ثم دخلت القصر على عجل، فتم تخصيص غرفة نوم لها…..و قامت بترتيب أمتعتها…..وانشغلت هنا وهناك حتى وصل بها الوقت إلى الآن.
وبالمناسبة، أدركت سيسيل بعد دخولها غرفة نومها أنها لم تكن بحاجة لشراء ملابس.
إذ كان هناك بالفعل خزانةً مليئة بالملابس التي تناسبها.
…..تُرى، هل هذا هو ذوق رِيان؟
تساءلت سيسيل وهي تتلمس فستان السهرة.
هل هذه الملابس أُعدت للمرأة التي كان رِيان ينوي إحضارها إلى هذا المكان يومًا ما؟ هل كان يعلم أنها ستكون أنا؟
شعرت سيسيل برغبة في ارتداء الملابس المصفوفة في الخزانة، لكنها في الوقت نفسه لم تكن ترغب في ذلك.
إن كانت هذه من اختيار رِيان، فهي تود أن ترتديها لتنال إعجابه ولو قليلًا، لكن في المقابل، بدا لها من السخيف أن ترتدي ملابس لم تُعد خصيصًا لها ثم تراودها مثل هذه الرغبات.
في النهاية، قررت سيسيل تأجيل العبث بالخزانة. و أخرجت من أمتعتها ثوب نوم أبيض وارتدته، ثم وضعت فوقه رداءً طويلًا.
ذهبت إلى غرفة رِيان بهذا المظهر، لكنه أخبرها أنه لم ينتهِ بعد من الاستعداد للنوم، فاستأذنها ودخل إلى دورة المياه.
“…….”
ركزت سيسيل على صوت الماء القادم من الحمام، ثم ألقت نظرةً على السرير الفارغ، وأعادت قراءة عنوان الكتاب، متظاهرةً بالانشغال.
عندها توقف صوت الماء. فتجمدت سيسيل دون سبب واضح، وبعد لحظات قليلة، فُتح باب دورك المياه.
بالطبع، كانت سيسيل تنظر بعناد باتجاه السرير، فلم ترَ سوى الباب وهو يُفتح بصوت مسموع.
“آسف لجعلكِ تنتظرين، سيسيل.”
“لا بأس.”
خرج صوتها أكثر جمودًا مما توقعت، وكأنها ترفض المجاملة.
“استلقِ الآن.”
لكن مقارنةً بهذا الأمر، كان كلامها السابق يبدو لينًا للغاية.
تساءلت سيسيل مع نفسها، ما خطبي؟ هل أصبحتُ مشرفةً صارمة؟ لماذا أتكلم بهذا الجفاء؟
بما أن نبرتها كانت هكذا، بدأت تقلق بشأن تعابير وجهها أيضًا.
يا ترى، كيف يبدو وجهي الآن؟
لم يكن بوسعها التحقق من ذلك عبر المرآة في هذه اللحظة، لذا خفضت نظرها إلى الأسفل أولًا.
وفي تلك الأثناء، استلقى رِيان بهدوء على السرير…..و كان لا يزال مرتديًا رداء الاستحمام، ولا شعوريًا، أمسكت سيسيل بالكتاب بإحكام.
“إذاً…..سأقرأ لك كتابًا.”
لكن قبل أن تتمكن من فتحه في ارتباك، أوقفها شيء ما…..كانت يد رِيان.
رمشت بعينيها عدة مرات، ثم اتبعت بصرها على طول يده حتى التقت نظراتها بوجهه.
“سيسيل.”
“نعم..…؟”
“هذه الليلة، أريد أن أطلب منكِ شيئًا آخر غير القراءة.”
ربما بسبب رداء الحمام غير المُحكم الإغلاق، خطرت لسيسيل للحظة أفكار جريئة.
لكن سرعان ما بدت لها غير واقعية.
فقد نامت هي و رِيان في نفس الغرفة مرارًا على مدار السنوات الثلاث الماضية، وتلامست أبدانهما،
لكن لم يسبق لهما أن رغبا في بعضهما بدافع من شهوة خالصة.
