بعد تأكيد علاقتهما، تَبع ذلك تعمُّقُ فهمِهما لبعضهما البعض.
في الواقع، لم تتح لهما الفرصة الكافية لتنمو مشاعرهما على مهل.
كان سونغ تشيوتشن قائدًا لفرقة الإطفاء، يحمل على كاهله عبئًا ثقيلاً. كان منهمكًا في عمله في وحدة الإطفاء، وأوقات فراغه خارجه كانت محدودة للغاية.
لكن لين ييوي لم تشعر بالضيق لقلة لقائهما.
فحين علمت أن شريك موعدها الأوّل يعمل رجلَ إطفاء، كانت قد هيّأت نفسها لهذا الواقع.
ورؤيتها له يومَها وهو يندفع إلى مركز النيران من غير تردُّد جعلها تدرك تمامًا أنها إن أرادت مواصلة علاقتها به، فعليها أن تتقبّل هذه الحقيقة.
ترسّخ ذلك في وجدانها.
***
كانت لين ييوي تعملُ معلّمةً في روضة أطفال.
في كل يومٍ كانت تقضيه بين الأطفال، وحين تعود من عملها، كانت تأوي إلى شقّتها الصغيرة المُستأجرة، التي لا تزيد مساحتها عن ثلاثين أو أربعين مترًا مربّعًا، لتُعدّ لنفسها عشاءً بسيطًا.
لم تكن من النوع المُبادِر، وكانت تخشى، أكثر من أي شيء، أن تُربكه في عمله إن أرسلت له رسالة مفاجئة. ولذا، ومنذ مرور شهرٍ على لقائهما، لم تبادر أبدًا إلى مراسلته.
وخلال تلك الفترة، في عددٍ قليل من المحادثات بينهما، كان سونغ تشيوتشن هو الذي يخطو أولى خطوات الحديث كل مرة.
كان، حين يسألها عمّا ستتناوله في عَشائها، تتولى هي إرسال صورةٍ للعشاء الذي أعدّته.
أما هو، فحين يأخذ قسطًا من الراحة وسط جدول عمله المُنهك، كان يلتقط صورة لأعضاء الفريق وهم يتدرّبون معه، ويرسلها إليها، ثم يسأل: [وأنتِ؟ ماذا تفعلين؟]
وهو يعلم الإجابة سلفًا.
فمنذ لقائهما الأول، كانت قد أخبرته بأنها معلّمة في روضة أطفال، وأنها تقضي النهار في الروضة برفقة الأطفال من الاثنين إلى الجمعة.
لكن لين ييوي لم تُحرجه أبدًا بسؤاله ‘ماذا تفعلين؟’ الذي لا محلّ له، وكانت تكتفي بإرسال بضع صورٍ للأطفال في الروضة.
ثم تكتب له: [أنا مع الصغار.]
كانا لا يزالان في مرحلة التعرُّف على بعضهما. المحادثات بينهما كانت تارةً متكلّفة وتارةً مهذّبة، لكنها لم تكن غريبة.
وقبل مرور أسبوعٍ على بلوغ شهرين من علاقتهما، تلقّت لين ييوي رسالةً من سونغ تشيوتشن في ليلة الخميس.
وبعد قليل، ردّ عليها سونغ تشيوتشن: [أُريدُكِ أن تَلتَقي بهذا الطفل الكبير.]
دهشت لين ييوي قليلًا، ولم تستوعب مغزى كلماته للحظات.
حتى ظهرت رسالته التالية: [هل تَرغَبينَ بِقَضاءِ وقتٍ مُمتِعٍ مع هذا الطفل الكبير؟]
دون أن تنتبه، ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها، وأجابت بأصابع مرنة: [أجل.]
الطفل الكبير.
ضحكت لين ييوي في سرّها.
ففي كل حديثٍ لهما، كانت تتحدث عن الأطفال الذين تعتني بهم في الروضة، وكانت دائمًا تناديهم ‘الصغار’، ولهذا بدأ هو يشير إلى نفسه بـ’الطفل الكبير’.
حدّق سونغ تشيوتشن في شاشة هاتفه المُضيئة، وحين رأى كلمة ‘أجل’ التي أرسلتها، ارتسمت على محيّاه ابتسامة خفيفة.
سونغ تشيوتشن: [سآتي لاصطحابكِ إذن.]
لين ييوي: [حسنًا، سأنتظرك.]
***
صباح السبت.
