– مستقبلٌ كهذا
“آنستي!”
آنستي؟
فكرت ليلي وهي بين النوم واليقظة بذلك.
لست آنسة……
عندما استمروا في مناداتي آنسة، كان يجب أن أدرك ذلك حينها……
أدركُ ماذا؟
فتحت ليلي عينيها بصعوبة رغم بقايا النعاس. حينها، رأت وجه الخادمة التي كانت منشغلة بإيقاظها ضمن مجال رؤيتها الضيق.
كانت خادمةً مألوفة جدًا لليلي.
ماري.
لكن……
فتحت ليلي عينيها على مصراعيها فجأة ونهضت من السرير دفعةً واحدة. و ربما بسبب حركتها المفاجئة، تراجعت ماري خطوةً إلى الوراء وهي واقفة بجانب السرير.
لكن الآن، وبكل تأكيد، الشخص الأكثر ذهولًا لم يكن ماري، بل ليلي.
“ماري؟ وجهكِ……”
“نعم؟”
“لماذا أصبحتِ أصغر سنًا؟”
“نعم؟”
أمالت ماري رأسها وكأنها لم تفهم كلام ليلي. و بفضل ذلك، شعرت ليلي بتآكل قلبها قلقًا.
ما الذي يحدث؟ نظرت حولها متأخرة.
كانت غرفة نوم مألوفة. لكنها، في الوقت ذاته، لم يكن ينبغي أن تكون فيها الآن أبدًا.
قلعة هيلدغار. الطابق العلوي. غرفة النوم.
اختلطت الكلمات التي تدفقت إلى عقلها دون ترتيب. ما الذي يحدث بالفعل؟
لماذا بدت ماري أصغر بعشر سنوات على الأقل، ولماذا وجدت نفسها في غرفة نومها التي عاشت فيها في طفولتها……
طفولتي!
تجاوزت ليلي ماري وتحركت.
“آنسة ليلي!”
تجاهلت ليلي صوت ماري القلق واندفعت بتخبط نحو وجهتها. و سرعان ما وصلت الى أمام المرآة كاملة الطول.
“هذا……مستحيل……”
مستحيل.
الفتاة الصغيرة، التي لا يتجاوز عمرها عشر سنوات، داخل المرآة تمتمت بنفس الكلمات.
هل عدت إلى سن العاشرة؟ لماذا؟ هل عدت بالزمن؟
لكن هذا مستحيل.
حجر العودة اختفى. قبيلة دال أحرقته بالكامل مستخدمةً نارها المقدسة.
و حتى لو لم تحطمه قبيلة دال كما ادعت آنذاك……
لقد تغير جسدي. جسد ليلي هيلدغار، الذي ابتلعه حجر العودة، لم يعد جسدي بعد الآن.
إذاً، لماذا……
كان من الصعب تقبل الوضع كما هو، مهما حاولت.
إذا لم أكن ليلي هيلدغار، فماذا حدث لجسد ليلي؟
ثم……نايد……!
خفق قلبها بقوة. و لم تستطع فعل شيء سوى التفكير.
جلست ليلي على الأرض أمام المرآة الكبيرة، شاردة الذهن لفترة، قبل أن تقترب منها ماري بحذر متأخر.
“آنستي، هل أنتِ بخير؟”
بخير؟ بالطبع لا.
لكنها لم تكن حتى قادرةً على قول ذلك.
حين لزمت ليلي الصمت، حدّقت ماري في وجهها، ثم تحدثت مجددًا.
“هل رأيتِ كابوسًا؟”
“……كابوس؟”
استدارت ليلي بسرعة، فارتفعت خصلات شعرها الوردي قليلًا قبل أن تستقر على كتفيها الصغيرتين المستديرتين.
التقت عينا ليلي بعيني ماري.
ابتلعت ماري ريقها وهي تنظر إلى سيدتها الصغيرة التي بدأت تتصرف بشكل غريب منذ لحظات.
