“لقد هربتِ إذاً.”
عندما سمعت سيسيل ملخص سيون المكون من ثلاث كلمات، التزمت الصمت.
فلم يكن كلامه خاطئًا تمامًا.
“صحيح. زوجي…..لا، لم يعد زوجي الآن. على أي حال، شعرت أن الخروج بإرادتي أفضل من سماع أمر مباشر من الكونت بالمغادرة، لذا خرجت.”
لم تجرؤ ليلي على التداخل في الحديث، واكتفت بقبض يديها.
كانت تعرف أن سيسيل تزوجت زواجًا عقديًا. وبسبب ذلك، لم حاولت ليلي…..فعل الشيء نفسه مع سيون في الماضي.
‘لكن……’
كما انتهى الأمر بسيون و ليلي كزوجين أقسما على الأبدية، كانت تعتقد أن سيسيل ستسير على نفس الدرب.
لم يكن ذلك مجرد أمل أعمى نابعًا من رغبتها في سعادة شخص قريب منها.
فليلي، في وقت ما، كانت متورطةً في تمرد، مما جعلها تفقد مكانتها كابنة نبيلة وتختبئ في قصر الكونت كايتير.
لم تكن الفترة التي لجأت فيها ليلي إلى قصر الكونت قصيرة على الإطلاق. وخلال تلك السنوات التي أمضتها هناك، كانت كثيرًا ما تشهد لحظات الدفء بين الكونت وزوجته.
كان الكونت كايتير دائمًا لطيفًا مع سيسيل. لكن لم يكن الأمر مجرد طبيعة فطرية فيه، بل كان هناك شيء مختلف.
‘آه…..’
بينما كانت ليلي تسترجع ذكرياتها، كتمت شهقة.
فقد تذكرت مشهدًا معينًا.
كان أبطاله سيسيل والكونت كايتير، وكانت هذه الحادثة دليلًا على أن الكونت لم يكن مجرد آلة عمل باردة لا تعرف الحب أو العاطفة.
ربما.
لكن قبل أن تتمكن ليلي من التحدث، سبقتها سيسيل بالكلام.
“على أي حال، لم تكن المسافة طويلة، لكنني أشعر بالتعب من ركوب العربة. وأرغب في الاستحمام، هل يمكنكم تخصيص غرفة لي؟”
كانت تتحدث بثقة وكأنها في منزلها، لكن لم يكن هناك أحد ليعترض. ففي الواقع، لو أرادت سيسيل، لكان هذا المكان منزلها بالفعل.
لم يكن سيون فقط من سيتقبل ذلك، بل ليلي أيضًا كانت ستوافق دون تردد.
عندها فتح سيون فمه بهدوء،
“حسنًا.”
***
في صالة استقبال قصر الماركيز هويل، اجتمع أكثر من عشرة أشخاص.
كان الجالسون جميعهم من نسل الماركيز هويل الراحل، بينما كان الواقفون هم ممرضه القديم ومحاميه.
فتح المحامي فمه،
“سأقوم بقراءة الوصية.”
بدأ بذكر تاريخ كتابتها وتصديقها. وخلال تلك اللحظات القصيرة، عبس بعض الأشخاص المتعجلين الذين لم يستطيعوا الانتظار، لكن حين وصل إلى الجزء الأهم، ساد الصمت في الصالة.
“…وعليه، فإن لقب المركيز وجميع ممتلكاته تُورَّث إلى إيريان هويل.”
“هه.”
أطلق إيريان ضحكةً خافتة.
إيريان “هويل”؟
وهل أصيب بالخرف فعلًا قبل وفاته…..؟’
في حياته، لم يكن إيريان كايتير يحمل اسم إيريان هويل سوى لسنوات قليلة فقط.
على الأقل، كانت تلك الفترة أقصر من نصف حياته.
في تلك اللحظة، نهض أحد الرجال الجالسين في صالة الاستقبال بغضب.
“أنا لا أعترف بهذا! هل يعقل أن يستولي ذلك الوغد إيريان على ثروة والدي، بل وحتى على لقبه؟! ذلك الوغد هو الكونت كايتير! إنه ليس من عائلة هويل! تباً، لماذا تم إدخاله في هذه المسألة من الأساس…..؟”
ظل إيريان جالسًا دون أن يتحرك، يستمع إلى غضب عمه بفتور.
كان اعتراض عمه محض هراء. فجميع الجالسين هنا كانوا قد تخلوا عن لقبهم أو حصلوا على ألقاب جديدة بعد زواجهم أو خروجهم من العائلة.
صحيح أن إيريان حصل على لقبه واستقل عن العائلة بطريقة غير تقليدية.
لكن، وماذا في ذلك؟ الشخص الذي اعترف به هو الماركيز هويل نفسه، صاحب هذه التركة.
لو لم يكن يرغب في أن تؤول ثروته إلى إيريان، لكان قد شطبه من شجرة العائلة عندما كان بكامل قواه العقلية.
لكن الماركيز لم يفعل، مما منح إيريان الحق الكامل في المنافسة على الإرث.
وقد فاز.
“إيريان!”
في تلك اللحظة، اندفعت امرأةٌ في منتصف العمر نحو إيريان لمحاولةً الإمساك بيده…..لكنها لم تحقق مبتغاها، إذ سحب إيريان يده مبتعدًا.
احمر وجه عمته للحظة من الإحراج، لكنها سرعان ما استعادت رباطة جأشها بفضل سنوات خبرتها، ثم فتحت فمها،
“إيريان، تأخرتُ في إخبارك، لكن هناك حقيقة يجب أن تعرفها. لقد أسأتَ فهم الأمر لفترة طويلة. ذلك اليوم…..اليوم الذي جئتَ فيه إلى القصر مع والدتكَ. كنتُ أريد أن أقبلك بيننا، لكن زوجي….”
“ماذا؟ إيريان، هذا كذبٌ صريح! أرادت أن تقبلك؟ هل من يفعل ذلك يرش الملح الغالي فور مغادرته في العربة؟!”
“اصمت! وأنت؟ ألم تكن من طرد امرأةً ضعيفة وطفلًا صغيرًا تحت المطر الغزير؟ من الواضح للجميع أنك تصرفتَ بأسوأ مما فعلتُ!”
“ماذا قلتِ؟! إذا كان الأمر كذلك، فقد قدمتُ لهما على الأقل كوبًا من الشاي! أما أنتِ…..”
نظر إيريان إلى هذا الشجار العائلي الدائر أمامه بشعور غريب، وكأن الأمر لا يمت له بصلة.
لماذا يتصرفون هكذا فجأة؟
كان من المدهش أن هؤلاء الأشخاص لا يزالون يتذكرون حادثةً مضى عليها أكثر من عشر سنوات بهذه الدقة، لكن ما كان يصعب فهمه أكثر هو سبب تصرفهم بهذا الشكل.
هل من الممكن أنني قبل لحظات فقط، بدافع الكرم، أعلنتُ أنني سأمنح جزءًا من الإرث لمن يحاولون تبرير أخطائهم في الماضي؟
لا يمكن أن يكون ذلك قد حدث.
حتى لو كان إيريان في حالة سكر تام، لم يكن ليقول شيئًا كهذا.
لأنه…..
“البارون فويل.”
أدار إيريان رأسه ليبحث عن المحامي الذي استدعى الجميع إلى هذه الصالة. فاقترب رجل يرتدي نظارات ويحمل أوراقًا بين يديه.
“لقد ذكرتَ أن لقب جدي وثروته أصبحا ملكي الآن. متى يمكنني التصرف بهما كما أشاء؟”
“آه، يمكنكَ مباشرةً استخدام صلاحياتك من الآن. فقد أنهى الراحل جميع إجراءات الميراث أثناء حياته…..”
“هكذا إذاً.”
كان من المرضي أن يتمكن من قول ما يريد دون الحاجة إلى انتظار إضافي.
تحدث إيريان بوضوح، بحيث يسمعه جميع أقاربه المنشغلين بتمزيق بعضهم بعضًا.
“إذاً، سأتنازل عن لقب المركيز هويل وجميع ممتلكات العائلة لصالح الدولة. اعتبارًا من الآن.”
وبعد إعلانه، أطلق تنهيدة قصيرة وأضاف،
“باستثناء القصر.”
***
رغم أن سيسيل قالت أنها تريد الاستراحة من عناء السفر، الا أنها بعد حصولها على غرفة لم تبقَ فيها، بل بدأت تتجول في أنحاء الدوقية.
وأثناء ذلك، التقت بسيون الذي كان يحمل طفلةً تشبهه تمامًا.
“رائع…..”
“ماذا؟”
“لأنها تشبهكَ، و تشبه ليلي أيضًا.”
“لقد رأيتها من قبل لفترة وجيزة. لماذا تتصرفين وكأنها المرة الأولى؟”
“لأنها كبرت منذ ذلك الحين. الأطفال ينمون بسرعة.”
“لو كنتِ من يربيها، لما فكرتِ بهذه الطريقة.”
وجدت سيسيل كلامه مسليًا.
“لا بد أن لديها مربية، أليس كذلك؟”
“…..يقولون أن قضاء الأب وقتًا طويلًا مع طفلته يعزز الرابط بينهما.”
“حقًا؟”
لم تكن متأكدةً من صحة ذلك، لكن الطفلة، النائمة في أحضان سيون، بدت مرتاحةً تمامًا.
“بالمناسبة، سيون. بما أننا التقينا، لدي سؤالٌ لك.”
“ما هو؟”
“أين الغرفة التي يوجد فيها البيانو؟”
دخلت سيسيل إلى قاعة البيانو في قصر أكشيد، وألقت نظرةً متأنية على المكان قبل أن تجلس أمام الآلة.
وضعت سيسيل يديها على مفاتيح البيانو، وحدّقت بهما لبعض الوقت وهي تفكر.
متى أصبحت يداي هكذا؟
لم تكن يداي في الأصل بهذا النقاء، وكأنهما لم تعرفا المعاناة أبدًا.
‘…..سبع سنوات حقًا، مدة طويلة.’
ضغطت أصابعها على المفاتيح البيضاء.
وفي اللحظة التي انسابت فيها النغمة الصافية إلى أذنيها، غمرت ذاكرتها صورٌ من الماضي دون مقاومة.
***
“لقد التقيتُ به.”
“وكيف كان؟”
“شخص نبيلٌ ذو هيبة.”
“…..هل هو صعب؟”
سألها الكونت كايتير بحذر. لم يكن يقصد إن كان التعامل معه صعبًا، بل إن كان “تقليده بشكل مطابق” أمرًا صعبًا عليها.
في ذلك الوقت، كان الكونت بحاجة إلى زوجة تستطيع كسب رضا جده، وكانت سيسيل هي المرشحة المثالية.
“لا، إن أردتُ، يمكنني تقليد الشيوخ أو حتى الحيوانات…..هل تريد أن ترى؟”
“لا داعي.”
اعتمادًا على الحيوان الذي ستختاره، قد تختلف درجة الإهانة، لكنها في النهاية لن تخلو من ازدراء لشخصية المرء.
و كانت فكرةَ تقليد شيخ مسنّ مثيرة للاهتمام، لكن لم يكن هناك حاجة للتحقق منها.
فقد سمع الكونت كايتير بالفعل العديد من الشهادات التي تثبت موهبة سيسيل، وكان ذلك كافيًا لعقد اتفاق معها.
“متى سنزور جدك، أيها الكونت؟”
“رِيان.”
“…متى سنزور جدكَ، رِيان؟”
جعلها الكونت كايتير تعيد الجملة كاملةً لمجرد تغيير اللقب، ثم ابتسم بخفة كما لو كان ذلك هجومًا مفاجئًا، قبل أن يجيب،
“سنذهب لتقديم تحياتنا بعد أسبوع.”
_____________________
قاعد يتبوسم لها ومنتبه انها مايقومها وبعد كل ذاه انحاشت؟ اويلاو من غباء البطلات
المهم عساه يركع بدري يلحق على التوقيع لايشوفه احد ويقول اهاااااااااااااا
سيون مع نايد🤏🏻✨
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 148"