًا من هذا.
عندها، تحدّثت إيميلي بهدوء:
“في الواقع، أنتِ الآن بمثابة خطيبة مؤقّتة للدوق. لذلك، من الصّعب على مساعده أن يمنعكِ صراحةً.”
“صحيح، لكن… توقّعتُ أن يصرخ في وجهي ويُطردني على الأقل!”
“ألا تُفكّرين في التّراجع؟ قد تكون حوله شائعاتٌ كثيرة، لكن ربّما هو مختلفٌ معكِ. على الأقل، لم يؤذِكِ حتّى الآن.”
“…ومَن يضمن أنّه لن يتغيّر بعد الزّواج؟”
قلتُ ببرود.
‘إيميلي لا تعرفهم حقًّا.
لا يُمكنني أن أُساقَ إلى قصر الدّوق هكذا.
ليس كايل فقط، بل عائلته بأكملها تُخيفني.’
بعد أسبوعٍ، سيصل والداي وجاكلين.
يجب أن أنهي كلّ هذا قبل أن يتفاقم.
الوقت يداهمني.
شعرتُ وكأنّني مطاردة.
“هُناك، طريقةٌ صادمة حقًّا ما في جُعبتك؟ طريقةٌ أكيدة؟”
“طريقةٌ صادمة، هاه…”
وفجأة، صفّقت إيميلي بإصبعها.
“آه. الآن تذكّرتُ. هناك طريقةٌ تُصيب الرّجال بالرّجفة.”
“حقًا؟ ما هي؟!”
“آنسَتي… هل تعرفين أسلوب الحديث بصيغة الغائب؟”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 14"