لم يكن سونغ تشيوتشن يتوقّع أن تأتي هذه الفرصة بهذه السرعة.
وقد حدث ذلك في تلك الليلة.
احتضنا بعضهما في مكتبه برهةً من الزمن. وحين انفصلا، كانت وجنتا لين ييوي متورّدتين، وعيناها تهربان منه وتتجنّبان النظر إليه. كان الحرج باديًا عليها بوضوح.
سونغ تشيوتشن هو الآخر كان مضطربًا وقلقًا.
كانت تلك المرّة الأولى التي يعانقها فيها.
لكنه لم يُظهر ذلك.
تصرّف بهدوءٍ تام.
أمسك بيد لين ييوي بهدوء، واقتادها بهدوءٍ خارج المكتب، ثم اصطحبها إلى سيارته بهدوءٍ كذلك ليُعيدها إلى شقتها.
ولم يتبادلا أيّ حديثٍ طوال الطريق.
حين وصلا إلى منزلها، فكّت لين ييوي حزام الأمان ببطء، وفتحت باب السيارة بهدوء.
أراد أن يقول شيئًا، لكنه تردّد مرارًا وتكرارًا.
وقبل أن تهمّ بالنزول من السيارة، تجرّأت أخيرًا، ونطقت بكل شيء دفعةً واحدة.
“لم آكل كثيرًا من العشاء الذي أعددته. هل تودّ أن تشاركني؟”
نظر إليها سونغ تشيوتشن بدهشةٍ خفيفة، لم يكن يتوقّع أن تدعوه للصعود إلى شقتها وتناول الطعام بهذه السرعة.
أما لين ييوي، فكانت نواياها بسيطة. لقد أرادت أن تُظهر له امتنانها.
أثناء انتظارها له أمام مركز الإطفاء، استرجعت اللحظات التي قضتها برفقته.
وخلال ذلك، أدركت فجأةً أنهما لم يتبادلا حتى عناقًا أبدًا.
شعرت ببعض الأسى؛ أسى على ما فوّته من فرصٍ كثيرة.
كانت الفرص سانحةً في كلّ لقاء.
لكن خجلها كان يمنعها دومًا من المبادرة.
وكان ينبغي لها أن تكون هي من يُقدم على معانقته أولًا.
حتى وإن رغبت في ذلك، فقد كانت طباعها المُتحفّظة تحول دون فعلها.
مع ذلك، قد تتحوّل كلّ فرصةٍ فائتة إلى ندمٍ أبديّ.
لقد اختبرت لين ييوي قلقًا يائسًا، ولم تشأ أن تكون هي من يُثقل كاهل هذه العلاقة.
قالت في نفسها إن عليها أن تبذل قصارى جهدها كي لا تندم.
كانت تودّ أن تمضي قُدُمًا معه، يدًا بيد.
لذا.
“هل تودّ الصعود لتأكل؟” سألت من جديد.
ابتسم سونغ تشيوتشن.
ولم يكن ثمّة ما يدعوه إلى الرفض.
“نعم.” أجابها، وفكّ حزام أمانه، وترجّل من السيارة معها.
لم يُمسكا بأيدي بعضهما. سارت لين ييوي أمامه، وكان هو خلفها بنصف خطوة.
دخلا المبنى، وصعدا بالمصعد.
كانت لين ييوي متوترة وقلقة. أطرقت رأسها، ووقفت متخشّبة إلى جانبه، تتنفّس بأخفّ ما يكون.
كانت شاردةً قليلًا، تتساءل عمّا إذا كان هناك شيء ملقى هنا أو هناك في شقتها، كأن يكون غرضًا شخصيًّا مثلًا….
وحين وصلا إلى طابقها، انفتح باب المصعد. تقدّمت لين ييوي نحو الباب وأدخلت كلمة المرور.
انفتح الباب، ودخلا.
رغم أن الغرفة الصغيرة، التي لا تتجاوز بضعة أمتار مربعة، كانت مزدحمةً بالأشياء، إلا أن لين ييوي أبقتها نظيفةً ومرتبة.