بالطبع، كانت رغبة سيسيل في حد ذاتها نقية،
إلا أنها كانت دائمًا تتخذ من الكوابيس ذريعةً لإخفائها.
أما رِيان، فالأمر معه كان أكثر وضوحًا، إذ كان دائمًا في موقف من يواسي زوجته التي تخشى النوم بمفردها بسبب الكوابيس.
ربما حتى الدفء الذي كان يمنحه لها في السرير لم يكن سوى شكل آخر من المواساة.
أو ربما…..
تساءلت سيسيل إن كان رِيان يشعر بالشفقة عليها.
فهو يعرف قصتها بكل تفاصيلها، وعندما أخبرته عن الكوابيس، ربما تخيل في ذهنه سيناريو مأساوي للغاية.
و لابد أنه شعر بالتعاطف.
كما حدث في الماضي…..حين احتضنها عن طيب خاطر وسمح لها بالبكاء بين ذراعيه.
أليس هذا مجرد شكل آخر من أشكال “المواساة”؟
كلما استرجعت سيسيل الماضي، كلما هدأت مشاعرها.
رداء الحمام غير المُحكم، و خديه المتوردين، و خصلات شعره المبللة…..كل هذه الأشياء لا تعني شيئًا سوى لها وحدها.
رِيان نفسه على الأرجح لا يهتم لكيف يبدو في نظرها الآن.
فمنذ البداية، لم يكن يرغب بها “بتلك الطريقة”.
كل ما في الأمر أنه كان يملك ما يكفي من اللطف ليُراعي زوجته، وسيسيل لطالما استغلت ذلك.
تلك كانت طبيعة العلاقة بينهما.
“طلبٌ آخر؟ ما هو؟”
سألت سيسيل بهدوء.
لطالما كان الشيء الوحيد الذي يساعد رِيان على النوم هو الاستماع إلى قراءتها للكتب.
ظنت للحظة بأنه قد يريد منها أن تقرأ كتابًا آخر غير الذي أحضرته، لكنها سرعان ما استبعدت الفكرة، وإلا لما قال “غير القراءة”.
انتظرت بصمت رده، حتى فتح رِييان شفتيه أخيرًا
“أود سماع قصة من الماضي.”
“…..قصة من الماضي؟”
ترددت سيسيل للحظة، ثم اعترفت بصراحة،
“لا أحفظ الكثير من القصص الكلاسيكية.”
هل يوجد في هذا القصر كتب تتناول الأدب الكلاسيكي أو الحكايات الشعبية؟
لكن حتى لو وجدت، ألن يكون الأمر مجرد “قراءة” في النهاية؟
“لا، ليس ذلك النوع من القصص.”
التقت نظرات رِيان الهادئة بعينيها الحائرة.
“إذًا، أي نوع؟”
“أريد سماع قصتكِ أنتِ.”
“قصتي..…؟”
“كلما كانت قديمة، كلما ساعدتني أكثر على النوم.”
أول كلمة خطرت في ذهن سيسيل كانت: لماذا؟
وبينما ظلت بلا إجابة، ابتسم رِيان بتلك الابتسامة التي يرسمها عندما يشعر بالحرج.
“لا أريد أن أطلب منكِ شيئًا صعبًا، لذا لا بأس إن رفضتِ.”
“آه، لا، ليس أمرًا صعبًا. أن أحكي لكَ عن نفسي، هذا…..ليس بالأمر الكبير..…”
إن فكرت بالأمر، فالأمر سهلٌ في الواقع.
كان رِيان يبدو قلقًا من أن تضطر سيسيل إلى نبش ذكريات مؤلمة، لكن في الحقيقة لقد تحررت من ذلك النوع من الألم منذ زمن طويل.
ما كانت تتساءل عنه الآن هو، هل قصصها القديمة ستساعده حقًا على النوم؟
“هل تريدني أن أحكيها كما أفعل عند القراءة؟”
هز رِيان رأسه نفيًا.
