بعد نحو شهرين من التعرّف المتبادل والفهم التدريجي، أصبح سونغ تشيوتشن ولين ييوي ثنائيًّا رسميًّا.
ولم يكن ثمّة فرق كبير بين ما قبل ذلك وما بعده.
لعلّ التغيّر الأكبر كان في أن التواصل بينهما أضحى أكثر عفويّة وطبيعيّة يومًا بعد يوم.
ومنذ اليوم الذي قال فيه سونغ تشيوتشن تلك الكلمات، صارت لين ييوي تبادر إلى مراسلته، وإن لم يكن ذلك كثيرًا.
كانا يتبادلان التحيّة قبل النوم، ويُخبر كلٌّ منهما الآخر بما أكله وما فعله، وما مرّ به من أحداث سارّة أو طريفة.
وكان محتوى الحديث عاديًّا جدًا، عاديًّا إلى درجة أنه بدا كأنه حديث صديقين قديمين يتبادلان أخبار حياتهما اليوميّة.
وفي بعض الأحيان، حين يُتاح لـ سونغ تشيوتشن وقت للقائها، كان يدعو نفسه مازحًا بالطفل الكبير، ويسألها دائمًا، ‘أتودّين لقاء هذا الطفل الكبير؟’
فتبتسم لين ييوي وتجيبه دومًا، ‘أجل’.
تحدّثا كثيرًا، لكن لم ينطق أيٌّ منهما بكلمات مثل ‘أشتاق إليك’ أو ‘أحبّك’.
فلم يكونا بارعين في التعبير عن مشاعرهما. لذا لم يُكثر أيٌّ منهما من العبارات العاطفية ما لم تَبلغ العلاقة مرحلة متقدّمة.
ربّما كان الحرج يمنعهما من قول ذلك.
وذات ليلة، جرّبت لين ييوي طبقًا جديدًا، فخرج منها على نحوٍ جيّد. لونه وشذاه ومذاقه، كلّه كان على ما يُرام. شعرت برضى كبير، فالتقطت صورة له وأرسلتها إلى سونغ تشيوتشن.
ثم كتبت وسألته: [ماذا تتناول على العشاء؟]
لكنه لم يُجب.
ولم تكن لين ييوي في عجلةٍ من أمرها، فقد أخبرها أنه سيُجيب حالما يرى الرسالة.
وضعت هاتفها وبدأت بتناول الطعام. وكان التلفاز يعرض برنامجًا شهيرًا.
بينما كانت تُشاهد وتتناول عشاءها، رنّ هاتفها فجأة.
نظرت إليه بلا اهتمام، فإذا به إشعارٌ إخباري.
وكان عنوان الخبر: اندلاع حريق في المنطقة القديمة من مدينة شين، وقسم الإطفاء الخاص يُسارع إلى….
الخاص.
إنه القسم الذي يعمل فيه سونغ تشيوتشن.
فقدت لين ييوي شهيّتها في لحظة.
وضعت عيدان الطعام جانبًا وجلست متيبّسة في كرسيّها. ارتسمت في ذهنها صورة سونغ تشيوتشن حين رأته آخر مرة وهو يخطو نحو الحريق.
وبعد برهة، لم تَعُد قادرة على الجلوس. نهضت وراحت تمشي ذهابًا وإيابًا في الغرفة. ثم أمسكت بهاتفها بقلق وأرسلت رسالة عبر ويتشات إلى سونغ تشيوتشن.
لين ييوي: [رأيتُ الخبر عن مهمّتك. حين تنتهي وترى هذه الرسالة، أخبرني.]
كانت تُريد في الحقيقة أن تقول، سونغ تشيوتشن، عليك أن تعود سالمًا.
لكنّها شعرت أنه كلام لا جدوى منه.
فلا حاجة لأن تنطق به تحديدًا.
ستدعو له في قلبها.
أرجو أن تكون بخير.
أرجو أن تعود سالمًا في كلّ مرة تخرج فيها لأداء مهمّة.
فجأة، بدا الزمن طويلًا بلا نهاية.
كأن شريط فيلمٍ طُوّل عمدًا إلى ما لا نهاية، لا يصل إلى نهايته أبدًا.
طال انتظار لين ييوي لردّ سونغ تشيوتشن. ولم تكن هناك أخبار جديدة عن تطوّرات الموقف.
كانت تتنقّل في شقتها ذهابًا وإيابًا، لا تدري كم مرةً دارت داخل تلك المساحة الضيّقة. بدأ نفسها يثقل شيئًا فشيئًا، فقرّرت النزول إلى الأسفل.
كان الخريف قد حلّ، والليل باردًا كالجليد.
سارت لين ييوي على طول الطريق، تمضي قُدمًا بلا توقّف.
لم تكن تدري كيف وصلت إلى محطّة المترو.
وحين استعادت وعيها قليلًا، وجدت نفسها تقف أمام مبنى القسم الذي يعمل فيه.
كانت لا تزال ترتدي القميص الأبيض والجينز اللذين ارتدتهما طوال النهار.
في قدميها خفّان منزليّان.
وشعرها كان مرفوعًا بتساهل، ويبدو فوضويًّا بعض الشيء.
كان القميص الأبيض الذي ترتديه رقيقًا للغاية، ولما هبّت نسائم الليل، تسلّلت برودتها إلى داخل بشرتها.
نظرت لين ييوي إلى خفّيها المكشوفين من الأمام، وشعرت بشيءٍ من الحرج.
