وبعد حرق جثمانه، أعادته عائلته إلى مسقط رأسه ليدفن هناك.
استقالت لين ييوي من عملها كمعلمة في روضة أطفال. وباعت المنزل الوحيد الذي كانت تملكه مع سونغ تشيوتشن في مدينة شين. ثم عادت مع ابنهما إلى مسقط رأسهما.
فقد كانا من نفس البلدة.
قام والداهما بترتيب لقائهما لكونهما من نفس البلدة.
وهكذا تمكّنا من التعارف، ومن قضاء هذه السنوات القليلة معًا.
بمساعدة العائلة والأصدقاء، اشترت لين ييوي منزلًا، وبدأت التحضير لافتتاح مطعم صغير.
ولم تفتح يومًا الوصية الأخيرة التي تركها سونغ تشيوتشن قبل موته.
منذ عودتها إلى مسقط رأسها، كانت منشغلة كل يوم.
منشغلة بالتعامل مع كل ما يلزم لافتتاح المطعم، ومنشغلة بتنظيم تعليم ابنها.
وفي المساء، كانت تأخذ ابنها من الروضة، فيتناولان العشاء معًا، ثم تُغفيه بهدوء. وبعد يوم مرهق، لم تكن تعبأ بشيء، فتغفو ما إن تضع رأسها.
أخفت ذكرى سونغ تشيوتشن في أعماق قلبها. لم تذكره يومًا. لم تقل إنها تفتقده. لكنها كانت تراه دائمًا في أحلامها.
منذ أول يومٍ عرفته فيه، إلى أدقّ تفاصيل الأيام التي قضياها معًا بعد ذلك.
لا تدري كم مرةً أعادت عيش تلك اللحظات في منامها.
استمرّ هذا الحال لبضع سنوات.
وذات مرّة، اتّصل بها والد سونغ تشيوتشن ووالدته، وطلبا منها زيارتَهما، وأخبراها بأن لهما أمرًا هامًا يُريدان محادثتها فيه.
نظرت والدة سونغ إلى كنّتها الصالحة واللطيفة بعينين دامعتين، وقالت لها وقد اعتصرها الألم، “ويي ويي، لقد فكّرنا في أمرٍ طويلًا، وأردنا أن نحادثكِ فيه. أنتِ….”
توقّفت والدة سونغ عن الكلام وقد خانتها العَبَرات. ثم تماسكت بالكاد، وتابعت قائلة، “أمامكِ حياةٌ طويلة، عقودٌ كثيرة ما زالت تنتظركِ. ينبغي أن تفكّري في نفسكِ وفي كانغ كانغ. أنا في الحقيقة…كنتُ أودّ أن أقول، لو قابلتِ شخصًا مناسبًا، حاولي من جديد، حسنًا؟ أنتِ لم تكملي الثلاثين بعد، ما زلتِ شابة….”
“لو رغبتِ في أخذ كانغ كانغ معكِ إلى مكانٍ آخر، فاذهبا معًا. وإن لم تريدي، فاتركيه لدينا. يمكنكِ زيارته متى ما اشتقتِ إليه….”
وقبل أن تُنهي والدة سونغ حديثها، ابتسمت لين ييوي وقالت، “أمي، لا أنوي فعل أي من ذلك.”
دخل سونغ كانغ من الخارج راكضًا. كان لا يزال صغيرًا، لكن ملامحه الجانبية بدت وكأنها صورةٌ عن سونغ تشيوتشن.
ضمّته لين ييوي إلى صدرها، وربّتت برفق على رأسه، ونظرت إليه بعينين تملؤهما الحنوّ.
“ما أريده فقط، أن أفتح مطعمًا صغيرًا، أستقرّ به، وأمضي وقتي برفقة كانغ كانغ ومعكم. هذا يكفيني.”
فانهارت والدة سونغ بالبكاء فورًا.
أما والده، فنهض وخرج من الغرفة دون أن ينطق بكلمة. ثم أشعل سيجارة في الفناء.
***
في العام التالي، افتتحت لين ييوي مطعمها الصغير رسميًا.
عادت الحياة إلى طبيعتها دون أن تنتبه، وسارت وفق وتيرةٍ ثابتة.
في ذلك الخريف، أخذت لين ييوي يد ابنها، وقادته معها لزيارة سونغ تشيوتشن في المقبرة.
