لم تتمكن ليلي من الخروج.
في الأساس، كان السبب في قدوم ماري إلى غرفة ليلي هو تحضير ليلي.
لماذا؟
بسبب الحفلة التي ستقام هذا المساء.
‘هل اليوم هو ميلاد الماركيز هيلدغار؟’
حدقت ليلي في التقويم وهي ترتدي الفستان.
كان الأمر غريبًا.
‘ميلاد الشرير الذي أتذكره ليس اليوم……’
اليوم الذي ارتكب فيه والديه خطأ. اليوم الذي أُلقي فيه هذا العالم شريرٌ فظيع.
اليوم الذي تتذكره ليلي كان بعيدًا تمامًا عن اليوم.
“هل تغير ميلاده لأن هذا مجرد حلم؟”
تمتمت ليلي لنفسها ثم أمالت رأسها بحيرة.
‘هل هناك سبب يجعل الميلاد يتغير؟’
كان أمرًا يبعث على الحيرة.
في تلك اللحظة، تردد صوت طرق على باب غرفة ليلي التي كانت وحدها.
كان الصوت مكتومًا. و لم تكن الخادمة.
لا بد أنه الشخص الذي سيأخذني إلى قاعة الحفل.
من يا ترى؟ فكرت ليلي بخفة ثم فتحت شفتيها.
“ادخل.”
فُتح الباب. و نظرت ليلي نحوه
أغمضت عينيها قليلًا، ثم سرعان ما أخفت تعابيرها.
“ليلي.”
من رأسه حتى أخمص قدميه، كان هنري هيلدغار متأنقًا وهو يمد يده المغطاة بالقفاز نحو ليلي. و في داخلها، نقرت ليلي لسانها بضيق.
هنري هيلدغار……
‘هذا الفتى لم يكن على وفاق معي.’
لا شك أن الماركيز هيلدغار هو من أمره بذلك، فلا يمكن إنكار أن الأمر غير مريح لكليهما.
ابتعدت ليلي عن التقويم واقتربت من هنري. ثم ألقت نظرة خاطفة على يده الممدودة، و هزّت رأسها.
“سأمسكها عند مدخل قاعة الحفل.”
تجمدت يد هنري الممدودة للحظة، لكنه لم يسحبها فورًا، بل نظر إلى ليلي قبل أن يتحدث.
“أصبحتِ حادة الطباع.”
“……ماذا؟”
“لماذا عدتِ فجأة كما كنتِ من قبل؟”
ما هذا الكلام؟
أحست ليلي أخيرًا بشيء غير متناسق. فحدقت في هنري من رأسه حتى قدميه مرة أخرى.
تعابيره، وقفته، وطريقة حديثه……
‘هذا ليس هنري هيلدغار الذي كنت أعرفه.’
أدركت ليلي فجأة. أن هنري هيلدغار قد تغير.
لا، هل عبارة “تغير” هي التعبير المناسب؟
‘إنه مختلف.’
نعم. هنري هيلدغار الذي ظهر في هذا الحلم كان مختلفًا عن هنري هيلدغار الذي تتذكره ليلي.
‘جوهره يبدو مشابهًا……لكنه أصبح متعجرفًا بطريقة ما. ويبدو أنه اكتسب ثقةً بالنفس أيضًا.’
هل الأمر مجرد نتيجة التقدم في العمر؟
‘حسنًا، عمري الآن خمسة وعشرون عامًا……’
لا بد أن هنري هيلدغار قد قارب الثلاثين.
‘إذاً، هل هذا هو هنري هيلدغار الذي تخيلته في الثلاثين من عمره؟’
فكرت ليلي بذلك.
‘كم هو مزعج.’
إنه يشبه الماركيز هيلدغار إلى حد ما. حسنًا، فهو من دمه، لذا كان ذلك متوقعًا.
‘لكن، ما الذي يقصده بقوله أنني عدت كما كنت من قبل؟’
خطرت ببال ليلي إمكانيةْ واحدة مما قاله هنري، فتحدثت على الفور.
