بالطبع، لم تعد ليلي تخشى ذلك المخزن القذر. حتى لو تلقت بضع ضربات على ساقيها قبل أن تُحبس، فالأمر سيان.
على أي حال، لم يكن يؤلمها.
وقبل كل شيء، لن تُحبس ليلي في المخزن أو تُضرب على ساقيها بعد خروجها من هنا.
“أبي، في الحقيقة لدي شيء لأخبركَ به.”
…..الشيء الذي أخفيته عن أبي حتى الآن.
تخيلت ذلك مرارًا وتكرارًا.
ماذا لو…..
ولو كان احتمالًا ضئيلًا للغاية…..
لو عاد سيون بالزمن إلى ما قبل فقدانه لعائلته ومنزله.
هل سأتمكن من منع تعاسته؟
في الماضي، كانت إجابتها “لا”. كانت تعتقد أنه أمر مستحيل. فالشرير هو من جلب التعاسة الرهيبة لسيون، ولم تكن ترى في نفسها القوة لمقاومته أو منعه.
لكن الآن..…
الآن، أدركت ليلي أن ذلك كان حكمًا خاطئًا.
بالأحرى، كان ذلك صحيحًا فقط عندما كانت ليلي العائدة لا تزال طفلةً في العاشرة من عمرها، لا تعرف شيئًا.
لكن ليلي التي بلغت سن الرشد ثم عادت “مجدّدًا” إلى سن العاشرة، امتلكت سلاحًا لم يكن لديها قبل عودتها بالزمن.
وقد استخدمت ذلك السلاح بالفعل للإطاحة بالماركيز هيلديغارد. في الواقع.
“سر؟”
“أنا أستطيع رؤية المستقبل.”
“ماذا؟”
“أرى أحلامًا تنبؤية. بين الحين والآخر.”
لم يطردها الماركيز هيلدغار. ولم يوبخها قائلًا إنها تهذي.
لم يكن سمعه خارقًا مثل سمع سيون، لذا لم يكن بإمكانه سماع نبضات قلبه بنفسها، لكن ليلي كانت واثقة من أن قلبه الآن ينبض أسرع وأقوى من المعتاد.
كان الماركيز هيلدغار ينتظر دائمًا، ويتطلع إلى ظهور ابن مميز.
“رأيت حلمًا تنبؤيًا هذا الصباح أيضًا. لهذا خاطرْتُ بهذه الوقاحة وجئتُ مسرعةً للقائك، أبي.”
“……ما هو ذلك الحلم؟”
أخفضت ليلي عينيها بحيث تتجه رموشها إلى الأسفل. ثم، بعد أن غطت عينيها بخيوط وردية متشابكة، قلّدت بصوت مرتجف نبرة شخص مذعور.
“إذا ذهبت إلى العاصمة اليوم…..ستموت يا أبي.”
***
كان ذلك صحيحًا.
حتى عند إعادة التفكير، لم يكن هناك شك في ذلك.
لو سافر الماركيز هيلدغار إلى العاصمة وفقًا للجدول المحدد، لكان بلا شك قد أعاد ارتكاب ما فعله في الماضي.
قتل عائلة سيون، وأحرق منزله، ولم يكتفِ بذلك، بل كان سيأسر سيون الصغير أيضًا.
ثم، بعد ذلك، كان سيقتل سيون مرة أخرى…..و كان سيموت بيد سيون، بعد عشر سنوات من الآن.
تلك كانت الحقيقة التي تعرفها ليلي، أو بالأحرى، المستقبل الذي رأته وعاشته مرارًا وتكرارًا.
لكنها لم تخبر الماركيز بذلك بصدق. لأنه لن يصدقها.
بل، وبشكل أدق، لن يريد تصديقها.
كيف له أن يصدق أن اليتيم الذي لعب به كما يشاء سيصبح يومًا ما بطلًا ويقتله؟
‘قبل أن يصدق ذلك المستقبل، سيختار قطع عنقي بنفسه!’
