عندما تذكّرت أريانا الموعد ، تجمّدت ملامح وجهها للحظة.
مجرد التفكير في ذلك الرجل الضخم الذي يفوقها حجمًا جعل جسدها ينكمش تلقائيًا ويتوتّر دون إرادة.
لكنّ أريانا هزّت رأسها لتستعيد عزيمتها الضعيفة.
‘لا، يجب أن أنتهز الفرصة وأقدّم أفضل ما لديّ.’
بيبي ، ستبذل أمّكِ قصارى جهدها.
بعد أن أكملت زينتها برذاذ العطر، أبعدت رئيسة الخادمات يدها عن شعر أريانا.
“اكتملت استعداداتكِ ، سيدتي.”
كانت رئيسة الخادمات المسنّة، ومعهنّ بقيّة الخدم، ينظرن إلى أريانا بازدراء.
فمن الطبيعي أن يحتقروها، فهي الفتاة التي دمّرت عائلة كليفورد، ثمّ أصبحت سيدة المنزل بفضل وجهها الجميل فقط، رغم أنّهم لا يُظهرون ذلك علنًا لأنّها شأن الأرستقراطيين.
ومع ذلك، لم يستطع أحد إنكار أنّ جهود أريانا في التزيّن كانت جديرة بالثناء.
حتّى إميلي نسيت نفسها وسط أجواء المكان وأطلقت صيحة إعجاب: “واو …”
كانت المرأة التي ترتدي فستانًا عاجيًا لحفل الشاي ، مزيّنًا بزخارف الريش و شريط أسود على قبّعة بيضاء ، تبدو كما لو أنّها خرجت مباشرة من كتالوج متجر فاخر.
لم تكن المناسبات الاجتماعيّة القادمة هي السبب الوحيد وراء هذا التأنّق، بل أيضًا الزائرة التي ستأتي قريبًا.
كانت الزائرة التي ستأتي لمقابلة أريانا ليست سوى صحفيّة ستقوم بتسجيل ملابس النّساء في الحفل هذا.
“أهلًا بكِ ، آنسة كلارك.”
“يسعدني لقاء الدوقة”
انحنت امرأة ذات عينين رماديّتين ثاقبتين وشعر بنيّ داكن قليلًا تحيّةً.
بعد رؤية إميلي المفعمة بالحماس يوميًا، كان من الغريب رؤية امرأة هادئة ومتماسكة كهذه.
إديث كلارك.
‘لقد استخدمتُ اسمها عندما كتبتُ اسمًا مستعارًا في الكنيسة.’
حتّى عندما كتبتْ “آن كلارك” بسرعة بناءً على إلحاح الراهبة ، لم تكن تعرف من أين جاء هذا الاسم في ذهنها.
‘آن’ هي إحدى ألقاب أريانا الخاصة، لذا يمكن تبريرها، لكن …
‘ربّما بقي اسم العائلة في ذهني لأنّ أداءها كان مثيرًا للإعجاب.’
في حياتها السابقة، كانت إديث كلارك صحفيّة نشطة قبل وفاة أريانا.
اشتهرت بكتابة مقالات لاذعة تكشف قضايا حقوق الإنسان التي واجهتها العاصمة لينتيا، مثل استغلال الأطفال في المصانع، نقص الأنظمة لدعم الفقراء في الشوارع، وحوادث السلامة.
لم يكن من المستغرب أن ينظر إليها الأثرياء بازدراء بسبب شخصيّتها الجريئة.
«يبدو أنّها تعتقد أنّها تقوم بشيء عظيم. يا لها من فضيحة»
«إذا استمرّت هكذا، قد تتعرّض لحادث مؤسف في زقاق مظلم»
لكن في عيني أريانا، كانت إديث كلارك مبهرة.
بالمقارنة مع حياة أريانا التي كانت تتوسّل إلى كينيث بذلّ لتبقى على قيد الحياة، كم تبدو الحياة التي تختارها بنفسك، حتّى لو كانت مليئة بالصعوبات، أكثر قيمة.
‘لكنّني لم أكن أعلم أنّ بدايتها كانت في مجال الأزياء.’