“أريد أن ترويها بطريقتكِ.”
أن أحكيها بنفسي يعني بطبيعة الحال أنني من يتحدث، أليس كذلك؟
لم تكن سيسيل بطيئة الفهم لتسأل مثل هذا السؤال.
لقد كان طلب رِيان واضحًا، لا تحاولي تقليد أحدٍ عند التحدث.
فقد كانت عندما تقرأ الكتب، تحاكي تمامًا أسلوب حديث إحدى الخادمات.
“همم، حسنًا، إذاً…..آه.”
بينما كانت تفكر في أي قصة تبدأ بها، قالت فجأة،
“عندما كنت صغيرة، كان سيُون دائمًا بجانبي. لذا، بدلًا من أن تكون القصة عني فقط، سيكون فيها الكثير من سيُون أيضًا، فهل هذا لا يزعجك؟”
في الواقع، كانت سيسيل تظن أن قصتها أو قصة سيون ستكون بنفس الوزن بالنسبة لرِيان، لكنها سألت من باب المجاملة.
توقف رِيان للحظة، ثم تمتم بصوت منخفض جدًا.
“قد أشعر بالغيرة…..ولكن..…”
“ماذا؟”
“لا، طفولة البطل، مثيرةٌ للاهتمام. سأستمع.”
ابتسم رِيان، لكن كان هناك شعور بأن الابتسامة مصطنعة. و مع ذلك، كانت ابتسامة رِيان تجعل قلب سيسيل ينبض بشكل غير إرادي.
خافت سيسيل من أن تصبح متوترةً لدرجة أنها ستنسى حتى طفولتها إذا استمرت في النظر إلى وجه رِيان، فحولت نظرها قليلاً وبدأت في سرد القصة.
“في ذلك اليوم، كان سيون قد جاء إلى ‘منزلنا’ لأول مرة…”
***
في تلك الليلة التي روت فيها سيسيل قصتها القديمة، غفا رِيان بالفعل.
كان نومه قصيرًا حوالي 30 دقيقة، لكنه استيقظ كما لو أن ذلك كان كافيًا، وابتسم بشكل يعبر عن ذلك. ثم ودع سيسيل إلى غرفة نومها.
وفي صباح اليوم التالي.
“ألا تودين الذهاب لزيارة المقبرة؟ إنها ليست بعيدةً من هنا.”
“بالطبع…..سيكون جيدًا.”
بالنسبة لسيسيل، كان ذلك شيئًا جيدًا.
لكن لماذا رِيان؟
لكن قبل أن تظهر تساؤلاتها، بدأ التحضير للخروج بسرعة.
صعدت سيسيل إلى العربة بمساعدة رِيان، ثم نزلت منها أيضًا بمساعدةٍ منه.
هذه المرة لم يُمسك خصرها، ولذلك استطاعت سيسيل الحفاظ على هدوئها إلى حد ما.
‘إلى حد ما.’
لأن وجود رِيان بجانبها جعل قلب سيسيل ينسى ضبط نفسه بسهولة.
كان ينبض بسرعة مع كل خطوة، ولكن بالطبع، لم يكن قلب سيسيل يشكرها على هذا.
بعد وصولهما إلى المقبرة، سأل رِيان فجأة.
“هل سبق أن قدمتني لعائلتكِ؟”
كان سؤاله يعني ما إذا كانت قد تحدثت عن رِيان أثناء زيارتها السابقة للمقبرة.
توقفت سيسيل عن الكلام.
لم يكن لأنها لم تفعل ذلك، بل لأن هناك الكثير من المرات التي تحدثت فيها عنه.
خصوصًا عندما هربت من قصر الكونت وذهبت إلى المقبرة لأول مرة، و فكرت سيسيل بأنه ربما كانت عائلتها في الجنة قد ملّت من سماع قصتها معه.
_____________________
رِيان لعوب مب سهل😭
اعترفوا قدام القبور عشان اصفقكم على اختياركم للأماكن
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 161"