“متى تقصد بالضبط حين تقول ‘في الماضي’؟ هل تعني عندما كنا صغيرين؟”
هنري هيلدغار، الذي بات في أواخر العشرينيات من عمره، لم يعد يستشيط غضبًا في كل مرة يُخاطَب فيها بضمير المخاطب المباشر.
“أجل. عندما لم نكن على متن القارب نفسه بعد.”
……على متن القارب نفسه؟
“لكن بعد أن أصبحنا في الجانب نفسه، كنت أظن أننا أصبحنا مقربين إلى حد ما. هل كنتُ أتوهم؟”
“في الجانب نفسه……؟”
“ما بكِ، ليلي؟”
ناداها هنري بصوت بدا لطيفًا لدرجة غريبة، مما جعل قشعريرةً تسري في جسد ليلي، فارتجفت قليلاً.
‘هل جُنَّ تمامًا؟’
بعد أن انقضت الطفولة التي لم أرها، هل كنت أنا وهنري على علاقة جيدة؟
بعد أن خطر ببالي تلك الفرضية وطرحتها، بدا أنها كانت صحيحة.
لكن يبدو أننا كنا أقرب مما كنت أتصور، والسبب في ذلك هو……
“هل ندمتِ على ذلك؟”
همس هنري وكأنه قرأ فضولي.
“على قتلكِ لوالدنا.”
“ماذا……؟”
كدت أصرخ.
هل هذا ما يشعر به المرء عند مشاهدة مسرحية ثم يفاجَأ بمنعطف غير متوقع؟
“لا أعرف لماذا تتحدثين عن هذا الآن، لكن، ليلي……لقد انتهى الأمر بالفعل. لا يمكن التراجع عنه.”
“…….”
“والدي أصبح جثةً باردة وعاد إلى أحضان الطبيعة، وأنا أصبحت الماركيز هيلدغار. بفضلكِ أنتِ.”
فتحت ليلي فمها وأغلقته مجددًا، وكأنها دمية كسارة الجوز.
‘آه، هكذا إذاً. لهذا اليوم هو ميلاد الماركيز هيلدغار.’
صمتت للحظة وهي تنبش في ذاكرتها.
نعم، اليوم يصادف نفس تاريخ ميلاد هنري هيلدغار الذي تعرفه.
‘أنا تعاونت مع هنري هيلدغار لقتل الشرير، وجعلته ماركيزًا؟’
تنهدت ليلي بخفة. كان الأمر عبثيًا، لكنه لم يكن مستحيل الفهم تمامًا.
‘صحيح. لقد أقحمت هنري حتى في الواقع.’
لقد استغلته سابقًا لتلفيق تهمة الخيانة العظمى للماركيز هيلدغار السابق بشكل أكثر إحكامًا.
بينما كانت تسترجع الماضي، نظرت في عيني هنري، ثم عبست قليلًا.
هل المنصب هو ما يصنع الإنسان؟ فحتى بعد التحديق مجددًا، وجدت أن نظرته تشبه بطريقة ما نظرة الماركيز السابق.
‘أنا فضولية بشأن الطريقة التي قُتل بها الشرير، لكن……لا بأس. في النهاية، هذا حلمي، لذا لا بد أن الأمور تجري ضمن حدود خيالي.’
خفضت ليلي عينيها، ثم تجاوزت هنري وخرجت أولًا من غرفة النوم. لكنها شعرت به يلحق بها على الفور.
“ليلي.”
“لم أندم و لم أشعر بشيءٍ من هذا القبيل. كل ما أفكر فيه الآن هو أن تنتهي هذه الحفلة المزعجة بسرعة.”
لم تكن ليلي يومًا تحب الحفلات حتى عندما كانت تعيش كابنةً للماركيز هيلدغار.
ويبدو أن هذا الواقع انعكس على حلمها أيضًا، إذ اكتفى هنري بالابتسام بسخرية قبل أن يرد،
“كما هو متوقعٌ منكِ.”
***
تحطم-!