حتّى الشخص الذي أعجبت به في حياتها السابقة بدأ من مجال آخر. رغم أنّ هذا اللقاء لا علاقة له بـ”لقاء بيبي” ، شعرت أريانا بالرضا لمجرد رؤيتها.
“أرجو أن تقومي بعمل جيّد هذه المرّة. آمل أن أتمكّن من عرض الكثير من الإطلالات المناسبة للنشر.”
“كلامكِ شرف لي، سيدتي. إذن، لو تقفين بجانب طاولة الزينة للحظة …”
امتثلت أريانا لطلب إديث ، و وقفت بحيث تظهر تفاصيل ثوبها بوضوح. أخرجت إديث دفتر رسم كبيرًا و بدأت تلتقط تفاصيل الزيّ بسرعة بحركات قلمها.
كانت أريانا تبتسم بلطف كلّما التقت عيناها بعيني إديث.
‘يا للأسف، لقد قابلتها هكذا لكنّني لستُ بارعة في الحديث.’
بعد أقلّ من ثلاثين دقيقة، فُتح باب الغرفة دون طرق.
عندما دخل كينيث، سارع الجميع، باستثناء أريانا، لتعديل وقفتهم لاستقباله.
كان مظهره أنيقًا ببدلة فاتحة اللون تتناقض مع شعره الأسود الممشّط بعناية، لكنّ هذا الأناقة لم تخفّف من هيبته المرعبة.
رمق كينيث إديث، التي نهضت بسرعة ممسكة بدفتر الرسم، بنظرة باردة.
“هل تحتاجين إلى مزيد من الوقت؟”
“لا، سيدي. سأنصرف الآن، سيدتي.”
“انتبهي في طريق عودتكِ، آنسة كلارك.”
شعرت أريانا بالأسف.
شاهدت إديث و باقي الخدم وهم يغادرون، ثمّ رحّبت بكينيث بهدوء: “مرحبًا، سيدي الدوق.”
“لقد وصلت الإمبراطورة أخيرًا.”
“آه …”
أومأت أريانا برأسها بصمت.
كانت الإمبراطورة إيزابيلا كلود تحضر مثل هذه المناسبات نيابةً عن الإمبراطور ألكساندر ، لتعزيز هيبتها. و كانت تنظر إلى أريانا في كلّ مرّة كما لو كانت حمامة تودّ لوي عنقها.
مهما كانت سمعة عائلة كليفورد معروفة، فإنّ نفوذ الإمبراطورة في الأوساط الاجتماعيّة كان قويًا.
وبعد حادثة دار الأوبرا، كانت أريانا تشعر بالقلق في الأماكن المزدحمة، حتّى إنّ التنفّس كان يصعب عليها أحيانًا.
في الأيّام التي لم تطق فيها التحمّل ، توسّلت إلى كينيث:
«كينيث، هل يمكنني التغيّب هذه المرّة فقط؟ ما زلت … خائفة جدًا من الظهور …»
«هل نسيتِ أنّ الحفلات تتطلّب مرافقًا؟»
«لا، ليس هذا قصدي. لكنّني فقط ما زلت-»
«كفى دلالًا، أريانا. قومي بواجبكِ مقابل إنقاذي لكِ»
«…حسنًا»
تلك الأيّام التي تشبّثت به لتبقى على قيد الحياة ، و ابتسمت رغم خوفها من الموت.
لكن إذا كان هناك شيء تستطيع أن تشكر من أجله، فهو أنّها تتذكّر بعض ما حدث في حياتها السابقة، ممّا ساعدها على التفكير في ردود مختلفة.
‘على الأقل، يجب ألا أُحرج بنفس الطريقة مرّة أخرى.’
بينما كانت تؤمّئ في سرّها، أمسك كينيث فجأة ذقنها بيده المغطّاة بقفّاز أسود ورفع وجهها.
كان ينظر إليها بتمعّن، كما لو كان يفحصها بعناية.
“…؟ ما الخطب؟”
“لن تظهري بهذا الوجه أمام الآخرين، أليس كذلك؟”
“ماذا؟”
حاولت أريانا تحريك رأسها بصعوبة بينما كان يمسك بذقنها.