لم تكن تدري كيف وصلت إلى هنا.
كان الأمر غريبًا؛ كأن جسدها لم يكن خاضعًا لإرادتها، وقادها وحده إلى هذا المكان.
لكنّها شعرت أن هذا ما جعلها أكثر ارتياحًا.
لم تغادر. وقفت جامدة في زاوية غير ظاهرة، وعيناها تحدّقان في الأرض بشرود.
فكّرت لين ييوي في كلّ لحظة جمعتها به.
صارت لقاءاتهما تقلّ، لكنّه كان دومًا لبقًا، يتصرّف دومًا كرجلٍ نبيل في كلّ موعد.
كان يحبّ الضحك. ترتسم على وجهه دومًا ابتسامة هادئة، وتخرج كلماته بنغمة لطيفة، ولهجة مباشرة.
ورغم أنهما في علاقة، لم يتعدَّ ما بينهما إمساك الأيدي.
لم يعانقها حتى.
شعرت لين ييوي فجأة بغرابة ما في صدرها.
شعورٌ يصعب وصفه أخذ ينتشر ويتفاقم.
بينما كانت غارقة في شرودها، بدأت شاحنتا إطفاء تدخلان ببطء. مرّت الأولى بجانبها عائدة إلى مركز الإطفاء.
قبل أن تدخل الشاحنة التالية، فُتح باب الراكب فجأة. قفز رجل منه وركض نحوها.
وما إن بدأت لين ييوي تستوعب ما يحدث، حتى كان سونغ تشيوتشن قد وقف أمامها.
تمامًا كما في المرّة الماضية، وجهه مغطّى بالسواد، متّسخ.
لكنه ابتسم لها من جديد، كاشفًا عن أسنانه البيضاء.
وكأنّما تفاجأ، سألها، “ما الذي تفعلينه…هنا؟”
أرادت لين ييوي أن تبرّر وجودها بقولها إنه في طريقها، أو أيّ ذريعة أخرى، لكن كلّ ذلك بدا ثقيلًا وغير مقنع.
فالأفضل ألّا تقول شيئًا.
نظرت إليه بشرود، إلى هذا الرجل الحيّ الواقف أمامها، ثم تمتمت بعد لحظة بنبرة خافتة ونظرة متجنّبة، “أنا…فقط…جئتُ.”
لم تقل لماذا جاءت، لكنّها كانت هنا الآن.
رفع سونغ تشيوتشن يديه قليلًا، ثم أنزلهما بسرعة.
لم يلمسها.
كان متّسخًا.
قال لها فقط، “تعالي معي.”
تبعته لين ييوي، تخطو وراءه نحو مركز الإطفاء خطوة بعد خطوة.
وكان رجال الإطفاء الذين ترجّلوا من الشاحنة يرمقونها بأنظارهم، ما جعلها تشعر بالتوتّر والحرج، واحمرّ وجهها. لم تجرؤ على التقدّم أكثر، فتراجعت هامسةً له، “من الأفضل أن….”
تذهب.
لكن سونغ تشيوتشن قبض برفق على أصابعها، ثم التفت بوجهه وأصدر أمرًا، “الجميع، اذهبوا واغتسلوا وبدّلوا ملابسكم. بعد عشر دقائق، نلتقي في غرفة الاجتماعات لنراجع مهمّة اليوم!”
“لو جونغجين، راقبهم. مَن يتأخّر ثانية واحدة سيؤدّي مئة تمرين ضغط!”
كانت نبرته صارمة، مرتفعة وجادّة.
مختلفة تمامًا عن الطريقة التي يُحادثها بها. حتى تعابير وجهه كانت باردة، ما جعل رجال الإطفاء يشعرون بالرهبة.
ضحك رجل في أوائل العشرينات وردّ قائلًا، “أمرٌ مفهوم، أيها القائد!”
طلب سونغ تشيوتشن من لين ييوي أن تتوجّه إلى مكتبه. صبّ لها كأس ماء قبل أن يهمّ بالخروج، وقال لها، “عليّ أن أراجع المهمّة مع الفريق الليلة. انتظري هنا قليلًا.”
ابتسمت له لين ييوي. “حسنًا، سأنتظرك.”
سارع سونغ تشيوتشن إلى الاستحمام وتبديل ملابسه، ثم توجّه إلى غرفة الاجتماعات.
وحين انتهى الاجتماع، طلب من نائبه لو جونغجين أن يصطحب الأعضاء إلى العشاء، واتّجه بخطى واسعة نحو المكتب.
اغتنم الفرصة لتفقّد الرسائل في هاتفه.
رأى صورة العشاء التي أرسلتها له لين ييوي، ورأى أيضًا رسالتها التي طلبت منه أن يُطمئنها بعد انتهاء المهمّة.
وبينما كان يسير، كتب لها: [انتهت المهمّة، عدتُ الآن.]
كانت لين ييوي تنتظره في المكتب، تمسك بهاتفها حين ظهرت الرسالة.
خفق قلبها بخفة. وبينما كانت في خضمّ ارتباكها، فُتح باب المكتب.
دخل سونغ تشيوتشن، ووجهه نظيف مَصقول.
كانت لين ييوي جالسة على الكرسي، وحين رأته يدخل ويتقدّم نحوها خطوة بعد خطوة، وقفت.
كان في عينيها بريق ابتسامة خافتة، وزاوية فمها ارتفعت قليلًا. فتحت فمها وقالت بنعومة، “حين تنتهي من-.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات