52
لم تعد ليلي بحاجةٍ إلى أن تجهد نفسها في محاولة إحضار إلفين. و مع اختفاء القلق، ابتسمت ليلي لكيدون وهي تنظر إليه.
“فهمت.”
لكن بينما كان كيدون يحدق فيها، ارتجف كتفه فجأة ثم تحول خده إلى اللون الأحمر الخجول.
نظرًا لبشرته البيضاء والنقية، كان من الواضح جدًا أن اللون الأحمر انتشر على خديه.
“…….”
ابتلعت ليلي لعابها بصوتٍ مسموع.
‘آه، لا، بالطبع لا.’
إنه فقط في حالة جنون مؤقتة. لقد أصيب بخلل في عقله لفترةٍ قصيرة.
بعد عام، لا، حتى بعد شهر واحد فقط، سيشعر بالندم على هذا الاعتراف المندفع.
‘سيكون الأمر كذلك. يجب أن يكون كذلك.’
شعرت ليلي، لسبب غير مفهوم، بالتوتر وأخذت تقبض يديها وتفتحها بشكل متكرر.
كان عطشها يتزايد، واشتاقت بشدة إلى الشاي الذي لم يكن حاضرًا.
بينما كانت ليلي تفكر فيما إذا كان عليها أن تستدعي الخادمة الآن وتطلب منها تحضير الشاي، قطع كيدون الصمت فجأة وفتح فمه.
“شعركِ.”
شعري؟
‘ماذا؟ هل يقصد…..رقصة الفراشة؟’
بينما كانت ليلي تفكر في الأمر بدهشة، تابع كيدون كلامه.
“تصفيفةُ شعركِ جميلةٌ حقًا. إنها تليق بكِ كثيرًا.”
“….…”
“حتى عندما أراها مجددًا فإن رأيي لا يتغير.”
قال كيدون ذلك وهو يخفض عينيه.
رموشه السوداء الطويلة والكثيفة غطت الجوهرة الحمراء التي تزين عينيه.
بينما كانت ليلي تنظر إلى كيدون الذي تصرف وكأنه خجول، تجمدت تعابيرها بشكلٍ صارم.
***
غادر كيدون المنطقة التابعة للماركيز فور انتهائه من الحديث مع ليلي.
عندما ودّعته ليلي، أدركت أخيرًا السبب وراء ظهوره في مكتبة المنطقة التابعة للماركيز.
كيدون ريسيك كان في رحلة سفر. و قبل مغادرته المملكة، كان يقوم بجولةٍ في جميع المناطق التابعة لها كتذكار.
‘يا لسوء الحظ.’
تنهدت ليلي بخفة.
لم يكن هناك تعبير يناسب وضعها أفضل من ذلك.
لو أنها خرجت بالأمس بدلًا من اليوم، أو حتى غدًا.
أو لو أنها زارت المكتبة متأخرةً أو مبكرة بساعةٍ واحدة فقط.
لو حدث ذلك، لما صادفت كيدون ريسيك بالصدفة.
ولو لم يحدث هذا اللقاء، لما اضطرت اليوم لتلقي هذا العرض المفاجئ بالزواج…..
‘عرض الزواج.’
كانت ليلي مستلقية على السرير تعقد حاجبيها بتجهم.
صحيح، ما قاله كيدون لها في غرفة الاستقبال لم يكن سوى عرض زواج.
لقد قال إنه يريد أن يعدها بالمستقبل معه.
حسنًا، ربما كان يقصد خطبةً بدل الزواج بما أنهما لا يزالان صغاراً، وسيغادر هو قريبًا للدراسة في الخارج على أي حال…..
“هاه..…”
تنهدت ليلي بصوتٍ منخفض وهي تحدق في سقف غرفة النوم.
عادت بذاكرتها إلى المحادثة التي جرت بينها وبين كيدون في غرفة الاستقبال.
وحينها أدركت أمرًا لم تنتبه له بسبب ارتباكها في ذلك الوقت.
كان الأمر يتعلق بأن كيدون هو من فتح باب غرفة الاستقبال بنفسه.
لو كان قد انتظر قليلاً، لكان الخادم قد فتح الباب لها كالمعتاد. لكن كيدون، بعكس ما هو متوقع من نبيل رفيع، قام بلمس مقبض الباب بيده.
علاوةً على ذلك، فتح الباب فور أن أعلن الخادم عن وصول ليلي.
