تأرجحت حدقتاه السوداوان وسط قزحيتيه الداكنتين.
“لا يمكن أن يكون……”
“إنه تمامًا الشخص الذي تفكرُ فيه الآن.”
بمعنى آخر، كنت أراكَ منذ زمن طويل في أحلامي. ولهذا كنت أشتاق إليكَ.
قد يكون هذا الكلام بالنسبة للبعض مجرد هراء بمجرد سماعه، لكن……
“أعلم أنه من الصعب تصديقي.”
لكن سيون……
“ومع ذلك، أنا أصدقكِ.”
سيقبل به. لأنه يريد أن يفعل ذلك.
سيون الذي ظهر في أحلام ليلي انتهى به الأمر إلى أن يحبها.
يا له من حلم جميل حدّ الحلوى.
عندها شعرت ليلي فجأة……بأنها تقف الآن عند اللحظة الأخيرة من حلمها.
إذاً، طريقة الاستيقاظ من الحلم لم تكن بإخبار شخص ما بداخله أنه مجرد حلم……
بل……
تذكرت حكايةً خرافية كانت قد قرأتها في طفولتها. الأميرة التي نامت طويلًا تحت لعنة الساحرة.
ما الذي أيقظ تلك الأميرة من نومها في النهاية؟
نظرت ليلي إلى الوجه الجميل الذي كان يغمض عينيه ببطء، ثم رفعت قدميها إليه برفق.
***
تغير المشهد. نعم، لقد تغير، لكنه……
“تقصدين هذا الفتى؟”
ما الذي يحدث هنا؟
حدقت ليلي بذهول.
كان الماركيز هيلدغار، الذي لم يكن يجب أن يكون على قيد الحياة، يفعل شيئًا لا ينبغي فعله.
دفع بيده ظهر طفل هزيل بخفة. و عندما التقت عينا ليلي بوجه سيون، حبسَت أنفاسها.
لماذا……؟
“إنه ليس شخصًا يستحق اهتمامكم.”
لا يزال هذا حلمًا، هذا واضح. لكن لماذا، ولماذا تحديدًا هذا الحلم……؟
عندما تجمدت ليلي في مكانها دون حراك، أصدر الماركيز هيلدغار، الذي جلب الطفل الصغير سيون وعرضه لأبنائه في الطابق الأول من القلعة وكأنه عرض.
“احبسوه في القبو.”
في اللحظة التي سمعت فيها صوته البارد، شعرت وكأنها تلقت دلوًا من الماء البارد على رأسها.
“نعم، سيدي الماركيز.”
أجاب الفارس الذي كان واقفًا بجوار الماركيز. وعلى الفور، تكررت أمام عيني ليلي مشاهد من ذاكرتها.
فارسٌ يسحب ملابس الطفل الصغير بيد خاليةً من أي رحمة. و الطفل يترنح أثناء مشيه قبل أن يسقط أرضًا.
ما إن رأت ليلي الفارس يمد يده مجددًا نحو سيون، حتى اندفعت من مكانها دون تفكير.
في ذاكرتها، كانت ليلي قد مدت يدها في ذلك الوقت لمساعدة سيون الذي سقط، لكنها تلقت صفعةً قاسية على ظهر يدها.
لكن هذه المرة، لم تمد ليلي يدها إلى سيون. ففي الأصل، كان ذلك تصرفًا مدروسًا منها.
أما الآن، فلم يكن لديها أي وقت أو مجال للحسابات.
عانقت ليلي سيون الذي سقط أرضًا. و عندما احتضنت الجسد الهزيل، امتلأت عيناها بالدموع.
و شعرتُ بأن تنهيدةً ستفلت مني.
“يا إلهي!”
لكن التنهيدة خرجت من فم شخص آخر.
تمتم إخوة ليلي، الذين اختاروا لعب دور المتفرجين.
“ليلي، ماذا تفعل تلك الآن؟”
“هل جُنَّت؟”
“أليست مريضةً حقًا؟”
تجاهلت ليلي إخوتها غير الأشقاء الذين كانوا قلقين على صحتها العقلية والجسدية. ففي تلك اللحظة، لم يكن ما يهم ليلي هو سمعتها، ولا حتى حياتها، بل كان سيُون فقط.
راقبت ليلي رد فعل سيُون بين ذراعيها، ثم أدركت أمرًا واحدًا.
‘لم يدفعني بعيدًا.’
ألأنه لا يملك القوة ليفعل ذلك؟
نظرًا إلى أنه لم يستطع المشي جيدًا وسقط قبل قليل، فربما يكون كذلك.
لكن سيُون في الماضي، حتى عندما كان في تلك الحالة، كان يصرّ دائمًا على إبعاد يد ليلي الممدودة……
هل هناك فرق كبير بين دفع يد واحدة بعيدًا وبين ابعاد من جسد يحتضنه؟ حسنًا، ربما.
“ليلي هيلدغار.”
سقط صوتٌ بارد على قمة رأس ليلي.
ذلك الصوت الذي كانت ليلي ترتجف لمجرد سماعه يومًا، أو تتصلب في مكانها دون أن تجرؤ على الحراك.
“عليكِ أن تشرحي تصرفاتكِ بطريقة أستطيع فهمها.”
لكن ليلي الآن، ما إن سمعت تحذير الماركيز هيلدغار حتى ارتسمت سخريةٌ على شفتيها.
بالنسبة لها، كان فأرٌ مار أكثر إثارة للخوف منه.
ذلك ما خطر ببالها.
“إذا لم تريدي أن تُحبَسي مع ذلك الفتى الذي تحتضنينه وكأنه شيء ثمين، فمن الأفضل أن تبرري لنفسكِ جيدًا.”
“أريد أن أُحبس معه.”