وقفت لين ييوي أمام مرآة الملابس، تحدّق في زيّها. قميص شيفون بأكمام متموّجة، وتنورة سوداء بطول متوسط تنساب بأناقة وتتّسع تدريجيًا عند الحافة، وصندل أسود رقيق بالكاد كانت ترتديه من قبل.
قاد سونغ تشيوتشن سيارته إلى المبنى الذي تقيم فيه، مستعينًا بالعنوان الذي أرسلته له. وحين ترجّل من السيارة وهمّ بالاتصال بها، رآها تخرج من المبنى.
رأى الرجل ذلك وضحك بخفّة، ثم قال بنبرةٍ فيها شيءٌ من الحنو، “ألم أقل لكِ أن تنتظري حتى أصل؟ كنتُ سأتّصل بكِ قبل أن تنزلي.”
كان قد أخبرها بذلك حين غادر، لكن لين ييوي شعرت أن التوقيت كان مناسبًا، ولم تتوقّع أن تصادفه وهو مستندٌ إلى باب السيارة، قابضٌ على هاتفه يستعدّ للاتصال، لحظة خروجها من المبنى.
رمشت لين ييوي بعينيها وقالت كاذبةً، “رأيتُ سيارتك من فوق.”
وما إن أنهت كلامها، حتى ازداد البريق المرح في عينيه.
لكن لين ييوي لم تُدرك بعد أن هناك ما يدعو للارتباك.
فتح لها باب السيارة، فصعدت وربطت حزام الأمان بنفسها.
وعندما انطلقت السيارة، تنبّهت لين ييوي إلى أن ما قالته كان بدافع ألّا تضع عليه عبئًا، ولكن….
بدا وكأنها كانت تنتظره بفارغ الصبر.
واحمرّ وجهها فجأة من الخجل.
لحسن الحظ، كان سونغ تشيوتشن منهمكًا في القيادة ولم يلحظ ارتباكها.
اصطحب سونغ تشيوتشن لين ييوي في موعدٍ إلى مدينة الملاهي.
ويبدو أنه استعان بدليلٍ إلكتروني، إذ زارا سويًّا جميع الأماكن المخصّصة للأزواج.
بعد أن ركبا الدولاب الهوائي وحصان الدوران، زارا عددًا من الألعاب الأخرى، وكانت محطتهما الأخيرة بيت الرعب.
في الظلام، كانت الأضواء الحمراء والخضراء تومض بخفوت، وكان الهواء البارد يهبّ من كلّ اتجاه، فتضفي هذه المؤثرات جوًّا كئيبًا على المكان.
كانت لين ييوي تبدو هادئة من الخارج، وكأنها فتاة هشّة تخشى هذا النوع من الأماكن المريبة.
لكن في الحقيقة، لم تكن تخشاه أبدًا.
إلا أنها تعثرت دون قصد.
وفي اللحظة نفسها، قبضت عليها يدٌ بثبات.
كانت كفّ الرجل خشنة، وأطراف أصابعه جافّة الملمس، وحين لامست جلدها، أحسّت بوخزٍ خفيف، كما لو أنها خُدِشت.
خفق قلب لين ييوي بحرجٍ لا إرادي.
وقد أمسك بيدها ولم يُفلتها.
قبض على يدها بذلك الشكل، وكأن الأمر جاء عفويًا، وكأنه أيضًا كان ينتظر تلك الفرصة.
كانت يده الجافة الدافئة تُطوّق أصابعها الرقيقة.
مضى بها يسير ببطءٍ إلى الأمام.
لم تسحب يدها، بل تركته يقودها.
وحين أحاط بهما أربعة أو خمسة أشباح، ضمّها سونغ تشيوتشن إلى صدره، وحال بينها وبين الأشباح الذين حاولوا لمسها.
لكنه لم يلمسها فعليًا، ولم يُمسك بها بقوّة.
كان كأنه رجلٌ نبيل.
رفعت لين ييوي وجهها قليلًا، وفي الضوء الخافت، لمحت ملامحه الجانبية الهادئة، وخطّ فكه المشدود.
وفي اللحظة التالية، مال الرجل برأسه فجأة ونظر إليها.
كانت لين ييوي على يقين أن نظراتهما التقت في تلك اللحظة.
أشاحت ببصرها على الفور، وقد احمرّ وجهها، وشعرت بالحرج لأنها ضُبطت وهي تُحدّق فيه.
لكنه همس قائلًا، “لماذا لم تتحدثي معي منذ وقت؟”
فوجئت لين ييوي قليلًا، ثم أجابت بصوتٍ خافت، “أنتَ مشغول جدًّا…فخشيتُ أن أُزعجك في عملك.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"