أما الأرضية فكانت لامعةً نظيفة لا تشوبها شائبة.
لم يكن لديها خفّ رجالي. التفتت إلى سونغ تشيوتشن وقالت، “لا أملك خفًّا لتبديل حذائك.”
ثمّ توجّهت مباشرةً إلى طاولة الطعام الصغيرة المعدّة لشخصين. نظرت حولها لتتأكّد من أن كل شيءٍ على ما يُرام، ثم أطلقت زفرة ارتياح.
جمعت الأطباق التي لم يُؤكل منها سوى القليل، وكذلك صحن الأرز الذي لم تذق منه سوى بضع لقمات، وحين سارت نحو المطبخ الصغير، ابتسمت وقالت بصوتٍ خفيض، “لقد برد الطعام، سأذهب لأُسخّنه.”
أُغلق باب الفاصل، ووقف سونغ تشيوتشن في الغرفة يتفحّص المكان بنظره.
لم يكن هناك سوى غرفةٍ واحدة، وحمامٍ خاص، والمطبخ. وكانت المساحة المتبقّية ضيّقة.
هو، الرجل الذي يتجاوز طوله المتر والثمانين، كان يشعر ببعض الضيق وهو واقفٌ في هذا المكان.
وصوت الطهي المنبعث من المطبخ أضفى دفئًا على هذه المساحة الصغيرة.
التفت برأسه، ولم يكن يرى سوى ظلّها المموّه من خلف الزجاج المثلّج. ظلٌّ نحيلٌ ضئيلٌ ذاك الذي احتضنه قبل قليل.
وفجأةً، خطر في بال سونغ تشيوتشن عناقُهُ لها في المكتب.
فأطرق برأسه، وضحك بخفوت.
قامت لين ييوي بتسخين لحم البقر في حساءٍ حارٍّ وحامض كانت قد أعدّته من قبل، ثمّ جهّزت طبقًا بسيطًا من البيض المخفوق مع الطماطم، وأضافت إليه صحنًا من الخضار المقلية مع الروبيان.
عادت بالطعام إلى الطاولة، وجلست قبالة سونغ تشيوتشن.
كانت الطاولة المخصّصة لشخصين ضيّقة المساحة.
وحين جلسا، تلامست رُكبتيهما بخفّة. احمرّ وجه لين ييوي، وتراجعت إلى الخلف قليلًا. تظاهرت بالتماسك، وقدّمت له عودَي طعام جديدَين. “كُل.”
أخذ سونغ تشيوتشن العودين وقال، “رائحتها طيّبة.”
ثم تناول لقمة، وقال، “لذيذة.”
ابتسمت لين ييوي.
كان سونغ تشيوتشن قد اعتاد ألّا يتحدّث أثناء الأكل، وأن ينهي طعامه بأسرع ما يمكن. فأنهى عشاؤه في دقائق معدودة.
أما لين ييوي، فكان لا يزال في صحنها نصف وعاء من الأرز.
لطالما كانت تأكل ببطء، وقد اعتادت على المضغ المتأني.
كان سونغ تشيوتشن يحدّثها بينما يراقبها تأكل، وسألها، “يبدو أنكِ تحبّين الطبخ لنفسكِ؟”
رفعت لين ييوي نظرها إليه، ثمّ عادت فخفضته، وملأت وعاءها بالمزيد من الطعام. وأجابت قبل أن تتناول اللقمة، “أجل.”
“هو…نوع من الهواية.” بدا عليها بعض الحرج.
“أنتِ تطبخين بشكل ممتاز.” قال لها مجددًا مادحًا.
لكن لين ييوي لم تُخبر سونغ تشيوتشن بأنها في الحقيقة كانت تحلم بفتح مطعمٍ صغير تديره بنفسها.
لقد غمرها السرور لسماع هذا المديح منه.
وعندما كانت سعيدة، كانت تتحرّر قليلًا من تحفظها عند الحديث.
“إذن تعال لتتناول العشاء معي كلما سنحت لك الفرصة.”