لم تكن ليلي تريد أن تُقتل في “حادث” بتهمة السخرية من الماركيز بالكذب.
بالطبع، لم يكن يهمها كثيرًا إن قُتلت بتلك الطريقة أم لا.
فقط لأن شخصًا ما يموت في حلم، لا يعني أنه سيموت حقًا. لن يكون هناك ألم أيضًا.
لكن…..
‘هذا يعني أنني لن أتمكن حتى في الحلم من منع تعاسة سيون.’
لهذا اختارت ليلي أن تنطق بالكذب بدلًا من الحقيقة.
“ستتعرض لحادث. رأيت في حلمي عربةً تنقلب.”
بعد قول ذلك، أمسكت ليلي بساق الماركيز وتشبثت بها، متوسلةً إليه ألا يذهب إلى العاصمة.
وإن كان لا بد أن يذهب، فليؤجل رحلته إلى العام المقبل بدلًا من هذا العام.
أضافت، بصوت متحشرج، أنها لا تريد أن تفقد والدها.
وبما أنها تمادت في الأمر، فكرت في إجبار نفسها على ذرف دموع حقيقية، فعضّت شفتيها بقوة، لكنها لم تشعر بأي ألم، وفشلت في البكاء.
لكن رغم فشلها في البكاء، فقد نجحت في الأهم،
إقناع الماركيز.
لم يكن يبدو أنه يثق بها تمامًا بعد، ليلي نفسها لم تكن تتوقع ذلك، لكن فكرة الموت بدت مزعجة له بما يكفي ليقرر إلغاء رحلته إلى العاصمة.
‘حسنًا، لكنه لن يستطيع تجنب الذهاب إلى هناك إلى الأبد….’
بدأت ليلي تفكر بجدية.
كان عليها أن تذهب إلى العاصمة قبل الماركيز. وهناك، تلتقي بعائلة سيون وبسيون نفسه، ثم تبعدهم جميعًا إلى مكان لا تصل إليه أعين الماركيز…..
‘…..هل هذا ضروري فعلًا؟’
عقدت ليلي جبينها وبدأت في التفكير في اتجاه آخر.
في البداية، كان الشرير قد اكتشف دار الأيتام التي كان فيه سيون عن طريق الصدفة وأشعل النار هناك.
الآن وقد فات الأوان، لا يوجد ضمان أن يذهب إلى العاصمة مجددًا ويكتشف تلك الدار، ثم يريد إشعال النار فيها مرة أخرى…..
‘أليس كذلك؟’
ابتسمت ليلي بابتسامة صغيرة.
‘إذن، هل يعني ذلك أنني منعت بالفعل تعاسة سيون؟’
ضحكت ليلي وهي تتخيل ذلك بتفاؤل، لكنها توقفت فجأة.
‘لكن إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا أستطيع الاستيقاظ من الحلم؟’
بما أنها قد حققت هدفها في منع تعاسة سيون، لم يكن هناك سبب لاستمرارها في حلم كهذا.
‘همم……’
فكرت ليلي للحظة ثم رفعت يدها اليمنى وضربت خدها الأيمن بقوة.
سُمِع صوت التصادم بين راحة اليد والجلد الرقيق بشكل واضح. لكن ذلك كان كل شيء.
‘لا أستطيع الاستيقاظ. و لا زلت لا أشعر بالألم!’
وفي تلك اللحظة.
“ليلي هيلدغار!”
بانغ-!
اندفع فتى صغير إلى غرفة نومها، قادمًا نحوها بخطوات مستقيمة.
نظرت ليلي إلى شعره الأحمر الفاتح الذي بدا كطماطم ناعمة، ثم أغمضت عينيها ببطء.
‘توماس.’
هل هو حلم؟
كان الشعور غريبًا. لم تشعر ليلي أن توماس كان شخصًا حقيقيًا، بل كان وكأنه ممثل في مسرحية. دوره كان دورًا ثانويًا.
توقف توماس عن التقدم نحو ليلي عندما اقترب منها.