“ماذا؟”
رفعت ليلي بصرها إلى الماركيز هيلدغار، الذي بدا لها أقل إخافة من فأر.
“قلتُ أنني أريد أن أُحبس مع هذا الفتى، أبي.”
شعرتُ بأن الأجواء تجمّدت.
إخوة ليلي، الذين كانوا يتحدثون بصخب قبل لحظات، التزموا الصمت وكأنهم لم يتكلموا قط.
حتى الماركيز هيلدغار ظلّ يحدّق في ليلي بصمت، مما جعل الصمت يخيم لفترة طويلة.
و بينما كانت ليلي تراقب تعابير وجهه،
‘هذا وجهٌ مألوف.’
متى رأيته من قبل؟ آه، كان ذلك عندما كنتُ أعود إلى سن العاشرة مرارًا حتى تخليتُ عن كل رغبة في العيش.
عندما نسيتُ الخوف تمامًا وتحدّيتُ الشرير بلا تردد. في ذلك الوقت، نظر إليّ الماركيز هيلدغار بنفس هذا التعبير.
‘لقد تحدد مصيري……نهايتي.’
في الماضي، دفع الماركيز هيلدغارد بابنته ذات العشر سنوات نحو الموت حينما صرخت في وجهه وتحدّته.
أما الآن، فحتى لو لم تصرخ ليلي، فقد واجهته بهدوء، وربما جعل ذلك غضبه يزداد أكثر.
فقد كان الماركيز هيلدغار يكره الابن الذي لا يخشاه.
“أنتِ جادّة.”
“…….”
“احبسوها.”
تقدّم فارسان نحو سيون و ليلي. و أمسك أحدهما بذراع ليلي بخشونة، فهي لم تعد تحظى برضى والدها.
أرادت ليلي التمسك بسيون حتى النهاية، لكن لم يكن بوسعها مجاراة قوة الفارس.
لم تستطع المقاومة طويلًا، وسُحبت بعيدًا عن سيون أولًا.
لحظة، لماذا يأخذونني أنا أولًا؟ لا يمكن أنهم سيحبسوننا في أماكن منفصلة، صحيح؟
لا، لا يمكن! أرجوكم، احبسونا معًا……
***
تحقّقت أمنية ليلي.
بعدما أُلقيت داخل الزنزانة، لم يمر وقت طويل حتى سُحب سيون إلى الداخل أيضًا.
“أيها الأنجاس.”
ألقى الفارس بسيون بجانب ليلي، ثم نفض يديه واختفى.
“أنجاس” بصيغة الجمع، إذاً……
كتمت ليلي ضحكتها. غفي لحظة، تحولت من “آنسة” إلى “نجسة”.
لم يكن ذلك مهمًا. ما يهم الآن ليس كلام الفارس، الذي بات وجهه غير واضح حتى، بل حالة سيون.
استدارت ليلي نحوه وسألته،
“هل أنتَ بخير؟”
في داخلها، توقعت أن يردّ عليها بعبارة مثل “اختفي” أو شيء مشابه. ففي هذا العمر، كان سيون دائمًا يعاملها ببرود.
حينها، لم تكن ليلي تفهمه، لكن الآن الأمر مختلف.
مهما كان رد فعله، كانت واثقةً من أنها لن تشعر بالأذى أو الخوف بسببه.
لكن، بدلًا من أن يشتمها، اكتفى شيون بالتحديق إليها بصمت.
و عندها فقط، أدركت ليلي شيئًا.
‘إنه لا يكرهني.’
لم يكن في عينيه ذلك الحقد أو العداء المألوف. و كان يبدو عليه بعض التوجّس تجاهي……
لكن هذا كل شيء.
‘لماذا؟’
بينما كانت لايلا تتساءل، أدركت الأمر فجأة.
أيمكن أن يكون……
‘هل هذا قبل عودتي بالزمن؟’
بمعنى آخر، هذه هي اللحظة التي أُحضر فيها سيون لأول مرة إلى قصر هيلدغار.
بينما كانت ليلي تفكر في هذا الاحتمال القوي، فتح سيون، الذي كان صامتًا حتى الآن، فمه أخيرًا.
“من أنتِ؟”
“ماذا؟”
“قلتُ، من تكونين؟”
هل……هل يطلب مني أن أعرّف عن نفسي؟
ترددت ليلي للحظة، ثم أجابت.
“أنا ليلي. اسمي ليلي.”
“أهذا كل شيء؟”
هل يقصد أن أقدم معلومات أخرى غير اسمي؟
بدأت ليلي بقول،
“عمري……”
ثم توقفت فجأة.
توقفت بسبب تعبير وجه سيون.
في اللحظة التي رأته فيها، أدركت المعنى الحقيقي لكلماته السابقة.
تلامست شفتاها وانفصلتا عدة مرات قبل أن تُخرج صوت خافت،
“……ليلي هيلدغار.”
حدّق سيون بها بوجه خالٍ من التعبير، ثم حوّل نظره بعيدًا.
لا، لم يكتفِ بإدارة رأسه فقط، بل استدار تمامًا واستلقى وظهره نحوها.
حدّقت ليلي في جسده النحيل، ثم شعرت فجأة بقلق غريب جعلها تسرع في الحديث.
“عمري عشر سنوات. لقد مر وقتٌ قصير فقط منذ يوم ميلادي. طعامي المفضل هو……”
و استمرت ليلي في الثرثرة طويلًا، لكن سيون لم يرد عليها أبدًا.
________________________
وي؟ شقومه؟ عشانها هيلدغار؟ يارجال ما ربيتك كذا
المشهد مان حلو بداية الفصل واخر شي باسوا بعض بس ليه رجعت! حسبتها بتقوم وجع
يعني فيه شي بعد ليلي كان ودها تشوفه او تعيشه
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 144"