تذكرت ليلي أن هناك مسافة كبيرة تفصل بين باب غرفة الاستقبال والأريكة. و كيدون لم يكن يقف بالقرب من الباب في انتظارها بالتأكيد.
مما يعني، إذا قمنا بتحليل الموقف، كيدون كان جالسًا على الأريكة، وما إن سمع صوت الخادم يعلن وصولها، قفز بسرعة واتجه إلى الباب لفتحه بنفسه.
بكل وضوح، كان تصرفه يشير إلى شخص كان ينتظر قدوم ليلي بفارغ الصبر.
“الأفعال تعكس المشاعر.”
بينما أدركت ليلي جانبًا من صدق مشاعر كيدون من خلال تصرفه البسيط، شحب وجهها تمامًا.
“لا…..لا بأس. حتى لو كان قد وقع في الحب حقًا…..فخمس سنوات فترةٌ طويلة.”
تمتمت ليلي بصعوبة.
‘لو حدث وبأي احتمال، وحتى لو كان احتمالاً ضئيلاً، أن كيديون لم يستطع نسياني بعد خمس سنوات، يمكنني حينها أن أتصرف بطريقة تنفره مني.’
وبينما كانت تخطط لمستقبلها، استدارت ليل على جانبها.
اسم كيديون خرج من بين شفتيها وكأنه تنهيدة.
“كيدون ريسيك…..”
كان مرشحًا مثاليًا ليكون زوجًا. سواء من حيث مظهره أو خلفيته العائلية. لكن ليلي لم تكن تحبه.
والسبب كان واضحًا.
إنها المجزرة التي سيرتكبها كيدون في التاسعة عشرة من عمره بحق العبيد.
بدأ قلبها ينبض بعنف. و عادت بذاكرتها إلى ما قبل عودتها بالزمن، عندما سمعت لأول مرة شائعات عن كيدون ريسيك.
في ذلك الوقت، لم تشعر بالدهشة، بل بشعورٍ مألوف.
ما فعله كيدون كان مناسبًا للغاية لما يُعرف بـ”هيلدغار”.
‘صحيح، إنه شخص ليس من هيلدغار، ومع ذلك يشبه هيلديغار كثيرًا.’
أغمضت ليلي عينيها بشدة ثم فتحتهما مجددًا.
حين كان كيدون مجرد شخص لا علاقة لها به، لم يكن يهمها سواء كان يشبه هيلدغار أم لا.
لكن الآن الأمر مختلف.
إذا سارت الأمور في أسوأ اتجاه ممكن، قد ينتهي بها المطاف لتصبح زوجةً له في المستقبل.
‘مستحيل.’
شعرت بالغثيان، وتقلّب أحشاؤها.
العيش مع شخص يشبه هيلدغار؟ مجرد التفكير في الأمر كان كافيًا لجعلها تفضّل الموت على ذلك.
…..لا، ربما ليس الموت. مهما كان الأمر، العيش أفضل، أليس كذلك؟ لكن، لا، ومع ذلك…..
‘توقفي! لم يتحدد شيء بخصوص الزواج، فلا داعي لهذه الأفكار غير المجدية. فكّري في شيء آخر. أي شيء آخر…..’
بينما كانت ليلي تحاول بجهد يائس تغيير مجرى أفكارها، خطرت في بالها صورة سيون الذي كان في الغرفة المجاورة.
فجأة، شعرت براحةٍ غريبة تتسلل إلى داخلها، مما جعلها تشعر بالدهشة.
‘ماذا؟’
لماذا؟ لماذا شعرتُ بتحسن؟
إن حالتها السيئة التي تسبب بها التفكيرُ في كيدون اختفت حين فكرت في سيون.
وهذا يعني…..
‘هل أنا أكره كيديون أكثر من سيون؟’
لحظة… أليس هذا غريبًا بعض الشيء؟
مهما كان كيدون مكروهًا، كيف يمكن أن أكرهه أكثر من سيون؟
كيدون، رغم كونه شخصًا سيئًا، الا أنه لم يرتكب أي شيء سيئ يتعلق بي مباشرة.
بينما سيون…..كان عدوي اللدود.
هل من المنطقي أن أكره شخصًا سيئًا لم يفعل لي شيئًا (باستثناء عرض الزواج) أكثر من كراهيتي لعدوي الحقيقي؟
أمسكت ليلي رأسها وهي تحاول استيعاب هذه الأفكار.