أثناء السير، ويدها تمسك بيده، خطرت في بالها عبارة كانت قد قالتها لـ سونغ تشيوتشن ذات مرة.
“تشيوتشن، هل وُلدتَ في صباح أحد أيّام الخريف؟”
ابتسم سونغ تشيوتشن وقال، “نعم، ولدتُ في صباح خريفيّ.”
فابتسمت لين ييوي أيضًا، ثم همست باسمه مرتين، “تشيوتشن، تشيوتشن.”
“أظنّ أنه اسم جميل.”
عانقها سونغ تشيوتشن، ثم مال ليقبّل خدّها، وهمس في أذنها، “حقًا؟ إذن ردّديه أمامي دومًا.”
“أحبّ أن أسمعكِ تنادين باسمي.”
تشيوتشن.
تشيوتشن.
تشيوتشن.
هَبّت نسمة ريح باردة، قاسية تخترق الجلد.
ورقة صفراء ذابلة دارت في الهواء، ثم هبطت ببطءٍ حتى استقرّت على كتف لين ييوي.
في قلبها، كان هناك رجلٌ تشتاق إليه.
وُلِد في صباح يومٍ من أيام الخريف قبل ثلاثٍ وثلاثين سنة.
ومات في صباح أحد أيام الخريف قبل عامٍ مضى.
في السنة التي التقت به، كانت تبلغ من العمر ثلاثًا وعشرين سنة، وكان هو في السابعة والعشرين.
وفي السنة التي خطبا فيها وتزوّجا، كانت في الرابعة والعشرين، وكان هو في الثامنة والعشرين.
وحين وُلد كانغ كانغ، كانت في الخامسة والعشرين، وكان هو في التاسعة والعشرين.
حين بلغ كانغ كانغ الثالثة، كانت أمه في الثامنة والعشرين، وكان والده في الثانية والثلاثين.
والآن، أصبح كانغ كانغ في الرابعة من عمره، وهي في التاسعة والعشرين، أما هو، فما زال في الثانية والثلاثين.
لقد توقّف عمره عند الثانية والثلاثين.
ذهبت لين ييوي إلى قبر سونغ تشيوتشن. أطرقت رأسها، وحدّقت في الصورة على شاهد القبر.
كان الرجل يرتدي زيًّا عسكريًا، وعلى شفتيه ابتسامةٌ خفيفة.
لو أمكنني العودة إلى السنوات الخمس التي قضيتها معك، لأخبرتك أنني كنتُ راضية بك منذ لقائنا الأول.
لكنتُ بادرت بالحديث إليك حين كنا نتعارف.
لكنتُ أمسكتُ بيدك، بل وذراعك، حين أخذتني إلى بيت الرعب.
بعد أن بدأتُ بمواعدتك، كنتُ سأصارحك في كل مرةٍ أشتاق فيها إليك. تشيوتشن، أنا أفتقدك.
لكنتُ عانقتك بقوةٍ حين كنتُ أقف خارج محطة الإطفاء، بانتظارك لتعود إليّ سالمًا.
لكنتُ سألتك بصراحة، هل تودّ أن تعود إلى المنزل معي لتتناول طعامي، حين قلتَ إنك تشتهي ما أطبخه.
وحين قبّلتني للمرة الأولى، كنتُ سأفتح عينَيّ لأنظر إلى وجهك، وأحفر ملامحه في قلبي.
وفي تلك الليلة، بعد أن أوصلتك إلى أسفل المبنى، وعانقتك، كنتُ سأُكمل الجملة التي لم أنهِها، وأقول لك إنني معجبة بك.
لكنتُ قلتها لك، ‘أنا أحبك’، وهي الجملة التي لم أنطق بها طوال السنوات الماضية.
لو أن الوقت عاد بي، ما كنتُ لأكون بهذا التحفّظ، ولا بهذا الخجل من البوح.
لكنتُ أظهرتُ لك كم كان حبّي لك عظيمًا في قلبي.
لكنتُ أخبرتك بكل مشاعري، وأفكاري، وإعجابي بك.
لكنتُ صارحتك بكل شيء.
لكني، بدلًا من ذلك، لم أقل كلمةَ حبٍّ واحدة، وأنتَ، لن تسمعها منّي أبدًا.
***
أنا أحبك، يا سونغ تشيوتشن.
أنا أحبك.
يتبع في الفصل القادم.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"