أرادت رؤية المرآة ، لكنّه كان يمسك بها بقوّة.
“هذا الوجه”، ما الذي يعنيه؟
“هل… مكياجي غريب؟ إذن انتظر لحظة، سأصلحه بسرعة-“
“أتحدّث عن تعبيركِ الذي يبدو كأنّكِ تعيسة للغاية.”
تجمّد لسان أريانا في منتصف جملتها. كانت نظرة كينيث لا تزال باردة كالجليد.
“كرّري لماذا أنتِ دوقة.”
“…لطمأنة أولئك الذين كانوا موالين للعائلة الإمبراطوريّة.”
“إذن توقّفي عن الظهور كشهيدة.”
“…”
“ألن يبدو ذلك سخيفًا أمام الآخرين؟ ففي الأصل، لم يكن يفترض بكِ أن تكوني هنا بهذه الطريقة.”
صحيح، في الأصل، كان من الممكن أن أموت.
حتّى الآن، قد يمزح أحيانًا بأنّه يمكن أن يسلّمني إلى منصّة الإعدام.
‘في الحقيقة، لا بأس إن قتلتني الآن. لم أعد أخاف الموت.’
أرادت أن تجيب بهذا، لكنّها كبحت نفسها من أجل الطفل الذي ستلتقيه في المستقبل.
“نعم، سيدي الدوق. أعتذر”
اعتذرت أريانا دون كبرياء، وسحبت زاوية فمها للأعلى.
كيف يمكن أن تبدو و هي تبتسم لـ”زوجها” أكثر مشقّة من ابتسامتها مع الغرباء؟ حتّى قبل قليل ، رآها تبتسم بلطف لتلك الصحفيّة.
شعر بالغضب والانزعاج من شعوره بالعطش بسبب أمر تافه.
“أنتِ حقًا لا تقدّمين ما يعادل إنقاذي لكِ.”
“…أعتذر.”
“لا حاجة للاعتذار. هيا، لنذهب.”
كان عليهما الآن القيام بمهمّتهما.
لقد نجح في استعادة مكانته، وهو الدوق الشاب الكريم للغاية.
وأريانا، التي تخلّى عنها وليّ العهد الجبان، هي الغنيمة الجميلة التي نجت برحمة الدوق.
لذلك، عندما صعدا إلى السطح وتجمّعت الأنظار عليهما، ابتسمت أريانا كما فعلت من قبل، وكأنّها سعيدة للغاية.
***
بعد أن خرجت إديث كلارك على عجل من غرفة الدوق.
عدّلت قبّعتها على السطح وتنهّدت.
“هف، كاد قلبي يتوقّف.”
كانت هذه المرّة الأولى التي ترى فيها دوق كليفورد عن قرب ، وكانت نظرته بعينيه الزرقاوين المخضرّتين تحمل هيبة جعلتها تشعر كما لو أنّ رئتيها طردتا الهواء منهما.
‘هل شعرتُ بذلك لأنّني مذنبة؟’
كانت إديث، ظاهريًا، صحفيّة أزياء، لكنّ ذلك كان مجرّد تمويه.
الصحيفة الحقيقيّة التي تعمل معها، “بروتيكتور”، أُسّست لكشف فساد العائلة الإمبراطوريّة والطبقة العليا للعامّة.
‘حتّى عندما تُعقد اجتماعات في قصر رويال غريس ، من الصعب معرفة ما يدور فيها.’
لذلك، عندما وافقت الدوقة على طلب المقابلة، شعرت إديث بالحماس سرًا. ألن يكون من المفيد ترك انطباع جيّد لدى “أميرة اليوم الواحد” الشهيرة؟
“لكنّ الأمر مختلف عمّا توقّعت.”
كانت أريانا تبتسم ببراءة شديدة، ممّا جعل إديث، التي خطّطت لكشف شيء مشبوه، تتردّد في منتصف الطريق.
أمّا الدوق، فقد بدا رجلًا ينزعج بشدّة من أن تُسلب زوجته وقتها من قبل صحفيّة مثلها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 21"