كانت تعرف أن هذا النوع من التفكير لن يؤدي إلى أي نتيجة مهما حاولت، ومع ذلك، لم تستطع التوقف عن التفكير.
وفي النهاية، استمرت هذه الأفكار تتردد في ذهنها طوال يومها وحتى عندما استلقت للنوم.
***
غادرت عربةٌ كبيرة وفاخرة، بيضاء اللون، أراضي الماركيز هيلدغار.
كانت العربة تجرها ستة أحصنة، و تتحرك بسلاسة على الطريق الواسع و الخالي من الناس.
لم يُعرف كم من الوقت مضى وهي تسير بهذه الطريقة الهادئة.
وأخيرًا، فتح أحد الحراس طويل القامة، الذي كان يجلس في العربة بوقار، فمه لأول مرة منذ انطلاق الرحلة.
“سيدي الشاب…..هل سارت الأمور على ما يرام؟”
عندها، التفت الفتى الجالس بجوار النافذة يراقب الخارج، كيدون، نحو الفارس الذي سأله.
“أمم..…”
خفض كيدون عينيه، وبفضل مظهره بدا ذلك المشهد وكأنه يحمل في طياته لمسةً من الحزن.
“هل من الممكن…..أنني لست جذابًا بما يكفي؟”
قد يبدو هذا السؤال غريبًا للوهلة الأولى، لكنه كان، عند التفكير مليًا، إجابةً غير مباشرة على سؤال الفارس.
بمجرد أن نطق كيدون بهذه الكلمات، تحرك الفارس في مقعده وكأنه على وشك الوقوف من شدة اضطرابه.
“مستحيل! لا يمكن أن يكون ذلك صحيحًا! هذا أمر لا يُعقل…..من في هذه المملكة يمكن أن يكون أكثر وسامةً منكَ، سيدي الشاب؟”
بعبارة أخرى، أراد أن يقول: “أنت الأكثر وسامة على الإطلاق.”
لم يرد كيدون على كلمات الفارس الصادقة إلا بابتسامةٍ هادئة.
‘بالطبع.’
كان كيدون ريسيك قد وُلد بملامح فائقة الجمال، وكان على درايةٍ تامة بذلك.
ربما كان مدركًا لهذا الأمر أكثر مما ينبغي.
ففي كل مرة يحضر تجمعًا يضم شباب النبلاء الآخرين، كان يغمغم في نفسه باستخفاف.
‘يا إلهي. كيف يمكنهم العيش بهذا الوجه؟’
على أي حال، حقيقة أن كيدون كان وسيمًا للغاية ليست شيئًا يعترف به هو فقط، بل هو أمر أقر به العديد من الناس بطرق مختلفة على مر السنين.
‘ولكن لماذا..…؟’
غرق كيدون في أفكاره.
ما خطر في باله كان اللحظة التي تحدث فيها مع ليلي في غرفة الاستقبال بقصر الماركيز هيلدغار.
‘لماذا تصرفت ليلي هيلدغار على ذلك النحو؟’
ليلي رفضته.
أو بالأحرى، حاولت رفضه.
كان كيدون سريع البديهة، وفهم نيتها بالرفض بمجرد أن رأى تعابيرها، لذلك تدارك الموقف بسرعة،
“لستُ بحاجة إلى إجابةٍ الآن.”
والحقيقة، هذا لم يكن جزءًا من خطته الأصلية.
كان كيدون يخطط للحصول على إجابةٍ منها في ذلك اليوم. وكان يتوقع بكل تأكيد أن تكون الإجابة “نعم”.
كان مخططه يتمثل في تأكيد موافقتها، ثم إجراء مراسم الخطوبة قبل مغادرته للدراسة في الخارج.
‘من كان يتوقع أن تسير الأمور بهذا الشكل؟’
كان كيدون في حيرةٍ من أمره.
و مهما فكر في الأمر، لم يستطع كيدون أن يفهم.
‘لماذا حاولت ليلي هيلديغار رفضي؟’
‘ألم أُعجبها؟’
لماذا، بحق؟
‘هل من الممكن أنها صغيرة جدًا لتدرك مدى كوني الزوج المثالي؟’
________________________
النرجسية عنده↗️↗️↗️↗️↗️↗️
لابد بس هي تشوف وجه سيون كل يوم طبيعي ما تشوفك وسيم😘
المهم كيدون ذاه عاجبني بس تكفى لاتصير نشبع وبثر
Dana