ربما كان يتساءل عن رد فعلها، الذي بدا غريبًا عليه، فهي لم تبدُ مندهشة أو مرعوبة، بل فقط كانت تحدق فيه بلا تعبير.
و لم يكن الاستفهام في عينينها شعورًا بالدهشة، بل كانت تبدو أنها منزعجةٌ أكثر.
عندما أمسكت يده بشعرها، فهمت ليلي على الفور ما كان يشعر به توماس.
“لماذا تفتحين عينيكِ هكذا؟ يالها وقاحة!”
“هاه.”
لم يكن الشعر الذي تم سحبه مؤلمًا، لكن الموقف كان غريبًا.
توماس، الذي ظهر فجأة، بدأ في التصرف مثل هذا، إنه حقًا حلم واقعي.
‘لا. ربما أكثر واقعية من الواقع؟ في الواقع، لا أعتقد أنني قد تعرضت لسحب شعري منه من قبل…..’
ربما كانت النسخة السابقة من نفسها قد تصرفت بشكل صحيح لتجنب أن يتم سحب شعرها.
“يا! هل تتجاهلينني؟”
“لماذا أتيت؟”
“ها! تتكلمين بوقاحة أيضًا..…”
“قل ما تريد.”
فكرت في أن تطلب منه أن يترك شعرها، لكن تراجعت. لو كان مؤلمًا، لكانت دفعته بعيدًا، لكن لم يكن هناك سوى شعور بسحب الشعر دون أي ألم فعلي.
بالطبع لم يكن شعورًا مريحًا، لذا لم تكن ليلي تخطط للبقاء هكذا. لكنها كانت فضوليةً بشأن سبب ظهور توماس المفاجئ وتصرفه الغريب، فقررت أن تمنحه بعض الوقت.
“قلتِ لوالدي بعض الأكاذيب، أليس كذلك؟”
“أكاذيب؟”
“قلتِ أنكِ تستطيعين رؤية المستقبل..…!”
“آه.”
لحظة، كيف تسرب هذا الكلام؟ هل من أخبره هو الماركيز هيلدغار؟
لكن في الواقع، كان الماركيز هيلدغار يحاول أن يبقي قدرة ليلي على رؤية الأحلام التنبؤية سرا…..
“سمعتُ ذلك من أنجيلا!”
فتحت ليلي عينيها بشكل مفاجئ. كان ذلك اسمًا لم تسمعه منذ فترة طويلة. أنجيلا.
‘أوه، صحيح. الآن أشيليس تتنكر في هيئة أنجيلا وتقف بجانب توماس.’
بدأت ليلي تدرك الموقف تدريجيًا.
ربما كانت أشيليس بالقرب من غرفة النوم عندما كانت هي تحاول إقناع الماركيز هيلدغار بالحديث عن المستقبل.
أشيليس كانت تتمتع بسمع حاد.
لم تقم بالاعتراف بذلك مباشرة، لكن ليلي كانت ترى أن هذا الاحتمال كان عاليًا.
‘لقد نقلت ما سمعته إلى توماس.’
أما بالنسبة للسبب…..حسنًا، هل يوجد سبب حقيقي؟
ما تتذكره ليلي عن أشيليس هو أنها كانت تلعب مع فيلهيلم وكبير الخدم فقط من باب المتعة.
و من غير المستغرب أن يُعتبر توماس واحداً من الأشخاص الذين تحركهم أشيليس للمرح والتسلية.
“هل تحاولين جذب انتباه والدي بكذب رخيص؟”
“ليس كذبًا. في الواقع، نمت لفترة قصيرة قبل قليل ورأيت المستقبل.”
“ماذا؟”
“في ذلك المستقبل.…”
مدت ليلي يديها وأمسكت بخصلة من شعر توماس بقوة.
“كنتَ تبكي بشدة.”
____________________
تتضاربون؟ قوه عليس به
المهم ودي ليلي تشوف سيون في الحلم او يخلص الحلم ذاه بسرعه
الماركيز الهطف صدق مشكت عليه مره ثانيه
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 137"