و دون وعي، تذكرت ماري كم كان القصر التابع لعائلة هيلدغار مكانًا مرعبًا.
مكانًا يمكن أن يفقد فيه المرء عقله بين ليلة وضحاها……
ولن يكون ذلك مستغربًا أبدًا.
لكنها كانت تأمل بشدة ألا يكون هذا هو حال آنستها الصغيرة.
ابتلعت أمنيتها تلك، ثم فتحت فمها لتتحدث.
“قولك إنني أصبحت أصغر فجأة، ونظرك إلى المرآة……هل كنتِ في الحلم ترينني أنتِ أيضًا بشكل مختلف عما نحن عليه الآن؟”
“ماري……”
“نعم، آنستي. أنا ماري. خادمتكِ الشخصية. وهذا القصر التابع لعائلة هيلدغار، وأنتِ……ابنة الماركيز هيلدغار……”
كم كان ترتيبها بين بناته؟
للحظة، لم تستطع ماري التذكر، فترددت، لكن حينها ابتسمت ليلي فجأة.
“شكرًا لكِ.”
“نعم؟”
رمشت ماري بدهشة وهي تحدق في ليلي.
كانت عيناها تطلبان تفسيرًا، لكن ليلي لم تشعر بالحاجة إلى الرد.
بل فكرت فقط.
‘إذاً……إنه حلم! هذا ما هو عليه!’
كان هناك جواب بسيط وواضح، لكنها لم تستطع إدراكه فورًا.
ربما لأن لديها ذكريات حقيقية عن العودة بالزمن إلى هذه الفترة بالذات.
آه……
لقد فزعتُ بلا داعٍ.
وضعت ليلي يدها لا إراديًا على بطنها، ثم هزت رأسها.
لم تكن نايد الذي اعتادت تهدئتها موجودةً داخلها الآن.
‘لكن……لم يسبق لي أن رأيت حلمًا عن الماضي من قبل……’
عند التفكير في الأمر، كان ذلك صحيحًا.
الأيام التي قضتها في قصر هيلدغار كانت بمثابة كابوس، لكن لم يحدث قط أن عاد ذلك الماضي إليها حرفيًا كحلم.
باستثناء هذه المرة.
‘ما الذي تغير في نفسي……؟’
لم يكن هذا النوع من التغييرات مرحبًا به على الإطلاق.
“ماري، هل تعرفين كيف أستيقظ من الحلم؟”
“الاستيقاظ من الحلم……حسناً، لا أعلم. لطالما استيقظت من أحلامي بشكل طبيعي. لم أختبر من قبل الرغبة في الاستيقاظ أثناء الحلم.”
“همم.”
“عادةً، عندما يحلم المرء، لا يدرك أنه في حلم.”
“أليس كذلك؟ هذا هو الطبيعي.”
يالها من رؤيا مزعجة. فكرت ليلي بذلك بلا اكتراث.
“هل عليّ فقط الانتظار؟”
الآن وقد أدركت أنها لا تعيش عودة بالزمن بل مجرد حلم، شعرت ليلي بالهدوء.
وفي الوقت ذاته، بدأت تتساءل،
إلى أي مدى سيستمر هذا الحلم؟
‘أتمنى ألا يطول……أريد رؤية سيون……’
سيون.
لحظة.
اقتربت ليلي الهادئة فجأة، وأمسكت بذراع ماري بقلق.
اتسعت عينا ماري للحظة، لكنها لم تقل شيئًا، وكأنها توقعت حدوث شيء كهذا.
“ماري، ما تاريخ اليوم؟ قولي لي السنة أيضًا.”
“أوه، حسنًا……إنه اليوم التاسع عشر من أبريل، في السنة 332 وفقًا لتقويم المملكة.”
في ذهن ليلي، انبثق تاريخ وسنة لا يمكن نسيانهما بسهولة. الحادي عشر من مايو، السنة 332 وفقًا لتقويم المملكة.