انبهر سونغ تشيوتشن، ثم ضحك بخفة وأجاب، “حسنًا.”
فما إن نطقت بتلك الكلمات حتى احمرّ وجه لين ييوي ثانيةً، وأطرقت رأسها بسرعة، كأنها تريد أن تغمر وجهها في الوعاء.
وحين أنهت طعامها، بادر سونغ تشيوتشن بتولّي مهمة غسل الصحون.
وقفت لين ييوي بقربه، تُرتّب أدوات المطبخ التي استخدمتها للتو. كانت تنوي أن تعيد ترتيب الأطباق في أماكنها بينما يتولى هو غسلها.
“ييوي، هذا….” قال سونغ تشيوتشن وهو يلتفت إليها. كان يريد أن يسألها عن المكان الذي يوضع فيه الصحن.
كانت لين ييوي خلفه، وحين سمعت صوته التفتت إليه، فوجدت نفسها قريبة منه أكثر مما توقّعت.
المطبخ كان ضيّقًا بالكاد يتّسع لشخصٍ واحد، ومع وجودهما معًا، باتت المسافة بينهما شبه معدومة.
تلاقت أعينهما، وارتبكت لين ييوي للحظة، محاوِلة صرف بصرها، لكن وجنتيها سرعان ما احمرّتا بلطف.
رفع سونغ تشيوتشن يده بخفّة، وطوّق خصرها بلطف، فشعرت بقلبها يخفق بقوّة، ولم تتراجع.
في لحظةٍ هادئة وصامتة، اقترب منها أكثر، ثم طبع قبلةً خفيفة على شفتيها.
لم تطل تلك اللحظة، لكنها تركت أثرًا دافئًا في قلبها.
حين توقّف، مالت لين ييوي إلى صدره، وأدارت وجهها جانبًا، ولم تجرؤ على النظر إليه.
مدّ سونغ تشيوتشن يده الكبيرة ليمسّد شعرها. ومن غير أن تشعر، أسدل الرباط الذي كان يربط شعرها الطويل بارتخاء.
لم يمكث سونغ تشيوتشن في شقة لين ييوي طويلًا.
فما إن أنهى تنظيف المطبخ، حتى نزل إلى الطابق السفلي، وكان يعتزم العودة إلى الفريق.
رافقته لين ييوي إلى الأسفل.
في تلك اللحظة، كانت خصلات شعرها الطويل قد انسدلت. وكان النسيم الليلي يلاعبها برفق، فكانت تضعها خلف أذنيها بين الحين والآخر.
وحين وصلا إلى السيارة، استدار سونغ تشيوتشن.
نظر إليها نظرةً عميقة. ثمّ فجأةً فتح ذراعيه، وأمال رأسه قليلًا، وابتسم قائلًا. “دعِي هذا الطفل الكبير يعانقكِ مرةً أخرى.”
فذهبت إليه لين ييوي بخجل.
وعانقته بدورها.
كان النسيم الليلي لا يزال يهبّ، يُلامس خدّيهما برقة.
ولم ينطق أحدٌ منهما بكلمة. كلّ ما فعلاه هو أن يتعانقا في سكون.
كان الجوّ مهيّأً تمامًا لتلك اللحظة.
وبعد برهة، نادت لين ييوي بصوتٍ خافت، “تشيوتشن، أنا….”
كان صوتها ضعيفًا، وانقطع فجأةً.
لم تُكمل حديثها. بل شدّت ذراعيها حول خصره بصمت.
وخرجت ضحكةٌ خفيفةٌ من صدر سونغ تشيوتشن.
ثم أرخى ذراعيه عنها وقال بلطف، “يجب أن أذهب. نامي باكرًا.”
ابتسمت ابتسامةً هادئة وأجابت، “حسنًا.”
***
“أنا أحبك.”
“أنا أحبك.”
“أنا أحبك.”
سونغ تشيوتشن، أنا أحبك.
لو كنتُ أعلم أنه لن تسنح لي الفرصة يومًا لأقول لك هذا، لما تردّدتُ أبدًا في البوح به…مهما كان خجلي.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات