السيارة السوداء الطويلة توقفت أمام بوابة عالية مغطاة بالحديد والرموز القديمة. القصر الذي ارتفع خلفها بدا وكأنه خرج من كابوس؛ جدرانه العتيقة مكسوة بالكروم الأسود، والنوافذ تتلألأ بضوء شاحب، أشبه بعيون تراقب الداخلين.
إيزابيلا جلست صامتة، يداها ترتجفان فوق حجرها. نظرت إلى أدريان الجالس بجانبها، ملامحه جامدة كالحجر، وكأن لا شيء في هذا العالم يزعجه.
فتح السائق الباب، صوته أجوف وهو يقول: “سيدي، وصلنا.”
نزل أدريان أولاً، ثم التفت إليها ومد يده. ترددت للحظة، لكن نظرته الثابتة جعلتها تستسلم. وضعت يدها في يده، كانت باردة كالجليد.
عبروا الممر الحجري الطويل، وكل خطوة لها صدى عميق يردد نفسه في الفراغ.
عندما دخلت القصر، شعرت أن الهواء نفسه أثقل، وكأن الجدران تحمل أسرارًا لا تُقال. الشمعدانات المعلقة تضيء بنيران ضعيفة، واللوحات القديمة تراقبها بعيون غامضة.
قال أدريان بصوت هادئ لكن حاد:
“من هذه اللحظة… هذا منزلك. وكوني واثقة، لن تخرجي منه بسهولة.”
رفعت إيزابيلا ذقنها محاولة إخفاء خوفها:
“أنا لم أوافق على هذا الزواج. ولن أكون جزءًا من لعنتكم.”
ابتسم بخفة، ابتسامة غامضة لا تحمل أي دفء:
“العقد ليس بحاجة إلى موافقتك. لقد تم توقيعه بدمائك قبل أن تولدي.”
صُدمت، عيناها اتسعتا:
“ماذا تعني؟!”
اقترب منها خطوة بخطوة، حتى شعرت بحرارة أنفاسه الباردة تلامس وجهها:
“في ليلة ولادتك، أُبرم العهد بين عائلتك وعائلتي. روحك مربوطة بي… وإن حاولتِ التمرد، ستدفعين الثمن.”
قبل أن ترد، هبّت ريح قوية فجأة داخل القاعة، أحد النوافذ انفتح بعنف، والشموع انطفأت دفعة واحدة. بين الظلال التي تجمّعت في زوايا الغرفة، ظهرت كتابة غريبة على الجدار:
“خمسة عشر يومًا…”
صوت همساتٍ غامضة ملأ المكان، كأن البيت نفسه يتكلم.
إيزابيلا وضعت يدها على صدرها، قلبها يكاد يخرج من مكانه.
أما أدريان، فابتسم ابتسامة قاتمة:
“ها قد بدأت اللعبة.”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 3"