بينما كانت ليلي تسمع صوت الكأس وهو يرتطم بالأرض ويتكسر، راودتها فكرةٌ واحدة.
‘يا لها من مهزلة.’
لم يخطر ببالي أنني سأكون من ينتهي قبل الحفلة نفسها……
“آاااه!”
“آنسة هيلدغار!”
“ليلي!”
اندفع هنري نحو ليلي بقلق عندما سقطت على الأرض وهي تتقيأ الدم بعد شربها مشروبًا في الحفل.
“هل أنتِ بخير؟ تبًا……! أغلقوا مدخل قاعة الحفل فورًا! ابحثوا عن الخادم الذي قدّم الشراب ليلي!”
“هنري……”
“لا تقلقي، ليلي. سأجد من فعل بكِ هذا، وأجعله يدفع الثمن.”
مجنون……
كم هو مثير للسخرية……أنتَ من دبرت كل هذا.
تحسرت ليلي.
ربما كان يجب أن تتوقع حدوث هذا عندما دخلت قاعة الحفل.
رغم أن الأمر كان مجرد نذير شؤم في البداية. لكن بعد حضورها الحفل، أدركت الحقيقة متأخرة.
كانت هي هيلدغار الوحيدة الحاضرة في ميلاد الماركيز هيلدغار.
ماذا حدث للآخرين؟ لم تحتج وقتًا طويلًا لتعرف الإجابة.
لقد ماتوا.
هنري هيلدغار، بعد أن أصبح الماركيز، قتل كل أفراد عائلته.
و لم يبقَ سوى ليلي.
والآن، حتى ليلي كانت على وشك أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.
لقد كنتُ مجنونة……كيف خطرت لي فكرة التعاون مع شخص كهذا……؟
وبينما كانت توبّخ نفسها في الحلم، هزّت رأسها داخليًا.
لا، لم يكن الأمر مهمًا مع من تحالفت للإطاحة بالشرير.
طالما أن الطرف الآخر كان هيلدغار، فلا بد أن النتيجة كانت ستؤول إلى شيء مشابه لما يحدث الآن.
كان يجب أن أتوقع هذا وأهرب قبل أن أُقضى عليّ.
يومٌ واحد فقط.
لو استطاعت العودة يومًا واحدًا إلى الماضي……
“لا، ليلي! افتحي عينيكِ!”
هذا الشرير المقيت الجديد.
لم يكن الألم شديدًا، لكن حلقها وصدرها كانا يشتعلان، وقواها تخور تمامًا.
و حتى إبقاء عينيها مفتوحتين بات أمرًا شاقًا.
‘سيون العادي، أنا أفتقدك……’
ثم اسودّت الرؤية أمام عيني ليلي.
***
“هاه!”
فتحت ليلي عينيها على اتساعهما.
هل استيقظت من الحلم؟
……لا، ليس كذلك.
تجهم وجه ليلي وهي تتفقد المشهد من حولها. إنه غرفة نوم “ليلي هيلدغار”.
‘لحظة، لكن لماذا ما زلت على قيد الحياة؟’
كانت قد شربت السم بوضوح في الحفل……
“هل كانت الجرعة غير قاتلة؟”
لكن سرعان ما خطر ببالها أن ذلك مستحيل. ففي وضع كانت فيه المسرح والأدوات كلها جاهزة، لم يكن هناك سبب يجعل هنري هيلدغار يتراجع عن قتلها.
“إذاً……”
تحققت ليلي من التقويم على الطاولة كعادتها، ثم توقفت فجأة.
“إنه قبل الحادثة بيوم!”
يا إلهي.
بسبب كونه حلمًا، تحقق الأمر الذي كانت تتمنى حدوثه قبل أن تُسمم حقًا.
______________________
ليلي حتى في الحلم تفطس وترجع😭
بس حلو حتنى ابي اشوف سيون الطبيعي ماجاه اكتئاب
شسمه اذا ليلي عمرها 25 يعني سيون كم؟ 26؟ وناساااتت
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 139"