اللحظة التي عادت إليها بالزمن مرارًا وتكرارًا.
لكن الآن، كان هذا الحلم يسبق ذلك الموعد بثلاثة أسابيع تقريبًا.
وهذا يعني……
“ماري، لماذا أيقظتني؟ عادةً لا تأتين لإيقاظي في الصباح.”
“نعم؟ آه، هذا لأن الماركيز سيغادر اليوم إلى العاصمة……”
أغمضت ليلي عينيها بإحكام، ثم فتحتهما.
فهمت الآن.
معنى هذا الحلم. ما أرادت فعله بشدة، حتى ولو في حلم……
دوووم-!
“آنسة ليلي!”
تجاهلت ليلي الصوت الذي سمعته بالفعل عدة مرات منذ استيقاظها، واندفعت خارج غرفة النوم.
أمسكت بحافة الدرج وركضت بجنون إلى الأسفل.
لكنها أخطأت موطئ قدمها في منتصف الطريق، فتعثرت وسقطت.
وفي تلك اللحظة، أدركت شيئًا.
“لا أشعر بالألم!”
لقد تأكدت. إنه مجرد حلم.
‘لكن حتى في الحلم……لا يمكنني التخلص من لياقتي البدنية السيئة!’
كان من الرائع لو استطاعت الطيران مثل الساحر، لكن للأسف، لم يكن هناك أي شيء بهذه السهولة.
ركضت ليلي بكل ما أوتيت من قوة، ونجحت أخيرًا في العثور على الماركيز هيلدغار قبل أن يغادر غرفة نومه.
“ليلي؟”
“آه……أبي.…”
كادت أن تعض لسانها.
لم تكن متأكدةً مما إذا كان ذلك بسبب صعوبة التحدث أثناء التقاط انفاسها، أم لأن مناداته بـ”أبي” كان أمرًا مقززًا بالنسبة لها.
على أي حال، رفعت ليلي رأسها الذي كانت تخفضه لالتقاط أنفاسها، ونظرت إليه مباشرة.
……تمامًا كما هو!
بالطبع، فهو حلمها، لكن الماركيز هيلدغار بدا مطابقًا تمامًا لما تتذكره.
شعره، بنيته، طوله، لون عينيه……
ونظرته.
في الماضي، لو كانت حقًا الفتاة الصغيرة ذات العشر سنوات، لكانت قد انكمشت رعبًا تحت برودة تلك النظرة.
لكن الآن، رفعت ليلي زاويتي شفتيها بابتسامة بدلاً من ذلك.
يبدو أن تصرفها غير المتوقع أثار فضول الماركيز. فقد كان على وشك مغادرة غرفة نومه، لكنه بدلاً من طردها فورًا، جلس على مسند الأريكة القريبة منه، مستندًا إليه بلا مبالاة.
“هل حدث أمر طارئ لدرجة أن تنسي تعاليمي وآدابكِ؟”
تعاليمه……
نعم، كان الماركيز دائمًا هكذا.
لم يكن يتسامح أبدًا مع أي شخص—حتى لو كان أحد أبنائه—يجرؤ على إزعاجه ولو بأبسط الطرق.
ولو أن ليلي الآن كانت حقًا……
“آسفة. جئت فقط لأنني أردتُ أن ألتقي بك أولًا قبل الآخرين!”
— لو قالت ذلك.
كانت ليلي متأكدة من أنها ستجد نفسها محبوسة في غرفة مظلمة لمدة نصف يوم على الأقل، بسبب تأخير جدول أعمال المركيز لبضع دقائق فقط.
__________________________
شكل ذا الجزء عن ماذا لو
واضح الحين تبي تمنع مأساة اهل سيون
المهم ضحكتني يوم طاحت وقال مافيه الم! طيب تراس طحتي بعد هدي شوي😭
ايه ترا شكل ذا الحلم قبل تولد نايد يعني توها ببطنها
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 136"